حينما أرادت حكومة الإنقاذ والتي أسقطها الشعب السوداني في ثورة شعبية عارمة في السادس من أبريل المجيد، وبذلك سحبت الثقة عن الحاكم وقوانين ولوائح الحكم، بما في ذلك التعيينات القيادية حسب المادة 58 (د) من دستور السودان الساقط والذي بموجبه تم تعيين ولاة الولايات وشاغلي المناصب االدستورية، والقضائية والقانونية الاخري وقيادات القوات المسلحة والشرطة والامن وبذلك فإن كل من يحتل موقع قيادي نصب فيه في فترة حكم الانقاذ يعتبر غير شرعي، بما في ذلك المجلس العسكري خليفة البشير ومن يعملون تحت لواء ذلك المجلس.
ان الحقيقة الماثلة اليوم امام الشعب السوداني، والتي تؤكدها مواقف دول الاتحاد الأفريقي فيما عدا مصر، ودول الاتحاد الاوربي هي، أن المجلس العسكري ليس منزوع الشرعية وحسب، بل غير معترف بحكمه عالميا وبذلك يصبح حكمه غير شرعي، بل وتصبح البذلة العسكرية التي يرتديها قادتهم، وهي عهدة ملك للشعب السوداني لا قيمة لها، بما في ذلك رتب المجلس وتعيناته الوهمية ومن حق الشعب و الجيش السوداني أن يرفض أن يتعامل مع هذا المجلس الغير شرعي رفضا باتا.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخري فإن الحاكمية للشعب، والشعب السوداني وحده وهو من يمنحها تحت شروط محددة ولكن برضاه للحكام، وتفعل تلك الشرعية اما من خلال الانتخابات القومية الحرة أو من خلال الثورة الشعبية العارمة، وليس بحشد القوي التقليدية وجمعها وطلب مبايعتها، كما يفعل الجنرال المخلوع محمد حمدان دقلو، المشهور ب” حميدتي” هذة الأيام، فإن هذة القوي التقليدية وأن كانت تمثل قوي شعبية قبلية، تعتبر غير رسمية، تحت القانون الدولي.
لذلك، فان جهوده في هذا الصياغ، وما يصاحبها من هرج ومرج ووعيد وتهديد لا تعدو كونها مهرجانات للهرج والمرج. اي انها كما يقول المثل السوداني، ستذهب، “شمار في مرقة”.
الشاهد علي عدم اعتبار شرعية؛ مبايعة القوي التقليدية في الدولة الحديثة، هو ردة فعل مديرة إدارة ملف دولة السودان وجنوب السودان حيال لقاء وفد حزب الأمة القومى لها في مدينة لندن، عاصمة دولة بريطانيا، في اكتوبر 2014، حول الوضع في السودان، حينما خاطبها وفد حزب الأمة القومي من خلال شرعية عضوية الحزب الضخمة والمترامية الاطراف، قولها، : ” إننا نعترف بالحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، كونها الحائزة علي ثاني أكبر نسبة من الأصوات الانتخابية في انتخابات 2010، بأنها المعارضة السودانية، ولا نعترف بقوي اخري، ومع ذلك فإن أبوابنا مفتوحة، واذاننا صاغية لكل سوداني وسودانية، ممن يمتلكون صفة رسمية وممن لا يمتلكونها، للحديث عن السودان وعن احواله” . الأمر ذاته الذي فتح الأبواب في خارجيات العالم الغربي رسميا للاساتذة مالك عقار وياسر عرمان للمخاطبة الرسمية باسم الشعب السوداني، في الفترة الانتخابية 2010-2015 وأغلق الباب أمام قادة ومنسوبي الأحزاب العريقة والحديثة السودانية، التي لم تشارك في انتخابات 2010 و2015.
حينما أرادت حكومة الإنقاذ المخلوعة تسويق ثورات دولة السودان من نفط وسمسم وصمغ وغيره، شرعت وبعجالة بالغة في الحوار مع المعارضة السودانية، والدخول في اتفاقيات معهم من بعد عداوة ضروس، استمرت طيلة 16 عام، من الحرب المسلحة، وذلك للدخول في معادلة، تمهد لهم نيل الشرعية، المعترف بها عالميا، ولكي يستطيعوا بذلك تسويق النفط وغيره، من دون تحفظ واسع مع دول العالم الاخري.
وبالفعل تم ذلك، من خلال اتفاقيات ثنائية، بين احزاب المعارضة وحكومة الانقاذ في عام 200 واتفاقية السلام الشامل، مع الحركة الشعبية لتحريرالسودان، نيفاشا 2003 والولوج في تكوين حكومة انتقالية، يصطحبها دستور انتقالي، تمهد لأنتخابات حرة، في 2015.
حاليا، الشرعية الثورية مع قوي الحرية والتغيير، وبدونها لن يستطيع المجلس العسكري حكم السودان، بل لن يستطيع أن يرسل جنود الشعب السوداني الباسلة، للعمل كمرتزقة، لمقاتلة مليشيات الحوثي، في دولة اليمن الشقيق، الحرب التي اثبت القانون البريطاني امس انتهاكها، للقانون الدولي، ولذلك عدم شرعيتها، وعليه فرضت علي دولة بريطانيا، التحفظ من بيع السلاح للملكة العربية
السعودية.
لذلك، فإن القوة كل القوة في يد قوي الحرية والتغيير، اما ان تعلن دولتها، أو تساوم مجلس مسلح غير شرعي، لا سلطة له علي الجيش، أو الشعب لتكوين حكومة مشتركة، حسب مبادرة الشقيقة اثيوبيا أو غيرها.
