العجبوني لـ”أفريقيا برس”: حملة الإيقافات تغطية على فشل المسار السياسي

34
العجبوني لـ
العجبوني لـ"أفريقيا برس": حملة الإيقافات تغطية على فشل المسار السياسي

أفريقيا برس – تونس. في ظل تواصل حملة الإيقافات في تونس بتهم مختلفة أبرزها التآمر ضد أمن الدولة، اعتبر القيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني في حواره مع “أفريقيا برس” أن حزبه الذي يؤيد الحرب ضد الفساد يرفض بموازاة ذلك تصفية الخصوم السياسيين وتكميم أصوات المعارضة تحت مسمى هذه الحجة.

ورأى العجبوني أن هذه الحملة مجرد محاولة من قبل الرئاسة لإلهاء الشارع المتذمر من تردي أوضاعه المعيشية وأمام فشل المسار السياسي لقيس سعيد وهو كشفته نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، لافتا أن حزب التيار مستعد لقبول مبادرة الحوار الوطني التي يقترحها اتحاد الشغل في حال تماهت وتماشت مع مبادئه ومواقفه.

آمنة جبران
ما رأيك في حملة الإيقافات الأخيرة، وهل تحول القضاء إلى أداة لتصفية الحسابات بين الرئيس ومعارضيه؟

واضح أن هذه الحملة وقع تجهيز الميدان لها منذ فترة عبر المرسوم 54 الذي وقع سنه لقمع الأصوات الحرة وتكميم الأفواه والآن وصلنا إلى تقديم قضايا حول حرية التعبير على سبيل المثال ما حدث لغازي الشواشي، الذي تثار ضده قضيتان الأولى على معنى المرسوم 54 والقضية الثانية حول الثلب ونشر الأخبار الزائفة والتهم الجاهزة مثل إرباك الوضع العام.

هذه التهم تستعملها الديكتاتوريات لقمع كل صوت حر وإشاعة الخوف لدى الناس لمنعهم عن التعبير عن آرائهم، لذلك كنا متوقعين ردة الفعل هذه باعتبار فشل المسار السياسي لقيس سعيد وغياب الانجازات على مستوى الاقتصادي والاجتماعي، وكان من الضروري الهاء الشعب بمسألة أخرى وهي ما يسمى بالحرب على الفساد.

نحن لسنا ضد الحرب على الفساد لكن ضد تصفية الخصوم السياسيين تحت غطاء الحرب ضد الفساد وهو ما نعيشه حاليا. الوضع الحالي فيه كثير من العبث والإيقافات هدفها كما ذكرت التغطية على فشل المسار السياسي لقيس سعيد، الذي توج بانتخابات تشريعية فاشلة شارك فيها فقط 11 بالمئة، هذا إذا اعتبرنا أن الأرقام نزيهة وصحيحة، يعني أن 90 بالمئة من الشعب التونسي قال لسعيد أن مسارك لا يعنينا، إضافة إلى الوضع الاقتصادي ونقص المواد الأساسية والغلاء غير المسبوق حتى الطبقة الوسطى تم تفقيرها، لذلك فإن الهدف من ورائها هو التغطية على كل هذه الإشكاليات.

ماهو موقف حزب التيار الديمقراطي من مبادرة اتحاد الشغل بشأن الحوار الوطني، وماهي رؤية الحزب لإخراج البلد من المأزق السياسي؟

مبادرة اتحاد الشغل لم تظهر إلى العلن بعد، مازلنا لا نعلم مضمونها ولكن مبدئيا نحن مع كل محاولة للحوار لإيجاد مخرج للمأزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تمر به تونس.

كنا قد ذهبنا كتيار ديمقراطي منذ سبتمبر 2020 إلى قيس سعيد واقترحنا عليه تنظيم والإشراف على حوار اقتصادي واجتماعي لأننا كنا نتوقع تدهور الأوضاع وهو ما وقع بالفعل، ومباشرة في ديسمبر 2020 قدم الاتحاد مبادرة أخرى للحوار وتبناها التيار الديمقراطي، لأن الحل بالنسبة إلينا جماعيا وليس فرديا وهو موقفنا حيث أن كل شخص يستأثر بالحكم لا يمكنه أن يكون جزءا من الحل، خاصة بعد أن انقلب الرئيس على الدستور وصاغ دستور على مقاسه ولنفسه وهي سابقة في التاريخ حتى في أعتى الدكتاتوريات لم يحصل ذلك.

وفي تقديري حين تكون هناك أزمة سياسية خانقة لا نعيد اختراع العجلة بل علينا الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة، لا يوجد حل آخر وبالعودة إلى الشعب كل طرف يختبر شرعيته ومشروعيته، كما لا يمكن أن يقع انتخاب الرئيس على أساس دستور 2014 ثم يقوم بالانقلاب عليه وسن دستور جديد في 2022 بصلاحيات أخرى والغريب أنه إلى الآن لم يقم بالقسم على الدستور الجديد.

هذا هو الحل حيث لا نستطيع الحديث عن حوار في ظل تمسك الرئيس بالرفض ووصف معارضيه بالخونة، لكن إذا كان هناك حوار يشرف عليه اتحاد الشغل يتماشى ويتماهى مع مبادئنا سنشارك فيه بالتأكيد، نحن لا نستطيع أن نكون جزءا في حوار أقل سقف فيه هو إلغاء الأمر الرئاسي عدد 117 ودستور قيس سعيد ونتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، لا نستطيع القيام بحوار تحت سقف ما يسمى بـ 25 جويلية الذي فرضه سعيد على الجميع بقوة القوى الصلبة وبالرائد الرسمي.

هل تتوقع أن يزيد حدة الخلاف بين الرئاسة والاتحاد خاصة أن الاتحاد يتحدث عن حملة تستهدفه؟

هو يستهدف كل الأجسام الوسيطة ليس الاتحاد فقط، يجب أن نتذكر أن سعيد بدأ بتجميد البرلمان وهو ما لا يسمح به الفصل 80 ثم حل الحكومة وسن الأمر عدد 117 وحل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين كما لا يمكنه الطعن في مراسيمه، ثم قام بتنقيح القانون الانتخابي على أساس الأفراد لضرب الأحزاب ثم هاجم الاتحاد ورفض الحوار معه ثم المجتمع المدني والإعلام المعارض له، بالتالي كل الأجسام الوسيطة وهي سلطة مضادة للسلطة، يحاول سعيد ضربها وإضعافها.

لذلك من الواضح أن اتحاد الشغل مستهدفا بالفعل كما الإعلام والأحزاب، ومؤخرا حتى أفريقيا وأميركا وأوروبا مستهدفة من قبل الرئاسة تقريبا لم يعد لدينا صديق خارجيا، أما داخليا باستثناء حزيب أو اثنان، حيث 95 بالمئة من الأحزاب هي ضد مسار قيس سعيد، ولم يتبقى غير حزب حركة الشعب مؤيد للرئيس وبشكل متذبذب.

ونلاحظ أيضا أنه بعد 25 جويلية كل الناس طالبت الرئيس بمحاربة الفساد والسؤال هنا لماذا لم يبدأ يوم 26 جويلية؟ لقد قام فقط ببعض الإيقافات الاستعراضية والمستمرة إلى اليوم.

هل تعتقد أن الأحزاب التونسية تتعرض إلى التهميش خاصة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة؟

القانون الانتخابي الذي قام سعيد بتعديله هدفه تهميش الأحزاب بشكل واضح، لكن أيضا لا ننكر أن الأحزاب قبل 25 جويلية قامت بترذيل نفسها بنفسها وهي غالبية الأحزاب التي كانت في السلطة وليست جميعها وعلى رأسها حركة النهضة وما يسمى بـ “ائتلاف العنف” أي حزب ائتلاف الكرامة وحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي وما كانت تقوم به من مهازل بالبرلمان، إضافة إلى صعود نبيل القروي وهو رمز من رموز الفساد وأصبح حزبه الثاني في الحكم.

كان العبث كبير جدا، كما أن الأحزاب لم تستثمر في وعي المواطنين وقيم المواطنة وعاملتهم كقطيع أو رعايا، تونس استثمرت منذ زمن بورقيبة في التعليم لكن لم تستثمر في الوعي السياسي، وبالتالي من الطبيعي أن تنطلي الشعبوية في ظل استشراء الجهل على الناس.

هل أن الخلافات التي شهدها التيار الديمقراطي مؤخرا ستساهم في تراجع شعبيته أمام الرأي العام المستاء بشكل عام من الأحزاب؟

لم تكن هناك خلافات داخل حزب التيار والدليل حين مغادرة غازي الشواشي الحزب نفى ذلك مشيرا أنه يبحث على فضاء أرحب لمحاولة إيجاد حل للبلاد، لم تكن هناك خلافات في موجة الاستقالات كانت هناك وجهة نظر تقول أن كل الأطياف المعارضة عليها أن تضع يدها في يد بعض وتنسق فيما بينها في حين أن الأغلبية في التيار تعارض التنسيق بما يسمى جبهة الخلاص الوطني لأنها جبهة حزب النهضة وهي برأينا من تتحمل المسؤولية في تردي الأوضاع بالبلد، وللأمانة لم يقترح علينا على الإطلاق غازي الشواشي التنسيق مع الجبهة، لكنه يعتقد بأنه على الحزب الانفتاح على بقية القوى السياسية الأخرى، وفي كل الأحوال نحن نعتبر غازي الشواشي منا ومن عائلتنا ورأيتم الطريقة الحضارية التي انسحب منها، ونحن ندعمه ومتضامنين معه بطريقة مطلقة.

ونؤكد أنه لم تكن هناك خلافات وعلى العكس كانت فرصة للتيار الذي يستعد لتنظيم مؤتمره لنقول لقيس سعيد أن الأحزاب تشتغل على تطوير نفسها وقد استغللنا الفرصة لتشبيب المكتب السياسي وهياكل الحزب وهناك شبان ستكتشفوها في المستقبل ممتازين جدا، فحزب التيار مازال موجود كقوة سياسية فاعلة، وهذا ليس غريب حيث حقق نتائج هامة في انتخابات 2019 بحصوله على المرتبة الثالثة ومسيرته ستستمر، ومشكلتنا ليست انتخابية بل إرساء دولة عادلة ومحترمة وهو شعارنا كحزب كما أنه مطلب لكل التونسيين.

هل تعتقد أن الأحزاب الديمقراطية في حاجة لمراجعة أدائها، وكيف ترى تموقعها في المشهد الجديد؟

طبعا ما حدث هو درس علينا التعلم منه، كلنا أخطأنا بدرجات متفاوتة لكن هناك فرق بين الأخطاء والجرائم، لأن هناك أحزاب أجرمت في حق البلاد وعلى رأسها حركة النهضة في حين أن التيار وبعض الأحزاب قاموا بأخطاء في التقدير.

وبمناسبة المؤتمر سيقوم حزب التيار بتقييم داخلي وخارجي وسنطلع الرأي العام على نتائجه ، لكن من المؤكد أن العمل السياسي يحتاج للأخلقة مستقبلا ويطرق وأساليب أخرى تعيد الثقة في السياسة والسياسيين، وهو ما كنا قد بدأنا فيه في حكومة الياس الفخفاخ لكن للأسف قررت النهضة إسقاطها، وللإشارة فان رفضنا للنهضة لا يعني أننا نقبل بعبث قيس سعيد.

والأكيد أن الأحزاب الشعبوية والمحافظة والمتاجرة بالدين لا يمكن أن تنجح في تونس، نحن بحاجة إلى دولة اجتماعية ديمقراطية بأسس جديدة، دولة تحترم كرامة مواطنيها وفيها اقتصاد ينتج الثروة وقضاء نزيه وتعليم يرتقي بوعي المواطن ويخلق جيل جديد من الشباب الواعي بتحديات المرحلة التي تمر بها البلاد هذه الدولة التي نرديها كحزب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here