مدن السودان تنتفض في الذكرى الثالثة لإنتفاضة 6 أبريل

137
مدن السودان تنتفض في الذكرى الثالثة لإنتفاضة 6 أبريل
مدن السودان تنتفض في الذكرى الثالثة لإنتفاضة 6 أبريل

أفريقيا برس – السودان. عندما خرجنا في في 6 أبريل/نيسان 2019، كنا نظن انه يوم الخلاص، واننا بالإطاحة بعمر البشير، نكون قد انتصرنا وانجزنا ثورتنا، ولكننا تعلمنا لاحقاً أن الثورة ليست يوم أو شهر أو عام وانما طريق طويل من التحديات والتضحيات”، هذا ما قالته “ميداء عثمان” التي شاركت في تظاهرات ذكرى 6 أبريل/ نيسان بشارع المطار في الخرطوم.

وأضافت: “ها نحن نخرج مرة أخرى بعد ثلاثة سنوات، ونحن نواجه هذه المرة انقلاب عسكري، وندرك أن هذه التظاهرة قد لا تكون خلاصنا وإننا ربما نحتاج 6 أبريل أخرى، ولكننا أكثر ايماناً بأننا شعب عنيد وسيواصل طريق ثورته حتى النهاية، إننا نرى أمامنا دولتنا المدنية الديمقراطية التي نحلم بها وشعارات ثورتنا “حرية، سلام وعدالة” وهي تتحقق ولو بعد حين.”

وكانت ميداء، واحدة من عشرات الآلاف من المتظاهرين الذي خرجوا، الأربعاء، في العاصمة السودانية الخرطوم والمدن السودانية الأخرى، استجابة لدعوات تنسيقيات لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين للخروج في تظاهرات 6 أبريل/نيسان واحياء ذكرى الإطاحة بنظام عمر البشير، والمطالبة بإسقاط الانقلاب العسكري وتسليم السلطة لحكومة مدنية.

وعلى عكس المتوقع، لم تحدد تنسيقيات لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم، وجهة واحدة للتظاهرات، التي أسمتها “زلزال 6 أبريل”، حيث أعلنت مواكب غير مركزية في مدن العاصمة الثلاثة (الخرطوم، الخرطوم بحري، أمدرمان).

وتجمع المتظاهرون في مدينة الخرطوم في شارع المطار وفي بحري توافد المحتجون إلى وسط المدينة، في منطقة المؤسسة، بينما كانت مباني البرلمان وجهة التظاهرات في مدينة أمدرمان. وقبيل انطلاق التظاهرات في الخرطوم، اقتحمت قوات أمنية مستشفى الجودة الذي ينشط في علاج مصابي التظاهرات، واطلقت داخله عبوات الغاز المسيل للدموع.

وأدان المكتب الموحد للأطباء الاعتداء الذي وصفه بـ”السافر مشيراً إلى أنه مواصلة لسلسة من الاعتداءات على المرافق الصحية وانتهاك حقوق المرضى والمصابين. ”

وقال في بيان : “قامت قوات المجلس العسكري باقتحام مستشفى الجودة وإطلاق الغاز المسيل للدموع بداخله وترويع المرضى والكوادر الطبية، كما تسببت في اختناق عدد منهم. ” وأضاف: “مثل هذه الأفعال لن تثني عزم شعبنا عن الانتصار ولن تمنع الكوادر الطبية من مزاولة عملها في علاج المرضى وجرحى ومصابي الثورة.”

ودعا المكتب الموحد، الأطباء للتواجد في العيادات الميدانية وتغطية المستشفيات من أجل علاج الجرحى والمصابين. واستبقت السلطات السودانية التظاهرات، بإعلان، الأربعاء، عطلة رسمية، دون إبداء أي أسباب.

وقالت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في بيان، إن الأربعاء، عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد، على أن يزاول العاملون المعنيون أعمالهم بعدها وفقا للنظم والقواعد التي تنظم أيام العمل وساعاته في الدولة.

وأصدرت اللجنة الأمنية في ولاية الخرطوم قرارا بإغلاق جميع الجسور الرابطة بين مدن العاصمة السودانية الثلاثة: الخرطوم، الخرطوم بحري وأمدرمان، عدا جسري الحلفايا وسوبا.

ووضعت الأجهزة الأمنية حاويات ضخمة، على الجسور لمنع المواطنين من العبور، بالمقابل تحدى المتظاهرون القرارات الحكومية وقام بعضهم بالعبور زحفا، أسفل الحاويات، بينما تسلقها آخرون.

وفي الأثناء، منعت قوات الأمن، حافلات المواصلات من الوقوف في محطة “جاكسون” الرئيسية وسط الخرطوم، وأغلقت منذ الليلة السابقة، العديد من المحال التجارية في المنطقة، بالإضافة إلى قيامها بحملة اعتقالات واسعة هناك.

ورغم إغلاق، شارع المطار، المنطقة المحددة لتجمع التظاهرات في مدينة الخرطوم، بالأسلاك الشائكة، استطاع عشرات الآلاف من المتظاهرين، اختراق الطوق الأمني، والتجمع هناك مرددين هتافات منددة بالانقلاب العسكري، ومطالبة بالحكم المدني الديمقراطي.

تنسيقية تيار الثورة السودانية لـ"سبوتنيك": لا تراجع عن إسقاط الانقلاب ومدنية الدولة

ورغم إطلاق الأجهزة الأمنية الغاز المسيل للدموع بكثافة على المحتجين، تواصلت التظاهرات في شارع المطار حتى لحظة كتابة التقرير، وسط دعوات للاعتصام. وفي مدينة أمدرمان، أكدت تنسيقيات لجان مقاومة كرري، صمود المتظاهرين في محيط البرلمان حتى المساء، رغم إطلاق الأجهزة الأمنية الغاز المسيل للدموع بكثافة بالإضافة للأعيرة النارية، مما أسفر عن سقوط إصابات لم يتم حصرها بعد.

وقالت تنسيقيات لجان المقاومة في العاصمة، في بيان إن مواكب 6 أبريل/ نيسان، تمثل ضربة أخرى موحدة وقوية لبنية الانقلاب “المتهالكة” و”الآيلة للسقوط”، مؤكدة أن الانقلاب ولد ميتا وان ما كان يحيه ويطيل عمره هو عدم توحد القوى المناهضة له. وأضافت: “السادس من أبريل قد لا يكون النهاية، ولكنه بالتأكيد بداية النهاية الحقيقية للانقلاب.”

وقبل الموعد المضروب لانطلاقها في العاصمة الخرطوم، خرجت، صباح ، تظاهرات في مدن الضعين والجنينة ونيالا والقضارف، لحقتهم في المساء تظاهرات حاشدة في مدن ود مدني، عطبرة، بورتسودان، سنجا، كسلا، حلفا، الأبيض، كوستي، زالنجي وغيرها من المدن السودانية. وقال عضو تنسيقية لجان مقاومة الجنينة، أحمد خليل: “على الرغم من سخونة الجو والصيام، خرج الآلاف في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، في التظاهرة الأكبر من نوعها منذ الانقلاب العسكري، أحياء لذكرى مليونية 6 أبريل.”

وأضاف خليل: “التقت الحشود في منطقة الصينية وتوجهت بعدها نحو امانة حكومة الولاية، حيث هتفوا رفضا للانقلاب، مطالبين بعودة العسكر للثكنات والحكم المدني الديمقراطي، وقدمت لجان المقاومة مخاطبات حول الوضع الانقلابي في البلاد وكيفية اسقاطه وتحقيق أهداف الثورة، فضلا عن الأوضاع الأمنية المتردية في دارفور واستمرار الانتهاكات والإفلات من العقاب.”

وتابع: “نحن نمضي نحو الشهر السادس من المقاومة السلمية للانقلاب العسكري، ورغم الاحباط خرجنا لإحياء ذكرى مليونية 6 أبريل التي استطاعت اقتحام محيط القيادة العامة للقوات المسلحة وأسقاط نظام البشير رغم ترسانته الأمنية والعسكرية، سنواصل ثورتنا، المستمرة حتى تحقيق جميع أهدافها، نعم نحن محبطون، لكن الشعب أقوى والردة مستحيلة”.

وفي مدينة ود مدني، نفذت تنسيقيات لجان المقاومة، مخاطبات في الأسواق نددت بالانقلاب والاوضاع المعيشية في البلاد، مؤكدة على المسؤولية الجماعية لتحقيق مطالب الثورة. وأعلنت المساجد عبر مكبرات الصوت افطار مواكب السادس من أبريل حيث تناول المتظاهرين وجبة الإفطار، وتوجهوا بعدها نحو مباني أمانة الولاية، مرددين هتافات مناهضة للحكم العسكري، كان أبرزها “الشعب يريد اسقاط النظام”.

وفي مدينة بورتسودان، قمعت الأجهزة الأمنية الآلاف من المتظاهرين، الذين كانوا في طريقهم إلى مباني أمانة الولاية.

وقال الناشط الاجتماعي في ولاية البحر الأحمر، خالد محمد نور، أن التظاهرات ال، في مدينة بورتسودان (الميناء القومي) كانت من أكبر التظاهرات التي شهدتها المدينة، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية حاصرت المتظاهرين ووضعتهم في صندوق أمني، بعد تجاوزهم مباني شرطة الولاية، وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع بكثافة وضربت المتظاهرين بالهراوات بشكل عنيف.

وأضاف: “استطاع الموكب الصمود لمدة 4 ساعات، رغم القمع العنيف، وحتى بعد انفضاضه ظلت الأجهزة الأمنية تلاحق المتظاهرين وتضرب الناس في الشوارع والباعة المتجولين بشكل عنيف، فضلاً عن حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت المتظاهرين، حيث قامت مجموعات عسكرية باعتقال المتظاهرين في سيارات بعضها بدون لوحات، في وقت لم نتأكد من مكان وجودهم حتى الآن.

وفي السادس من أبريل/ نيسان 2019، استطاع السودانيون رغم القبضة الأمنية للنظام السابق، الوصول إلى مباني القيادة العامة للقوات المسلحة، حيث أعلنوا اعتصاماً سياسياً، اطاح في يومه السادس بنظام عمر البشير.

وبعد مفاوضات استمرت لأشهر، توافق المدنيين والعسكريين على الحكم المشترك في فترة انتقالية مدتها 39 شهراً، يتولى رئاستها في النصف الأول العسكريين ثم تؤول الرئاسة للمدنيين. إلا أن العسكريين، نفذوا انقلاب عسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قبيل، أيام من موعد تسليم السلطة للمدنيين، وأعلن القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد وعلق عدد من المواد في الوثيقة الدستورية.

وفي وقت تصاعدت الاحتجاجات الرافضة للانقلاب العسكري في مدن السودان المختلفة، قتل 93 متظاهر واصيب قرابة 4000 آخرون، معظمهم بالرصاص خلال قمع الأجهزة الأمنية للتظاهرات. وتعتقل السلطات العشرات من قادة الحرية والتغيير واعضاء لجان المقاومة، منهم عضو المجلس السيادي السابق محمد الفكي، والرئيس التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here