الفائزون بجائزة “القوى العاملة في المستقبل”: تطوير هندسة المنشآت يمر عبر دمج نمذجة المعلومات في المناهج الجامعية

8
الفائزون بجائزة
الفائزون بجائزة "القوى العاملة في المستقبل": تطوير هندسة المنشآت يمر عبر دمج نمذجة المعلومات في المناهج الجامعية

خديجة بن الحاج حميدة

أفريقيا برس – تونس. يتطور اعتماد النمذجة ثلاثية الأبعاد في الشرق الأوسط بمعدل 20% سنويا، إذ إن عديدا من البلدان في المنطقة جعلت هذه التكنولوجيا إلزامية في مشاريع القطاع العام.

يشهد قطاع البناء في العالم تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة بفضل الطفرة التكنولوجية وظهور أساليب حديثة بعيدا عن الأساليب التقليدية والبرامج القديمة المعتمدة في التصميم.

وتعد تقنية “نمذجة معلومات البناء” (Building Information Modeling BIM) إحدى التقنيات الحديثة التي عرفت انتشارا واسعا في الولايات المتحدة وأوروبا وعدد من دول الشرق الأوسط، غير أنها ما زالت -رغم ما توفره من مال وجهد ووقت وطاقة- محدودة الانتشار في عدد من الدول بما في ذلك تونس، التي تعرف تجربة لدمج برامج وتقنيات نمذجة معلومات البناء في المناهج الجامعية.

آية حمودة ومحمد خليل الخالدي شابان تونسيان اختارا العمل على النهوض بقطاع الإنشاءات في تونس عبر بعث مكتب استشارات قصد تطوير علوم الهندسة والعمارة، ومساعدة الأساتذة والطلبة وأهل القطاع في تحسين كفاءتهم التقنية والفنية، بتدريبهم على اعتماد تقنيات نمذجة معلومات البناء كونها إحدى المنهجيات المبتكرة في قطاع الهندسة المعمارية والمدنية.

هذه الجهود أهّلت هذين الشابين ديسمبر/كانون الأول الماضي لإحراز جائزة القوى العاملة في المستقبل ضمن تظاهرة “ذا بيغ 5” (The big 5) في دبي، من بين أكثر من 150 مشاركا.

إنشاء نموذج افتراضي

تعد نمذجة معلومات البناء تمثيلا رقميا للخصائص الفيزيائية والوظيفية للمنشأة، وهي عملية تتضمن إنشاء واستخدام نموذج أو توأم رقمي لتصميم المباني والبنى التحتية وإدارتها.

يوضح المهندس محمد خليل الخالدي أن إحدى الاختلافات الرئيسة بين تقنية نمذجة معلومات البناء وطرق التصميم التقليدية هي أن النمذجة تتضمن إنشاء أنموذج افتراضي للمبنى أو البنية التحتية، بدلا من الرسومات ثنائية الأبعاد.

ويمكن استخدام هذا الأنموذج لمحاكاة وتحليل جوانب مختلفة من التصميم، مثل الإضاءة والتدفئة والتبريد والسلوك الهيكلي.

ويضيف أن تقنيات النمذجة تتضمن استخدام أدوات برمجية لإنشاء الأنموذج الرقمي وإدارته، فغالبا ما تسمح هذه الأدوات بتعاون وتواصل أكثر كفاءة بين أعضاء فريق المشروع، فضلا عن تكامل البيانات من مصادر مختلفة.

في المقابل، تعتمد أساليب التصميم التقليدية عادةً على الرسومات الورقية والحسابات المنفصلة، التي تستغرق وقتا طويلا وقد تكون عرضة للأخطاء. ويوضح أن البرمجيات القديمة لا تتمتع بمستوى الوظائف والإمكانيات نفسه الذي تتيحه برامج نمذجة معلومات البناء (BIM).

توفير للمال والوقت والطاقة

من ناحيتها، توضح آية حمودة أن تقنية نمذجة معلومات البناء من شأنها أن تسهم في تقليل التكاليف وتحسين ربحية المشروع من خلال تقدير التكلفة وتنسيق البناء بشكل أكثر دقة.

كما أن بوسعها أن تساعد في تقليل نسب الخطأ والتقليل أيضا من معدلات التأخير وتحسين التعاون بين أعضاء فريق المشروع، مما يساعد في تبسيط الاتصال واتخاذ القرار، فضلا عن استخداماتها في تحليل الأثر البيئي لمشروع ما ولتصميم مبان وبنى تحتية أكثر استدامة، وهو ما بإمكانه أن يؤدي إلى توفير الطاقة على مدار دورة حياة المنشأة.

كما توضح آية حمودة أنه وفق تقديرات مؤسسة مواصفات البناء الوطنية في المملكة المتحدة (NBS)، فإن استخدام النمذجة يمكن أن يؤدي إلى توفير التكاليف بنسبة تصل إلى 20% وتوفير الوقت بنسبة تصل إلى 50%.

النمذجة الرقمية: انتشار متفاوت بين الدول

وقد تم اعتماد نمذجة معلومات البناء على نطاق واسع في صناعة البناء في الولايات المتحدة وأوروبا. وأظهرت دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي لعلوم البناء (NIBS) عام 2018 أن 70% من شركات العمارة والهندسة والبناء في الولايات المتحدة تستخدم تقنيات نمذجة معلومات البناء.

وكذا الشأن في أوروبا، حيث تفرض العديد من البلدان في المنطقة استخدام هذه التقنيات في مشاريع القطاع العام. أما في الشرق الأوسط، فيتطور اعتماد النمذجة ثلاثية الأبعاد بمعدل 20% سنويا، إذ إن عديدا من البلدان في المنطقة جعلت هذه التكنولوجيا إلزامية في مشاريع القطاع العام.

ووفق دراسة أجرتها هيئة كهرباء ومياه دبي عام 2018، فإن 84% من المقاولين في الإمارات العربية المتحدة يستخدمون تقنيات النمذجة، كما أكد مسح أجراه مجلس قطر للأبنية الخضراء عام 2018 أن 70% من شركات البناء في قطر تعتمد هذه التكنولوجيا.

وقد يكون اعتماد النمذجة الرقمية في هندسة المباني والبنى التحتية في مصر ودول أخرى في أفريقيا أقل انتشارا مقارنة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول المتقدمة الأخرى. ومع ذلك، من المرجح أن يزداد استخدام النمذجة في هذه المناطق مع تحديث صناعة البناء واعتماد تقنيات جديدة.

آية حمودة: نعمل على دمج تقنية النمذجة الرقمية ضمن المناهج الجامعية

نمذجة المعلومات في المناهج الجامعية

توضح آية حمودة أن المعلومات حول اعتماد النمذجة في تونس محدودة، غير أن المؤكد هو أن تطوير قطاع الإنشاءات ونشر تقنيات النمذجة تقتضي أساسا تطوير كفاءات المهنيين وأهل القطاع، ولذلك تقول آية “بذلنا من خلال مكتب الاستشارات جهودا لدمج برامج نمذجة معلومات البناء وتقنياتها في المناهج الجامعية التونسية عبر العمل عن كثب مع الجامعات التونسية العمومية والخاصة لتوفير الموارد والتدريب على هذه التكنولوجيا، فضلا عن إنشاء تطبيقات وأدوات نمذجة رقمية جديدة”.

وترى آية حمودة أن هذه الجهود أهّلتها وزميلها المهندس خليل الخالدي لإحراز جائزة “القوى العاملة في المستقبل” ضمن تظاهرة “ذا بيغ 5′′، في دبي من ضمن أكثر من 150 مشاركا. وتضيف أنه كان هناك أكثر من 150 مشاركا و5 من المرشحين النهائيين من دول مختلفة يتنافسون على هذه الجائزة.

وقد تضمنت الجائزة بعض المعايير الأخرى التي تم التقييم بناء عليها، ومن ذلك التزام المشاركين بالابتكار. وتقول آية “بذلنا جهودا لدمج تقنيات عديدة وجديدة في عملنا لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية، كما قمنا بتنفيذ برامج ومبادرات تساعد على تطوير مهارات المهندسين والمتدربين والعملاء لضمان استعدادهم للنجاح في صناعة تتطور باستمرار”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here