لقاء الرباعية في واشنطن: هل تحقق تقدم نحو السلام؟

3
لقاء الرباعية في واشنطن: هل تحقق تقدم نحو السلام؟
لقاء الرباعية في واشنطن: هل تحقق تقدم نحو السلام؟

النور أحمد النور ومحمد المنشاوي

أهم ما يجب معرفته

اختتمت اجتماعات المجموعة الرباعية في واشنطن دون إحراز تقدم بشأن خطة السلام في السودان. حيث اجتمع ممثلون من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات لمناقشة الوضع، لكن لم يتم التوصل إلى خطوات عملية. الوفود السودانية قدمت رؤى مختلفة، مما يعكس تعقيد الأزمة الحالية في البلاد. تقدم الأحداث في السودان يتطلب جهوداً متواصلة لتحقيق السلام.

أفريقيا برس – السودان. اختتمت في واشنطن اجتماعات المجموعة الرباعية المعنية بالأزمة السودانية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، دون إحراز تقدم بشأن تبني خطوات عملية لتنفيذ خطتها للسلام.

في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، طرحت المجموعة الرباعية، بعد مشاورات لوزراء خارجية دول المجموعة، خطة تدعو إلى هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم عملية انتقالية جامعة وشفافة خلال 9 أشهر، تحقق تطلعات الشعب السوداني نحو حكومة مدنية مستقلة.

تزامناً مع لقاء جديد للمجموعة الرباعية في واشنطن دون المستوى الوزاري، يوم الجمعة الماضي، لمناقشة ترتيبات عملية لتنفيذ خطة المجموعة للسلام، وصل إلى الولايات المتحدة وفدان من الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع بدعوة أمريكية.

ضم الوفد الحكومي وزير الخارجية محي الدين سالم، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، الفريق أحمد علي صبير، واللواء عباس بخيت نائب المدير العام لجهاز المخابرات العامة، بينما شمل وفد الدعم السريع القوني حمدان دقلو، الشقيق الأصغر لقائد القوات محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ورئيس فريقها المفاوض العميد عمر حمدان ومحمد مختار النور.

وكشفت مصادر رسمية سودانية أن وزير الخارجية والوفد المرافق له أجروا مباحثات مع الجانب الأمريكي برئاسة مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية مسعد بولس. وأوضحت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، أن الوفد الحكومي طرح رؤيته بشأن أمن البحر الأحمر والتنسيق في مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، حيث تقاربت المواقف في هذه القضايا.

وحسب المصادر الرسمية ذاتها، فقد جدد الوفد الحكومي موقفه حيال وقف إطلاق النار، إذ تمسك بخريطة الطريق التي بعثها مجلس السيادة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في مارس/آذار الماضي و”إعلان جدة” الموقع في مايو/أيار 2023، مرجعاً لأي اتفاق جديد، وأكد استعداده لسلام عادل وشامل ينصف السودانيين ولا يعيد قوات الدعم السريع للمشهد العسكري والسياسي.

كما أطلع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان قادة حركات سلام دارفور خلال لقاء في بورتسودان، مساء أمس السبت، على طبيعة المفاوضات التي يجريها الوفد السوداني مع الإدارة الأمريكية في واشنطن.

وأكد البرهان، خلال اللقاء، عدم وجود أي شكل من أشكال التفاوض مع قوات الدعم السريع، موضحاً أن المباحثات الجارية تقتصر على الجانب الأمريكي ولا تشمل أي تواصل مباشر أو غير مباشر مع “المليشيا المتمردة”.

في المقابل، ذكرت منصات قريبة من الدعم السريع أن وفد قواتها، الذي ضم 4 أعضاء، أجرى مباحثات مع مسؤولين أمريكيين وبعض أطراف المجموعة الرباعية.

وأفادت بأن وفد الدعم السريع اشترط اعتماد اتفاق المنامة، الذي وُقّع بالأحرف الأولى في البحرين عام 2024، بين عضو مجلس السيادة شمس الدين الكباشي ونائب قائد الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو، مرجعاً أساسياً في التفاوض.

كما طالب الدعم السريع، وفقاً لتلك المنصات، بقطع علاقات السودان مع إيران، وتصفية الحركة الإسلامية من المشهد السياسي، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وبناء جيش قومي مهني جديد على أسس جديدة.

كبير مستشاري الولايات المتحدة للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس يقول في تغريدة على منصة “إكس” إن الولايات المتحدة استضافت أمس في واشنطن مصر والسعودية والإمارات لحضور اجتماع للمجموعة الرباعية، بهدف تعزيز الجهود الجماعية نحو السلام والاستقرار في السودان.

في ختام اجتماعات المجموعة الرباعية، أعلن مسعد بولس أن أطراف اللجنة الرباعية المعنية بالملف السوداني توصلت إلى اتفاق بشأن تشكيل لجنة مشتركة تهدف إلى تعزيز التنسيق حول الأولويات العاجلة في السودان.

وأوضح بولس، في منشور عبر منصة “إكس”، أن الاجتماع الرباعي ناقش بشكل موسع سبل الحد من التدخلات الخارجية في النزاع السوداني، مع التركيز على ضرورة الدفع باتجاه عملية انتقال سياسي تقود إلى حكم مدني شامل.

وأكد أن الأطراف المشاركة أبدت توافقاً حول أهمية تحصين المسار السياسي من التأثيرات الإقليمية والدولية التي تعوق جهود التسوية، مشيراً إلى أن النقاشات تناولت أيضاً آليات دعم المؤسسات المدنية وتعزيز دورها في المرحلة المقبلة.

بدوره، يرى مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق للشؤون الإفريقية والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن ديفيد شين، في حديث، أنه “يبدو أن إدارة ترامب قد أعطت مهمة إنهاء الحرب في السودان إلى مسعد بولس”.

وأشار الخبير شين إلى أن الجيش السوداني والدعم السريع لم يبديا أي استعداد جاد لإنهاء الصراع، وإذا فشلت هذه المبادرة، فليس من الواضح الإجراء الذي ستتخذه المجموعة الرباعية، أو الولايات المتحدة، إذ لم يطرحا أي تصور للتحرك إذا فشلت هذه الجهود.

وسبق أن أكد مسعد بولس أن “السودان سيكون أولوية في المرحلة القادمة”، غير أن هناك صعوبات في ما يتعلق بضعف التنسيق داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب، بجانب تضارب الأجندات الإقليمية وعلاقات واشنطن المختلطة والمعقدة بهذه القوى.

من جانبها، تعتقد الباحثة بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أريج الحاج، في تقرير نشره المعهد، أن “الجهود العملية التي تقودها الولايات المتحدة لا تدعو إلى فتح مفاوضات مباشرة بين قيادة الجيش السوداني والدعم السريع، بل تُطرح كمحاولة لتشكيل منصة دولية منسقة تدير توازن القوى في السودان عبر الضغط عند الحاجة، وتهيئة الظروف الملائمة لانطلاق عملية سياسية ناجحة”.

أما الخبير في برنامج إفريقيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كاميرون هدسون، فيقول “لا توجد أي خطة لدى إدارة ترامب لحل الأزمة في السودان، يبدو أنهم يعتقدون أنه تكفي دعوة الناس إلى واشنطن وأن سحر وزارة الخارجية سيجعلهم يوافقون”.

وفي حديث، يوضح هدسون أن “هذا الاجتماع أُجري على عجل من دون جدول أعمال أو تحضير. لا يمكنك أن تتوقع إحداث اختراق على أساس الأماني فقط، فهي ليست استراتيجية”.

وتعليقاً على ما جرى في واشنطن، انتقد أمين حسن عمر، المستشار السابق للرئيس المعزول عمر البشير، ما وصفه بـ”النهج الأمريكي المنحاز” في التعامل مع الأزمة السودانية، ويرى أن الولايات المتحدة ليست مؤهلة لصنع السلام في السودان، لأنها لا تعترف بالسلطة الشرعية ولا تسعى لحلول تعكس الواقع السوداني، بل تفرض سردية تخدم مصالحها الإقليمية والدولية.

واتهم عمر، في منشور على صفحته في فيسبوك، واشنطن بأنها تسعى لإخضاع السودان بالكامل، لا إلى دعمه، كما تريد إبعاد السودان عن الصين وروسيا وتركيا، واحتكار قطاع المعادن والعناصر النادرة، وفرض ترتيبات في البحر الأحمر تخدم أمن الكيان الإسرائيلي.

في حين يرى المحلل السياسي فيصل عبد الكريم أن جولة الرباعية في واشنطن لم تصل إلى طريق مسدود، وأن الإدارة الأمريكية تسعى إلى معالجة تباينات في مواقف أطراف المجموعة الرباعية وحققت تقدماً في هذا الشأن.

وحسب حديث عبد الكريم، فإنه لا توجد جهود جادة لإنهاء الحرب في السودان غير مبادرة “الرباعية”، وإن تعثرها يعني إطالة أمد الحرب ومواجهة البلاد سيناريوهات قاتمة، وتوقع دعوة الجيش والدعم السريع إلى مفاوضات في مدينة جدة السعودية قريباً بعد التوصل لإعلان مبادئ بينهما عبر اتصالات مباشرة لبولس مع الجانبين.

تاريخياً، شهد السودان صراعات متعددة أدت إلى أزمات إنسانية وسياسية. منذ الإطاحة بنظام عمر البشير في عام 2019، سعت البلاد إلى تحقيق استقرار سياسي، لكن النزاعات الداخلية، بما في ذلك الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، أدت إلى تفاقم الأوضاع. المجموعة الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، تهدف إلى دعم جهود السلام، لكن التحديات لا تزال قائمة.

في السنوات الأخيرة، كانت هناك محاولات متعددة للتوصل إلى اتفاقات سلام، لكن غالباً ما كانت هذه الجهود تواجه عقبات بسبب عدم توافق الأطراف المعنية. إن الوضع الحالي يتطلب تنسيقاً دولياً فعالاً لضمان تحقيق سلام دائم في السودان.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here