استبشار باستئناف الحوار بين الحكومة و”اتحاد الشغل”

5
استبشار باستئناف الحوار بين الحكومة و
استبشار باستئناف الحوار بين الحكومة و"اتحاد الشغل"

أفريقيا برس – تونس. استبشر مهتمون بالشأن العام في تونس بعودة المياه لمجاريها بين السلطة و”اتحاد الشغل”، المنظمة النقابية الأكبر في تونس، مما قد يحقق استقراراً سياسياً لطالما انتظره الجميع، لكن هذه العودة لطاولة الحوار لن تكون سهلة، بخاصة من جانب المطالب الاجتماعية وزيادة الأجور في وقت تعيش فيه تونس أزمة مالية حادة.

واستؤنفت الإثنين الماضي جلسات الحوار بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص جملة مطالب اجتماعية ومهنية، هي لائحة المطالب التي نادى بها اتحاد الشغل خلال إضرابه العام في الـ 16 من يونيو (حزيران) الماضي، وعلى رأس هذه المطالب إلغاء المنشور عدد (20) الذي يمنع الوزراء وكتاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء والمديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية، من التفاوض قبل الترخيص لهم من رئاسة الحكومة، وكذلك فتح جولة من المفاوضات الاجتماعية لزيادة أجور القطاع العام والوظيفة العامة.

وجوب التشاور

وقال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري إن “الاتحاد معني بدرجة مهمة بالحوار مع الحكومة حول إصلاح المؤسسات العمومية وبملف الاصلاحات الكبرى وكذلك المفاوضات الاجتماعية”، مضيفاً أن “الحوار جاء استجابة من الحكومة لوجوب التشاور مع الاطراف الاجتماعية”.

وللتذكير فإن بداية الأزمة بين الطرفين الحكومي والنقابي بدأت عندما وجهت رئيسة حكومة نجلاء بودن منشوراً في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) 2021 إلى كافة الوزراء وكتاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء والمديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية يتعلق بالتفاوض مع النقابات.

وردت الهيئة الادارية لاتحاد الشغل ببيان في الـ 29 من ديسمبر 2021، عبرت فيه عن رفضها المنشور عدد (20) الصادر عن رئاسة الحكومة، “لأنه ينسف مبدأ الحوار الاجتماعي وتاريخه”.

كما رأت الهيئة الادارية أن هذا المنشور “يضرب حق التفاوض الاجتماعي ويعد خرقاً للدستور والاتفاقات الدولية في مجال حق العمل النقابي”، معتبرة أيضاً أنه “يهدد السلم الاجتماعي”.

هذا ظاهرياً، أما باطنياً فيبدو أن الأزمة بين “الاتحاد” والسلطة بدأت قبل هذا التاريخ، أي منذ أن رفض الرئيس التونسي قيس سعيد إجراء حوار وطني وفق الصيغة التي يريدها اتحاد الشغل.

عقد اجتماعي

وفي هذا السياق استقبل سعيد، الإثنين، بقصر قرطاج رئيسة الحكومة نجلاء بودن وبحث معها قضايا متعلقة بسير مرافق عامة إلى جانب الميثاق الموقع بين الحكومة والاتحاد العام للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.

وأكد سعيد خلال اللقاء أن “الحلول لا يمكن أن تكون قطاعية، بل يجب أن تطبق في إطار أشمل وهو الإطار الوطني الذي يأخذ في الاعتبار المطالب المشروعة للشعب التونسي في ظل اختيارات وطنية ثابتة”.

من جانبه، قال الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل حفيظ حفيظ إن “ما يهمنا بدرجة أولى هو استئناف جلسات (5+5) لإيجاد حلول للملفات العالقة والمتمثلة في تفعيل ما تبقى من اتفاق السادس من فبراير (شباط) 2021، والانطلاق في مفاوضات زيادة أجور موظفي القطاع العام”، مضيفاً “أما الحديث حول نقاش تم خلال اللقاء عن عقد اجتماعي جديد، فلا أساس له من الصحة”.

ويبدو أن لقاء سعيد الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي على هامش مشاركتهما في احتفالات الجزائر بعيد استقلالها أذاب الجليد بين الطرفين واقتنعا بضرورة الحوار لتخطي الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.

ورأى الصحافي أيمن الزمالي أن “الحوار بين الحكومة الحالية والاتحاد العام التونسي للشغل لم ينقطع، وإنما شهد توتراً حيناً واتفاقاً حيناً آخر، كما هو الشأن في هذه الأيام بعد توقيع وثيقة العقد الاجتماعي”.

باب التفاوض

وعن التوتر الحاصل خلال الأشهر الماضية، فاعتبر الزمالي أنه “سياسي بسبب رفض اتحاد الشغل الصيغة التي جرى على أساسها الحوار الوطني الذي سبق الاستفتاء على الدستور، كما أن هناك توتراً نقابياً لأن الحكومة رفضت الدخول في مفاوضات اجتماعية حول زيادة الأجور، ورفضت إشراك الاتحاد خلال مفاوضات المانحين الدوليين، إضافة إلى جعل السلطة التفاوض مركزياً بعدما كان قطاعياً ومشتتاً في نظرها”.

وواصل الزمالي، “بتوقيع الوثيقة التي سميت العقد الاجتماعي فإن الحكومة أعادت فتح باب التفاوض مع اتحاد الشغل لأنها ستنكب على برنامج إصلاح للمؤسسات العمومية، وهو ملف لا يمكن خوضه وإنجاحه من دون رفقة الشركاء الاجتماعيين، كما أنها تواصل الاستماع إلى توصيات صندوق النقد الدولي الذي حث حكومة نجلاء بودن على توسيع دائرة الحوار مع الشركاء الاجتماعيين لإنجاح المفاوضات التي انطلقت منذ أسابيع للحصول على قرض جديد يغطي عجز موازنة الدولة وشح السيولة في خزائنها”.

كما عبر الزمالي عن اعتقاده بأن “تغير أسلوب حكومة نجلاء بودن عن سابقاتها في مرحلة ما قبل الـ 25 من يوليو (تموز) في التفاوض مع الشركاء المحليين، بخاصة الاجتماعيين منهم مثل منظمتي الشغل والأعراف، يعد انعكاساً للتغيير السياسي في البلاد وعودة الدولة ومؤسساتها التنفيذية لإدارة الشأن العام ومركزته بعدما كانت الأحزاب والنقابات هي المتحكمة بالمشهد، مما خلق إشكالات كبيرة حتى في تنفيذ الاتفاقات النقابية الكثيرة الحاصلة، وما قابلها من عجز مادي للدولة عن تنفيذها، وأهدر جهود عدد من المؤسسات العمومية التي تغذي خزائن الدولة”.

كما أن هذا التغيير، بحسب الزمالي، “ستنتج منه توترات نقابية كثيرة لن يتم امتصاصها الا بعد الانتهاء من تركيز مؤسسات الدولة والذهاب نحو الاستقرار السياسي الذي تعول عليه حكومة بودن ومن ورائها الرئيس سعيد، لإعادة نسق الإنتاج ورفع نسب النمو وجلب الاستثمار وتطبيق الاصلاحات الاقتصادية والحد من ظاهرة التهرب الضريبي، ليبقى الحوار الاجتماعي أهم التقاليد التي ميزت تونس في جميع المراحل التي عاشتها منذ الاستقلال”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here