إقالة نادية عكاشة.. ما الدوافع؟ وهل يتكرر المشهد مع رئيسة الحكومة؟

9
إقالة نادية عكاشة.. ما الدوافع؟ وهل يتكرر المشهد مع رئيسة الحكومة؟
إقالة نادية عكاشة.. ما الدوافع؟ وهل يتكرر المشهد مع رئيسة الحكومة؟

أفريقيا برس – تونس. لا يزال قرار الرئيس التونسي قيس سعيد التخلي عن مديرة ديوانه نادية عكاشة بمثابة اللغز لدى التونسيين، بالنظر للدور الذي لعبته طيلة سنتين من عملها، في تحديد القرارات السياسية الحاسمة للقصر الرئاسي، فضلا عما نسب لها من تخطيط وتدبير أحداث 25 يوليو/تموز الماضي التي مثلت منعرجا سياسيا وتاريخا في البلاد.

وبالرغم من محاولة استباق عكاشة قرار إعفائها بإعلان استقالتها من منصبها في تدوينة على حسابها الرسمي على فيسبوك، فإن ذلك لم يشفع لها بحسب مراقبين، بعد أن أصدر سعيد مرسوما رئاسيا بالجريدة الرسمية يعلن بموجبه إنهاء خدماتها، بدل “قبول استقالتها” على خلاف ما حدث مع مستشارة إعلامية سابقة بالقصر.

وكانت عكاشة قد بررت -في تدوينة لها عبر صفحتها على فيسبوك- خروجها من القصر بوجود “اختلافات جوهرية في وجهات النظر المتعلقة بالمصلحة الفضلى للوطن”.

ويعتقد كثيرون أن خروج عكاشة من القصر الرئاسي حدث ستكون له ارتداداته السياسية القادمة، حيث وصف السفير الأميركي السابق غوردن غراي الحدث، في تغريدة له على تويتر، بأنه “تطور لافت في تونس”.

أسباب الإقالة

يؤكد الناشط السياسي رضا بلحاج، المعروف بقربه من الرئيس ومحيطه العائلي، أن إنهاء مهام عكاشة من قبل الرئيس جاء بعد قناعة راسخة لديه من تعاظم نفوذ عكاشة، وخدمتها لجهات أجنبية.

ويتابع، حديثه للجزيرة نت، بالقول “الرئيس أراد تقليم أظافرها بعد أن باتت بابا خلفيا لجهات أجنبية، وتجاوزته من خلال تواصلها مباشرة مع شخصيات وازنة في البلاد، وعبر تكوين شبكة موازية داخل القصر وخارجه”.

ويوضح بلحاج أن عكاشة تجاوزت وظيفتها كمديرة ديوان، إلى حد تكوين شبكة نافذة داخل القصر، بدعم من مجموعات أمنية في وزارة الداخلية، بهدف دفع الرئيس لاتخاذ توجهات بعينها تتعلق بالحسم النهائي مع التيار الإسلامي، خدمة للمصالح والسياسيات الفرنسية والتيار الفرنكوفوني بشكل عام.

باب خلفي للمصالح الفرنسية

يشدد بلحاج على أن عكاشة تمثل الباب الخلفي لفرنسا، حيث كان يعول عليها لرعاية مصالحها، وصلت حد تمكينها بعض الأطراف الفرنسية من مشاريع استثمارية كبرى بمحافظة بنزرت شمالا.

ويتحدث عن معلومة وصفها بالمؤكدة، تتعلق بوجود نادية عكاشة حاليا في فرنسا، إما خوفا من قرار إقامة جبرية قد يصدر بحقها أو ملاحقات قضائية أو محاسبة.

وحول معركة النفوذ التي دارت داخل قصر قرطاج بين جناح وزير الداخلية توفيق شرف الدين، وجناح عكاشة وبعض القيادات الأمنية الرفيعة، اعتبر بلحاج أن “شرف الدين لم يكن مجرد وزير داخلية، بل تربطه علاقات وثيقة جدا مع الرئيس، كما أنه يحظى بثقته”.

ويشدد على أن قرار الوزير الأخير إحالة قيادات أمنية كبيرة إلى التقاعد الوجوبي، والتي ضمت خاصة المدير العام السابق للأمن الوطني كمال القيزاني، بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس.

معركة نفوذ

يوضح بلحاج أيضا أن هناك حديثا حول رفض عكاشة قرار شرف الدين إقالة القيادات الأمنية التي كان لها دور هام وحاسم في قرارات 25 يوليو/تموز، وبأنها اشتكت للرئيس لكنه أجابها بأن لوزير الداخلية مطلق الصلاحيات والتفويض في إطار مهامه وبأنه لا تراجع عن القرارات التي اتخذها.

ويردف بالقول “هناك كلمة مفتاح في اعتقادي لكل ما يجري الآن، حيث قال لي الرئيس سعيد حين التقيته بأن “كل من يتصور أنه يوظفني حينها أكون قد وظفته”.

وحول تطورات المشهد السياسي في قصر قرطاج ما بعد إقالة عكاشة، يتوقع بلحاج مزيدا من التموقع لوزير الداخلية وتصدره للمشهد، بحكم ما يحظى به من ثقة، ومن تفويض منحه إياه الرئيس.

تغيرات منتظرة

نشر الناشط والمدون أسامة بن عرفة، المعروف بقربه ودفاعه الشديد على مديرة الديوان الرئاسي السابقة، فيديو تحدث فيه عن كواليس إقالتها، معتبرا أنها دفعت دفعا نحو تقديم استقالتها، وبأنها كانت حصنا منيعا ضد اختراقات حركة النهضة ومنعت “شخصيات مشبوهة” من دخول القصر والتواصل مع الرئيس.

ووصف المدون مديرة الديوان السابقة بأنها وطنية، وكان لها دور كبير في دعم قرارات 25 يوليو/تموز، التي أقيل بموجبها رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي وجمد عمل البرلمان، وتولى سعيد جميع السلطات.

واعتبر، بالمقابل، أنه من الأخطاء التي ارتكبتها عكاشة، وعجلت بإنهاء مهامها بالقصر، توسطها لشقيقها في أحد مراكز الأمن بعد اعتدائه على أحد الأمنيين، وهو في حالة غير طبيعية، مما أثار حفيظة الرئيس وكان على وشك اتخاذ قرار بإقالتها لولا تدخل بعض المقربين منه مثل زوجته وشقيقتها.

وأكد بن عرفة أنه من بين العوامل التي ساهمت في توتر العلاقة بين عكاشة والرئيس، تدخلها في اقتراح المشيشي وفرضه على رأس الحكومة السابقة.

مبالغ فيه

من جانبه، يشير المحلل السياسي طارق الكحلاوي لوجود مبالغة ونوع من التضخيم للدور الذي لعبته مديرة الديوان السابقة في رسم ملامح المشهد السياسي، معتبرا أن كل ذلك كان في إطار ممارسة وظيفتها، وبأوامر مباشرة من الرئيس دون أن تتجاوزه.

ويشدد، في حديثه للجزيرة نت، على أن إقالة عكاشة تأتي ضمن سياق يتجاوز الصراعات داخل القصر إلى توجه جديد للرئيس بعد تاريخ 25 يوليو/تموز، للذهاب بعيدا في مشروعه السياسي، واختيار شخصيات مؤمنة بأفكاره، وساهمت في الترويج لها منذ حملته الانتخابية، ومنهم خصوصا شرف الدين ووزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي.

ويتوقع الكحلاوي أن تشهد الفترة القادمة تحولات على رأس الحكومة ومنها إقالة منتظرة لرئيسة الحكومة الحالية نجلاء بودن، وتعويضها بالزاهي، أو شرف الدين، فضلا عن تعيينات جديدة ستطال الفريق الاستشاري للرئيس، ومن بينها صديقه رضا شهاب المكي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here