بقلم : أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. من دون سابق إنذار وبسرية تامة، زار وفد عسكري سوداني الكيان الإسرائيلي برئاسة الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو، قائد ثاني لقوات الدعم السريع، وشقيق نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وبحسب الإذاعة الإسرائيلية فإن مصادر رسمية في تل أبيب، قالت إن الوفد قد غادر تل أبيب بالفعل عائداً إلى الخرطوم، وأشارت الإذاعة إلى أن المصادر الرسمية الإسرائيلية أكدت ما نقلته بعض وسائل الإعلام السودانية عن زيارة الوفد لتل أبيب.
لماذا الزيارة؟
وكانت وسائل إعلام سودانية قالت؛ إن وفداً أمنياً سودانياً يزور حاليا إسرائيل برئاسة ضابط كبير، ونقلت المصادر السودانية عن تقارير عربية، قولها: “وفد أمني سوداني قام مؤخراً بزيارة سرية لإسرائيل ضم ضابطين كبيرين هما: عبد الرحيم دقلو قائد قوات التدخل السريع والفريق ميرغني ادريس سليمان مدير منظومة الصناعات الدفاعية السودانية، وبحسب المصادر العربية فقد بحث الوفد مع مسؤولين كبار إسرائيليين توطيد العلاقات بين البلدين”. بدورها قالت قناة العربية إن الوفد أمضى يومين في تل أبيب لبحث العلاقات الثنائية، دون تقديم مزيد من التفاصيل أو تحديد المسؤولين السودانيين الذين قاموا بالزيارة.
زيارة طبيعية

الخبير الأمني الفريق حنفي عبدالله يقرأ زيارة الوفد العسكري لإسرائيل من عدة زوايا إذ ويقول خلال حوار مع “أفريقيا برس” : “إن الزيارة بغرض تطوير منظومة الصناعات الدفاعية السودانية على اعتبار أن إسرئيل تمتلك تقنيات عالية في هذا المجال، معتبراً الزيارة بالطبيعية على اعتبار أن “الدولتين” اتفقتا على التطبيع. وأضاف عبد الله: “كل الدول التي طبعت مع إسرائيل استفادت من قدرات إسرائيل العسكرية”. وحول لماذا الزيارة سرية؟ يقول عبد الله: “لأن طبيعة الزيارات العسكرية دائما ما تأخذ طابع السرية على اعتبار أن هنالك قضايا متعلقة بالأمن لايجب أن تكون في العلن.
ولم يستبعد حنفي أن تكون الزيارة بغرض نقل التجربة الإسرائيلية في حماية الحدود، لاسيما أن هنالك عدد كبير من الإرهابيين تسللوا للسودان عبر حدوده، مضيفاً: “لذلك كان قائد ثاني الدعم السريع على رأس الوفد وهو المعني بحماية الحدود في السودان”.
زيارة كيدية

وفي السياق ذاته، أعرب القيادي بقوى الحرية والتغيير الطيب العباس عن أسفه من زيارة الوفد العسكري للكيان الإسرائيلي على اعتبار أن قانون مقاطعة إسرائيل في السودان مازال قائماً ولم تكتمل حلقاته التشريعية. كما أنه وبحسب العباس لاتزال اتفاقية التطبيع بحاجة إلى موافقة البرلمان السوداني، الذي لم يتشكل بعد.
العباس أشار في حديثه لـ”أفريقيا برس” إلى أن الزيارة لها أهداف سياسية وعسكرية.
سياسياً، يرى العباس أن الادارة الأمريكية تبحث في اتجاه تسليم السلطة للمدنيين وهو الأمر الذي لا يريده المكون العسكري لذلك فإن زيارة الوفد العسكري لإسرائيل مهمة لهم على اعتبار أن إسرائيل هي الجهة الوحيدة التي تضغط على أمريكا لمواصلة المكون العسكري في رئاسة السيادي، مؤكداً أن الضغط الإسرائيلي على أمريكا يجعل هنالك توازناً للعسكر مع المدنيين في الفترة الانتقالية، مايجعلهم أكثر نفوذاً وسيطرةً على مجلس السيادة، وأضاف: “كذلك من مصلحة إسرائيل أن يكون المكون العسكري على رأس السلطة لأن أي حكومة مدنية من شأنها أن تلقي التطبيع مع إسرائيل”.
كما اعتبر العباس زيارة الوفد العسكري مكايدة للمدنيين لاسيما في ظل التراشق الإعلامي الذي يحدث بينهم، ولأن الزيارة كيدية، يستدل العباس، بعدم وجود وزير مدني في الزيارة، كما لا يستبعد العباس أن تكون الزيارة بغرض شغل الرأي العام بالتطبيع مع إسرائيل وانصرافه عن تقاعس الدولة في توفير خدماته الضرورية والأساسية، ويذهب الطيب ايضا إلى أنه قد تكون الزيارة لتاكيد أن السودان مازال مع التطبيع وإنه جاد في التعامل مع إسرائيل.
تبادل خبرات

يقول الخبير العسكري العميد ياسر أحمد الخزين في حوار مع “أفريقيا برس”: “إن الزيارة في المقام الأول لتبادل الخبرات العسكرية بين البلدين إذ سبق هذه الزيارة زيارة وفد إسرائيلي لمنظومة الصناعات الدفاعية السودانية قبل عام”، منوها إلى أن ذات الزيارة ايضا لوضع خطة ملموسة “بيان بالعمل بلغة العسكر وإيذاناً للتعاون المشترك إن لم يكن للتطبيع وهذا سر سرية الزيارة وكما هو معلوم.
وحول سؤال، لماذا الزيارة في هذا التوقيت؟ يقول الخزين: “إن هذه الخطوة والزيارة لقطع الطريق أمام الهجمة الشرسة التي تشن هذه الأيام ضد القوات المسلحة من المدنيين والذين تعالت أصواتهم في الآونة الأخيرة بتصريحات علنية تتهم الجيش وقياداته بأنهم إمتداد لحكومة الإنقاذ وإنه يجب تفكيك الجيش بإعادة هيكلته وفق عقيدة جديدة وهو الهدف القديم المتجدد -بحسب الخزين- لقوة مشروع السودان الجديد، مضيفاً: “إن الزيارة حتما سيكون لها مابعدها من الناحية الإيجابية والتي تصب في مصلحة القوات المسلحة السودانية تأهيلا وتدريبا وتصنيعا”.
تغوّل العسكر

أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات السودانية عبده مختار، اعتبر الزيارة بأنها تغول من المكون العسكري على صلاحيات مجلس الوزراء على اعتبار أن الزيارة من صميم أعماله وليس لها علاقة بالمكون العسكري.
هذا وقد قال مصدر سوداني رفيع؛ إن وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي احتجت رسمياً لدى رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان على الزيارة السرية التي أجراها وفد أمني وعسكري إلى إسرائيل، بسبب عدم علمها بها.
وقال مختار: “إن المكون العسكري في مجلس السيادة يمارس سلطات تنفيذية خاصة بمجلس الوزراء مؤكداً لـ”أفريقيا برس” أن الزيارة خطوة عملية في تنفيذ التطبيع مع إسرائيل، موضحا بأن إسرائيل بهذه الزيارة وجدت نقطة ضعف في الحكومة المدنية، على اعتبار أنها وجدت الفرصة الذهبية بأنها تفرض الأمر الواقع المتمثل في التطبيع مع السودان، وأردف قائلا: “عندما يزور وفد عسكري رفيع إسرائيل ويتفق معها في مجالات عدة فإن الأمر يعد خطيراً، مضيفاً: “كذلك معناه أن إسرائيل تمضي قدما في تنفيذ التطبيع في حين أن الحكومة بشقيها المدني والعسكري ليس من صلاحياتها الدخول في التطبيع على اعتبار أنها غير منتخبة”، وشدد مختار على ضرورة أن إيقاف الحكومة لأي خطوة لفتح قنوات وتفاهمات مع الكيان الإسرائيلي.