“دار سكرة”.. مبادرة إنسانية تونسية لسد رمق المحتاجين في شهر رمضان

5
"دار سكرة".. مبادرة إنسانية تونسية لسد رمق المحتاجين في شهر رمضان

أفريقيا برس – تونس. تعد مبادرة “دار سكرة” واحدة من المبادرات الخيرية، التي شهدت انتشارا واسعا في عدد من المناطق بالعاصمة تونس، خلال شهر رمضان، والتي تقدم المئات من الوجبات للمحتاجين وعابري السبيل، وكل من وجد نفسه عاجزًا عن توفير قوت يومه.

ومبادرة “دار سكرة” هي مبادرة إنسانية تطوعية، بدأت في تقديم وجبات إفطار لعمال البناء، لتتوسع خدماتها بعد ذلك وتصبح وجهة تنير دروب الصائمين المحتاجين.

“دار سكرة”

محاطة بعدد من الشباب والأطفال داخل قاعة كبيرة بقربها مطبخ وغرفة بها عدد من الأكياس المليئة بالمواد الغذائية والغلال والحلويات، تحدثنا طبيبة الأطفال وصاحبة مبادرة “دار سكرة”، هدى هلال زروق، بأن “هذه المبادرة انطلقت في منطقة سهلول بمحافظة سوسة (الوسط الشرقي لتونس) مع أصدقاء لنا كانوا يقدمون وجبات إفطار لعمال البناء خلال شهر رمضان”.

وتقول زروق، إن من “ألهمها للقيام بهذه المبادرة هم ثلة من أصدقائها، الذين كانوا يقدمون خدمات تطوعية مجانية من أجل رسم الابتسامة على وجوه أحرقتها أشعة الشمس، وهي تجمع قوت عائلاتها التي تقطن في محافظات بعيدة عن العاصمة”.

وأفادت هدى بأنها “أرادت هي أيضا أن تفتح منزلها في محافظة أريانة شمال غربي العاصمة، وتقدم أطباقا من الأكل لفاقدي المأوى وعابري السبيل، وكانت البداية بتوفير 4 أطباق لعمال البناء ثم تزايد العدد ليشمل “البرباشة” (منقّبو النفايات)”.

ولقيت مبادرة “دار سكرة” ترحابا واسعا من قبل التونسيين، الذين التحقوا بالدار لمساعدة الفريق العامل هناك، حيث تطوع العديد من الأهالي إما بغسل الأواني أو تنظيم الطاولات وإعداد الوجبات وتوزيعها، فيما اختار آخرون تقديم مساعدات غذائية عبر سياراتهم لحاملي الاعاقة.

وتقول مرزوق: “كوّنت أنا وزوجي خلية عمل مع أصدقائي حتى يكون العمل منظما ومدروسا بشكل دقيق لسد رمق جميع المحتاجين”.

وتضيف: “فوجئنا العام الماضي بالعدد الهائل من الأشخاص الذين قصدوا “دار سكرة”، لقد كان بانتظارنا حوالي 700 شخص أمام الدار ينتظر حصته من وجبة الافطار”.

وتابعت صاحبة المبادرة: “قدمنا في سنة 2023، أكثر من 1800 وجبة ومع بداية شهر رمضان من السنة الحالية، تمكنا من إفطار 1250 شخصا”.

وتستفيد “دار سكرة “من المساعدات التي يقدمها متطوعون، تتمثل في المواد الأولية بالتعاون مع العديد من المراكز الاجتماعية بالعاصمة.

وأكدت هدى زروق أنها “فكرت والفريق العامل معها في الأشخاص الذين يعيشون ظروفا صعبة، ويحملون إعاقة تمنعهم من التنقل إلى عين المكان للتمتع بالخدمات”، مشيرة إلى أنه “في حدود الساعة السادسة مساء وقبل آذان صلاة المغرب، يتم توزيع وجبات الافطار عبر سيارات لـ20 عائلة ممن تعذر عليهم التنقل بسبب المرض”.

وتسعى هدى إلى التعريف بهذه المبادرة حتى تشمل جميع المرضى، وكل من أنهكته الحياة خلال شهر رمضان، قائلة إن “دار سكرة” قدمت في العام الماضي وجبات إفطار لـ40 امرأة أقمن مع أبنائهن في مستشفى صالح عزيز لعلاج السرطان طيلة شهر رمضان، بالتعاون مع جمعية “اسمعني”.

شباب متطوع

ومن جانبها، قالت المتطوعة في مبادرة “دار سكرة”، مريم اللجمي، إن “هذه المبادرة تعد من أفضل الأنشطة التي شاركت فيها”، مضيفة: “أفضل قيمة يمكن تعلمها هي قيمة العطاء دون مقابل”.

وتفيد مريم بأن 90% من المتطوعين هم من فئة الشباب، وهو ما اعتبرته مصدر فخر، وشددت على ضرورة نقل ثقافة التعاون للأجيال القادمة.

وتابعت: “من ضمن المتطوعين تلاميذ يدرسون الباكالوريا، وقد خيّروا مساعدتنا وتأجيل واجبهم الدراسي إلى ما بعد الإفطار”.

وأكدت مريم أن “الصفحة الرسمية لـ”دار سكرة” تتلقى يوميا عشرات الرسائل من التونسيين، الذين يعرضون عليهم مد يد المساعدة والمشاركة في إسعاد المحتاجين بما يتوفر لهم من إمكانات”.

وقبيل موعد آذان المغرب، تبدو حركة المقبلين من المحتاجين وعابري السبيل على أشدها في “دار سكرة”، فتجد الشباب والأطفال المرتدين للباس موحد في الخدمة يستقبلونهم بابتسامة عريضة.

وتأمل اللجمي أن تفتح كل دار في كل محافظة تونسية بابها لمثل هذه المبادرات لمساعدة عابري السبيل والمحتاجين.

“مطعم للمحتاجين”

وفي محافظة بن عروس شمال تونس، اختار، محرز العياري، أن يخصص مطعمه الذي افتتحه حديثا لإطعام المحتاجين في المنطقة خلال شهر رمضان، ووضع على بابه لافتة كتب عليها بالعامية عبارة “إيجا كول”، التي تعني “تعال لتأكل”.

يقول العياري: “باب مطعمنا مفتوح لكل من تعسرت عليه الظروف”، ويضيف بأنه بدأ بتوزيع 50 وجبة إفطار في اليوم الأول من شهر رمضان، ويأمل أن يطعم كل من يقصده من المحتاجين وعابري السبيل.

ويحدثنا العياري،قائلا: “تجنبنا تركيز موائد الإفطار أمام المطعم، حتى لا يتم إحراج الأب أمام عائلته، لذلك خيّرنا توزيع الوجبات”.

وأطلق العم محرز مبادرته دون أن يبحث عن دعم أو مساعدات، حتى أصبح مطعمه مضربا للأمثال في عمل الخير من قبل الأهالي في المنطقة.

وتنتشر في شهر رمضان المبادرات الخيرية التي تلاقي تفاعلا من التونسيين، ممن يمدون يد المساعدة بحثا عن تقليص حجم المعاناة عمن قست عليهم الحياة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here