ما مدى الارتباط بين الحضارتين الفرعونية والسودانية؟

39
ما مدى الارتباط بين الحضارتين الفرعونية والسودانية؟... صور
ما مدى الارتباط بين الحضارتين الفرعونية والسودانية؟... صور

أفريقيا برسالسودان. عند الحديث عن مصر والسودان أمام مواطني البلدين تجد عبارة شهيرة متوارثة عبر قرون من الزمن أنهما ” بلد واحد”، ولم تستطع الخلافات السياسية أن تحدث تغييرات في طبائع الشعبين المترابطة والمتداخلة عبر التاريخ والتي تجسدها شواهد على الأرض أن تحكي تلك القصة الممتدة عبر آلاف السنين. فما هى العلاقة بين التاريخ الأثري في كلا البلدين.. وهل امتدت الحضارة المصرية إلى السودان أم العكس؟

بداية يقول البروفسير عبد الرحيم محمد الخبير الأثري السوداني، إن هناك علاقة قوية جدا بين الحضارة السودانية والمصرية القديمة وإن الحضارتين هم من معين واحد مشترك، وقد كتب الكثير من الباحثين المصريين والسودانيين حول تلك العلاقة مثل عبد القادر محمود عبد الله، وسامية بشير حول تاريخ الحضارات السودانية القديمة، وغيرهم كثيرين.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، بعيدا عن السياسة، هناك علاقة وارتباط قوي بين السودان ومصر عبرت عنه الكثير من الأبحاث والدراسات العلمية، وهناك تداخل حضاري، لذا فإن تلك العلاقة متينة مهما طرأ عليها من أشياء تبدو خلافية.

وتابع الخبير الأثري: “قامت الكثير من الحضارات السودانية في عصور ما قبل التاريخ وقد وجدت دلائل وحفريات تدل على ذلك في عدة مناطق سودانية، لكن في تقديري أن كل ما سبق من حضارات قبل التاريخ لم يكن لها دور كبير رغم أنه كان هناك تقدم واستقرار”.

وأضاف: عندما جاءت الحضارة المصرية عام 3100 قبل الميلاد كانت تمثل أول بناء سياسي للدولة وأول أسرة حاكمة، ثم تلاها السودان بمملكة “كرمة” 2500 قبل الميلاد، أي أن الدولة المصرية سبقت التكوين السياسي السوداني بحوالي 600 سنة. حضارة واحدة

من جانبه، قال الخبير الأثري المصري، مجدي شاكر، إن الحضارة المصرية تاريخيا موجودة في السودان، لأنه لم يكن هناك تاريخيا حضارتين بل امتداد طبيعي واحد، حيث كان حكام مصر دائما يعملون على تأمين منابع المياه، وكان الحاكم المصري يشرك “النوبيين” كحرس خاص للملك أو الفرعون، نظرا لما يتمتعون به من قوة جسمانية ورؤية بصرية أفضل، وليس المقصود بالنوبيين من يعيشون في جنوب مصر.

وأضاف : “الكثير من الشواهد تؤكد هذا الترابط التاريخي، فإذا قمنا الآن بزيارة المتحف السوداني، لن نشعر بفارق كبير بينه وبين المتحف المصري في القاهرة، حيث تتشابه كثيرا البنية البشرية المصرية والسودانية، خلافا للزنوج الذين يعيشون في مناطق مرتفعة في أفريقيا تقل فيها نسبة الأكسجين، لذلك ميزهم الله بأنف واسعة وشفاه كبيرة”.

أكثر من 200 هرم وأوضح الخبير الأثري أنه: في بعض الفترات التاريخية تأثر النوبيون بالحضارة المصرية وقاموا ببناء معابدهم، كما هو موجود بمصر، أما السودان فهو مرتبط كليا بالحضارة الواحدة مع مصر، والدليل أنك تجد في مصر الأبيض والأسود من البشر وكذلك في السودان.

وأشار شاكر إلى أن: عدد الأهرامات الموجودة في السودان أكبر من العدد الموجود في مصر ويبلغ أكثر من 200 هرم ما زالوا موجودين حتى الآن، عندما حكموا مصر أخذوا الكثير من الحضارة المصرية، حيث كانت مصر وقتها منفتحة على العالم من أجل منابع المياه وأيضا للحصول على الأشجار والأبنوس والبخور والعاج الذي كان يمثل ركن أساسي في الحياة وقتها، حيث يستخدمه الكهنة في المعابد. متحف إفريقي

وشدد شاكر على ضرورة إنشاء متحف للتاريخ الإفريقي، حيث أثرت وتأثرت مصر بالعديد من المناطق الإفريقية، ولذلك يجب أن يكون هناك تجميع للتاريخ الإفريقي، علما بأن العديد من القبائل الإفريقية لا تزال حتى الآن تمارس الطقوس المصرية، ونتمنى أن يكون هناك تعاون بين الباحثين المصريين والسودانيين لكشف المزيد من الكنوز وتفسير الكثير من العلاقات الغير معروفة حتى الآن، وأن لا يتم قصر دراسة الآثار على مصر فقط، بل مصر والسودان على وجه العموم.

يذكر أن المصريين القدماء اعتقدوا أن ما كان يطلقون عليه “الإله آمون” سكن في جبل البركل الواقع في السودان، والذي يعرف أيضا بـ”الجبل الطاهر” ويشغل جبل البركل ومواقع المنطقة النوبية مساحة يفوق طولها 60 كيلومتراً في وادي النيل، وهي تحتضن آثار الثقافة النوبية، والمروية السائدتين في ظل دولة كوش الثانية، وفقا لما ذكره الموقع الرسمي لمنظمة اليونسكو.

وارتبطت أشهر الأماكن الأثرية في السودان بالطقوس الدينية والفلكلور منذ عصور ما قبل التاريخ، و أدرجت اليونسكو الجبل ومواقع المنطقة النوبية ضمن قائمة مواقع التراث العالمي في عام 2003.

وتترجم واحدة من مسميات الجبل باللغة الهيروغليفية إلى “الجبل الطاهر” ويعتقد حتى الآن أن المصريين يقدسونه.ويحتوي جبل بركل على 13 معبدا تقريبا، ومن أكبرها وأشهرها المعبد المخصص للإله أمون رع. وأشارت منظمة اليونسكو إلى اعتقاد المصريين أن “آمون” سكن في الجبل.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here