تحذيرات من تفاقم الفجوة الغذائية في إقليم دارفور

12
تحذيرات من تفاقم الفجوة الغذائية في إقليم دارفور
تحذيرات من تفاقم الفجوة الغذائية في إقليم دارفور

أفريقيا برس – السودان. أطلقت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين السودانيين، نداء حول الأوضاع الإنسانية المتردية في مخيمات النازحين في إقليم دارفور، غرب البلاد، محذرة من تفاقم الفجوة الغذائية داخل المخيمات.

ودعت، في بيان، إلى تدخل عاجل من المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية، لتقديم الخدمات الطارئة للنازحين في معسكرات ولايات دارفور الخمسة، مشيرة إلى عدم تسلم النازحين الحصص المقدمة من برنامج الغذاء العالمي، منذ شهرين.

وأشارت إلى معاناة النازحين من النقص الحاد في الغذاء والدواء وفقدان عدد كبير منه للمأوى في ظل الأزمات الأمنية المتصاعدة في دارفور، فضلا عن الحاجة الماسة للكساء ومياه الشرب.

وطالبت المجتمع الدولي، بالتحرك العاجل لإنقاذ حياة الملايين من النازحين بالمعسكرات، الذين فتك بهم الجوع والأمراض وقسوة الظروف المناخية في ظل التردي الحاد في الأوضاع الإنسانية والأمنية.

ضرورة رصد الانتهاكات

وأكدت على ضرورة رصد الانتهاكات والجرائم المتكررة في الإقليم ومحاسبة مرتكبيها، تحت إشراف دولي، مشككة في قدرة المؤسسات العدلية السودانية ورغبتها في محاكمة مرتكبي جرائم دارفور.

وقالت إن الوضع الراهن في دارفور يستلزم عودة المنظمات الإقليمية والدولية التي طردها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، لتقديم الخدمات اللازمة للمحتاجين في معسكرات النازحين واللاجئين الذين يواجهون الموت البطيء.

وأشارت إلى أن برنامج الغذاء العالمي لم يقدم أي توضيح للنازحين، بخصوص عدم توفير حصصهم الغذائية خلال الشهرين الماضيين، لافتة إلى أن ضعف الحصص المقدمة من البرنامج ظل يسبب معاناة كبيرة للنازحين، بينما أدى انقطاعها إلى تفاقم الأزمة الغذائية.

وبينت أن أغلب الحصص التي يتلقاها النازحون عبارة عن قسائم محدودة للشراء المخفض للمواد التموينية، ومبلغ مالي يقدر بنحو 6 دولارات للفرد و30 دولارا للأسرة، مطالبة الجهات المختصة في البرنامج بالنزول إلى الأرض وتقييم حجم الفجوة الغذائية داخل المعسكرات.

وقالت إن النازحين يواجهون في الوقت الراهن أزمة إنسانية بالغة التعقيد، تشبه إلى حد كبير تلك التي عاشوها عند اندلاع حرب دارفور في عام 2003.

وكان برنامج الغذاء العالمي قد أعلن تعليق خدماته في دارفور، نهاية العام الماضي، بعد هجوم مجموعات مسلحة على مستودعاته الثلاثة الرئيسية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وطالب البرنامج وقتها السلطات السودانية بتوفير الأمن الكافي، على وجه السرعة، واستعادة المخزون المنهوب من مستودعاته، وتقديم ضمانات حتى يتمكن البرنامج من استئناف عملياته بأمان، محذرا من أن إيقاف أعماله في شمال دارفور وحدها سيؤثر على حياة نحو مليوني نازح.

وقال المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيزلي، في تصريح صحافي وقتها، إن الاعتداء على المستودعات لا يمثل انتكاسة هائلة لعملياتهم في جميع أنحاء البلاد فحسب، بل يعرض موظفي البرنامج للخطر ويهدد قدراته على تلبية احتياجات الأسر الأكثر ضعفا.

وبين أن البرنامج فقد 5000 طن متري من المواد الغذائية خلال سلسلة من الهجمات على مستودعاته في الفترة من 28 وحتى 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مشيرا إلى تفكيك مئات اللصوص لهياكل مباني المستودعات.

وأشار إلى أن عمليات النهب للإمدادات الغذائية جاء بالتزامن مع عجز غير مسبوق في تمويل برنامج الغذاء العالمي يقدر بنحو 358 مليون دولار.

كذلك أدانت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، خاردياتا لو ندياي، نهب الإمدادات الغذائية من مستودعات برنامج الأغذية العالمي في الفاشر، مطالبة كل الأطراف بالتعامل بالمسؤولية اللازمة لتوفير الأمن.

وقالت إن الهجوم استهدف أصولا إنسانية، كانت عبارة عن مساعدات غذائية مخصصة للأشخاص الأكثر ضعفا في السودان، مؤكدة أن المساعدات الإنسانية يجب ألا تكون هدفا أبدا.

وأشارت إلى أن واحدا من بين كل ثلاثة أشخاص في السودان يحتاج إلى مساعدات إنسانية، وأن مثل ذلك الهجوم يعيق بشدة قدرتهم على توصيل المساعدات إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.

وتزامنت سلسلة الاعتداءات على مستودعات برنامج الغذاء العالمي في الفاشر، مع اعتداءات مسلحة على مقار البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور(يوناميد) والتي أنهت مهامها في البلاد العام الماضي.

وأقر حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، بأن من قام بنهب المقار الأممية قوات نظامية وحركات مسلحة ومواطنون، وطالبهم بإعادة كل ما تم نهبه من المقار الأممية، والوقف الفوري للانتهاكات.

وقالت وزارة الخارجية، في بيان وقتها، إن اللجنة الأمنية في ولاية شمال دارفور، شرعت في تشكيل قوات مشتركة مفوضة بكامل الصلاحيات لحراسة وتأمين المخازن ومواقع سكن الموظفين، مؤكدة التزام الحكومة السودانية التام بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي وكافة منظومة الأمم المتحدة العاملة في السودان من أجل الحفاظ على مقراتها وممتلكاتها وحماية العاملين بها ومساعدتهم على أداء مهامهم على الوجه الأكمل.

ولاحقا، أعلنت السلطات السودانية القبض على عدد من المتورطين في الهجوم واستعادة بعض الممتلكات الأممية المنهوبة.

وفي مطلع مارس/ آذار الماضي، قال برنامج الغذاء العالمي، إنه شرع في استئناف أعماله تدريجيا في شمال دارفور بعد أكثر من شهر من التعليق في أعقاب سلسلة من الهجمات ونهب جميع مقراته بالفاشر في أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وقال ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القطري في السودان إدي رو: إن أولوية برنامج الأغذية العالمي ستكون ضمان حصول الأطفال الأكثر جوعًا على الغذاء، وحصول الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية على العلاج الذي يحتاجون إليه.

وأشار إلى استئناف برامج التغذية للأطفال والحوامل والمرضعات المصابين بسوء التغذية بالإضافة إلى برنامج الوجبات المدرسية في المنطقة، مشيرا إلى أنه يستهدف الوصول إلى 122.600 شخص بالدعم التغذوي و321.000 من أطفال المدارس بالوجبات المدرسية.

وأضاف: نأمل أن تسمح لنا الظروف الأمنية بالقيام بعملنا. وحث جميع الأطراف على الاستمرار في توفير الوصول الآمن للعاملين في المجال الإنساني وحماية الأصول والإمدادات الإنسانية حتى نتمكن من الوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة.

وأشار إلى مواجهة البرنامج احتياجات غير المسبوقة على مستوى العالم، لافتا إلى أن ضمانات الوصول الآمن بالإضافة إلى زيادة الموارد يعتبر أمراً حيوياً لإنقاذ الأرواح في السودان.

وبيّن أن البرنامج يعاني من نقص كبير في التمويل يقدر بنحو 285 مليون دولار أمريكي يهدد العمليات والأرواح.

وأشار وقتها إلى أن مخزون البرنامج الغذائي والنقدي، على الرغم من ترتيب الأولويات لتلبية احتياجات الأشخاص الأكثر ضعفا، يكفي لتغطية الاحتياجات لمدة شهر واحد، مؤكدا أنه دون الحصول على تمويل جديد، قد لا يكون أمام البرنامج خيار سوى إجراء المزيد من التخفيضات في المساعدات وقد يكون تأثير ذلك مدمراً. وفي 23 مارس/ آذار الماضي، حذرت كل من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي، من أن التأثيرات المجتمعة الناجمة عن النزاع والأزمة الاقتصادية وضعف الحصاد في السودان، التي تؤثر بشكل كبير على إمكانية الحصول على الغذاء، مرجحة وصول عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد في السودان إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر/ أيلول 2022.

اتفاقية

وفي 21 يوليو/ تموز الحالي، وقع البنك الدولي اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة بقيمة 100 مليون دولار أمريكي لتوفير تمويل مباشر لتنفيذ مشروع شبكة أمان طارئة في السودان للاستجابة لانعدام الأمن الغذائي الشديد في السودان الناجم عن ضعف الحصاد وارتفاع أسعار الغذاء العالمية.

واندلعت في الإقليم، الواقع غرب البلاد، حرب طاحنة، في عام 2003، راح ضحيتها نحو 300 ألف قتيل، وملايين النازحين والمهاجرين، حسب إحصاءات الأمم المتحدة.

ووفقا للتقرير العالمي لعام 2022 للنزوح، ارتفع عدد النازحين داخل السودان إلى 3.2 مليون بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد النزاعات الداخلية وأحداث العنف.

وفي 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وقعت الحكومة الانتقالية اتفاق سلام مع تنظيمات وحركات مسلحة، بينها عدد من حركات دارفور، الأمر الذي أدى إلى استقرار نسبي في الإقليم.

ولكن سرعان ما عادت الأوضاع الأمنية للتدهور، مع دخول مجموعات مسلحة تابعة للحركات الموقعة على الاتفاق داخل المدن وتأخر اتفاق الترتيبات الأمنية، وتفاقمت الأوضاع لاحقا، عقب انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وحسب المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، قتل نحو 1000 شخص خلال الاضطرابات الأمنية والنزاعات القبلية في دارفور منذ انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية.

وتتهم المنسقية قوات ومجموعات مسلحة تابعة للسلطات السودانية بالتورط في النزاعات في دارفور، مؤكدة أن انتشار قوات المجموعات المسلحة عقب توقيع اتفاق السلام في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، فاقم الأوضاع الأمنية في الإقليم.

والخميس الماضي، قتل 18 مدنيا وخمسة عسكريين بينهم ضابط، خلال حادثتي اعتداء مسلح منفصلتين في دارفور.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here