مؤتمر لندن يكشف صراع الرؤى العربية بشأن السودان

8
مؤتمر لندن يكشف صراع الرؤى العربية بشأن السودان
مؤتمر لندن يكشف صراع الرؤى العربية بشأن السودان

أفريقيا برس – السودان. جاء مؤتمر لندن الذي عُقد الثلاثاء الماضي، من أجل بحث مستقبل السودان ليكشف مجدداً المخاوف المصرية المتعلقة بالأزمة السودانية والدور الذي تلعبه القاهرة فيها، وذلك وسط انقسام إقليمي حاد بدا جلياً خلال كواليس المؤتمر، بمشاركة أطرافٍ دولية وإقليمية، وغياب الطرفَين الأساسيين في الصراع: الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وبحسب دبلوماسيين مصريين تحدثوا لـ”العربي الجديد” فإنه رغم انشغال القاهرة بملفات إقليمية أخرى، على رأسها الحرب في غزة، شاركت مصر بوفد رفيع في مؤتمر لندن انطلاقاً من قناعة استراتيجية تعتبر أن أمن السودان واستقراره امتداد مباشر للأمن القومي المصري، وهو ما دفع القاهرة إلى إعلاء صوتها داخل المؤتمر، في مواجهة محاولات القفز على “ثوابت” ترى أنها لا تحتمل التفاوض، وعلى رأسها ضرورة الحفاظ على “المؤسسات الوطنية” السودانية، وفي مقدمتها الجيش. وحرصت مصر على إدراج فقرة واضحة في بيان مؤتمر لندن الختامي تؤكد “أهمية الحفاظ على المؤسسات الوطنية”، وهو ما فسرته المصادر بأنه تأكيد غير مباشر على دعم الجيش السوداني باعتباره أحد الأعمدة التي لا غنى عنها في أي تسوية سياسية تحفظ وحدة السودان وتمنع انزلاقه نحو التفكّك.

دعم واعتراضات في مؤتمر لندن

ويتماهى هذا الموقف مع دعم سعودي وقطري وتركي، إضافة إلى الجامعة العربية، في وجه اعتراض إماراتي واضح، ما أدى إلى فشل التوافق على بيان ختامي معتمد من جميع المشاركين، وصدر البيان باسم الرئاسة المشتركة فحسب (بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي). ورفضت الإمارات تضمين أي إشارةٍ تحفظ للجيش السوداني موقعه داخل المعادلة السياسية المستقبلية، وهو ما اعتبرته القاهرة تقويضاً لأسس الحل ومساً بوحدة الدولة، كما عكست مواقف مصر داخل المؤتمر، ورفضها تمرير بيان لا يعكس هذه الرؤية، تمسكاً واضحاً بخط دبلوماسي مستقل، لا ينجر وراء ضغوط غربية أو توازنات مالية قد تتحكم بمواقف بعض الدول الأخرى المشاركة، وأدى فشل التوافق حول البيان الختامي وتشكيل “مجموعة اتصال” إلى نسف الهدف الرئيسي من مؤتمر لندن في لحظة حساسة، يحتاج فيها السودان إلى تدخل منسّق لإنهاء الصراع وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، لكن ما ظهر خلال المؤتمر أن الخلافات العربية – العربية، باتت تشكّل عائقاً أمام أي تحرّك دولي فعّال، وهو ما يعيد الأزمة السودانية إلى دائرة الجمود، ويمنح الأطراف المتصارعة على الأرض مزيداً من الوقت لترسيخ واقع الانقسام.

في السياق، رأى أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن فشل المشاركين في مؤتمر لندن بشأن السودان في التوافق على بيان ختامي موحد، يسلط الضوء على الطبيعة غير الملزمة قانونياً لمثل هذه البيانات، حتّى وإن صدرت عن محافل دولية رفيعة المستوى، وأضاف: “الاختلاف العربي داخل المؤتمر، لا سيّما حول صياغات متعلّقة بالحفاظ على المؤسسات الوطنية السودانية، يؤكد أن التوافق السياسي لا يكفي لإنتاج مخرجات ملزمة أو حتى موحّدة، في ظل تمسّك كل طرف بمصالحه ورؤيته الخاصة لطبيعة الأزمة وسبل حلّها”.

تباين الرؤى العربية

في المقابل، أظهر مؤتمر لندن أن التباين في الرؤى داخل المحور العربي، الذي كان يوماً موحّداً حول ملفات إقليمية، بات أكثر تعقيداً، ما قد يؤخر الوصول إلى تسوية تنهي المأساة الإنسانية والسياسية في السودان، وذلك ما لم تنجح القاهرة في بناء توافق عربي جديد ينطلق من مبدأ الحفاظ على الدولة، لا تفكيكها. في السياق، قال المحلل السياسي السوداني عادل عبد العزيز في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، إن “واحدة من الإشكاليات الكبرى التي لا تحظى بنقاش كافٍ، هي أن جهات سودانية نظامية تمرّدت على المؤسسة التي كانت جزءاً منها”، متسائلاً: “لو وقع مثل هذا التمرد في أي دولة غربية، كيف كان سيجري التعامُل معه؟”، وأضاف أن “الازدواجية في تطبيق المعايير تظلّ واحدةً من أكبر التحديات التي تُضعف مصداقية الخطاب الحقوقي والدولي في الأزمات المعقدة مثل السودان”، وختم عبد العزيز بالإشارة إلى أن “موقف مصر يظل أكثر وضوحاً لجهة ارتباطه المباشر باعتبارات الأمن القومي المصري، حتى وإن تقاطع في بعض جوانبه مع المواقف الدولية، وهو ما يعكس طبيعة تعقيدات الأزمة وتشابكها بين الداخل والخارج”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here