عندما يدفع رئيس الدولة في اتجاه حرب أهلية

18
عندما يدفع رئيس الدولة في اتجاه حرب أهلية
عندما يدفع رئيس الدولة في اتجاه حرب أهلية

افريقيا برستونس. منجي المازني استبشرنا كثيرا عندما فاز قيس سعيّد في الانتخابات الرئاسية ظنّا منّا أنّنا قد انتخبنا الإنسان المناسب في المكان. وظنّا منّا أنّنا قد ساهمنا في نحت مشهد أكثر استقرار سيخرجنا عمّا قريب من المرحلة الانتقالية. ولكن لم يحدث شيء من ذلك. بل ازداد المشهد قتامة.

وكشف الرئيس عمّا يجيش في صدره. حيث تبيّن لنا أنّ للسيد الرئيس وجهان. وجه قبل الانتخابات ووجه بعد الانتخابات. حيث دافع بالوجه الأول عن الحرية والاستقرار الديمقراطي وبالوجه الثاني ضرب بهما عرض الحائط. ففي سنة 2018 صرّح في استشارة قانونية أنّه ليس للرئيس أن يرفض استقبال الوزراء لأداء اليمين. وفي سنة 2021 رفض أن يؤدّي الوزراء، الذين حازوا على ثقة البرلمان،اليمين أمامه بدعوى وجود شبهات فساد تتعلّق بأربعة وزراء. ولكن لم يسمّ الوزراء المعنيين، لكي يبقى المشهد غامضا يخدم مصلحة الفوضويين.

فاعلم يا سيدي الرئيس أنّنا انتخبناك لنظافة يدك ولنقاء سريرتك وظنّا منّا أنّك ستساهم في استقرار الوضع السياسي بالبلاد وبإخراجنا من المرحلة الانتقالية بسلام. ولكن تبيّن لنا لاحقا أنّك لم تكن عامل استقرار. بل تريد أن تهدم في سنة ما تمّ بناؤه في عشر سنوات. لقد زدتنا همّا على همّ بعد أن ظننا أننا قد استرحنا. فالباجي قايد السبسي،رحمه الله، ورغم أنّه من المنظومة القديمة لم يقدم على ما أقدمت عليه أنت وساهم في استقرار البلاد وفي إنجاح المسار الديمقراطي وقبل أن يؤدي الوزراء،الذين حازوا على ثقة البرلمان ،اليمين أمامه رغم شعوره بالمرارة من انقلاب يوسف الشاهد عليه. وقال قولته المشهورة “أنا الآن رجل دولة”.

فالفساد الذي يتحدّث عنه الرئيس نسبي ولا يمكن اقتلاعه مرّة واحدة ودفعة واحدة. وحتّى لو استبدلنا كل الوزراء بوزراء جدد هل سنقضي على الفساد ؟ لا. لأنّ الفساد مرتبط أساسا بمنظومة حكم وبقوانين وبدولة عميقة وبثقافة وسلوكيات مجتمع تمّ التمهيد لها ونشرها على مدى 55 سنة من الاستبداد. فالخمرة وهي أمّ الخبائث بقيت تستهلك على مدى حوالي 15 سنة من البعثة النبوية ولم تحرّم إلاّ بعد أن تمّ انتزاع الشرك من أذهان النّاس. فالأولوية المطلقة لقيام الدولة وإنجاح المسار الديمقراطي وتجاوز الوضع الانتقالي قبل الحديث عن الفساد. ولكن من النّاس من يريد أن يهدم المسار الديمقراطي بتعلّة وجود فساد. وقد انخرط رئيس الدولة في هذا المسار.

فرئيس الدولة يريد أن ينفخ في روح الاستبداد لعلّه يحييه من جديد. فما معنى أن يكلّف رئيس حكومة ويفرض عليه وزراء معينين وهو لا يملك حزاما سياسيا في البرلمان ؟ فلو سايره هشام المشيشي لسقطت هذه الحكومة. ولكلّف رئيس الدولة شخصا آخر وستسقط الحكومة الموالية إن لم تحظى بدعم حزام سياسي في البرلمان. فسلوك رئيس الدولة في هذه الحالة هو سلوك عبثي ولا معنى له. فلماذا نقوم بإجراء انتخابات تشريعية إذن إذا كان الرئيس من سيعين الوزراء ؟

نرجو أن يستفيق الرئيس من غفوته وينقذ ما يمكن إنقاذه. وبخلاف ذلك سيتحرّك الشارع لإرجاع الأمور إلى نصابها. لأنّ الشعب سوف لن يفرّط في حقوقه بعد أن ضحّى من أجلها قبل الثورة وبعد الثورة. وفي هذه الحالة يمكن أن تحدث حرب أهلية.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here