وفد إسرائيلي في الخرطوم .. تفاصيل زيارة غامضة

296
وفد إسرائيلي في الخرطوم .. تفاصيل زيارة غامضة

بقلم: أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. على نحو مفاجئ، حطت طائرة إسرائيلية في مطار الخرطوم تحمل على متنها وفدا إسرائيليا قادم من تل أبيب، وبحسب الهيئة العامة للبث الإسرائيلي، فإن الطائرة توقفت في شرم الشيخ، قبل أن تواصل طريقها إلى الخرطوم، ولم تكشف الإذاعة الاسرائيلية أسباب زيارة الوفد، لكن مصادر رجحت أن تكون الزيارة لإجراء لقاءات مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وبعض كبار القادة العسكريين.

زيارة سابقة

ولم تكن زيارة الوفد الإسرائيلي أمس للخرطوم هي الأولى من نوعها، حيث سبق وأن زار وفد اسرائيلي السودان عقب إجراءات الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ووقتها بحسب مصادر كانت الزيارة بغرض مساندة العسكرين في الاجراءات التي أتخذوها، بجانب تكوين انطباع عن الوضع الداخلي بعد الانقلاب العسكري، كما أن الوفد حينها ضم ممثلين من الموساد؛ اجتمع بشكل اساسي مع مسؤولين عسكريين سودانيين، وأشار ديبلوماسي غربي لموقع إسرائيلي وقتها؛ أن أحد المسؤولين الذين اجتمع معهم الوفد الإسرائيلي كان الجنرال عبد الرحيم دقلو، والذي بدوره زار إسرائيل قبل اسابيع من الانقلاب العسكري، حيث أجرى بحسب وسائل اعلام اجتماعات مع مسؤولين في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ومع جهات أخرى في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بمدينة تل أبي ، وأشار مسؤولون إسرائيليون انه خلال هذه الزيارة استعرض ممثلو الجيش السوداني الأزمة السياسية في البلاد، لكنهم لم يقولوا أية كلمة عن نيتهم تنفيذ انقلاب عسكري.

لقاء عنتيبي

وكانت إسرائيل تعتبر السودان في السابق مهدده لأمنها ومساند للقضية الفلسينية، لكن منذ الإطاحة بالبشير، نأت الخرطوم بنفسها عن القضية الفلسطينية ولم تعد تشكل تهديدا لإسرائيل، وهو الامر الذي أكده لقاء البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي في عينتبي اليوغندية، حيث التقى قيادات البلدين وناقشا قضية التطبيع، كما مثل اللقاء وقتها، تغييرا كبيرا في العلاقات بين البلدين اللذين هما نظرياً في حالة حرب، ووصف نتنياهو في تغريدة على تويتر اللقاء وقتها بأنه “تاريخي، فيما غرد مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بأن اللقاء تم بناء على دعوة من الرئيس الأوغندي يوروي موسيفيني.

علاقات البلدين

عقب لقاء البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي في يوغندا، بدأت علاقات البلدين تمضي في ازدهار بالرغم من سرية الزيارات هنا وهناك، حيث في 22 اكتوبر من العام 2020 أجريت اتفاقيات حول تطبيع العلاقات بين البلدين، وأُعلن عن هذه الاتفاقية عبر مؤتمر هاتفي بحضور الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي ذات الشهر أُعلن عن الاتفاق السوداني الإسرائيلي والذي سيعمل على تسوية العلاقات بين البلدين وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما، وجاء في البيان أنهم قد اتفقوا على بدء علاقات اقتصادية وتجارية مع التركيز في البداية على الزراعة بالإضافة إلى مجالات التكنولوجيا الزراعية والطيران والهجرة وغيرها وقد جاءت اتفاقية التطبيع في نفس اليوم الذي وقع فيه دونالد ترامب على إزالة السودان من قائمة الإرهاب.

طحين قمح

بعد اتفاق التطبيع بين البلدين، بدأت العلاقة تأخذ منحى أخر، فور إعلان التطبيع أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ إن إسرائيل أرسلت للسودان شحنة قمح، وقال نتنياهو -في بيان صدر عن مكتبه- “نتطلع إلى سلام دافئ مع السودان، ونرسل بشكل فوري إلى أصدقائنا الجدد هناك طحين قمح بقيمة 5 ملايين دولار”. وأضاف أن إسرائيل ستعمل مع الولايات المتحدة بشكل وثيق من أجل دعم عملية الانتقال السياسي في السودان. ولفت نتنياهو في مستهل اجتماع مع حكومته إلى أن “وفدا إسرائيليا سيلتقي قريبا في السودان مع نظرائه لبحث التعاون في العديد من المجالات، بما في ذلك ملف الهجرة”. مضيفا: “نحن بصدد توسيع دائرة السلام، ولن تنضم دول أخرى إلا إذا تابعنا التزامنا بهذه السياسة”.

تنسيق إسرائيلي أمريكي

الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية
الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية

يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب في مجمل افادته لموقع “أفريقا برس”؛ ان زيارة الوفد الإسرائيلي التي أكدتها صحف عبرية وصمت عنها الإعلام السوداني الرسمي تزامنت مع وجود وفد أمريكي في الخرطوم وهو ما قد لا يعتبر مصادفة بحتة وبما أن أمريكا مهتمة جدا بالبحث عن مخرج للأزمة السياسية والاقتصادية في السودان ولا ترغب في انهيار الدولة السودانية ولا في تركها للنفوذ الروسي الصيني، فهذه الزيارة بحسب الفاتح قد تعني أن ثمة تنسيق أمريكي إسرائيلي بشأن السودان؛ بدأ يتبلور في الأفق وهو ما يمكن أن يعد بأنه تلميح الى استعداد واشنطن للتعامل مع حكومة البرهان في حالة تعذر تكوين حكومة مدنية في ظل حالة الانسداد السياسي التي يعيشها السودان، كما أكد الفاتح أن الزيارة تعكس دورا متزايدا لإسرائيل في السياسة السودانية.

أسباب الزيارة

بروف حسن علي الساعوري ، محلل سياسي وأستاذ علوم سياسية بالجامعات السودانية
حسن علي الساعوري ، محلل سياسي وأستاذ علوم سياسية بالجامعات السودانية

أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية حسن الساعوري يذهب في حديثه لموقع “أفريقيا برس”؛ إلى أن زيارة الوفد الإسرائيلي للخرطوم بغرض متابعة ملف التطبيع بين البلدين، بجانب دعم قوات التحالف في اليمن ضد الحوثيين لكف يدها عن مهاجمة الإمارات والتي يرى الساعوري أن لها مصالح مع إسرائيل وأمريكا وبعض الدول الغربية، ولم يستبعد الساعوري أن تكون الزيارة لبحث العلاقات السودانية الاثيوبية والسودانية الارتيرية وامن البحر الاحمر على اعتبار أن ذات الدول تمثل العمق الاستراتيجي لإسرائيل والتي بدورها تخشى من مطامع دول معادية لها في المنطقة مثل تركيا وروسيا.

مساندة البرهان

الدكتور عبد الرحمن أبوخريس - أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي، التابع لوزارة الخارجية السودانية
الدكتور عبد الرحمن أبوخريس – أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي، التابع لوزارة الخارجية السودانية

بينما يقول أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية عبدالرحمن أبوخريس لموقع “أفريقيا برس”؛ إن اسرائيل تولي اهتماما لاستقرار السودان الذي يحقق لها أمنها القومي لذلك فإنها تتعامل مع الرموز السياسية التي وقعت معها تفاهمات في اوغندا عام 2020، حتى تصل إلى مرحلة التطبيع بشكل رسمي وعلني، وهو الأمر الذي يحقق لها مصالحها، ويقول ابوخريس: “إن البرهان لعب دورا اساسيا في التطبيع كما إنه يتعرض لحملة داخليه تهدد استمراره في الحكم او المشاركة فيه مستقبلا كمكون عسكري”، لذلك بحسب أبوخريس، فإن الزياره لدعمه ومساندته، مضيفا: “إن إستمرار الوضع الراهن بقيادة البرهان يحقق لإسرائيل ودول عديدة فى المنطقه مصالحها سيما أن هناك رفض صريح من قوى الحرية والتغيير للتطبيع فعودتها للحكم في -نظر عبدالرحمن- تعده إسرائيل تراجعا في الخطوة التطبيعية.

تنسيق جهود

العميد ياسر أحمد الخزين، الناطق الرسمي باسم قوات السلام السودانية
العميد ياسر أحمد الخزين، الناطق الرسمي باسم قوات السلام السودانية

في غضون ذلك، يرى الخبير العسكري العميد ياسر أحمد الخزين، في حديثه لموقع “أفريقيا برس”؛ أن الزيارة بغرض تنسيق الجهود وتكملة ما بدأ من إتصالات سابقة ومشاورات مع الحكومة سيما في قضية التطبيع، مؤكدا أن الزيارة سيكون لها ما بعدها وتحسم العديد من الملفات والأحداث الدائرة بالداخل السوداني والذي يرى أنها ستنجلي حقائقها وتظهر نتائجها للعيان في المدى القريب. وفي تعليقه على خطوة التطبيع مع إسرائيل سيما إنها وجدت رفضا واسعا، يقول الخزين: “إن كان لبعض القوى السياسية رأي في عملية التطبيع مع إسرائيل فإن للقيادة العسكرية والأمنية تقديراتها ومبرراتها لإقدامها على خطوة لقاء عنتبي”، فمن أسباب كسب المعارك الحربية يقول الخزين أنه لا يناقش صغار الضباط خطة الحرب إنما عليهم التنفيذ فقط حتى لاتتعارض الأوامر وتفشل الخطة ولعل القيادة العسكرية والأمنية رأت من منظور آخر ولا شك تمتلك من الأسباب ما اضطرها للإقدام على هذه الخطوة، والتي يرى أنه سيكون لها الأثر الإيجابي على الاوضاع في السودان.

مباحثات مكثفة

تقول مصادر عسكرية رفيعة، ان الوفد الإسرائيلي الأمني العسكري والسياسي مازال في الخرطوم، وتستمر زيارته حتى مساء الغد، وذكرت بحسب قناة الشرق أن الوفد الإسرائيلي عقد مباحثات مع رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان وقيادات عسكرية في هيئة أركان الجيش، ومدير منظومة الصناعات الدفاعية، وأبانت أن هناك اجتماعا ثلاثيا، “سوداني أميركي إسرائيلي” لبحث الأزمة السياسية في البلاد وإمكانية الحل. كما كشفت مصادر أخرى عن استقبال قائد الدعم السريع عبد الرحيم دقلو للوفد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here