بقلم : خالد الفكي
أفريقيا برس – السودان. تدخل محكمة مدبري انقلاب العام 1989، والذى يعرف بانقلاب الانقاذ والذي سيطر من خلاله الاسلاميين في السودان على مقاليد الحكم، تدخل مرحلة حاسمة من حيث تواصلت المحكمة في سماع المتحري بتلاوة أقوال المتهمين التي على رأسهم الرئيس السابق عمر البشير.
وظهر البشير الذي مثّل اليوم في قضية إنقلاب الثلاثين من يونيو 1989 بالجلابية والعمامة بعد خلعه لبس السجن، حيث قضى عقوبة قضية أموال بيت الضيافة عقب الاستيلاء على السلطة، وبدأت العقوبة منذ القبض على المتهم، واوقعت المحكمة حكما على البشير بايداعه في مؤسسة إصلاحية لمدة عامين ومصادرة المبالغ التي تحفظت عليها السلطات بعد ادانته.
خلال الجلسة اليوم برئاسة قاضي المحكمة العليا أحمد علي أحمد كشف المتهم الثامن والعشرين في محكمة مدبري انقلاب 30 يونيو، 1989 العقيد معاش هاشم عمر بريقع، عن ضلوع دكتور حسن الترابي وكل من المتهمين على عثمان محمد طه وعوض الجاز في التخطيط لإنقلاب يونيو 1989.
وقال بريقع، أنه حضر سلسلة إجتماعات ضمت بعضها عسكريين ومدنيين فيما إقتصرت أخرى على العسكريين، واشار الى أنه حضر سلسلة إجتماعات في الفترة قبيل الانقلاب كان يتبادل الحضور فيها كل من بكري حسن صالح، اللواء الهادي عبد الله والفريق الزبير محمد صالح، الرائد ابراهيم شمس الدين، محمد خنجر الطيب، محمود شريف ، علي كرتي والفششوية مؤكدا أنهم كانوا مشاركين في التخطيط للأنقلاب.
المحكمة سمحت للمتهم أحمد عبد الرحمن البالغ من العمر 1987 عاما بعد أن تليت عليه اقواله حسب يومية الاتهام، بأن لا يحضر جلسات المحكمة لحين صدور الحكم نسبة لظروفه الصحية حيث أجرى عملية قلب مفتوح ويعاني من جلطة دماغية إصابته بعجز في السمع وصعوبة في التحدث
المحكمة شهدت جدل قانوني ومشادة كلامية بين هيئات الدفاع والمحكمة حول افادة علي عثمان بيومية التحري والتعليق عليها من قبل المتهم حيث تدخل الاتهام ووصف الدفاع بالاستهتار مما اثار حفيظة ممثلي الدفاع وطالبوا من خلال المحكمة بان يقدم ممثل الاتهام عبد القادر البدوي الا ان الاخير رفض الاعتذار وتمسك بموقفه ووصف الدفاع بالاستهتار رغم وجود محامين كبار ولديهم خبرة بالعمل.
وقال البدوي ان الدفاع يعترض على قرارات المحكمة وعدم الاستجابة لكلل توجيهاتها ووصف الطلبات التي قدمها الدفاع بانها ليس لها علاقة بالقانون ولا تعدوا سوء ان تكون تعطيل لاجراءات المحاكمة وقال ان سبدرات ظل يعترض رغم علمه بأن هذه المرحلة هي مرحلة معرفة أقوال المتهمين بالتحري ورغم تحذير المحكمة له ظل يعترض.
وقال سبدرات في رده ان الاتهام يخدح في المحكمة وليس الدفاع وقال انه من حقه تقديم الطلبات ومن حق المحكمة ان تقبل او ترفض الطلبات وقال ان وصف الاتهام لهم بالاستهتار تصيبهم في مقتل وطلب الاعتذار او اتخاذ اجراءات قانونية في مواجهته وتمسك الاتهام برايه ورفض الاعتذار.
وقال محامي لموقع أفريقيا برس، أن مابدر من محامي الدفاع عبدالباسط سبدرات ومحاولات لاثارة الجدل القانوني والفوضى داخل أروقة المحكمة يعتبر عدم احترام للقضاة ويفقد المحكمة هيبتها. وشدد المحامي والذي طلب من أفريقيا برس، الاحتفاظ باسمه، على أن سبدرات يفتقد الحاسة المهنية لكونه تخلى عن الممارسة المهنية لنحو ثلاثة عقود من الزمان فالرجل ظل يتبادل مقاعد الوزارت خلال حقبة عهد الانقاذ وحكم الاسلاميين، مضيفاً ” أعتقد أن الرجل يمر بمرحلة خرف قانوني ومهني ومازال يقف في محطات قديمة وربما يظن أنه في محكمة مُدبري انقلاب مايو.
ونوه المحامي بان سبدرات يدرك ويعلم أهمية التزام المحامي باللوائح والقوانين التي تمنحه حقه وتمنح المحكمة حقها.. وتسأل .. لا أدري كيف يحاول ان يخلق الرجل الكبير في السن والذي يجب أن يكون ذي خبرة مثل هذه الفوضى داخل أروقة المحكمة الموقرة.
بالمقابل أفاد أبوبكر عبدالرازق رئيس هيئة الدفاع عن المتهم ابراهيم السنوسي بأن ماجرى من هرج ومرج خلال جلسة المحكمة تسبب فيه القاضي رئيس الجلسة لعدم قدرته على إلادارة بشكل مهني، وقال لـموقع أفريقيا برس، ان هذه المحكمة تُعتبر سياسية بامتياز لكونها مخالفة للمادة 52 من الوثيقة الدستورية حيث أن محكمة خاصة وكبرى في ذات الوقت تم تعيين ثلاثة قضاة لإدارتها مما يدلل علي الاخفاق القانوني.
وشدد عبدالرازق على ان المحكمة لم توفق منذ الوهلة الاولى في احالة البلاغ الى جهة الاختصاص وهي الخرطوم شمال وهذه مخالفة صريحة، منتقداً تراخي القاضي مع ممثل الاتهام حيث انه لم يزجره عقب الاساءة الى هيئات الدفاع عن المتهمين البالغة عددهم 28، بينما سمح و بعد تكرار الامر للمحامي سبدرات بالرد على ممثل الاتهام.
وكشف المتهم هاشم أحمد بريقع ضابط بالمعاش بعد ان أقر باقواله التي تلاها المتحري في قضية مدبري انقلاب 1989 التي يواجه الاتهام فيها الرئيس المعزول عمر البشير وآخرين، كشف عن مشاركة مدنيين للتخطيط في الانقلاب وقال بالتحري ان المخططين للانقلاب هم علي عثمان وعوض الجاز ومحمود شريف والهادي عبد الله وقال انه وقت الانقلاب كان يعمل مقدم بالمدفعية وان الاسلاميين تحدثوا معه عن التغيير وانهم يريدون تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان، وتحدث عن اجتماعات عقدت بعدد من المنازل وقال انه لم يحضر اجتماع ساعة الصفر.
وقال انه وبعد تنفيذ الانقلاب وجد نفسه خارج المجموعة وانه كان لديه وجهت نظر مختلفة عن البقية لذلك تم تعينه نائب محافظ بالبحر الاحمر وبعدها تم تخيره بين انزاله للمعاش باستحقاقات فريق او منحه وظيفة دستورية وقال حسب التحري انه طلب الاعفاء لان الوظيفة كانت اقل من امكانياته. واضاف بريقع ” هناك من منح عضوية مجلس قيادة الثورة وذكر انه لم يكن منظم بالحركة الاسلامية ولكنه كان ملتزم ويصلي”.
وقال بريقع انه علم ان ابرز المخططين للانقلاب هم الترابي وعلي عثمان وعوض الجاز، وعلي كرتي والفشاشوية والزبير احمد الحسن. واضاف المتحري ان المتهم سجل اعترافا قضائيا باقواله وبسؤال المحكمة للمتهم اقر باقواله وقال ان لديه اضافة وهي انه انهى علاقته بالانقاذ الا ان المحكمة ذكرت له بانها ستستمع لاقواله في مرحلة أخرى.
ورفض نائب الرئيس الاسبق علي عثمان الادلاء باقواله بيومية التحري، وقال ان البلاغ شاكي فيه النائب العام وانه لا يمكن أن يكون خصم وحكم وانه تقدم بطعن للمحكمة الدستورية حول البلاغ وهم في انتظار الرد ورفض على التعامل مع اللجنة والادلاء باقواله. وقال لدى سؤاله بالمحكمة عن الاقوال كنت معترضاً ومازلت على تأسيس هذه الدعوى، فالسلطة التي أسستها لا تملك حق تأسيسها.. وشُكِّلت لها وثيقة اخترقت كل الأسس القانونية المعروفة في العالم ووصف المحاكمة بالتاريخية وقال ان هنالك جزء مهم يريد توضيحه للمحكمة حول رفضه للادلاء باقواله الا أن المحكمة رفضت سماعه وقالت انها ستستمع اليه في مرحلة لاحقة وان هذه المرحلة هي للرد حول الاقوال اذا كان أفاد بها ام لا. وقال طه بانه حرم من حقه القانوني والعدلي في توضيح الكيفية التي تم أخذ أقواله فيها وبعد تدخل ممثل الدفاع سبدرات قالت المحكمة ان المتهم طلب اتاحة الفرصة له للتعريف عن سبب رفضه للادلاء بأقواله وأن المحكمة وفقا لترتيب الاجراءات طلبت منه الحديث في مرحلة الاستجواب.
الصادق علي الامين العام لهيئة محاميي دارفور قال لـ أفريقيا برس، بشأن امتناع المتهم علي عثمان محمد طه في الاداء بأقواله، بأن المتهم في القانون لا يجبر على تقديم اي دليل ضد نفسه، كما أن امتناعه لا يؤثر على كفالة حقوقه المنصوص بموجب أحكام القانون في أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، ولكن في ذات الوقت الأمتناع في حد ذاته قد يفوت على المتهم تقديمه دفوعه كما لا يعطل الأمتناع سير إجراءات المحاكمة، مما يعني ان المتهم هو المتضرر بسبب الإمتناع.
كما أوضح الصادق علي بشأن قول طه بانه مازال معترضاً على تأسيس هذه الدعوى، فالسلطة التي أسستها لا تملك حق تأسيسها، أوضح بان هذا الكلام ليس له اي قيمة قانونية، وهو من قبيل الحديث المقصود به الإستهلاك السياسي والفرقعة الإعلامية.