البرهان والمؤتمر الوطني “المحلول”.. هل انقطعت شعرة معاوية؟

18

احمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. يبدو أن التسوية السياسية المزمع إخراجها في غضون الأيام القادمة بين “قحت” والعسكر، بجانب خطاب رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان والذي حذر فيه الإسلاميين من عدم المساس والتحرش بالجيش، فضلا عن إعادة البشير لسجن كوبر، بيدو أنها كلها مؤشرات لقطع العلاقة بين المؤتمر الوطني “المحلول” والبرهان.

فلاش باك

وبعد أيام من انقلاب البرهان في الخامس وعشرين من العام الماضي، أعادت السلطات في السودان بقايا النظام السابق “المؤتمر الوطني” للسلطة، كما اعادت واجهاتهم النقابية، فضلا عن إطلاق سراح قيادات بارزة في الحزب “المحلول” وأبرزهم رئيس الحزب المكلف إبراهيم غندور، ووزير المالية في عهد البشير إبراهيم محمود، فضلا عن إطلاق سراح رئيس الحزب بولاية الخرطوم أنس عمر.

التضحية

عبدالقادر محمود صالح، باحث في العلوم السياسية

ويرى الباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح أن السيد البرهان وطاقمه من العسكريين قد توصلوا إلى مسألة التضحية بقيادات الصف الأول من النظام السابق في مقابل البقاء في الحكم والإفلات من العقاب، ويضيف لموقع “أفريقيا برس”؛ “أيضا هنالك مستويات أخرى يمكن أن تكون مفيدة في قراءة خطاب البرهان ودلالاته على مستقبل العلاقة مع المكون الإسلامي بكل تشكيلاته المتعددة، بعد تنامي الشكوك لدى بعض دول النظام الإقليمي العربي بعدم جدية المكون العسكري في حسم أمر الإسلاميين وأبعادهم تماما من المشهد السياسي”، ويقول عبدالقادر إن “هذه الضغوط زادت من قبل تلك الدول على السلطة الانقلابية وضرورة قبول التسوية التي ستعمل على عودة القوى المدنية الثورية المعتدلة التي لا تتقاطع مصالحها مع مصالح تلك الدول، لذلك نجد أن المكون العسكري قد بدأ يستوعب الدرس بعد مضي عام كامل من الانقلاب”، منبها إلى أن كل هذه الفترة لم يتمكن الإسلاميون من لملمة أطرافهم لدعم الانقلاب جماهيريا بل تصاعدت الإحتجاجات في الشارع لدرجة جعلت القوى الإقليمية والدولية المتابعة للشأن السوداني تتخوف من بروز الإتجاه الجزري في المشهد السياسي وهذا أيضا لا يتفق مع مصالح المجتمع الدولي وفقا لرؤية تحالف القوى الجزرية للحكم والإقتصاد وإدارة شؤون الدولة بشكل مستقل”، وأردف “بجانب هذا المستوى هنالك المستوى الدولي المتمثل في الرباعية الدولية والتي ترى أن الحل والمخرج الآمن والسلس للأزمة السياسية الراهنة هي التسوية بين المكون العسكري والمدني للعمل والتنسيق من أجل إبعاد الفلول والإسلاميين وزجهم في السجون حتى لا يكون لهم أي تأثير في المشهد السياسي الذي يتم التحضير له من خلال التسوية”، وختم صالح حديثه بالقول “لذلك وفقا للمعطيات إعلانه لقد حدثت القطيعة الكاملة بين السيد البرهان والإسلاميين عندما وافق المكون العسكري بالتسوية السياسية بعد التعديل على بعض أسس الإعلان الدستوري الأخير”.

انتهاء شهر العسل

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

كذلك، اعتبر المحلل السياسي الفاتح محجوب، أن خطاب الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي حذر فيه المؤتمر الوطني والإسلاميين واخراج البشير من مستشفى علياء وارجاعه الى سجن كوبر هو وقادة انقلاب الإنقاذ، يعتبر بمثابة انتهاء شهر العسل بينه وبين الإسلاميين، مستدركا “لكن في حقيقة الأمر البرهان لم يتبنى قط اجندة الإسلاميين ومن حكم برجوع من فصلتهم لجنة تفكيك التمكين من العمل إلى عملهم هو القضاء الذي نص قانون التفكيك على أن أحكامه نهائية باعتباره جهة الاستئناف النهائية، وبالتالي ليس من المنصف نسبة نقض أعمال لجنة تفكيك التمكين للبرهان بل للقضاء لأن لجنة تفكيك التمكين لم تهتم كثيرا بمراعاة القانون وهي تفصل العاملين او تصادر أموال الاشخاص والمنظمات وهو ما جعل نقض قراراتها سهلا جدا للقضاء”، ويضيف لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن البرهان بعد أقل من شهر من الانقلاب ارجع حمدوك للحكم ووافق على كل قرارات حمدوك وهذا يعني ان انقلابه لم يكن بغرض الاستمرار في الحكم ولا بغرض التحالف مع الاسلاميين بل أن البرهان الذكي لم يرفض دعم الإسلاميين له ولم يتورط قط في مشاريعهم أي أنه اشترى ولم يبيع وابقى على اتصالاته السرية مع قحت عبر قنوات متعددة وبذلك ترك باب العودة إلى التحالف مع قحت بطريقة مختلفة عن التحالف السابق مفتوحة ولذلك ما حدث من تقارب بين قحت والعسكر لم يكن مفاجئا للمراقبين لأن التفاوض السري بين الطرفين كان مشهورا ومعلوما للجميع”، وأردف “الخلاصة البرهان أراد بخطابه تذكير الإسلاميين بأنه لم يعلن قط أنه معهم في أي تحالف سياسي وعليهم التوقف عن الاختباء خلف الجيش وأن يخوضوا معركتهم السياسية بعيدا عن العسكر”، وينبه الفاتح إلى أن المؤتمر الوطني ايضا لم يهتم كثيرا للبرهان لجهة إنه اصلا يعلم بانه لا يمتلك فرصة للمشاركة لا في الفترة الانتقالية ولا في الانتخابات، مستدركا، ولكنه يطمع في استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في السودان تمهيدا لانتزاع بعض الحقوق عبر القضاء كما قال زعيمهم غندور ولذلك هم دعموا العسكر طلبا للاستقرار السياسي والامني وليس طمعا في وقوف العسكر معهم.

صفعة أخرى

كتب الكاتب الصحفي والمحسوب على “الاسلاميين”؛ عبدالماجد عبدالحميد في صفحته في الفيسبوك “أفضل ما يفعله البرهان هذه الأيام والأيام التالية، أن يضرب بقوة على مؤخرة رأس بعض قيادات وقواعد الإسلاميين ليستفيقوا على حقيقة أن الجنرال الكبير لا علاقة له بهم وأنه بات يملك مشروعاً خاصاً به ليكون رئيساً للسودان”، وفي سبيل تحقيق غايته هذه يقول عبدالماجد “لن يجد حرجاً ولا مشاحة في ضرب الإسلاميين والتنكيل بهم إن كان ذلك يحقق له حلمه الذي بات قريباً من مرمى عينه”، واردف “مساء أمس تم نقل المشير البشير إلى سجن كوبر رفقة عدد من المعتقلين السياسيين من كبار قادة الجيش والسلطة في عهد البشير ومما يأسف له المرء ويحزن حد الصدمة أنّ عدداً من قيادات الإسلاميين في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني قللّوا من قرار نقل البشير إلى كوبر مجدداً موضحين أن قرار النقل كان بقرار من قاضي محكمة يونيو 1989، في حين في صحيفة “الانتباهة” أكد عضو بهيئة الاتهام للصحيفة أن القرار صدر من جهة ٍ لايعلمونها ..ولم يكن القرار من جهة طبية أو قضائية على حد قوله”، ويرى عبدالحميد أن عودة البشير إلى كوبر بالطريقة الدراماتيكية التي تمت بها تزيح الستار عن التناقض المحزن الذي تعيشه وتمارسه بعض القيادات الفاعلة داخل الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، إذ يقول إن هنالك قيادات ظلت تطالب قواعدها الصابرة بدعم البرهان بدعوى أنه أفضل الخيارات السيئة وها هي الأيام(تبرهن) لهؤلاء المشايخ أن رهانهم كان وسيكون أسوأ الخيارات المتاحة، ويمضي الكاتب قائلا “يحتاج هؤلاء المشايخ لصفعة أخرى حتى يفيقوا من خدر التقديرات السياسية المغلّفة بالنوايا الطيبة حيث هنالك فرق كبير بين دعم مؤسسة الجيش السوداني ودعم أحلام وخطط ومشاريع الفريق البرهان”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here