بقلم : بدرالدين خلف الله
أصبح الاهتمام بتطوير القطاع الزراعي في السودان مخرجاً وحيداً للأزمة الاقتصادية التي يشهدها الآن ، ولم يعد مُسمى سلة غذا العالم حاضراً يلبي احتياجات شعبه من الخبز والملبس. لقد ظلت الزراعة مهملة خلال حقبة الرئيس المعزول عمر البشير بسبب السياسات الفاشلة وسوء الإدارة والتوجه الخاطي نحو قطاعات أخرى لم تحقق أي نمو اقتصادي.
ورغم العديد من المؤتمر الزراعية القومية و الإقليمية التي خصصت في هذا الشأن إلا أنه ظل يعاني من صعوبات شتى طوال ثلاثة عقود من حكم الإنقاذ الذي فُرض عليه حظر دولي وعقوبات اقتصادية أمريكية ألقت هي الأخرى تأثيراتها على تطور الزراعة في السودان.
بعد الإطاحة بنظام البشير أدركت الحكومة الانتقالية أهمية تطوير القطاع الزراعي لاسيما التركيز على مشروع الجزيرة الذي يعد من أكبر المشاريع الزراعية في السودان بمساحة تقدر 2.2 مليون فدان. لاشك أن الحكومة الانتقالية تواجه صعاب شتى في النهوض بالقطاع أبرزها التمويل اللازم لنهوض الزراعة لجهة أن معظم البنى التحتية قد دمرت ولم يعد النظام التقليدي المتبع مجدياً حيث يتطلب الأمر تقنيات وآليات زراعية حديثة ذات تكلفة عالية.
تهميش
قطع عضو اللجنة التسيرية لاتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل هاشم عابدين المبارك أن المجال الزراعي في السودان تعرض للتهميش كثيراً فأدى ذلك إلى خلق تدهور لكل المشاريع المروية وأشار في حديثه لموقع أفريقيا برس أن الزراعة هي المخرج الوحيد لأزمة السودان الاقتصادية وأقر بأن سياسات النظام السابق أهملت القطاع الزراعي وركزت على النفط مما خلق وضع اقتصادي متأزم وأضاف عابدين أن الناظر عبر نافذة التاريخ السوداني يؤمن إيمان لايتخلله شك أن السودان قُطر زراعي به مقومات هائلة من شأنها أن تكون الركيزة الأساسية والدينمو المحرك للاقتصاد في البلاد .
صيانة عاجلة
ونبه عابدين إلى أن مشروع الجزيرة “القسم الشرقي” مكتبي حداف وودالفضل” يحتاجان إلى صيانة عاجلة في منشآت وقنوات الري وتأهيل وإصلاح الضرر الذي لحق بهما. وطالب المسؤولين بتحديث وتطوير الزراعة في السودان بجلب الآليات والمعدات واتباع طرق وأساليب الزراعة الحديثة وتوفير البذور والأسمدة وتشجيع الأبحاث العلمية للنهوض بالقطاع الزراعي مع وضع سياسيات تشجيعية للمزارعين.
المؤتمر الزراعي القومي
نظمت وزارة الزراعة والغابات بالسودان المؤتمر الزراعي القومي الشامل بمشاركة القطاع الخاص والمنظمات الدولية والإقليمية وخبراء في المجال الزراعي وجاء المؤتمر الذي عقد الأسبوع الماضي تحت شعار (سياسات فاعلة لتحقيق البرنامج الزراعي النهضوي).
دعم حكومي
أعلن رئيس مجلس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك عن دعمه السياسي الكامل للقطاع الزراعي وناشد حمدوك خلال المؤتمر الزراعي جميع الشعب السوداني على زرع بذور التغير وقال ” نسعى جاهدين بلا قيود وان نلتزم جميعا في ان يكون السودان خالياً من الجوع و يسع الجميع وأشار إلى أن مؤتمر باريس القادم سيخصص جزء كبير لدعم القطاع الزراعي.
خطة جديدة
في ذات السياق أكد وكيل وزارة الزراعة عبدالقادر تركاوي أن وزارته تخطط لزراعة نحو 90 ألف فدان لمحصول القمح خلال هذا الموسم ، وتوقع إنتاج 200 ألف طن من القمح هذا الموسم وكشف عن خطتهم خلال المرحلة المقبلة تأهيل مشروع الجزيرة والتعاون مع الجمعيات الإقليمية والعالمية من أجل تطوير العمل الزراعي.
توصيات
أوصت الأوراق التي قدمت في المؤتمر الزراعي القومي الشامل بضرورة تفكيك السياسات المعوقة للإنتاج ومعالجة المشاكل التي تعترض التمويل الداخلي مع استقطاب التمويل الأجنبي وأقلمة شراكات دولية للمساعدة في إنشاء البنيات التحتية فيما ركزت ورقة حول الأمن الغذائي والمخزون الاستراتيجي قدمتها إدارة الأمن الغذائي بوزارة الزراعة الاتحادية على ضرورة إنشاء مشاريع زراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء السليم.
إزالة المعوقات
وشدد المؤتمرون على ضرورة تفكيك السياسات المعيقة للعملية الإنتاجية بالذات في عمليات التمويل لذا جاءت توصية المؤتمرون بضرورة إنشاء مخافظ تمويلية بجميع ولايات السودان برئاسة وزارة المالية وإشراف وزارة الزراعة والتنسيق مع بنك السودان المركزي بكل ولاية كما ركزوا على ضرورة منح خصوصية للولايات بأن تعقد شراكات دولية لتطوير وإنشاء البنية التحتية للمشاريع الزراعية وزراعات صغار المنتجين بالريف.
سياسات فقيرة
الخبير الاقتصادي أبو القاسم إبراهيم شدد في حديثه لموقع أفريقيا برس أن السوداني يعاني من مشكلات كبيرة في القطاع الزراعي أبرزها غياب التقنيات الزراعية واستخدام الطاقة الحديثة لكهربة المشاريع الزراعية وأشار إلى أن الزراعة الآن زراعة تقليدية تعتمد على أدوات قديمة وبالية وكشف عن أن 90% من صادرات السودان الزراعية تأتي من إنتاج تقليدي غير مروي لايستخدم أي تقانات حديثة ، وأردف أن السودان يتمتع بامكانيات زراعية هائلة لكن سياساته فقيرة تجاه تطوير الزراعة.
ضياع الوقت
وقلل إبراهيم من عدم الاستفادة من التوصيات والمخرجات التي توصي بها مؤتمرات الزراعة القومية و الدولية وأشار إلى عدم الاستفادة من مخرجات مؤتمر الزراعي القومي الشامل الذي عقد مؤخراً في الخرطوم وقال إنه كغيره من المؤتمرات المسابقة واعتبره ضياع للوقت وللاستهلاك السياسي ولفت إلى أن الأمر يتطلب إستراتيجية موحدة توافق عليها كافة القوى السياسية المختلفة مع آلية مستقلة لمراقبة الأداء وتصحيح الأخطاء ممايؤدي إلى مساهمة السودان في تغطية احتياجات العالم من الأمن الغذائي.