بقلم : خالد الفكى
أفريقيا برس – السودان. ظلت مُطالبات قوى الثورة بتوقيف مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق صلاح عبدالله الشهير بـ” قوش”، تتصاعد بشكل مُستمر حيث ترى تلك القوى أن الرجل هو المسؤول الأول عن جرائم النظام المُباد بحق المعارضين، وأصدرت النيابة العامة مذكرة توقيف عبر الشرطة الدولية “الانتربول”، وتؤكد مصادر متطابقة وجود قوش في العاصمة المصرية القاهرة ليهبط النائب العام بقاهرة المعز لبحث مع السلطات المصرية أمر التسليم .. فهل تستجيب القاهرة إلى طلب الخرطوم؟
بلاغات جنائية
النيابة العامة قالت أنها قيدت 4 بلاغات في مواجهة المدير العام السابق لجهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش الموجود خارج البلاد، وشرعت في استرداده عبر الإنتربول. ومن ضمن البلاغات ملف خلية الأمن الشعبي الإرهابية وضلوع قوش في التخطيط لهذه الهجمات، وتم فصل الإتهام في مواجهته وملاحقته عبر الأنتربول وإحالة البلاغ لمحكمة الإرهاب.

المحامي والقانوني بارود صندل يؤكد أن من حق النيابة العامة ملاحقة السودانيين الفارين بالخارج وتم تدوين دعاوي جنائية في مواجهتهم، مبيناً أن ملف الموجودين في القاهرة به تعقيدات. وأفاد صندل لـ ’’أفريقيا برس’’، أن وقوع ظلال السياسة على هذا الملف يجعل هناك صعوبة في التنفيذ وربما ترفض السلطات المصرية التسليم. ويعتقد المحامي صندل ان مصر قد تتحجج بأن التسليم يحمل شبهات سياسية لكون أن قوش بجانب المسؤول بالجامعة العربية كمال علي حسن كانا ينتميان للنظام المباد والامر فيه تعقيدات.
وتعود تفاصيل خلية الأمن الشعبي للبلاغ المدون بالرقم ٤٤/ ٢٠١٩م لورود معلومات للأجهزة الأمنية بقيام مجموعة من منسوبي الأمن الشعبي وإدارة المعلومات بالمؤتمر الوطني بتحركات للقيام بأعمال إرهابية.

المستشار في مركز الاهرام للدراسات الإستراتيجية في القاهرة، الدكتور، هاني رسلان يقول لـ ” أفريقيا برس ”، بشأن إمكانية موافقة القاهرة على قوش للخرطوم، فى العادة مثل هذه القضايا لا تتوافر أو لا ترشح عنها في معلومات. وأضاف “لذا يصعب تحليل الموقف منها بشكل موضوع”. رسلان استطرد بالقول “ولكن السوابق والتقاليد أنه لا يتم تسليم المطلوبين اللاجئين إلى مصر”. وأوضح أنه إذا كانت القضايا المطلوبين فيها ذات طابع سياسى يحتمل الأخذ والرد واختلاف المواقف ووجهات النظر. وأصدر مكتب الانتربول في السودان “نشرة حمراء” بالقبض على هاربين في مصر وتركيا والإمارات. وقال رسلان قد يجوز فى بعض الحالات إذا كان الموقف سوف يسبب حرجا مع دولة شقيقة مثل السودان، أن يطلب من هؤلاء المغادرة إلى مكان آخر، إعفاء للمضيف من الحرج.
نزع صلاحيات

وكانت وزارة الخارجية السودانية، أخطرت بعثاتها في الخارج والمنظمات الدولية بعدم التعامل مع الجواز الدبلوماسي لقوش. القيادي في حركة القوى الجديدة الديمقراطية(حق)، مجدي عبدالقيوم، يقول أن منع تحريك النيابة لاجراءات الاسترداد من الخارج، لعدة أسباب من بينها اشكالات مرتبطة باعادة صياغة المنظومة القانونية والعدلية وكذلك ملف العلاقات الخارجية.
هذا وخاطبت وزارة الخارجية مكتب الأمم المتحدة في جنيف وبقية المنظمات الدولية بقرار إلغاء جوازات السفر الدبلوماسية التي يحملها مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش.
ويُشير عبدالقيوم خلال حديثه لـ ’’ أفريقيا برس’’ أن موافقة القاهرة على تسليم قوش للخرطوم، بأن ذلك مرتبط بالوضع الاستراتيجي السياسي إقليميا ودولياِ. وأردف قائلاً ” اذا اقتضت مصلحة مصر ذلك قطعا ستفعل”.
البعض ظل يلمح إلى أن قوى بالحكومة ترغب في التسوية وتقف وراء تعطيل مسار العدالة واستراداد الحقوق من رموز النظام المباد. رئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان، كان قد قال بأن قوش، غادر السودان دون موافقة المجلس، وأن المجلس لا يعلم في أي دولة يقيم.
ويرى عبدالقيوم أن قوى الثورة كلها مع استرداد الحقوق من رموز النظام. وشدد على أن ربما من يعارض ذلك بعض القوى المرتبطة عضويا بالنظام. وسائل إعلام سودانية نشرت أنباء عن زيارة مفاجئة قام بها قوش للعاصمة الخرطوم زار فيها شخصيات تابعة لحزب البشير وأيضا مقر وزارة الدفاع. قوش وفقا لمصادر متعددة عاد إلى مقر إقامته بالعاصمة المصرية القاهرة، بعد زيارته الخرطوم.
مسألة وقت

القيادي في تحالف قوي الحرية والتغيير، الصادق آدم قال لـ ” أفريقيا برس ”، إنه لاتوجد أسباب تمنع تحريك النيابة لاجراءات تسليم المطلوبين الموجودين خارج السودان من قيادات النظام البائد. وتابع” فقط الإجراءات تأخذ وقت طويل حتى تتم عملية التسليم”. وبشأن إمكانية موافقة القاهرة على تسليم قوش للخرطوم، يعتقد آدم، أن مصر قد لا تمانع في تسليم المطلوبين لكن الإجراءات طويلة.
في عهد البشير، اتهم قوش بتدبير انقلاب ضد الرئيس. واعتقل لعدة أشهر قبل أن يصدر عفواً من الرئيس وأعاده إلى منصب رئيس جهاز الأمن والمخابرات. وبعد انقلاب 2019 الذي أطاح بالبشير ونظامه، تم وضعه قيد الإقامة الجبرية، لكنه تمكن في النهاية من الفرار من البلاد.

ويؤكد نائب أمين أمانة السياسات العامة بحزب المؤتمر السوداني، نورالدين صلاح، أن ملف تحريك النيابة لاجراءات الاسترداد من الخارج، تأخر كثيراً للغاية. وبحسب صلاح في تصريح لـ ’’أفريقيا برس’’، انه ربما يكون السبب هو تزاحم الملفات بين يدي النيابة بدءاً من عملية تشكيلها مروراً بالتحديات التي واجهتها وصولاً إلى مرحلة كون مؤسساتها تعمل بالتكليف حالياً، ناهيك عن ملف ازالة التمكين داخل هذه المؤسسة. وأضاف، “بالرغم من ذلك فإنه يجب على النيابة تحريك هذا الملف سريعاً والمضي به إلى الأمام”. صلاح أشار الى أن القاهرة ملزمة بالاستجابة للطلب السوداني بتسليم قوش لأن هناك اتفاقات تعاون أمني بين البلدين واتفاقات أمنية على المستويين العربي والأفريقي.
ومنعت الولايات المتحدة قوش وعائلته من دخول أراضيها بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان.