العفو عن “موسى هلال” واختبار لمرسوم العفو العام الصادر من “الفريق البرهان”

60
العفو عن “موسى هلال” واختبار لمرسوم العفو العام الصادر من “الفريق البرهان”
العفو عن “موسى هلال” واختبار لمرسوم العفو العام الصادر من “الفريق البرهان”

افريقيا برسالسودان. رفعت مكاوي /المحامي بتاريخ الخميس ١١ مارس ٢٠٢١ أطلقت السلطات السودانية سراح رئيس مجلس الصحوة الثوري الحالي، موسى هلال، بعفو رئاسي أسقط عنه تهما كان يحاكم بموجبها، وهو ما إعتبرته دوائر سياسية مصالحة تدعم العدالة الإنتقالية. وفقا لصحيفة الراكوبة الالكترونية إستندت المحكمة العسكرية في إسقاط التهم المنسوبة لموسى هلال إلى تنازل “أولياء الدم” عن حقهم في القصاص، وجرت تسوية شاملة قضت بدفع الديّات، وحفظت الإجراءات الجنائية.

موسى هلال الذي وصفته هيومن رايتس ووتش بأنه “مرادف دوليًا للجنجويد” الميليشيا المدعومة من الحكومة التي إرتكبت جرائم دولية خطيرة في دارفور، إعتُقل في عام ٢٠١٧ بعد الإصدار السابق للمرسوم الرئاسي رقم ٤١٩/٢٠١٧ الرئيس الأسبق عمر البشير، تم القبض على موسى هلال مع عدة مئات من الضباط من قوات حرس الحدود، وهي مجموعة شبه عسكرية مكونة من قوات الجنجويد السابقة التي تم دمجها في القوات المسلحة السودانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

كان القرار الجمهوري رقم ٤١٩/٢٠١٧، الذي كان يهدف إلى إجبار المواطنين على تسليم أسلحة وذخائر ومركبات غير مرخصة لقوات الأمن السودانية، جهدًا ذا دوافع سياسية للحد من نفوذ موسى هلال (والميليشيات القبلية الأخرى) يمثل تهديدا لعمرالبشير أنذاك قاد تنفيذه محمد حمدان دقلو(“حميدتي“)، قائد قوات الدعم السريع – والنائب الحالي لرئيس مجلس السيادة الانتقالي.

منذ إعتقاله لرفضه تسليم أسلحة بحوزة قوات حرس الحدود، لم يُحتجز موسى هلال في مراكز إحتجاز رسمية تابعة للدولة أو يمثل أمام محكمة عادية ، إتهم هلال والمتهمون الآخرون بإرتكاب جرائم بموجب المادة (٥٠ –تقويض النظام الدستوري) والمادة (١٣٠– القتل العمد مع سبق الإصرار) من قانون الجنائي لعام ١٩٩١ولم توجه إتهامات للشيخ موسى هلال بإرتكاب أي جرائم ضد المدنيين في دارفور.

في الماضي دعى المدافعون عن حقوق الإنسان إلى إنهاء احتجاز موسى هلال خارج نطاق القضاء، مشيرين إلى أن إستخدام السلطات السودانية لسلطات “حالة الطوارئ” للإحتجاز يفتقر إلى الضمانات اللازمة ضد الإعتقالات التعسفية والإحتجاز المطول دون ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة. في حين أن إطلاق سراح موسى هلال من الإعتقال يمكن إعتباره خطوة إيجابية لتلك الأسباب المذكورة ، فإن الآفاق المستقبلية للمحاسبة على أي جرائم يرتكبها هلال وقواته غير مؤكدة الآن.

يحاول هذا المقال أن ينظر بمنظور ضحايا موسي هلال في هذا البلاغ الذي أسقطت عنه التهم، وضحاياه في البلاغات الأخرى لكي يجيب على سؤال هل ما حدث عدالة انتقالية أم إفلات من العقاب.

على وجه الخصوص، يناقش هذا المقال أوجه القصور الإجرائية فيما يتعلق بعفو مجلس السيادة عن موسى هلال والعقبات التي تلوح في الأفق أمام المساءلة ، بما في ذلك قرار العفو الصادر في نوفمبر ٢٠٢٠ والحصانات القانونية الأخرى.

يشار إلى أن العفو الخاص الصادر عن مجلس السيادة في حق الشيخ موسي هلال مخالف للقانون السوداني ، القانون السوداني ينص في المادة ٢١١ من قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩١ علي أن الطريقة التي يصدر بها أن العفو هو أن يصدر بقرار من رئيس الجمهورية بعد التشاور مع وزير العدل، وهو الذي عادة يتقدم بالتوصية بإعتبار أن النيابة صاحبة الحق الأصيل في الإشراف علي الدعوي الجنائية ومن بينها البلاغات موضوع العفو .

لكن كانت الطريقة التي صدر بها عفو الشيخ موسي هلال وفقا علي أقوال رئيس هيئة الدفاع عن موسى هلال في صحيفة الراكوبة الالكترونية ” تم حل هذه القضية بمبادرة من قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دقلو، وذلك بمباركة ورعاية الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة، ووافق عليها الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة ، ولاحقاً إعتمدتها القوات المسلحة ممثلة في رئيس هيئة الأركان لذلك تعتبر هذه الإجراءات باطلة لمخالفتها للمادة المشار إليها أنفآ من قانون الإجراءات الجنائية .

بالنظر إلى الحساسية السياسية للقضية المطروحة، وطبيعة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني التي إرتكبها موسى هلال وقواته في دارفور، يجب التدقيق بعناية في مخالفة العفو الصادر في مارس آذار ٢٠٢١، مع مزيد من التوضيح من الحكومة الإنتقالية.

علاوة على ذلك كما لوحظ أن العفو الممنوح للشيخ موسى هلال إستند جزئيًا إلى تسوية تم التوصل إليها من خلال آليات العدالة التقليدية ، ومن بين أوجه القصور الأخرى، أن هذه الآليات، التي تعتمد على مؤتمرات المصالحة القبلية ودفع “الدية” لا توفر بشكل كافٍ مشاركة الضحايا. في إطار العدالة الإنتقالية المتكامل، ينبغي تركيز الضحايا وإدماجهم في جميع عمليات العدالة الإنتقالية.

ومع ذلك، حتى في المحاكم السودانية العادية ليس للضحايا سبل مفيدة للمشاركة في الإجراءات القانونية؛ هذه المشكلة أكثر حدة في المحاكم العسكرية في السودان، والتي قد تطبق السرية، ولا توفر للضحايا فرصًا لعرض قضيتهم، وغالبًا ما تصل إلى قرارات غير متاحة للتدقيق العام أو المراجعة القانونية.

في هذه الحالة، على الرغم من إتهام الشيخ موسى هلال بجرائم لا يمكن عرضها على محكمة وتسويتها دون موافقة الشخص المصاب (الأشخاص) أو الوصي (الأوصياء) عليه، لم يتم تضمين الضحايا في أي إجراءات تسوية. ورد في الراكوبة في ١٢ مارس أن “قيادات الإدارات المدنية والمجتمعية” ممثلة برئيس قبيلة الرزيقات (التي ينتمي إليها حميدتي وموسى هلال ) وغيرهم من زعماء العشائر شاركوا في تسوية المصالحة ، ليس هناك ما يشير إلى أن الضحايا أنفسهم قد تم إشراكهم في أي مناقشات بشأن هذه التسوية ،إنما شارك زعماء قبائل الضحايا وليس الضحايا بصفة شخصية ، أن المحكمة العسكرية استندت في إسقاط التهم المنسوبة لهلال إلى تنازلات مكتوبة من “أولياء الدم” عن حقهم في القصاص، مقابل الديّات ، هل قيمة الدية بغض النظر عن إنخفاض قيمتها الأن نتيجة للتضخم الاقتصادي (٣٣٧ ألف جنيه سوداني أي اقل من ألف دولار امريكي) تشفي غليل الأم الثكلى والزوجة الأرملة والأطفال الأيتام؟

لا خلاف حول المزايا الكبيرة للعدالة التصالحية القائمة على الأعراف والتقاليد القبلية والدور الذي يمكن أن تلعبه في سياق العدالة الإنتقالية في دارفور أو في باقي أجزاء السودان ، فمن وجهة نظرنا أن نظام الدية بهذا الشكل لا يحقق الردع العام للأشخاص الأخرين من إرتكاب جريمة القتل ، أو حتي الردع الخاص للقاتل نفسه من تكراره لإرتكاب جريمة القتل مرة أخري؛ نتيجة لإنتشار السلاح ونتيجة للموارد المالية من عائدات الذهب ونتيجة للإجراءات التي تدفع بها الدية التي لا تهتم بالإعتراف وتحمل مسئولية الخطأ بشكل فردي والوعد بعدم التكرار بالإضافة الي النسبة المئوية التي يحصل عليها المسهلون لإجراءات الصلح في الإدارات الاهلية التي تتعارض فيها مصالحهم مع مصلحة الضحية في حال رفضه للدية ، ولذلك المئات من الديات التي دفعت في دارفور في كثير من مبادرات الصلح تلك لكنها لم توقف العنف.

لكل ما تقدم من الصعوبة بمكان أن نصف بما حدث يمكن أن يرقي لمنهج عدالة إنتقالية ما لم نثبت أن كل ضحايا البلاغات المتهم فيها الشيخ موسي هلال قد عفوا عنه حقيقة وليس مجازا بعد أن يعرفوا لماذا فعل فيهم الشيخ موسي هلال ذلك؟ وكيف فعل ذلك؟ وبأمر من فعل ذلك؟ هذه الأسئلة التي يبحث الضحايا عن إجابات لها … ومن غير أن يتعرضوا لمثقال ذرة من إغراء او إكراه. لم يشر الخبر الي ان الشيخ موسي هلال عبر عن ندمه على ما فعله و إعتذر للضحايا وطلبه العفو والسماح منهم. ووعد بعدم التكرار وقبول الضحايا لذلك الإعتذار.

العدالة الإنتقالية تستلزم الشجاعة، لذلك نأمل أن يقوم شيخ كالشيخ موسى هلال بذلك فهو مازال زعيم لمجلس الصحوة الثوري، وهي خصال تؤهله للإعتراف بالذنب وبذلك يمكن يساهم في تحقيق العدالة الإنتقالية في دارفور.

لكن ما يدعو الي التفكير في نهج العدالة الإنتقالية هو النظر في الملف الآخر الخاص بأحداث التعدي على قوات الدعم السريع بمنطقة مستريحة والتي قتل فيها (١٥)فرد من قوات الدعم السريع على رأسهم العميد عبدالرحيم جمعه عبدالرحيم قائد القوات. حيث جاء في صحيفة الراكوبة في نفس التاريخ ان أولياء الدم قد قاموا بتقديم طلب لحفظ الدعوة الجنائية وإطلاق سراح المتهمين بالضمانة العادية و بالرغم من أن الجريمة عقوبتها الإعدام و لا يجوز الإفراج بالضمان إلا أن هناك استثناء وفقاً لنص المادة (١٠٦) يجوز الإفراج بالضمان العادي إذا وافق أولياء الدم في الجرائم التي عقوبتها الإعدام وبما أن أولياء الدم قد وافقوا على إطلاق سراح المتهمين، فقد وافقت المحكمة على الطلب المقدم من أولياء الدم بحفظ الإجراءات وإطلاق سراح المتهمين بعد أن تقدم المتهمين بضامن كفء و هو ناظر قبيلة الرزيقات محمود موسى مادبو الذي وقع على محضر المحاكمة بأن يكون ضامناً و متعهدا عن جميع المتهمين.

السؤال: لماذا لم تطلب قوات الدعم السريع التنازل عن البلاغ وشطبه ، بدلاً من حفظه الذي يعني في القانون السوداني إنه يمكن لقوات الدعم السريع أن تعيد فتح البلاغ وتواصل السير فيه في أي وقت … ماذا لو قام الضامن أو الكفيل بإلغاء الضمانة او الكفالة في أي وقت ، وهو أمر لا يتوقع من ناظر كالناظر موسي مادبو. لكن لا قدر الله إذا حدث ذلك فعمليا سيقوم القاضي بالقبض عليهم ومواصلة الإجراءات … العدالة الإنتقالية تختلف عن العدالة الجنائية في أنها لا تجعل الباب موارباً لذلك إن أرادت قوات الدعم السريع أن تنتهج نهج العدالة الإنتقالية عليها أن تتنازل عن البلاغ وتصفح عن المتهمين وتفتح صفحة جديدة. لأن حفظ البلاغ يعني أن سيف الاتهام سوف يظل مسلطا في وجه المتهمين ترفعه قوات الدعم السريع متي ما أرادت وفي ذلك بعد عن العدالة الإنتقالية التي تعني الصفح ونسيان الخطأ والعفو عند المقدرة؛ وقفل صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة للحاضر والمستقبل.

وقبل هذا العفو الخاص ببلاغات أحداث منطقة مستريحة في سنة ٢٠١٧ التي قتل وجرح فيها عشرات من الأشخاص بينهم أطفال، تقدم قضية الشيخ موسي هلال إختبار وتطبيق عملي للعفو العام الصادر من الفريق أول عبد الفتاح البرهان (قرار مجلس السيادة بتاريخ ١٢ نوفمبر ٢٠٢٠) حيث تم العفو عن جميع من حمل السلاح وشارك في أي من العمليات العسكرية والحربية أو ساهم باي فعل او قول يتصل بالعمليات القتالية ، ويشمل ذلك العفو العام الأحكام الصادرة والبلاغات المقدمة ضد القيادات السياسية، وأعضاء الحركات المسلحة بسبب عضويتهم ، كما يشمل الأحكام الصادرة والبلاغات المقدمة ضد القوات النظامية التي وقعت أو صدرت في سياق المواجهات العسكرية والحربية بين الحكومة والحركات المسلحة .

يشمل العفو أولئك الذين سبق لهم حمل أسلحة أو شاركوا في عمليات عسكرية في السودان، وكذلك أي قادة سياسيين وأعضاء في حركات مسلحة معرضين لخطر الملاحقة القضائية على وجه التحديد لإنتمائهم لهذه الجماعات. إستبعد القرار من العفو أولئك الذين :

(١) وجهت إليهم المحكمة الجنائية الدولية لائحة تهام .

(٢) متهمون بإرتكاب جرائم دولية خطيرة أو إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تقع ضمن ولاية المحكمة الجنائية الخاصة بدارفور .

(٣) مواجهة أحكام القانون المدني أو القصاص.

لذلك يزداد حظ الشيخ موسى هلال بالرغم من أن منظمات حقوقية عالمية حملته مسئولية قتل مئات من المدنيين في دارفور، وفرضت عليه الأمم المتحدة عقوبات منذ ٢٠٠٧ تشمل تجميدا لأصوله وحظر سفره بسبب مشاركته في الجرائم ضد المدنيين التي وقعت بدارفور في الفترة من ٢٠٠٢ الي ٢٠١٠، وذلك ببساطة لأنه غير مطلوب من جانب المحكمة الجنائية الدولية ، وبالتالي سيستفيد من العفو الرئاسي الصادر من الفريق برهان في نوفمبر ٢٠٢٠.

الإستثناء الثاني من قرار العفو أنه لا يشمل الأشخاص الذين يواجهون إتهاما أو دعاوي جنائية بجريمة الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب أو الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني ، منذ ٢٠٠٢ والتي تدخل إختصاص المحكمة الخاصة بجرائم دارفور، وحيث أن موسى هلال حسب علمنا لا يواجه مثل ذلك الإتهام لأن عبارة مواجهة إتهام بناء علي تفسير قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١ لا تتم إلا بعد فتح الدعوي الجنائية أي بناء علي علم شرطة الجنايات أو وكيل النيابة أو بناء علي ما يرفع الي أيهما من بلاغ أو شكوي لا توجد دعوي جنائية واحدة من هذه الجرائم ضد الشيخ موسي هلال في أي قسم شرطة أو نيابة في درافور او حتي أمام محكمة دارفور الخاصة ، وبذلك سوف يسدل الستار عن كل تلك الجرائم في حق الشخ هلال.

الاستثناء الثالث والأخير للفئات التي لا تستفيد من قرار العفو؛ هم الذين يواجهون بلاغات وأحكام متعلقة بالحق الخاص وأحكام القصاص إلا بعد إستيفاء الحق الخاص. سوف يستفيد أيضا الشيخ موسى هلال من ذلك لأنه لا يواجه بلاغ مقيد ضده ، صحيح أن هناك عشرات من التقارير الصادرة من المنظمات الدولية لحقوق الانسان والأمم المتحدة أهما تقرير لجنة التحقيق الدولية في دارفور، برئاسة القاضي أنطونيو كاسيزي تتهم فيه موسى هلال بإرتكاب جرائم بالحق الخاص وأحكام القصاص ، أكثر من ذلك حتي علي المستوي الوطني خلصت ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ، برئاسة مولانا دفع الله الحاج يوسف أن اﻟﻘﻮات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻗﺪ ارﺗﻜﺒﺖ ﺟﺮاﺋﻢ ﺿﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺘﻞ وﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮب اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﻌﻤﺪ ﻓﻲ كل وﻻﻳﺔ ﻣﻦ وﻻﻳﺎت دارﻓﻮر، ﻟﻜﻦ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إنشاء محاكم خاصة في دارفور، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺮ أﻳﺔ إﺟﺮاءات ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﻓيما ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻠﻚ الجراﺋﻢ ، بكلمات أخري لم تقيد تلك الجرائم كبلاغات لاسباب كانت معروفة من بينها تعنت وتلكؤ ورفض الشرطة والنيابة القيام بذلك ، وبسبب تخويف وإرهاب الضحايا والشهود ومحاميهم ، الأمر الذي يجعل من تقارير تلك اللجان مجرد حبر علي ورق لا قيمة لها أمام القانون، لذلك سوف يستفيد موسي أيضا من هذا الاستثناء.

أي تمديد لعفو الشيخ موسى هلال بموجب قرار نوفمبر ٢٠٢٠ سيكون إنتهاكًا واضحًا للقانون الدولي ، على الرغم من أن قرارات العفو يمكن أن تلعب دورًا في تسويات السلام، فإن قرارات العفو التي تمنع تمامًا تدابير المساءلة عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني لا تتوافق مع إلتزامات الدول في مجال حقوق الإنسان . مطلوب من الدول التحقيق بشكل فعال في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك التعذيب، ومقاضاة مرتكبيها ، لهذا السبب ، في حين أن العفو المحدود في السودان يمكن أن يحقق بعض الأهداف المهمة، مثل تسهيل مشاركة قادة الحركات المسلحة في مفاوضات السلام ، فإن العفو عن الشيخ موسى هلال أو غيره من مرتكبي إنتهاكات حقوق الإنسان في السودان سيكون إنتهاكًا للقانون الدولي .

وعلى نفس المنوال يجب التأكيد على أنه لا ينبغي السماح للشيخ موسى هلال بالإفلات من المساءلة الجنائية على أساس أحكام الحصانات القائمة بموجب القانون السوداني. حاليًا، بموجب القانون السوداني ، يُمنح ضباط الشرطة وأفراد قوات الأمن والمتعاونون وأفراد القوات المسلحة حصانات موضوعية وإجرائية – والتي تتعارض مع الحق في الإنتصاف الفعال لأنها تمنع فعليًا ضحايا التعذيب وإنتهاكات حقوق الإنسان الأخرى من المطالبة بالتعويض أو غيره من أشكال الجبر.

بموجب المادة (٣٤) من قانون القوات المسلحة لعام (٢٠٠٦)، يُمنح الجنود والضباط الذين يقومون بأي عمل “بحسن نية” أثناء أداء واجباتهم حصانة واسعة ، بإستثناء الحالات التي يتم فيها التنازل عن هذه الحصانات. كما تمت مناقشته سابقًا، تم دمج قوات حرس الحدود (التي كانت تحت قيادة موسى هلال) في القوات المسلحة السودانية ومنحت وضعًا عسكريًا. وبالتالي من المحتمل أن تنطبق تدابير الحماية المنصوص عليها في المادة ٣٤ على موسى هلال، ما لم يتم التنازل عن هذه الحصانات .

كما هو الحال بالنسبة لقرار العفو الموضح أعلاه، فإن تمديد أي حصانة من الملاحقة القضائية للشيخ موسى هلال سوف يتعارض مع القانون الدولي . على السلطات السودانية إتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق مع الشيخ موسى هلال وغيره من المسؤولين عن أخطر الإنتهاكات في دارفور ومحاكمتهم .

ختاماً ان ما يحدث في ملفات العدالة بعد حكومة الثورة يجعل إيمان الضحايا بنظام العدالة الجنائية سواء كانت في الداخل والخارج يهتز إهتزازاً شديداً ، ومن أجل إستعادة الثقة في العدالة كقيمة ومنع الإفلات من العقاب، سيتطلب الأمر إحداث تغيير جذري وفرعي في التعامل مع هذه الملفات بدلا تجريب تكتيكات جربها حكام من قبل مثل الإنكار والتأخير والتضليل والتهوين ، لكن تلك التجارب كانت عبارة عن زراعة ريح لم يحصد منها هؤلاء الحكام سوي العاصفة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here