الإقتصاد السوداني.. من يصنع الحلول الناجعة للأزمات؟

23

بقلم : خالد الفكى

ظل الاقتصاد السوداني في حالة تراجع مستمر، حيث اتسعت دائرة الفقر بين شرائح المجتمع لتتجاوز الـ60% وفقًا لتقارير اعلامية، فيما يشير مراقبين أن نسبة الفقر ربما تخطت الـ85% خاصة في أطراف البلاد. ويعاني السكان من توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة على رأسها الخبز والمياه الصالحة للشرب، حيث أن السودانيين مازالوا يأملون فى ايجاد حلول للازمات المتلاحقة.

اجراءات حكومية

وزير المالية جبريل ابراهيم قال أن هناك العديد من الرؤى والإجراءات والترتيبات للتحكم في سعر الصرف، موضحا أن الأسعار التي تحدثت عنها وسائل التواصل الاجتماعي لا علاقة لها بواقع السوق وان القصد منها أحداث المزيد من الاضطراب والبلبلة في سوق العملة الوطنية وإيجاد المشكلات التي تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، وناشد المواطنين بعدم الالتفات إلى ما تنشره وسائط التواصل الاجتماعي.

متعاملون بالسوق الموازي توقعوا المزيد من ارتفاع النقد الاجنبي مقابل الجنيه غضون الأيام المقبلة وتخطيه لحاجز (500) لدخول موسم الحج، كشفوا عن توفر احتياطات ضخمة لديهم، وقللوا، من الإجراءات الحكومية المتعلقة بالتعويم او المزادات والعمليات الأمنية للقبض على تجار العملة.

وأضاف ابراهيم” الدولة قادرة على التدخل لتوفير الموارد المطلوبة لسوق السلع الأساسية والاستراتيجية”، لافتا إلى توفر النقد الأجنبي ببنك السودان المركزي وامكانية تلبية مطالب الأفراد وسد حاجتهم لا سيما في حالات العلاج.

الجنيه السوداني… ماراثون التدهور
الجنيه السوداني… ماراثون التدهور

بالمقابل أبدى الخبير واستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية الدكتور محمد الناير أسفه لاتجاه الدولة نحو ما وصفه بـ “دولارة السوق”، بسبب سياسياتها التي لم تراعي وضع حلول ناجعة للازمة الاقتصادية في البلاد، وقال لـ “أفريقيا برس”، انه ومنذ انفصال جنوب السودان قبل عشرة سنوات لا النظام السابق ولا بعد الثورة توجد رؤية واضحة لاعادة هيكلة وتصحيح مسار الاقتصاد.

ونوه الناير إلى أن كافة المقترحات لم تؤدي لتحسن مؤشرات الاقتصاد السوداني، مستدلًا بذلك بارتفاع معدلات التضخم ليكون السودان من بين ثلاثة دول هي الاعلى على مستوى العالم، بجانب تدهور قيمة العملة الوطنية، منتقدًا اهتمام حكومة الانتقال بالمجتمع الدولي والنظر الى امكانية ايجاد حلول وبدائل لمشكلات الاقتصاد من خلال مؤسساته المالية والاقتصادية دون النظر الى ضرورة توظيف الموارد الوطنية.

ووفقًا لمراقبين أن السبب في زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازي مقارنة بالسوق الرسمي برغم سياسة توحيد سعر الصرف وتدهور العملة الوطنية هو أن البنك المركزي ينقصه الاحتياطي النقدي الكافي من العملة الأجنبية مثل الدولار لمواجهة الطلب المتزايد على العملة الأجنبية.

كما افاد الناير لـ “أفريقيا برس”، أن سياسة الحكومة تقود الى تقييم التجار والمتعاملون في السوق لسلعهم بقيمة الدولار الامريكي وليس الجنيه السوداني، وتابع “هذا يقود الى انه كلما تدهور قيمة العملة الوطنية زادت قيمة الدولار ليحدث مايجري الان في البلاد من اختلال للموازين الاقتصادية”.

هذا وقد طالبت اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير بالرجوع إلى البرنامج الإسعافي والبرامج والمذكرات ومقررات المؤتمر الاقتصادي القومي الأول، وتطبيق ما ورد فيها باعتباره الحل الشامل لأزمة الاقتصاد السوداني في المرحلة الراهنة، ثم يكون العون الخارجي في حالة وصوله عاملًا مساعدًا، وحذرت من مغبة تجاهل تطبيق ذلك، لكون ان البلاد موعودة بمستوى شامل وأكثر عمقا من الانهيار الاقتصادي والتجويع للشعب والانفراط الأمني بسبب السياسات الراهنة للسلطة والتي تتناقض تناقضا جذريا مع أهداف وبرامج ثورة ديسمبر المجيدة وطموحات الشعب.

محاكمات

تجمع المهندسين يحذر من تعرض 18 الف فدان مزروعة بالقمح للتلف

الصحفي والمحلل الاقتصادي عاصم اسماعيل شدد على وضع خطة محلية تعتمد على تفعيل الانتاج وتشغيل العاطلين عن العمل بجانب الغاء جميع الرسوم الزراعية والثروة الحيوانية اضافة الى دعم الانتاج الزراعي وتوفير الوقود بسعر مناسب مع تفعيل آليات الرقابة ومحاكمة المجرمين والمضاربين في الاسواق العملة والاسواق الاخرى. كما على الحكومة انشاء شركات مساهمة عامة تدخل فيها الحكومة بنسبة كبيرة لتوفير السلع الاساسية عبر الاستيراد من الخارج للسلع الضرورية.

كما دعا اسماعيل خلال حديثه لـ “أفريقيا برس”، إلى محاكمة كل من تثبت ضده جريمة المضاربة والتهريب، وتفعيل عمليات مكافحة الجريمة وتهريب الذهب والوقود، ويلفت إلى أن الطلب المتزايد على الدولار يتم تغطيته من السوق الأسود، مما يعني ارتفاع سعر الدولار مباشرة. واضاف” الحل يكمن في قيام الحكومة بشقها العسكري والمدني بالتنسيق مع وزارة المالية والبنك المركزي بتفكيك الشرائح والجماعات التي تمتلك الاحتياطي النقدي الأجنبي خارج القنوات الرسمية وخارج البنك المركزي ووزارة المالية”.

هذا وقد اجاز مجلس الوزراء مؤخرًا التوصية الخاصة بسياسات ضبط الصادر والوارد والتي تتضمن الاسراع في تطبيق النظام الالكتروني والعمل بنظام النافذة الواحدة لتسهيل الرقابة على الصادر والوارد فضلا عن مراجعة الرسوم المفروضة على المنتجات المحلية وكذلك التحكم في تصدير الذهب والقطن والصمغ العربي والسمسم.

بُعد الحل

سعر صرف الجنيه والاستيراد..المشهد الاقتصادي في السودان بعد الحذف من قائمة الإرهاب

وأستبعد المحلل الاقتصادي الفاضل ابراهيم، حلول للأزمة الاقتصادية في القريب العاجل ما لم تعيد الحكومة خططها وبرامجها وتعتمد على نفسها خاصة في الانتاج والاستثمارات الخارجية لتستطيع الحصول على تحريك الاقتصاد السوداني سواء كان في الاقتصاد الصناعي أو الزراعي أو الثروة الحيوانية، في اطار جذب الاسثمارات.

وقال نحن بحاجة إلى أسس وضوابط ترغب وتجذب المستثمر، مضيفًا. الآن هنالك انفلات أمني والوفاق السياسي غير متوفر، إضافة إلى مناكفات ما بين مجموعة قوى الحرية والتغيير والمجلس السيادي، إلى جانب عدم استقرار داخل الحكومة والتخوين لدى الأحزاب السياسية، كما أن هنالك بعض المشاكسات والمناكفات التي تحدث باقصاء بعض الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني من المشاركة والمساهمة في ايجاد الحلول في هذه الأزمة.

وشدد الصحفي الاقتصادي عبد الوهاب جمعة على أن حكومة الفترة الانقتالية وقعت في أخطاء متعددة بشأن معالجة تدهور الاوضاع الاقتصادية خاصة المتعلقة بمعاش السودانيين اليومي.

وقال جمعة لـ “أفريقيا برس”، أن هناك غياب تام للتنسيق بين الوزارات الحكومية بشأن إدارة الملف الاقتصادي وايجاد حلول لازمات ظلت تتراكم منذ عهد المخلوع عمر البشير، كما انتقد غياب آليات الدولة للرقابة والتدخل الفوري للتحكم في اسعار الصرف أو السلع الاستراتيجية.

عمق الازمة

وقال المحلل الاقتصادي الفاضل ابراهيم لـ “أفريقيا برس”، إن الأزمة الاقتصادية تجذرت في أعماق الاقتصاد السوداني، ويرى بشأن وضع حلول للأزمة السودانية ضرورة أن يكون هناك وفاق وطني شامل لا يستثني أحد وتوفير الأمن والاستقرار، وبرر ذلك لأن المستثمر لا يمكن أن يقدم على بلاد لا يتوفر فيه الأمن واصفا اياها بالبند المهم. معتقدا أن الطريق طويل لايجاد حلول للأزمة الاقتصادية في ظل الوضع الراهن ما لم يكن هنالك تغيير مباشر في دينماكية المساهمة من جميع الشعب السوداني لحل هذه الأزمة، ووصف الانتاج بالمهم، قائلا أنه لا يتم الا بتوفير الأمن والاستقرار وتصافي النفوس وحلول لكل الأزمات الأمنية والسياسية والاجتماعية.

واتهمت اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير السلطة التنفيذية بالتركيز على الخارج فقط لتنفيذ مطلوبات الاملاءات الخارجية مهما كانت تكلفتها على المواطنين وعدم وضع أي اعتبار للشعب السوداني ومطالبه الحيوية؛ بالتخفيض المستمر لقيمة العملة الوطنية حتى وصل إلى طريق التدهور المستمر من (47) جنيه للدولار إلى ما يقارب الـ (500) جنيه للدولار في استجابة مذلة لشروط صنوق النقد الدولي.

ودعت اللجنة الاقتصادية لسيطرة الحكومة على صادر الذهب وانشاء بورصة الذهب والمحاصيل الزراعية وارجاع عمل الشركات الأربعة التي كانت تعمل في مجال الصادرات (شركة الصمغ العربي وشركة الحبوب الزيتية ومؤسسة الماشية واللحوم وشركة الأقطان) لضمان توريد حصائل الصادرات في القنوات الرسمية، ووضع الدولة يدها على رسوم عبور الطائرات للأجواء السودانية ورسوم عبور نفط الجنوب بالإضافة إلى تطبيق مبادرة المغتربين المسماة بمبادرة داعمي البنك المركزي بحيث تؤدي تلك البرامح إلى توفير العملات الحرة بمبالغ كبيرة لا تقل عن ١٢ إلى ١٤ مليار دولار في العام على أقل تقدير.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here