أفريقيا برس – السودان. نفت الناطقة الرسمية باسم قوى الحرية والتغيير في السودان سلمى نور، أي نية للعودة إلى شراكة سياسية مع العسكر في إدارة الحكم. ودعت نور رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان إلى تعزيز أقواله بأفعال والخروج من الحياة السياسية والعودة إلى الثكنات، مؤكدة أن إيجاد التحول الديمقراطي في السودان هي مهمة الأحزاب وليست المؤسسة العسكرية.
وحذرت القيادية في تجمع المهنيين السودانيين من أن بقاء العسكر في الحكم وعدم العودة إلى أهداف ثورة ديسمبر لن يفضي إلى حل الأزمات التي كانت نتاج لانقلاب 25 أكتوبر.
وفي حوار مع “أفريقيا برس”، قالت سلمى نور أن “الانقلاب العسكري فقد شرعيته على المستوى الداخلي والدولي”، منوهة إلى أن بعض الدول الإقليمية التي دعمته كالسعودية والإمارات ومصر بدأت تغير مواقفها، وأعلنت مواقف داعمة للإعلان الدستوري الأخير وخطوات الحل السياسي.
كما شددت نور على أن إنهاء الانقلاب العسكري سيكون عبر استمرار الحراك الجماهيري وتضامن المجتمع الدولي وإعتماد حكومة مدنية كاملة، مؤكدة أن القوى المدنية اتفقت على طريقة تشكيل الحكومة الانتقالية وقضايا الفترة الانتقالية ومؤسسات الحكم الانتقالي وما يروج من خلافات بين هذه القوى هدفه شرعنة الانقلاب.
أجرى الحوار أحمد جبارة
بالنظر إلى الوضع السياسي الراهن، كما هو معلوم للجميع فيه نوع من التردي، لاسيما في الاقتصاد والسياسة.. الوضع السياسي غائم، حتى الآن الحلول تبدو بعيدة، وهناك انسداد في الأفق السياسي.. برأيك كيف يمكن أن نخرج من هذا المأزق؟
بشأن الوضع المتردي في السودان دعنا نرجع قليلاً إلى الوراء.. أسباب الوضع المتردي في السودان ما هي أساسا؟ أسباب تردي الأوضاع أنا أتصور دائما أن تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية وغيرها كلها تكون بسبب تردي الوضع السياسي في البلد.. فالوضع السياسي في البلد هو الذي يؤدي لتردي الأوضاع كلها التي مستصحبة له، الوضع السياسي أو الأزمة السياسية التي يعيش بها السودان كانت نتاجا مباشرا لانقلاب 25 أكتوبر، وهو الانقلاب الذي حصل على مسيرة التحول الديموقراطي وعلى ثورة ديسمبر، فنحن ومن أجل أن نحل الأوضاع الاقتصادية والأمنية والثقافية وغيرها في السودان، لا بد لنا من حل الأزمة الأساسية والتي هي انقلاب 25 أكتوبر، فإذا لم يتم إنهاء أو إسقاط انقلاب 25 أكتوبر والعودة إلى أهداف ثورة ديسمبر وإلى مسار الانتقال الديموقراطي والحكومة المدنية سوف لن يكون هناك حل لأي من الأزمات التي كانت نتاج للانقلاب.
على ذكر الخروج من الأزمة وأنكم ستسعون لإنهاء الانقلاب.. كيف ستكون عملية إنهاء الانقلاب بالنسبة لكم؟
الحرية والتغيير طرحت آليات لإنهاء الانقلاب، ما سمتها في الورقة “خطوات عملية لإنهاء انقلاب 25 أكتوبر” طرحت فيه مراحل.. المرحلة الأولى تبدا بتهيئة المناخ وغيره للدخول في العملية السياسية، الحرية والتغيير التزمت بثلاثة آليات لإنهاء الانقلاب.. الآلية الاولى متمثلة في الحراك الجماهيري، وهي الآلية التي عليها الاعتماد في إنهاء انقلاب 25 أكتوبر، أي الحراك الجماهيري ضد انقلاب 25 أكتوبر.. الآلية الثانية كانت عبارة عن المجتمع الدولي وتضامن المجتمع الدولي مع الشعب السوداني ومطالبه وطموحاته لديمقراطية الدولة ومدنية الحكم والرجوع إلى المسار الديمقراطي.. الآلية الثالثة الذي طرحته الحرية والتغيير كان الحل السياسي، الذي يتمثل في إيجاد حل سياسي للخروج بالأزمة، يبدأ بإنهاء حالة الانقلاب من العسكريين، ويتمثل في الرجوع إلى المسار الديمقراطي عن طريق مؤسسات الحكم الانتقالي وقضايا الحكم الانتقالي، بالإضافة إلى أطراف الحكم الانتقالي وأطراف عملية الانتقال نفسها، سوقنا إليها ترتيبات دستورية جديدة، وكما رأينا الحرية والتغيير شاركت في الورش المطروحة من اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، في إيجاد ترتيبات دستورية جديدة للبلاد للخروج من الأزمة، كل هذه كانت خطوات من خطوات الحل السياسي لإنهاء حالة الانقلاب أو حل الأزمة السياسية في السودان.
يرى البعض أن اللجنة التي أعدت المشروع الدستوري وهي اللجنة التمهيدية لنقابة المحامين.. ما هي إلا واجهة لكم في مركزية الأمر.. كيف تردين على الاتهام؟ وكيف تعلقين على الحديث الذي يقول إن نقابة المحامين هي واجهة لعودتكم إلى الحكم من جديد؟
هذا الكلام غير صحيح، اللجنة التسييرية لنقابة المحامين هي لجنة تسييرية تم تشكيلها إبان الفترة الانتقالية المنقلب عليها، عن طريق لجنة إزالة التمكين، وهي لجنة تسييرية لإعداد نقابة المحامين للانتخابات، واللجنة في كلامك أنها “رفلكشن” للحرية والتغيير أو واجهة من واجهات الحرية والتغيير هذا الكلام غير صحيح، لان اللجنة التسييرية تضم أعضاء من الحزب الشيوعي وهو ليس جزءاً من الحرية والتغيير. كما تضم أحزاب أخرى ليست جزءاً من الحرية والتغيير. فهي ليست واجهة من واجهات الحرية والتغيير. بالاضافة إلى أن الحرية والتغيير أصلا أعلنت أن لديها إعلان دستوري قبل قبل بدء الورشات والندوات. ما أخر الحرية والتغيير في طرحها بأن تطرح إعلانها الدستوري.. حينما جاءت الدعوة من اللجنة التسييرية للمحامين أن تشارك في الورشة بعنوان الترتيبات الدستورية القادمة.. فهذه كلها أمور تدل على أن الحرية والتغيير شاركت شأنها شأن أي تنظيم من التنظيمات التي كانت مشاركة، ونحن كنا مشاركين بتمثيل من المكتب القانوني في هذه الورش .
الحقيقة هي خطوة مبشرة في عملية التحول الديمقراطي، أن تكون هناك لجنة تسييرية كما ذكرت أنها مستقلة وتدعم عملية التحول الديمقراطي. أنا أنتقل إلى سؤال آخر يتعلق بموضوع الشراكة، ما يقارب عام مر حتى الآن على فض الشراكة بينكم والعسكر، وطبعا نتيجة انقلاب البرهان، سؤالي هل ستعيدون هذه الشراكة مجددا؟
الحرية وتغيير طرحت رؤية سياسية في ديسمبر 2021، وقالت في الرؤيا السياسية هذه بكل وضوح أنها ليست راجعة إلى موضوع الشراكة مع العسكر، بل بالعكس تماما طرحت حكومة مدنية كاملة ومجلس سيادة مدني كامل، بالإضافة إلى المجلس التشريعي، وطرحت أن المؤسسة العسكرية يجب أن يتم تمثيلها في لجنة الأمن والدفاع.. هذا الكلام مطروح منذ قرابة عشرة أشهر، موقف الحرية والتغيير تجاه الشراكة مع المكون العسكري واضح، وهو ليست هناك شراكة ثانية مع المكون العسكري، فالشراكة إنما المكون العسكري هو من انقلب عليها وليست الحرية والتغيير، لا يوجد هناك رجوع إلى 24 أكتوبر، وليس هناك رجوع إلى الشراكة مرة أخرى، هذه القضية تمثلت في كل الأوراق السياسية التي تم طرحها عن طريق الحرية والتغيير، وتمثلت حتى في الإعلان الدستوري الأخير الذي تم التوافق عليه في اللجنة التسييرية لنقابة المحاميين مع كل الأطراف الذين كانوا مشاركين في الورش، تم التوافق على أنه سوف لن يكون هناك رجوع ثاني لموضوع الشراكة، وحاليا في ذات الساحة السياسية لا يوجد هناك شخص يتكلم عن الرجوع إلى الشراكة، إلا جماعة الوفاق الوطني، الباقين كلهم بمن فيهم الأحزاب التي كانت مشاركة في نظام البشير تتكلم عن الشراكة، بل بالعكس نتكلم عن حكومة مدنية كاملة وعودة كاملة للمؤسسة العسكرية وخروج كامل للمؤسسة العسكرية من الحياة السياسية والعودة إلى الثكنات وقيام الجيش بالدور المناط به وهو الحفاظ على حدود الدولة والحفاظ على الدستور والتحول الديمقراطي نفسه، الجيش المناط به هو الحفاظ على التحول الديمقراطي وليس جلب التحول الديمقراطي، التحول الديمقراطي هو مهمة الأحزاب السياسية وليس المؤسسة العسكرية.
في إطار حديثك عن الشراكة، هناك تلميحات تدور أن أميركا حاليا هي ضمن اللجان الرباعية والسعودية والإمارات التي انسحبت. التلميحات تقول حتى الآن هم يبحثون عن شراكة جديدة.. أي أن أميركا حسمت هدفها بتأييد الشراكة مجددا.. في حال الوساطة الأميركية والسعودية أرجعتكم إلى الشركة أو في اتجاه الموقف الأميركي، هل يمكن أن توافقوا على الشراكة حتى لو كانت بوساطة؟
السفير الأميركي حين أتى إلى السودان قال بكل وضوح إنه آت لكي يحقق مطالب الشارع السوداني بديمقراطية الدولة والحكم المدني الشامل.. هذا هو الكلام الذي قاله السفير الأميركي نفسه.. فالتلميحات.. أنا لا أعرف من أين هذه التلميحات؟ هذا الكلام أيضا هو الذي تم إيصاله لوفد الحرية والتغيير.. حين عقد جلسة مع السفير الأميركي حيث تم التأكيد أن أميركا داعمة خيار الشعب السوداني بحكومة مدنية كاملة.
لكن البعض يرى أن وجود سفير واعتماد أوراقه من قبل البرهان يعني القبول بالأمر الواقع والقبول بحكومة العسكر، كأنما تخلت أميركا عنكم كمدنين؟
في البداية يجب أن أرد على سؤالك هذا أن كل العقوبات التي وقعت على السودان بسبب انقلاب 25 أكتوبر حتى هذه اللحظة لم ترفع، ومن ضمنها العقوبات الأميركية على انقلاب 25 أكتوبر، فبالتالي وجود سفير في السودان.. أتصور أن الحكومة الأميركية تتصور أو أعتقد أنها تتصور أنه ممكن أن يساعد في تسريع الحل أو الأزمة السياسية في السودان، البرهان لم يعتمد أوراق السفير لأنه البرهان.. بل اعتمد أوراق السفير لأنه هو السلطة الحالية، حتى وإن كانت سلطة بوضع اليد، لكن هو السلطة الحالية، السفير ومن أجل أن يستطيع أن يتعامل مع الوضع السياسي في السودان كان لابد له من أن السلطة الموجودة حاليا في السودان هي التي تقوم باعتماد أوراقه، لكن هذا لا يعني تغييراً في موقف الولايات المتحدة الأميركية من انقلاب 25 أكتوبر، لأنه لو كان هناك تغيير في المواقف كان على الأقل الدعومات التي كانت واقفة بسبب انقلاب 25 أكتوبر وأقفتها وزارة الخارجية الأميركية نفسها.. لكانت فككتها عن حكومة السودان، ولما كنا عايشين في الوضع الذي نحن عايشين فيه هذا اليوم. لكن العقوبات التي فرضتها أميركا على السودان بعد انقلاب 25 أكتوبر لم ترفعها حتى هذه اللحظة، وليست أميركا فقط بل كل المجتمع الدولي، حتى السعودية والإمارات ومصر موقفهم بشأن انقلاب 25 أكتوبر تراجع هذه الأيام، ترى السعودية بدأت تتكلم عن أنه لابد من أن يحصل حل سياسي في السودان، ولا بد من أن تحصل حكومة مدنية، بل بالعكس تماما أن السفير السعودي هو ذاته صاحب فكرة الوساطة ما بين المدنيين والعسكريين لحل الأزمة في السودان، وفكرة طرح الرؤى مختلفة ما بين الجانب المدني والجانب العسكري لحل الأزمة كان صاحبها السفير السعودي، فبالتالي موقف السعودية ذاته تجاه انقلاب 25 أكتوبر والتي كانت من الداعمين له قد تراجع، موقف الإمارات وموقف المصريين تجاه انقلاب 25 تراجع، الحرية والتغيير قابلت السفير المصري يوم “الاربعاء 15/9/2022” و هو دعم الإعلان الدستوري وخطوات الحل السياسي.
يعني أن كل هذه التحركات من قبل سفراء الدول العربية والغربية تصب في فكرة معارضة الانقلاب في نظرك؟
طبعا هو نجاح كبير جدا للعملية السياسية المطروحة من قبل الحرية والتغيير لإسقاط الانقلاب.. الانقلاب كانت لديه قضيتين إن لم تكن لم ينجح.. إما دعم اقليمي أو دعم داخلي.. والدعم الداخلي أصلاً من أول يوم وفي ساعته الأولى داخليا لم يكن هناك شخص دعم الانقلاب، وكل الشارع السوداني باختلاف الولايات المختلفة في السودان طلعوا وهاجموا الانقلاب.. فداخليا الانقلاب مرفوض، و دوليا كان مرفوض، وكان مقبول فقط من قبل بعض الدول الإقليمية، والتي كانت مصر والإمارات والسعودية، حتى هذه الدول حاليا تراجعت في دعمها لهذا الانقلاب، فإذاً ماذا يبقى للانقلاب؟ لا يبقى شيء.. لا دعم دولي ولا دعم إقليمي ولا دعم داخلي، وبالتالي فهو بدأ كسيحاً وواصل في إسقاط نفسه، وكذلك أنا أتصور أن هذا هو تطور أو بل نجاح للعملية السياسية المطروحة من قبل الحرية والتغيير لحل الأزمة السياسية في السودان.
أنتقل لمحور ثاني يتعلق بهيكلة الجيش والمؤسسات النظامية، ما هو موقفكم من ذلك؟
الحرية والتغيير من اللحظات الأولى لنجاح ثورة ديسمبر في 2019 كانت تفكر أنه لابد من إصلاح المنظومات الأمنية والعسكرية في السودان، ولكن هذا الإصلاح لابد أن تقوم به ذات المنظومة الأمنية والعسكرية نفسها، هي التي تصلح نفسها في السودان، وهذا الموقف لم يتغير. يمكن أن يكون قد تطور هذا الموقف بعد توقيع اتفاق سلام جوبا، من أنه لابد من أن يحصل إدماج للجيوش الموقعة على اتفاق سلام جوبا، المتمثل في حركات الكفاح المسلح، فبالتالي يبقى عندنا إصلاح للمنظومة الأمنية والعسكرية، بالإضافة إلى إدماج الجيوش، هذا موقف الحرية والتغير، وهو موقف ثابت عبر السنوات التي مضت من تاريخ الثورة السودانية، وهذا ما هو قائم، ونحن نتصور أنه لإنجاح التحول الديمقراطي في السودان لا بد من إصلاح المنظومة العسكرية والأمنية كما لابد من إدماج الجيوش.
المكون العسكري بحسب خطاب البرهان تعهد بالنأي عن المشهد السياسي وترك الملعب لكم كقوى سياسية، حتى تتوافقوا، ومن ثم تشكيل حكومة، وصولا إلى انتخابات. السؤال المطروح لماذا لم تتوافقوا حتى الآن مع بعض القوى السياسية، سيما قوى التوافق الوطني؟
أول ما في كلامك أنه لم يحصل توافق بين الحرية والتغيير والقوى المدنية الأخرى.. أنا اتصور أن هذا الكلام غير صحيح، والذي يدل عليه هي ورش الترتيبات الدستورية المقامة في دار المحامين بإشراف وتسيير من قبل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، هذه الورش شارك بها طيف واسع من الأحزاب السياسية، وانفتحت على بعضها، سواء كانت حرية وتغيير أو غيرها، واتفقت على طريقة تشكيل الحكومة الانتقالية وأهداف وقضايا الفترة الانتقالية ومؤسسات الحكم الانتقالي إلى آخره.. لذلك أنا أتصور أننا اتفقنا كمدنين. ولكن هذا الخطاب الذي كان يسوق له الإنقلابيون منذ اللحظة الأولى أن هناك خلاف بين المدنيين، أنا أتصور أنه ليس هناك خلاف بين المدنيين، وأتصور أن هذا تسويق لخطاب من أجل شرعنة الانقلاب فقط، الأزمة كانت متوفرة دائما ما بين القوى الانقلابية والداعمة الانقلاب وما بين القوى المناهضة للانقلاب والداعمة للتحول الديمقراطي، هذين المعسكرين الإنقلابي فيه مدنيين وعسكريين، والمعسكر الداعم للتحول الديمقراطي فيه مدنيين وعسكريين، لأن المؤسسة العسكرية لا أتصور أنها داعمة للتحول الديمقراطي، دعنا نرجع إلى سؤالك.. لماذا أننا رافضين جماعة التوافق الوطني.. نحن لسنا برافضين لجماعة التوافق الوطني، لكن جماعة التوافق الوطني عملت تصنيف لنفسها بأنها داعمة للانقلاب، وهي أصلا جالسة في المعسكر الثاني، هي أصلا ليست جالسة في معسكر الثورة وليست في معسكر القوى الثورية والأحزاب المناهضة لانقلاب 25 أكتوبر، بل هي جالسة مع الانقلاب، وهم موظفي الانقلاب، ولحد الآن محافظين على وظائفهم في مؤسسات الدولة المختلفة، التي نعتبرها كلها أنها واجهة من واجهات الانقلاب، فهم موظفي الانقلاب وداعمين له، هم الذين نأوا بأنفسهم من القوى المدنية المناهضة للانقلاب والداعية للرجوع إلى مسار التحول الديمقراطي، لسنا نحن من رفضناهم بل هم الذين عملوا “بوزيشن” لأنفسهم، في الوضعية التي هم حاليا فيها اليوم، ففي المسرح السياسي لدينا قوة داعمة للانقلاب وقوة مناهضة للانقلاب، والقوى الداعمة للانقلاب هذه جالسة لحد الآن في وضعها وفي وظائفها وغيرها، والقوى المناهضة للانقلاب هي الباحثة عن الحل السياسي في السودان، والحل الذي يرجعنا إلى المسار الديمقراطي ويرجعنا إلى مدنية الدولة.
بالرجوع إلى نأي العسكر عن المشهد السياسي، هل فعلا تركوا المشهد السياسي؟ وهل سيلتزمون بالنأي عن هذا إلى الانتخابات؟
هم لحد الآن لم يتركوا المشهد السياسي، وهم فاعلون فيه لحد الآن، هم جالسون وموجودون في هياكل الدولة، وبالرغم من خطاب البرهان بتاريخ 4 يوليو بأننا خارجين وأن المدنيين اتفقوا وسوف يأتون وسوف نسلمها لهم.. لكن أنت حين تأتي وتناظر فقط للأحداث التي حصلت بعد 4 يوليو ترى أن البرهان عين خمسة من السفراء.. وهذا ليس نأي عن الحكومة.. وقام بتغيير جوهري في المستوى الإداري في بنك السودان.. وهذا ليس نأيا من الحكومة.. وعمل تغييرات في بعض الوزارات وغيرها.. وهذا ليس نأيا من الحكومة.. ولذلك أنا اتصور أن خطاب 4 يوليو هو خطاب لم يلتزم به البرهان، ولم يلتزم بالخروج من المؤسسات السياسية ومن مؤسسات الدولة المدنية، لحد الآن هو جالس وموجود ويسيّر العمل في الدولة المدنية، فبالتالي أنا أتصور أن البرهان يحتاج أن يعزز كلامه بأفعال، وألا يكون كلام فقط.
أنتقل إلى محور أخير يتعلق بالأيام الأخيرة، هناك اتهامات كثيرة طالت وزير المالية جبريل مثل اتهامات الفساد والمحسوبية؛ كيف تقرأين هذا الأمر؟
جبريل ليس إلا جزء من المنظومة الانقلابية أصلاً، إذا نحن لاحظنا فساد جبريل بعيدا عن موقفه الانقلابي، أعتقد أننا نقبل بصورة أو بأخرى وضعية جبريل أنه في وزارة المالية. بالنسبة لنا جبريل وضعيته كوزير مالية هي وضعية انقلابية، بالتالي أنا لا أرفض أي سلوك يقوم به داخل وزارة المالية، وهو سلوك يعود لمؤسسة أو منظومة انقلابية مرفوضة بالنسبة لنا.. المنظومة كلها مرفوضة بغض النظر عما حصل من فساد أو لم يحصل.. الشيء الثاني الذي يجب أن أقول، حينما لا يكون هناك من رقيب ولا عتيد.. فالرجل يعمل الذي يحلو له، فحاليا جبريل متصرف من غير ما يكون هناك أي نوع من أنواع الرقابة عليه، سواء كانت من المجلس العسكري الانقلابي أو من الحكومة، فالمال السائب يعلّم السرقة، لكن تعليقنا نحن في الأساس أننا نرفض وجود جبريل في الوزارة باعتبار أنها سلطة انقلابية، والانقلابيين غاشمين على الدولة وعلى مؤسساتها، وبالتالي الرفض ليس موجه فقط لسلوك جبريل وإن كان مرفوض، ولكن الرفض هو في وجود جبريل نفسه في ذات الوزارة.
اتضح من خلال حديثك أنه سوف لن ترجعوا إلى الشراكة مجددا، نفترض أنه عدتم إلى الشراكة مجددا، نحن كمراقبين تهمنا دائما قضايا ضغط الشارع والثورة والقضايا المتعلقة بالشعب السوداني، في حال عُدتم للشراكة كيف ستنظرون لقضايا الشهداء وتطبيق العدالة الانتقالية؟
ما بني على باطل فهو باطل، نحن لن نعود إلى الشركة في الأساس.
لنفترض أنكم عدتم.
سوف لن نعود للشراكة.
مع احتمال أن السياسة تحدث فيها أمور كثيرة؟
نعم ولكن المواقف تبقى مواقف ثابتة، هذه من القضايا الثابتة التي ليست فيها نقاش، أن الرجوع إلى الشراكة أصلا ليس فيه نقاش.
لنفترض أنكم لم تعودوا إلى الشراكة وتم إسقاط الانقلاب، كيف تنظرون لنفس السؤال الذي طرحته في قضية الشهداء وغيرها؟
من ضمن القضايا الانتقالية المطروحة في رؤية الحرية والتغير هي قضية العدالة الجنائية والعدالة الانتقالية.. الحرية والتغيير تتصور أن هناك كمية من الجرائم ارتكبت بعد 25 أكتوبر، لابد من التحقيق فيها فورا ومباشرة، ومسائلة مرتكبيها، بالإضافة إلى الجرائم التي ارتكبت في فض الاعتصام والجرائم التي ارتكبت أثناء الفترة الانتقالية من الاختفاءات القسرية وغيرها، بالإضافة إلى جرائم النظام البائد، التي هي جرائم لابد لها من محاكمات عادلة بحق المنتهكين، بالإضافة إلى أنه لابد من تحقيق مبدأ العدالة الانتقالية حتى يخرج السودان من الأزمة العدالية الحالية، لأن حاليا تقريبا كل بيت في السودان فيه شهيد أو حقوق مهدورة أو انتهاكات.. فكل بيت في السودان هو منتهك.. فلا بد من تحقيق مبدأ العدالة الجنائية على الجرائم التي ارتكبت، ولا بد من تحقيق مبدأ العدالة الانتقالية، والحرية والتغير طرحت بقوة ووضوح مبدأ العدالة في القضايا التي لا بد من حلها أثناء الفترة الانتقالية وبعد سقوط الانقلاب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس