أنور العذار لـ” أفريقيا برس”: على اتحاد الشغل الاكتفاء بدوره النقابي

11
أنور العذار لـ
أنور العذار لـ" أفريقيا برس": على اتحاد الشغل الاكتفاء بدوره النقابي

أفريقيا برس – تونس. اعتبر النائب السابق بالبرلمان التونسي أنور العذار في حواره مع ” أفريقيا برس” أنه على المنظمات الوطنية ومن ضمنها الاتحاد العام التونسي للشغل الاكتفاء بدوره النقابي الذي تخطاه في السنوات الأخيرة بسبب تدخله في الحياة السياسية، الأمر الذي قاد إلى خلافات مع الحكومات المتعاقبة والى تكلفة اقتصادية باهظة، حسب تعبيره.

وأشار العذار إلى ضرورة أن يمنح مسار الرئيس قيس سعيد فرصته الكاملة في الحكم، الذي حقق خطوات ايجابية من خلال تحسن قطاع الأمن والقضاء منذ انطلاق مسار 25 جويلية، حسب تقديره، كما يجب أن تستوعب المعارضة الدرس بعد فشلها في إدارة البلد طيلة عقد من الزمن ما جعل الشارع يسأم الحياة السياسية.

حوار آمنة جبران
ماهو تقييمك للمشهد السياسي التونسي بعد انطلاق أشغال البرلمان الجديد؟

يصعب الحكم على المشهد السياسي بعد أسبوعين فقط من انطلاق أشغال البرلمان الجديد، لا شك أن البرلمان سيواصل مسار 25 جويلية لكنه إلى حد الآن ليس له ثقل في المشهد ومن الصعب الحكم عليه.

سيركز البرلمان في هذه الفترة على تكوين الكتل ثم اللجان ثم بعدها نراقب حركية النواب في دراستهم للقوانين الجديدة، حينها نستطيع الحكم على عمله، لكن حاليا أعضاء البرلمان مازالوا في طور التكوين.

هل تعتقد أن البرلمان الجديد سيكون متجانسا مقارنة بالسابق، وما رأيك في انتقادات المعارضة ورفضها شرعيته؟

بالطبع سيكون البرلمان الجديد متجانسا لأن الانتخابات التشريعية الأخيرة قامت على الأفراد وليس على القوائم، وتقريبا الكتل التي هي بصدد التشكل متقاربة فيما بينها، لا يوجد كراهية وخلافات مثلما كان الحال في البرلمان السابق، لن يكون هناك مكانا للصراعات بين الأحزاب أو عداوة، سيكون التركيز فقط على مشاكل تونس وهذا من واجبهم.

وفيما يخص المعارضة التي ترفض شرعية البرلمان، في تقديري فقد نالت حظها في الحكم على مدى عشرة سنوات، ورأينا نتائج حكم الأحزاب دون استثناء كانت النتيجة وخيمة حيث التردي الاقتصادي والاجتماعي، واعتقد أن المعارضة انتهت لأن الشارع سئم السياسة بعد تجربة حكم الأحزاب طيلة عقد من الزمن حيث لم ينجحوا نواب الشعب السابقين في تحمل المسؤولية الموكلة إليهم.

وإذا أرادت المعارضة العودة عليها الاشتغال على نفسها والقيام بعملية إصلاح قبل كل شيء، لقد تبين في السابق أن رؤساء الأحزاب السابقين كانوا بعيدين عن الحياة السياسية الحقيقية جميعهم دون استثناء كانوا دكتاتوريين داخل أحزابهم يسعون فقط للمناصب والمكاسب.

وبرأيي فإن انتقادات المعارضة لا معنى لها، لقد كانت في البرلمان وساهمت في تخريب البلد، وعليها اليوم أن تستوعب الدرس من تجربة حكمها، وهي اليوم غير موجودة ومن الأفضل أن تكون كذلك، فقد سببت في تلك الفترة الكثير من الخسائر للبلاد وأضرت الشعب التونسي.

ولم تنجح هذه الأحزاب لأن السياسيين كانوا يفضلون مصالحهم على مصلحة البلد، لقد عشت التجربة مع هذه الأحزاب واختلفت معهم لان الوطنية ضعيفة لديهم ، إضافة إلى افتقادهم برامج وكفاءات سياسية. كما أن المعارضة كشفت عبر تحالفاتها أنها تفتقد للخبرة، لقد باتت متحالفة مع حركة النهضة العدو السابق لغالبية الأحزاب في العشرية السابقة، كيف يمكن أن تتقبل ذلك، أين مناضليهم الذين كانوا في السابق من أشد المعارضين للنهضة، هذا دليل على ضعف وارتباك داخلها.

لقد تكررت أخطاء الأحزاب التي تحولت إلى أحزاب معارضة اليوم، ولم تؤدي تجربة حكمهم إلى أي نتيجة، لذلك أعتقد أن الأحزاب التي يصل عددها إلى قرابة 200 حزب بحاجة إلى مزيد التكوين السياسي والمراجعة.

تنقلت في عملك النيابي السابق بين حزبي آفاق تونس ونحيا تونس، لماذا برأيك هذه الأحزاب لم تنجح في التموقع وتحقيق قاعدة شعبية؟

كانت لدي تجربة حزبية بعد ثورة يناير حيث تنقلت بين حزبي آفاق تونس وتحيا تونس ووجدت أنها تجربة غير ملائمة لأهدافي ومبادئي، وتفطنت أن غالبية القيادات الحزبية لا تدرك جيدا العمل السياسي أثناء فترة من عدم الاستقرار السياسي مرت بها البلاد. وتوصلت إلى هذه النتيجة خلال عملي كنائب بمجلس الشعب.

انضممت في البداية لحزب آفاق تونس لكن لم يكن الحزب سوى عبارة عن جمعية، القيادات لا تعلم كيف تعمل، الجميع يبحث عن مصالحه وسط غياب روح الديمقراطية والتشاركية ومحاولة رئاسة الحزب فرض رأيها، والحال ليس في حزب آفاق تونس بل في غالبية الأحزاب، لقد كان المشهد الحزبي بعد الثورة عبثيا.

ثم اخترت الانضمام إلى حزب تحيا تونس بسبب رهانه على شعار مكافحة الفساد وذلك بعد اختيارنا كنواب ليوسف الشاهد رئيسا للحكومة أعقاب الإطاحة بحكومة حبيب الصيد، كنت مهتما جدا بهذا الملف، لكن انسحبت فيما بعد من الحزب بسبب عدم مصداقية هذه المعركة، إضافة إلى ما قاده سوء الإدارة إلى تراجع رصيد الحزب الشعبي.

لم أفكر بعدها في الانضمام إلى أي حزب رغم العروض التي حظيت بها من قبل سياسيين، في تقديري السياسة يحكمها قانون: في حال الخسارة يجب الانسحاب ولا داعي لتكرار التجربة خاصة إذا غابت المصداقية والشفافية في تناول الملفات المهمة، ومن خلال تجربتي في الاهتمام بملف صندوق الدعم على سبيل المثال، توصلت إلى أنه هناك لوبيات تخدم في مصالح حرفاها على حساب مصالح الدولة.

اتحاد الشغل مازال متمسكا بحوار مع الحكومة: هل بالإمكان بلورة حوار وطني وتجنب الصدام بين الرئاسة والمنظمة النقابية؟

استبعد الحديث عن حوار وطني اليوم حيث لم يعد مناسبا الحديث عنه وتجاوزنا مرحلة الحاجة إلى حوار في تقديري، وبالنسبة لعلاقة الاتحاد والرئاسة، فأرى أن جميع المنظمات الوطنية اليوم مطالبة بانجاز دورها دون تجاوزه، اتحاد الشغل تخطى دوره النقابي حيث أصبح يتدخل في التعيينات الحكومية واختياره الوزراء ويضغط عليهم ويقوم باتفاقيات مع الوزراء وليس مع رئاسة الحكومة، ثم تتحمل نتائج ذلك الحكومة التي تخلفها وهو ما حدث مع الحكومات المتعاقبة بعد الثورة.

كل هذا يجب أن يتوقف اليوم لمصلحة البلد، كل طرف يجب أن يلتزم بدوره، حيث أن الاتحاد لم يكن وسيطا كما يروج لذلك، بل توغل في الدولة في السنوات الأخيرة، وقد أضر اتحاد الشغل البلد اقتصاديا بسبب التكلفة الباهظة للإضرابات التي وقف ورائها، وأضرت بالاقتصاد الوطني، وبرأيي يجب أن يعود إلى موقعه الأصلي موقع النقابة، فاتحاد الشغل الذي يتحكم في سياسة الحكومة والدولة ليس اتحاد الشغل إنما منظمة سياسية حالها حال أي حزب.

وليس مستبعدا أن يكون هناك صداما بين الرئاسة والاتحاد فهذا الصدام بمثابة معركة مؤجلة إن لم تحدث اليوم ستحدث غدا، وسيكون خلال هذه المعركة رابح وخاسر هذا مؤكد، لكن في الأخير سيلتزم كل طرف بموقعه ودوره وهذا الأهم للبلد.

لماذا تدعم فرنسا والولايات المتحدة مسار 25 جويلية رغم الملاحظات التي لديهم حول قرارات الرئيس قيس سعيد؟

في العلاقات الدولية لا يهم الدول سوى مصالحها الشخصية لا يهمها كثيرا ملف الحريات وحقوق الانسان، وهذه المصالح لا تكون ثابتة ولا تحققها إلا مع الطرف القوي والمدعوم شعبيا عبر الصندوق ونتائج الانتخابات، فرنسا والولايات المتحدة يدعمون من له قاعدة شعبية قوية لذلك اختاروا أن يكونوا في صف الرئيس سعيد.

إنهم يدعمون الرابح من له نسبة تأييد كبيرة انتخابيا وشعبية هذه سياستهم، لقد انتقدوا في السابق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مجال الحريات، لكن حافظوا على دعمه، كما لا يجب أن ننسى أن سجل هذه الدول في هذا المجال سيئة وليست بحال أفضل.

ماهي برأيك سبل الحل لإنقاذ تونس من أزمتها السياسية والاقتصادية؟

أعتقد أن تونس مازلت بخير لقد مرت بفترات صعبة في مراحل سياسية سابقة لكن تجاوزتها، وقد تجاوزتها بتكاتف أبنائها وهم برأيي من بيدهم الحل لأزمات البلد، أزمة تونس حلها بيد التونسيين فقط، من خلال العمل التشاركي والتخلص من الفساد المستشري في الإدارة وجميع مرافق الدولة.

بالنسبة للحل السياسي فهو في تقديري أن يواصل الرئيس سعيد مسار 25 جويلية، ومن المفيد أن نتخلص من الضغط السياسي والتشويش والجدل والصراعات بين الأحزاب لتحقيق الاستقرار والتركيز على المحاسبة واستقلالية القضاء والنهوض بالتعليم والنقل، هذا ما سينهض بالبلاد.

اعتبر نفسي مؤيدا لمسار 25جويلية حيث لامست نتائج جيدة خاصة في قطاعات الإدارة والأمن والقضاء، ومن منطق العدل كما نالت المنظومة السابقة فرصتها في الحكم، أن نمنح الرئيس سعيد أيضا فرصته وأن يمضي في مساره الذي يبدو ايجابيا رغم مرور سنة فقط على انطلاقه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here