هل غاب البشير عن قمة العرب خشية الاعتقال

35

نقلت صحيفة “الإنتباهة” السودانية عن مصادر “رفيعة”، قولها إن الحكومة السودانية لم تتسلم أي تحفظات من نظيرتها التونسية بشأن ممانعتها مشاركة الرئيس عمر البشير في القمة العربية التي تستضيفها تونس نهاية الشهر الجاري.

وقللت المصادر من مطالبة منظمة هيومن رايتس ووتش لتونس بمنع دخول البشير إلى أراضيها أو توقيفه، موضحة أن الرئيس البشير سبق أن شارك في قمة الأردن وهي موقعة على ميثاق المحكمة الجنائية.

ودعت المنظمة الدولية على موقعها الإلكتروني، تونس إلى منع دخول الرئيس السوداني، عمر البشير، أو توقيفه.

ويشار إلى أن البشير مطلوب بموجب مذكرتي توقيف من المحكمة، بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في دارفور بالسودان.

وقالت إليس كيبلر، المديرة المشاركة لقسم العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: “على تونس إظهار التزامها بالعدالة الدولية بمنع الرئيس البشيرمن دخول أراضيها أو توقيفه، إذا وطأت قدمه البلاد. البشير هارب دولي، ويجب أن يكون في لاهاي لمواجهة التهم الموجهة إليه، لا أن يحضر مؤتمرات قمة يستضيفها أعضاء المحكمة الجنائية الدولية”.

وأضافت المنظمة الدولية على موقعها الإلكتروني أن زيارة البشير ستكون المرة الأولى التي تسمح فيها تونس بدخول هارب من المحكمة إلى أراضيها منذ انضمامها إلى المحكمة، في 2011. السماح للبشير بالزيارة دون توقيفه سيناقض التزام تونس بدعم المحكمة، والتعاون معها بموجب “نظام روما الأساسي” للمحكمة.

وخلال الاجتماع السنوي للدول الأعضاء في المحكمة، في ديسمبر/ كانون الأول 2018، أعرب سفير تونس في لاهاي عن “التزام تونس الصارم بنظام روما الأساسي، ودعمها الثابت لمحاربة إفلات مرتكبي أخطر الجرائم التي تهم المجتمع الدولي”.

وأكد الإعلامي التونسي بشير العايب أن هناك أحاديث في تونس حول هذه المشكلة، ويقول: لحد الآن لم يصدر أي قرار أو تصريح من الحكومة التونسية حول هذا الموضوع، لكن ما يدور في الكواليس عن عدم تنفيذ قرار المحكمة الدولية بالقبض على الرئيس السوداني، وسيسمح للبشير بالتواجد في القمة العربية، بصفته رئيسا لدولة السودان، ولحد الآن لم يقال أنه لن يمنع من حضور القمة العربية، ولن يلقى القبض عليه.

ويتابع: من ناحية أخرى الحكومة التونسية مطالبة بتنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة الدولية، وفق البرتوكولات الموقعة مع المحكمة الجنائية الدولية، وتونس تتعامل مع القوانين الدولية باحترام، لذلك من الممكن أن ترفض زيارة البشير، لأنها لا تريد الدخول في سجالات سياسية ومتاهات قانونية، وفي الوقت ذاته لا تستطيع اعتقال الرئيس السوداني.

أما الصحافي والسياسي التونسي الصافي سعيد، فقد أكد أن تونس لا ترغب بالوقوع في المشاكل القانونية أو السياسية مع أي من الأطراف، ويوضح: إذا كان الطلب قد قدم من المحكمة الدولية إلى تونس لاعتقال البشير، فأعتقد أن تونس ستبتعد عن هذه المطبات، وسيكون هناك نوع من التخلص برفق من زيارة عمر البشير إلى تونس، فتونس لا تستطيع أن تدخل في مثل هذه المواقف، ولا أن تخالف القانون الدولي، فهي دولة عضو في المحكمة الدولية، كما أنها غير قادرة على عصيان أوامر دولية، وتختار الابتعاد عن هذه المشاكل.

وقلل رئيس تحرير صحيفة “الرأي العام” السودانية مالك طه من أهمية الموضوع في تصريح وأكد أن الرئيس السوداني يمارس مهامه بكل أريحية، والمحكمة الجنائية الدولية لا تعطله عن تأدية دوره أبدا، ويتابع: الأمر متروك لدولة الرئيس عمر البشير في الذهاب من عدمه، والمحكمة الجنائية الدولية لم تمنع الرئيس من إداء مهامه داخل السودان أو خارجه وفي أي مكان، وهو يمارس مهامه السيادية كما يجب، ولا مانع من أن يزور الدول التي يرغب بزيارتها، وبرأيي يمكن للرئيس أن يعتذر عن حضور أي قمة وفق تقديراته هو، وليس بسبب المحكمة الدولية، وأعتقد أن ليس لدى تونس أي نية بالقيام بأمر مخالف، ولو كان لديها النية بذلك لما وجهت إليه الدعوة أصلا.

وفسر الخبير السياسي، الدكتور ياسر محجوب المُقيم في بريطانيا، غياب الرئيس السوداني عمر البشير، عن القمة العربية المرتقبة في تونس يومي 30 و31 آذار/ مارس الجاري.

وقال، “لا أعتقد عدم حضور الرئيس البشير للقمة العربية في تونس بسبب المحكمة الجنائية الدولية، لأنه لم يحصل قط دولة عربية اتخذت إجراءات ضد البشير حتى لو كانت عضو في المحكمة الجنائية، وهناك مثال حضور البشير القمة العربية في الأردن وهي جزء بالمحكمة الدولية”.

وتابع محجوب “لكن اعتقد الرئيس البشير، لديه ما يشغله داخل البلاد، والمعلوم أن الأوضاع السياسية الحرجة جدا، تمر في السودان وكذلك مع إعلان حالة الطوارئ، بالتأكيد يتطلب هذا الأمر وجود البشير داخل البلاد لمتابعة المستجدات”.

وهناك جانب آخر بحسب الخبير وهوهو شعور الرئيس البشير، بالاستياء من بعض الدول العربية في تعاطيها خلال أزمة بلاده الاقتصادية الحالية، إذ إن هذه الدول لم تمد له العون ليُجابه هذه الأزمة التي أساسها ربما كانت قضية اقتصادية، وكان ينتظر نوعا من تقديم العون الاقتصادي خاصة وجود دول تحتل مكانة اقتصادية الجيدة مثل دول الخليج، على حد قوله.

وأضاف محجوب عن توفر أسباب أخرى في عزوف الدول العربية في إرسال العون مساعدتها الاقتصادية تجاه السودان خاصة في خلال الأزمة الأخيرة، وقال “أعتقد أن الدول العربية كانت تنتظر ما ستسفر عنه الأوضاع في مستقبل السودان دون اتخاذ خطوات مستعجلة، لتقديم الدعم الاقتصادي، لأنها ترى أن دعم حكومة غير مستقرة وهناك شكوك في شرعيتها قد يكون قرار غير مناسبا في وقتها، إضافة إلى، خشية دول العربية في حالة إرسال العون إذا قدمت العون الاقتصادي ان تذهب إلى غير مواقعها الطبيعية خاصة خاصة الحديث حول الفساد في النظام، فيبتلعها الفساد لذلك لا تتشجع الدول لتقديم المساعدة السودان نحو هذا الإطار”.

ولفت الخبير السياسي لأسباب إضافية في إحجام بعض الدول في الوقوف الى جانب السودان خلال أزمته “وهو موقف المترنح أو ما يسمى موقف الحياد التي اتخذته حكومة السودان خلال الانقسام في البيت الخليجي بين محور السعودية ومحور قطر، وأعتقد ان حكومة السودان إذا مالت لأحد المحورين، لرُبما وجدت الدعم والعون الاقتصادي، لكن تظل الأسباب عدم الاستقرار السياسي وقضايا الفساد في النظام هي الأسباب الرئيسة”.

يذكر السودان يعاني من أزمة اقتصادية متراكمة منذ انفصال جنوب السودان العام 2011، وذلك بسبب فقده موارد النفط التي كانت تمثل ثلثي دخل الحكومة، لكن اشتدت الأزمة منذ العام 2018 عقب اعتماد موازنة جرى فيها تغييرات في السياسة النقدية وحجم السيولة النقدية عن المواطنين أدت الى ارتفاع أسعار المعيشة والتضخم وانتعاش سوق المضاربة في العملات الأجنبية.

وفي ظل هذه الأزمة خرجت احتجاجات واسعة بأغلب مدن السودان منذ التاسع عشر كانون الأول/ ديسمبر، وقد واجهتها السلطات الأمنية للطلاق القنابل المسيل للدموع والرصاص المطاطي والحي مسببة مقتل ما يزيد على 30 متظاهر وجرح المئات حسب إحصائيات رسمية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here