بشير البجاوي… أشهر صائد أفاعي في تونس

9
بشير البجاوي... أشهر صائد أفاعي في تونس
بشير البجاوي... أشهر صائد أفاعي في تونس

أفريقيا برس – تونس. يتنقل بشير البجاوي (46 سنة)، يومياً في الجبال وبين الأودية من دون خوف من الأفاعي. بل هي ضالته التي يبحث عنها بشغف دوماً. يتسلح بآلة حديدية مقوسة من الأعلى تساعده على الحفر ومقص كبير يقبض به على الأفعى من دون قتلها، بالإضافة إلى كيس من القماش يجمع فيه كلّ ما يجده من أفاعي خلال رحلته. هذا ما يحتاجه فقط في عمله. يقطع مسافات طويلة في الغابات والجبال بحثاً عن الزواحف التي باتت مورد رزقه.

منذ أكثر من 28 عاماً، يعمل بشير في صيد الأفاعي. وورث وتعلم هذه المهنة عن عائلته، وتحديداً أعمامه منذ كان في الـ17 من عمره. أتقن التمييز بين جميع أنواعها والتفريق بين السام منها وغير السام. ويقول إنّه بات يعرف جميع أنواع الأفاعي الموجودة في تونس، والأمكنة التي تعيش فيها. ويميز تلك التي تعيش في الشمال والتي تحتاج إلى طقس بارد أو معتدل، وتلك التي تعيش في الجنوب وتتميز بطقس جاف وشديد الحرارة.

يقول: “أتقن كيفية التعامل مع كل نوع، وخصوصاً السامة منها. في تونس أكثر من أربعين نوعاً من الأفاعي، من بينها تسعة أنواع سامة وقاتلة، و21 نوعاً غير سام، و14 متوسط السمية، تستخدم سمها فقط للدغ الفريسة وتفتيت عظامها حتى تصبح سهلة للأكل والهضم”.

ويقول بشير: “أستمتع كثيراً بهذا العمل الذي يوفر لي بعض المال، وخصوصاً بعد حصولي على ترخيص من وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، ووزارة الصحة ووزارة التربية”، علماً أنه صائد الأفاعي الوحيد الحاصل على تلك التراخيص. يقول إنّه لم يتعرّض يوماً للدغ خلال صيده الأفاعي على مدى 28 عاماً.

لأكثر من 15 سنة، يبيع بشير الأفاعي إلى معد باستور، وهو مؤسسة عمومیة للصحة والبحث العلمي. سنوياً، يقدم ستون أفعى للمعهد في مقابل 25 دولاراً ثمن الأفعى الواحدة. المبلغ رمزي إلا أن الاتفاق لا يشمل حصول المعهد على المزيد من الأفاعي. وعام 2013، باع حوالي ألف أفعى إلى مختبر لاتوكسان الفرنسي وغيرها. وعرضت عليه بعض المختبرات الأجنبية الأخرى اقتناء كميات كبيرة من الأفاعي، لكن الأمر يتطلب إمكانيات وأدوات كبيرة لا يملكها، بالإضافة إلى إجراءات إدارية معقدة وخصوصاً أنّه يمنع تصدير العديد من أنواع الحيوانات من تونس لأنّها مهددة بالانقراض.

يتلقى بشير بصفة شبه يومية اتصالات من المواطنين الذين يتعرضون لهجوم من الأفاعي في مزارعهم أو منازلهم. يتنقل بين المحافظات لمساعدة الناس على التخلّص من تلك الأفاعي التي يخصص لها مكاناً في بيته، لبيعها لاحقاً أو تربيتها. ويطلق سراح العديد من الأنواع غير السامة.

يصف بشير نفسه بأنه “أشهر صائد أفاعي في تونس، وصفحتي على مواقع التواصل الاجتماعي سهلت على الناس التواصل معي. أتلقى اتصالات كثيرة من الناس وخصوصاً خلال فصل الصيف طلباً للمساعدة بعد دخول الأفاعي إلى مزارعهم ومنازلهم. تلقيت العام الماضي 700 اتصال من قبل عائلات تريد المساعدة. أتفق مع صاحب النداء على المبلغ المطلوب قبل لقائه”.

وعن ارتفاع نسبة تعرض الناس إلى لدغات الأفاعي خلال السنوات الأخيرة، يقول بشير إنّ “الأفاعي تعيش على الفئران والأرانب وعدّة أنواع أخرى في البراري وقلّ عددها بشكل كبير بسبب الصيد العشوائي، بالإضافة إلى جفاف الأودية والأنهار. أصبحت الأفاعي تبحث عن طعامها في البيوت والمزارع، وقد لاحظت ارتفاع عدد النداءات من المواطنين خلال السنوات الأخيرة. سابقاً، كنت أتلقى 100 نداء فقط. لكن خلال السنوات الأخيرة، تلقيت قرابة 800 اتصال في السنة لطلب المساعدة، لا سيما في مناطق عدة تشهد انتشاراً كبيراً للأفاعي السامة. وبات العمل في المناطق السكنية لإنقاذ الناس من الأفاعي يوفر لي دخلاً وخصوصاً في فصل الصيف، يبلغ 100 دولار في اليوم”. يضيف: “يتعرّض في تونس حوالي 30 ألف شخص للدغات أفاعي وعقارب سنوياً. وبات الأمر مقلقاً لأنّها تبحث عن قوتها قرب البيوت والمزارع، وخصوصاً أنّها باتت تخرج حتى في فصل الشتاء أحياناً بعدما أصبحنا نشهد درجات حرارة مرتفعة خلال هذا الفصل”.

ويقول بشير إنه لا يستطيع التوجه إلى المحافظات البعيدة عن العاصمة. كما لا يستطيع استعمال وسائل النقل العمومية بسبب خوف الناس منه، وعدم قدرته على حمل الأفاعي في أكياس وهو يستخدم المواصلات العمومية، فيضطر في مناسبات عدة إلى تقديم النصائح وتوجيه المتصلين به حول كيفية التعامل مع الأفاعي، ولا سيما أنّ غالبية الناس تتصل بأعوان الحماية ولكنها لا تلبي النداء، بل إنّه يتلقى أحياناً نداءات من الحماية المدنية لمساعدة شخص على التخلص من أفعى دخلت بيته.

ويشير بشير إلى أنه غالباً ما يطلق سراح غالبية تلك الأفاعي ولا يقتلها. فقط يتولى نقلها وإطلاق سراحها في البرية للحفاظ على التنوع الحيواني، وخصوصاً أنّ العديد من الأنواع من تلك الزواحف باتت مهددة بالانقراض”.

لا يملك صائد الأفاعي مكاناً مخصصاً لتربية الأفاعي، ما اضطره إلى تخصيص صندوق في بيته لجمع تلك الافاعي. وعن تعامل زوجته مع الأمر، يقول: “تعودت هي الأخرى العيش معهم من دون خوف. وتعلمت منه التعامل مع كلّ نوع وكيفية تفادي لدغاتها. يتولى الصيد والرعاية وإطعامها في فصل الصيف، لأنّ الأفاعي تبقى خمسة أشهر في فصل الشتاء من دون أكل بسبب السبات”. يضيف أنهم يربون أنواعاً عدة من الفئران في البيت لإطعام الأفاعي. “في المقابل، بات لا أحد يزور بيتي من الأقارب بسبب الخوف من تلك الأفاعي”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here