كمال عمر لـ”أفريقيا برس”: فتنة السلطة يمكن أن تقود إلى فتنة من داخل المنظومة العسكرية

188
كمال عمر لـ"أفريقيا برس": فتنة السلطة يمكن أن تقود إلى فتنة من داخل المنظومة العسكرية

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. مازال الجدل يدور في السودان، بشأن المشروع الدستوري الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، وفيما يرى البعض، أن المشروع الدستوري ما هو إلا واجهة لمركزي قوى الحرية والتغيير للعودة مجددا للحكم، رأى آخرون أن المشروع الدستوري خطوة للأمام لحل الأزمة السودانية على اعتبار أنه ناقش قضايا مصيرية ومهمة. وبين هذا وذاك كان لـ”أفريقيا برس” لقاء مع عضو اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين والأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور كمال عمر لتستفسر منه حيثيات المشروع الدستوري الى جانب مستجدات الوضع السياسي في السودان.

حدثنا عن المشروع الدستوري الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، وأنت تمثل عضواً أساسياً فيها؟

طبعا هناك طرق لوضع الدساتير في العلم الدستوري والفقة الدستوري.. هناك الطريقة الديمقراطية، في الاستفتاء في المجلس التأسيسي المنتخب.. وهناك طريقة ثانية و هي دساتير الثورات.. التي تأتي بقوى الثورة، حيث تأتي وتصيغ مشروع دستور إنتقالي يؤسس للإنتقال من عهد النظام السابق إلى عهد الثورة.. وهذا هو بالضبط الذي حصل في نقابة المحامين، حيث ابتدرت النقاش حول مشروع الدستور الإنتقالي.. وسموه “مشروع الدستور الإنتقالي”.. تداعت له كل القوى السياسية.. إلا من أبى.. بحضور مكثف لخبراء ومنظمات مجتمع مدني ومسؤولين ممثلين للجان المقاومة ولأسر الشهداء ولشخصيات قومية.. بالتالي جلسنا وبدون إملاءات وتدخلات لأي جهة..الكلام عن المجتمع الدولي.. المجتمع الدولي كان مجرد شاهد لهذه العملية الدستورية.. هذه عملية دستورية تمثل إرادة القوى والثورة.

هل يمكن أن يخرج مشروع الدستور، البلاد من أزماتها وينقلها إلى بر الأمان؟

أنا أتصور.. برأيي السياسي والدستوري.. أن أفضل ما تم تقديمه في الساحة السياسية الآن هو مشروع الدستور الإنتقالي، رغم التحفظات.. هناك تحفظات عليه من قبل القوى السياسية التي كانت ولا زالت مشاركة، لكن هذا الدستور لم يقفل على هذه المجموعة.. هذا الدستور نحن نطرحه ونبشر به كل القوى السياسية.. حتى القوى السياسية التي لم تكن جزءاً من عملية صياغة المشروع، وهذا اعتبرناه درافت و بروبوزال أولي للقوى السياسية كلها.. أفضل عملية دستورية سياسية جرت بعد الثورة هو هذا الدستور وهذا المشروع.

هناك اتهامات حيث ثمة من يقول إن لجنة المحامين هي {واجهة..} وتريد من خلال هذا المشروع الدستوري العودة للحكم مرة أخرى.. كيف تردون على هذا الاتهام؟

التجريم والتخوين والتلفيق والكذب في الساحة السياسية أصبح شيئاً عاديا.. و هو أفضل سلوك للعمل السياسي عند بعض القوى السياسية.. أحزاب الحرية والتغيير جزء من العملية، لكنها لم تحاول أن تفرض أجندة.. ولم تحاول أن ترجع إلى المشهد السياسي بهذا الدستور.. مشروع الدستور هذا يعود إلى شعارات الثورة في مدنيّة الحكم.. مدنية الحكم هذه يعني أن يحكم المدنيون بعيداً عن المؤسسة العسكرية.. أتصور أن هذا الطرح هو طرح عام ومفيد، ونحن في المؤتمر الشعبي نتكلم عن سلطة مدنية من مجلس سيادة إلى مجلس وزراء وغيرها من المؤسسات.. سلطة مدنية كاملة الدسم.. وهذا هو المطروح في المشروع الدستوري الإنتقالي الحالي.

هناك أيضاً اتهام يقول كان يجب تعديل الوثيقة الدستورية القديمة وليس إعداد دستور إنتقالي جديد، على اعتبار أنه ليس هناك سلطة تأسيسية تتمثل في انتخاب من قبل بعض مكونات الشعب.. باعتبار أن أي جمعية تأسيسية للدستور تحتاج إلى رأي الشعب.. وكذلك هناك سؤال يقول من خوّلكم لكي تعدوا دستور إنتقالي؟

طبعا الذي فوضنا.. نحن مهمومين بقضايا الثورة.. الذي فوضنا هي الثورة، الشعور بأن هناك فراغ دستوري في البلد ونحن قوى سياسية وشخصيات قومية ونقابة محامين تمثل تيار الثورة.. هذا تفويض.. الدساتير الإنتقالية مختلفة عن الدساتير الثابتة.. الدساتير الثابتة تحتاج لاستفتاء ولجمعية تأسيسية ومجلس تأسيسي منتخب.. لكن دساتير الثورات عادة تبدأ بالابتدار.. وجاء هذا الابتدار من مجموعة محامين ومن نقابة تمثل في تاريخها انحياز لقيم العدالة وللديمقراطية، وهذا طبعا هو دورها المنشود في الواقع السياسي والدستوري، الابتدار أتى بتوافق وبقوى سياسية مشاركة.. وبالتالي نشأ المشروع هذا من ابتدار لقوى سياسية معتبرة.. ولكانيات مدنية معتبرة.. وأعدوا مشروع الوثيقة.. الكلام عن تعديل الوثيقة الماضية.. طبعا الوثيقة الماضية بعد الانقلاب لم تقبل التعديل.. فهي أصبحت موؤدة وغير صالحة، هناك قوى تريد أن تعيد العساكر إلى المشهد السياسي.. هي عدّلت في الوثيقة السابقة ودخلت من المجلس العسكري إلى المكون العسكري، وسحبت الحرية والتغيير كلمتها، هذا ترجيع..

القوى السياسية.. أي قوى سياسية تقصد؟

يعني “مجموعة الميثاق” مع احترامنا لها.. {وبعد ذلك مبادرة………} هؤلاء يريدون أن يعيدوا العساكر إلى المشهد السياسي، والعساكر يتمنّعوا، يريدون من القوى السياسية أن يأتون بهم إلى الحكم.. ونحن في مشروع الدستور الإنتقالي عالجنا علاقة العسكر مع السلطة، وقلنا إن العسكر ليس له طريق ثاني إلى السلطة.

على ذكر أن العساكر ليس لديهم طريق الآن إلى السلطة بحسب نص الوثيقة الدستورية والمشروع الدستوري الذي أعددتموه.. أنه ليس هناك نص واضح يشير إلى دمج “الدعم السريع” في الجيش.. لماذا هذا التجاهل؟ سيما أن عملية الدمج تعد من أهم أهداف الفترة الإنتقالية ومن ضمن شعارات رفعتها الثورة ديسمبر.. فلماذا تجاهل وجود “الدعم السريع” بعينه ككتلة مندمجة في الجيش؟

تكلمنا عن المؤسسة العسكرية والجيش.. عقدة الجيش.. وفكر الجيش.. وتكلمنا عن المليشيات المسلحة.. وقلنا إن المليشيات المسلحة هذه كلها بما فيها الدعم السريع تندرج ضمن القوات المسلحة.. بعقيدة جديدة، وبمدرسة جديدة، وفكر جديد.. نحن لا نريد جيشان، ولا نريد عمل مسلح ولا حركات مسلحة، نحن نريد أن نمشي في توحيد المنظومة العسكرية لكي تساعدنا في توطيد قيم الديمقراطية، وليس الاعتداء على قيم الديمقراطية.

هذا يعني أن دمج الدعم سريع موجود في نص المشروع الدستوري لكن بمسميات أخرى؟

نعم، هذا الأمر موجود في المشروع الدستوري الإنتقالي، ونحن سوف لن نضع في مشروعنا قوى عسكرية تهدد الديمقراطية في السودان.

على ذكر الدعم السريع و وجوده في نص الوثيقة الدستورية كجسم مدموج في الجيش.. كيف ترى ترحيب قائد قوات الدعم السريع حميدتي بالمشروع الدستوري؟ كون أن يكون هناك مؤسسة عسكرية أو ترحيب.. أكيد هذا برأيكم يعني أشياء كثيرة.. كيف تعلقون على ذلك؟

أي تأييد وترحيب لهذه الوثيقة الدستورية التي هي مشروع الدستور الإنتقالي نحن نقابله بالعرفان وبالترحيب.. لذلك نحن نتمنى أن نرى الترحيب من قائد الانقلاب ونائبه وكل المنظومة الأمنية والمسلحة لهذا العمل الجبار، لأن هذا العمل يطفىء نار الفتنة في السودان، ويحول السودان إلى حكم رشيد.. إلى الاستقرار وإلى الوفاق.. نحن لسنا ضد المؤسسة العسكرية ولا ضد الدعم السريع، نحن سائرون في اتجاه أن نخلق منظومة عسكرية متجانسة مع الدستور، وليس بقوانين خاصة.

لكن البعض نظر إلى ترحيب حميدتي بالمشروع الدستوري كأنه مغازلة ومؤشر لتحالف جديد بين الدعم السريع {ومركز..} بمعزل عن الجيش.

أتصور أن هذه نظرات لمجموعة محللين.. لا أريد أن أدخل فيها.. لكن الذي يهمني هو الترحيب.. الترحيب كان كريديت لمشروع الدستور الإنتقالي.. وأتمنى لهذا الترحيب أن تسبقه خطوات عملية من الدعم السريع ومن المؤسسة العسكرية ومن قائد المؤسسة العسكرية.

برأيك هل ستجد استجابة للوثيقة الدستورية والمشروع الذي أعددتموه من قبل الحكومة؟ كما ذكرت من البرهان.. هل سيتم تطبيقه فعليا بنظرك؟

أنا أتصور أن فتنة وسكرة السلطة أشياء مغرية.. البرهان حاليا لديه سلطة، وهو حاكم، ذهب إلى اوروبا أو إلى أميركا.. السلطة بريقها ولونها وطعمها وسكرها كبير.. أنا أتوقع استجابة ضعيفة، لكن بالضغوط السياسية والدولية يمكن أن تصبح الصعوبة سهلة إن شاء الله.

كيف ينظر المشروع الدستوري إلى قضايا الشهداء والعدالة الإنتقالية؟

هو نص على ملاحقة قتلة الشهداء وعلى العدالة الإنتقالية.. بنصوص دستورية واضحة.. أملاً في الاستقرار والعدالة.. ونص في وثيقة الحقوق على حماية الحقوق حماية دستورية حقيقة، نحن استفدنا من التجارب الدستورية في الماضي، وأسسنا لدستور انتقالي يمكن أن يشكل حماية للحق في المقاضات والعدالة والتجمع والحريات.

إلا أن البعض يتشائم يا دكتور كمال من أن المشروع الدستوري بعد الترحيب الواسع سيما من المنظمات الدولية ومن بعض الدول، قد يفشل في تحديد أهدافه وأنه لم يجد آذاناً صاغية من الحكومة.. برأيك في حال فشل المشروع الدستوري ما هي المآلات للمخرج من الأزمة؟

في حالة فشل المشروع هذا أتصور سنكون أمام خيار مشروع العسكر.. عسكرة الحقوق الدستورية، وسنسير في اتجاه إعلاء كلمة العسكر، وسنكون أمام مواجهات مدنية، العساكر يستعينون الآن ببعض الأحزاب وبعض الشخصيات الشاغلين مع العسكر، ولذلك أنا أقول إذا تم رفض مشروع الدستور الإنتقالي سنكون أمام ليس سرقة الثورة ولكن سوف نكون أمام إحتيال السياسي بشكل جديد، لكن الثورة والشارع لم يهدأ إلا بتطبيق شعارات الثورة، في دستور إنتقالي متوافق عليه.

الملاحظ أنه بمجرد ما تم الإعلان عن المشروع الدستوري الذي أعددتموه في اللجنة التيسيرية لنقابة المحامين.. حدثت هجمة شرسة من جهات غير معلومة.. في رأيك من يقف وراء هذه الهجمات على المشروع الدستوري، وما هو تأثيرها على المشروع هذا؟

طبعا هناك الهجمات والعداوة والاستعداء وتجريم هذا العمل.. مرة يصفونه بأنه عمل خارج من السفارات.. مرة يقولون من منظمات.. من قوى صغيرة.. لكن الهجمات هذه تظافرت ضمن مجهودات فلول المؤتمر الوطني، حيث تحالفت المؤسسة العسكرية مع بعض الأحزاب في إيجاد هذا المناخ العدائي ضد هذا المشروع، وهم يعرفون أن هذا المشروع فيه خير للبلد.. لكن فيه سحب لسلطاتهم.. الآن هم حاكمون بدون تفويض وبطريقة لا تمثل الثورة، لذلك هم يعملون لوأد هذا المشروع، هذا المشروع مشروع عظيم.. وهو مشروع الشعب السوداني، لن يستطيعوا أن يذيبوه، ونحن في المشروع هذا خاطبنا قضايا الثورة وقضايا الشعب السوداني في التحول الديمقراطي والحريات.

كأنك وكما ترى أن هناك ثمة ترابط بين المؤتمر الوطني والجيش حاليا في سياق الحكم؟

أنا أتصور أني لم أربط بين الجيش والمؤتمر الوطني، بل رابط بين قيادة الجيش في المجلس العسكري وبين المؤتمر الوطني.. هذا تحالف ظاهر في مبادرات، وظاهر في استرجاع كل منسوبي المؤتمر الوطني إلى أجهزة الدولة، هذا التحالف مكشوف ومعروف بالنسبة لنا.. المؤتمر الوطني لم يستفيد من تجربة السقوط.. ويحاول أن يعيد نفسه إلى المشهد السياسي بديلاً للقوى السياسية الحاضرة، ومن أجل أن يحكم، لأن هذا الحزب سقط بإرادة الشعب السوداني، ولم يعد لديه محل، على الأقل في الفترة الإنتقالية لحين بلوغ الانتخابات.. لذلك يحاول أن يعيد نفسه إلى المشهد السياسي بشتى الطرق.

تابعتم تصريحاً خرج من قوات الدعم السريع أكد على اتفاقهم مع البرهان على تسليم السلطة للمدنيين أو تسليم مجلس السيادة للمدنيين.. وكذلك مجلس الوزراء.. كيف ترى هذه الخطوة؟

أنا أتصور أن هذه الخطوة مهمة، إذا صدقت نحن نكون سائرين في تمهيد تسليم السلطة عبر وثيقة مشروع الدستور الإنتقالي هذا بسلاسة، لكن أنا متوجس.. أنا غير واثق من هذه الخطوة، لأنه كما أسلفت أن السلطة هذه فراقها صعب، لكن ليس لدينا خيار بأن نضغط لتسليم السلطة وإن شاء الله ننجح فيها.

كأنما هناك صدام سيحدث بين قوات الدعم السريع والجيش، و ذلك وفقا لتصريحات من بعض قيادات في مركزية قوى الحرية والتغيير والتي حذرت من هذا الصدام.. إلى أي مدى يمكن أن يحدث الصدام؟ سواء كان بين البرهان أو الدعم السريع أو الجيش؟

طبعا لم أقول إنني متوقع.. لكن فتنة السلطة ممكن أن تقود إلى فتنة من داخل المنظومة العسكرية.. ومن داخل الدعم السريع.. وأنا أتمنى أن لا يحدث ذلك.. إذا حدث فستكون له نتائج كارثية على الوضع في السودان.. بعض القيادات السياسية حذرت من مغبة هذه الفتنة، ونحن نتمنى أن لا تحدث هذه الفتنة إن شاء الله.

ذكرت في بعض إجاباتك عن دور الجيش في المشروع الدستوري.. ممكن أن تحدثنا قليلا عن دور الجيش في المشروع الدستوري أو في نصوصه؟

الجيش نحن نعتبره مؤسسة أصيلة في الواقع السياسي.. وهو دفع ثمناً كبيراً في حماية السيادة الوطنية وحماية الحدود، وأحيانا أدخلته قوى سياسية في المعترك السياسي، الجيش جيشنا وهو عظيم، أنا أتصور أنه توقيراً واحتراماً لهذا الجيش العظيم وضعنا مجلساً للجيش في الدستور.. المجلس هذا مهمته أن يؤمن سيادة البلد والمحافظة على البلد وحماية الديمقراطية.. الجيش ليس لديه دور في السياسة، بل أثرت السياسة على الجيش، والجيش مهم لأركان الدولة في المحافظة عليها.. لذلك أبقيناه.. ليس تهميشاً بل توقيراً واحتراماً، لأن له صلاحية دستورية بدوره في حماية أمن البلد وسيادتها فقط.. دون التدخل في السياسة.. وهذا أمر بحكم اعتبارات كثيرة.. وهذا هو الأنسب لهذه المؤسسة العظيمة.. السياسة وشتائم السياسيين أثرت فيها.. لذلك نحن رأينا دور توقيري لها في الدستور وحماية الدستور.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here