الأحزاب التونسية تترقب مرسوم الانتخابات التشريعية وسط توجس وغموض

7
الأحزاب التونسية تترقب مرسوم الانتخابات التشريعية وسط توجس وغموض
الأحزاب التونسية تترقب مرسوم الانتخابات التشريعية وسط توجس وغموض

أفريقيا برس – تونس. لم يعد يفصل التونسيين سوى أقل من أربعة أشهر على موعد إجراء الانتخابات التشريعية، فيما لا يعلم أحد قوام النظام الانتخابي الجديد وقواعد العملية الانتخابية التي تجرى في 17 ديسمبر/كانون الأول، لتراوح مواقف الأحزاب بين الرفض المبدئي والتوجس والترقب الحذر في انتظار إشراكها في عملية الإعداد للاستحقاق الانتخابي.

ويتفق خبراء في القانون على أن تنظيم الانتخابات سيتم وفق مرسوم رئاسي، باعتبار استحالة إصدار قانون يصادق عليه المجلس النيابي المنحل. كما أن هذا المرسوم سينظم انتخاب المؤسسات النيابية المستحدثة بدستور 2022 بغرفتيها، مجلس نواب الشعب، ومجلس الجهات والأقاليم.

وما زالت ملامح النظام الانتخابي غامضة لدى الطبقة السياسية وعموم التونسيين، باستثناء بعض التصريحات السابقة للرئيس التونسي قيس سعيّد، أظهرت ميله للانتخاب على الأفراد بدل الانتخاب على القوائم وتضمينه سحب الوكالة من النواب في نص الدستور بما يعني ذهابه نحو تفصيلها أكثر في المرسوم الانتخابي.

إلى ذلك، يرجح المراقبون، تبعا لتصريحات سعيّد، أن يذهب نحو تشديد العقوبات وشروط الترشح أمام الأحزاب السياسية لإفراغ المشهد السياسي القادم من الأحزاب التي شاركت في الحكم طيلة السنوات العشر الماضية.

وحذر خبراء القانون من صياغة سعيّد نظاماً انتخابياً يؤسس لنظام البناء الديمقراطي القاعدي الذي لطالما بشر به الرئيس التونسي وأنصاره منذ سنوات، نظرا لخطورته على البناء الهيكلي للدولة ولمؤسساتها.

ودعت هيئة الانتخابات إلى ضرورة أن يكون القانون الانتخابي الجديد جاهزا قبل 17 سبتمبر/أيلول القادم حتى تتمكن من القيام بجميع الاستعدادات اللوجستية والفنية، بحسب ما أعلنه في وقت سابق المتحدث الرسمي باسم الهيئة محمد التليلي المنصري.

وعرفت الهيئة صعوبات غير مسبوقة خلال تنظيمها الاستفتاء بسبب تأخر إصدار المرسوم الرئاسي ونص الدستور وغيرها من القرارات المرتبطة برئيس الجمهورية، ما تسبب بلخبطة وضغط في الرزنامة الانتخابية.

عبد الكافي: “مجزرة إقصائية”

وقال القيادي بحركة “النهضة” ورئيس اللجنة الانتخابية بالبرلمان (المنحل بقرار من سعيّد)، بدر الدين عبد الكافي، في حديث لـ”العربي الجديد”: “لا نرجو خيرا من هذا المرسوم ولا ننتظر شيئا من حالة العبث، بعد هذا الدستور الذي تم فرضه بهذا الكم من الأخطاء والتسريبات وفضيحة العلم، كيف سنتحدث عن انتخابات تشريعية بعد 3 أشهر في غياب أي وضوح في مواصلة عبث شخص واحد بالبلاد”.

وبين عبد الكافي أن “كل القوى السياسية دون استثناء، حتى من يساندونه (سعيّد)، تعتبر أن هذا الموضوع لا يمكن أن يمر دون تشاركية وكل الهيئات المتابعة للشأن التونسي تعتبر أن تونس لا يمكن أن تواصل رسم مستقبلها بتخطيط شخص واحد رهن البلاد لشهواته ورغباته”.

وشدد عبد الكافي على أن “قيس سعيّد سيواصل المضي في الاتجاه نفسه لإلغاء المنافس والآخر وكل مكونات البلاد، إما عبر فصول المرسوم أو عبر إقصاء كلي من المشاركة، حيث ينتظر أن تكون هناك مجزرة إقصائية”.

ورجح أن “الأحزاب التي عبرت عن رفضها للانقلاب ولكامل المسار ستواصل رفضها لهذا العبث عبر المقاومة السلمية لهذا التمشي، الذي ضرب الحق السياسي في المشاركة والحقوق الأساسية للمواطنة وللحقوق الاجتماعية”.

البوعزيزي: “اغتيال جديد للثورة”

أما القيادي في مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” الأمين البوعزيزي، فقال في تعليقه لـ”العربي الجديد”: “لا أحد ينتظر تغييرا أو خيرا من هذا المرسوم الانتخابي، فهو مجرد حلقة في سياق تركيز النظام الفاشي لأسسه، فبعد 13 شهرا من الحكم الشعبوي وسياسة الأمر الواقع، لا حل سوى مواصلة المقاومة السلمية والنضال لاستعادة الديمقراطية”.

وبين أن “من الموالين من ينتظر عبثا المشاركة في صياغة القانون الانتخابي حتى لا يذهب ماء وجههم سدى بعد استماتتهم في الدفاع المجاني والأعمى عن الانقلاب، ولكن حتى إن حضروا كما حضروا وشاركوا كما شاركوا في حوار ما يسمى الدستور فماذا سيغيرون؟ سوى شهادة الزور أمام مذبحة أخرى لمسار الديمقراطية واغتيال جديد للثورة”.

عويدات: “استشارة للاستئناس”

من جانبه، أكد رئيس المكتب السياسي لـ”حركة الشعب” (مساندة للرئيس)، عبد الرزاق عويدات، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنه “من المفضل في صياغة القانون الانتخابي أن تتم استشارة الأحزاب الوطنية والمنظمات والجمعيات المختصة في الانتخابات للاستئناس بتصوراتهم”.

وأشار إلى أن “كل قانون انتخابي مهما كان على الأفراد أو القائمات أو على مستوى المحليات أو الجهات له سلبياته وإيجابياته”، مضيفا “ما يهمنا هو الاهتمام بالمناخ الانتخابي من ناحية التمويل والعلاقة مع الجمعيات التي تتلقى تمويلات خارجية تمول أحزابا وفي غياب الشفافية في كيفية صرف هذه التمويلات، وكذلك حول تمويل العملية الانتخابية وحول تنظيم عمل شركات سبر الآراء التي توجه الرأي العام بدل إنارته”.

وبين أن “الحوار يكون على أساس استشارة الأحزاب التي ترغب في المشاركة في الانتخابات، وبالنسبة للأحزاب التي تدعو إلى المقاطعة وترفض فهي قد أقصت نفسها”.

الجلاصي: “رؤية ضبابية”

في المقابل، اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب “الاتحاد الشعبي الجمهوري” محمد الجلاصي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “سعيّد ماض لا محالة في تركيز مشروعه السياسي الفردي، وفق رؤية ضبابية دون استشراف أو تشارك”، موضحاً أن “التجربة أثبتت أن سعيّد لا يؤمن بالحوار والتشاركية والتفاعل مع مكونات المجتمع السياسي والمدني، وقد أفضى ما سمي حوارا حول الدستور إلى عملية صورية تم استخدام حضور المشاركين فيها”.

وبين أن “ملامح فكر سعيّد ومشروعه تبين أن النظام الجديد خطير على الدولة ومؤسساتها من خلال فكرة البناء القاعدي”.

بن عطية: “من أجل شخص واحد”

إلى ذلك، قال القيادي في “ائتلاف الكرامة” منذر بن عطية، في تصريح لـ”العربي الجديد”: “موقفنا مبدئي في حزب ائتلاف الكرامة، فهذا المسار الانقلابي مرفوض شكلا ومضمونا وكل ما يأتي به باطل، دستوره وانتخاباته وقانونه الانتخابي”.

وتابع “إن أردنا الحديث عن القانون الانتخابي المرتقب فهو سيكون من صنف الدستور نفسه، يكتبه شخص واحد وبفكر واحد ومن أجل شخص واحد”، لافتاً إلى أن “ما تحتاجه تونس اليوم هو التفاف كل النخب السياسية حول خريطة طريق وطنية تعيد تونس إلى مسارها الديمقراطي وتنبثق عنه حكومة إنقاذ اقتصادية، لأن الوضع كارثي والسقف يوشك أن يقع فوق الجميع”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here