بقلم: أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. ما إن أعلن الفريق البرهان عن حل الحكومة وإعلان حالة الطوارئ في السودان، حتى بدأت ردود الفعل الإقليمية والدولية تتوالى، فعلى الصعيد الإقليمي أدان الاتحاد الأفريقي خطوة البرهان واعتبرها انقلاباً تام الأركان، ورفضت الولايات المتحدة الانقلاب وقالت ” إن هذه الاجراءات تتعارض بشدة مع إرادة الشعب السوداني”، وبين الموقف الإقليمي والدولي، يبرز سؤال عريض لدى المراقبين فحواه: هل انقلاب البرهان سيدخل السودان في عزلة دولية؟
إدانة واسعة
وأعلن الاتحاد الأفريقي، تعليق عضوية السودان “حتى الاستعادة الفعلية للسلطات الانتقالية بقيادة مدنيين”، والتي قال إنه تمّ حلّها إثر انقلاب نفّذه العسكر. و أدان الاتحاد في بيان بشدة سيطرة الجيش السوداني على السلطة وحلّ الحكومة الانتقالية، ورفض بشكل كامل تغيير الحكومة غير الدستورية” والذي اعتبره أمراً “غير مقبول” و”إهانة للقيم المشتركة والمعايير الديموقراطية للاتحاد الأفريقي”. كذلك قال البنك الدولي في بيان، “إنه أوقف صرف أي مبالغ لجميع العمليات في السودان، إضافة إلى التوقف عن التعامل مع أي عمليات جديدة”.
هذا وكان السودان قد تمكن من استعادة التعامل الكامل مع البنك في مارس لأول مرة منذ ثلاثة عقود، وحصل منه على تمويل بقيمة ملياري دولار.أيضا، أدانت كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا انقلاب السودان، وطالبت بالإفراج عن رئيس الوزراء السوداني المدني المحتجز حالياً عبد الله حمدوك ومن معه من المسؤولين المدنيين.
على الصعيد العربي، أعربت وزارة الخارجية القطرية، عن قلقها من تطور الأوضاع في السودان، كما أعلنت مصر أنها تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في جمهورية السودان، مؤكدة “أهمية تحقيق الاستقرار والأمن للشعب السوداني والحفاظ على مقدراته والتعامل مع التحديات الراهنة بالشكل الذي يضمن سلامة هذا البلد الشقيق”. اما وزارة الخارجية السعودية قالت إنها “تتابع بقلق واهتمام بالغ الأحداث في السودان”، داعية إلى “ضبط النفس والتهدئة وعدم التصعيد”.
كما أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن بالغ القلق إزاء تطورات الأوضاع في السودان وطالب جميع الأطراف السودانية بالتقيد بالوثيقة الدستورية التي تم توقيعها في 2019.
انتقاد دولي

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حيدر المكاشفي قال لـ”افريقيا برس”: “انقلاب البرهان وجد إنتقادات دولية وإقليمية قوية فضلاً عن عدم الاعتراف به من أي دولة”، واردف: “ما يؤكد عدم الاعتراف بالبرهان هو اتصال كل الدول بوزيرة الخارجية مريم الصادق والتعامل معها الان” إضافة إلى لقاء جميع السفراء بحمدوك في منزله.
وكشف المكاشفي عن وساطة سيقودها الاتحاد الأفريقي لمعالجة الأوضاع، منوهاً إلى أنه سيجلس مع جميع الاطراف، واعتبر المكاشفي ما قام به البرهان بـ”الانقلاب الكامل” وانقلاباً على الوثيقة الدستورية بالرغم من محاولة الالتفاف عليها، وأردف: “البرهان شطب كل المكون المدني في الوثيقة الدستورية وأبقى على المكون العسكري”، مؤكداً أن البرهان زاد من تعقيدات المشهد السياسي والتي في نظر المكاشفي هي في الأصل معقدة، جازماُ بأن انقلاب البرهان لن يستمر مهما ما حدث من إجراءات تعسفية اتجاه الثوار والمدنيين الذي كانوا شركاء معه في السلطة.
عقوبات متضاعفة

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أمدرمان الإسلامية صلاح الدين الدومة، توقع في حديثه لـ”افريقيا برس”؛ “أن يعيش السودان في عزلة دولية”، مستدركاً؛ “لكن هذه العزلة تحددها عودة حمدوك لمجلس الوزراء، لأن عودة حمدوك تمنع فرض عقوبات دولية على السودان”، مشيرا إلى أن حمدوك يتمتع بشعبية كبيرة من المجتمع الدولي، وأردف: “اذا استمر البرهان في السلطة فإن السودان ستفرض عليه عقوبات، وهي نفس العقوبات التي فرضت على البشير وربما تكون مضاعفة”، مضيفاً؛ إنالسودان حالياً بدأ يعيش في عزلة دولية، مستدلا بتجميد المساعدات من قبل البنك الدولي للسودان وتجميد 700 مليون دولار من قبل الولايات المتحدة والتي كانت بحسب الدومة في طريقها نحو خزينة السودان .
مقاطعة السودان

السفير السابق بوزارة الخارجية السودانية الرشيد أبو شامة، لم يختلف كثيراً عن سابقيه، ويقول لـ”أفريقيا برس”: “ستكون هنالك مقاطعة على السودان من كل دول العالم كما أن ذات الدول لاتعترف بالسودان ماعدا روسيا والصين على اعتبار إنهم في مجلس الامن وقفوا مع الانقلاب واعتبروه تصحيح مسار مؤكدين أنه ليس انقلاباً، ليصف ابوشامة موقفهم بالمخزي، ويؤكد أنهم يبحثون عن مصالحهم فقط ولايقفون مع إرادة الشعوب، وأضاف: “كذلك سيتوقف تعاون السودان مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وأيضاً دول الترويكا أعلنت رفضها للانقلاب واعلنت انها لن تتعاون مع السودان إلا في حال تراجع البرهان عن موقفه وإعادة السلطة للمدنيين”.
وأشار أبو شامة إلى أن السودان سيعود إلى مربعه الأول كما كان في العهد البائد، وعلى الصعيد الإقليمي، يقول أبوشامة: “إن السودان سيفقد عضويته في الاتحاد الأفريقي والدول الأفريقية ستقاطعه باستثناء مصر، والتي في نظر أبوشامة تمت مشاورتها في الانقلاب من قبل البرهان”
مباركة دولية
مراقبون أشاروا إلى أن الانقلاب الذي حدث في السودان تم بمباركة دولية وأن كل التنديد الذي خرج من هذه الدول ماهو إلا مجرد حديث للاستهلاك السياسي، مستدلين على اعتبار أن الولايات المتحدة ليس مهماً بالنسبة لها من يحكم في السودان،أكانوا عسكراً أم مدنيين، وإنما هدفها مصالحها والوقوف مع الأقوى في السودان، وعلى هذا الأساس اعتبروا وجود العسكر في السودان يحفظ لها قوتها ومصالحها في القرن الأفريقي سيما وإنها تعرضت مؤخراً إلى انتكاسة في افغانستان.