دولة الرئيس محمد المنصف المرزوقي.. ان الكرسي ينطق

64

بقلم: حياة يادم

كم تعجبني الثقافة اللبنانية، في التعاطي مع رموز دولتها حين يغادرون السلطة، فلا تسمع على محطاتهم الاعلامية، مهما بلغ منها العداوة لذلك الرمز، سوى دولة الرئيس، دولة الرئيس ميشال سليمان.. دولة الرئيس امين جميل .. دولة الرئيس نجيب ميقاتي…. دولة الرئيس فؤاد السنيورة.. دولة الرئيس عمر كرامي .. قائمة دولة الرئيس لا تنتهي عندهم.

ونحن بعدما تجاوزنا لبنان، و بقية الوطن العربي، بانتقالنا الديمقراطي المستعجل في خطواته نحو البلوغ، بشهادة كل العالم، مازلنا نرى في هذا الوطن الكبير، من يقزم رموزنا، و يبخس قيمتهم، و للاسف، ليس فقط من الاعلام المأجور، بل من من يعتبرون أنفسهم من التيار الثوري.

لنجد ترشح الدكتور محمد المنصف المرزوقي للانتخابات الرئاسية 2019، اسال الكثير من الحبر، لكنه حبر جارح، في رجل تقف الحروف الثمانية و عشرون عاجزة عن وصفه، و لا استطيع ان اقول سوى انه يشبهنا و نشبهه. ليلام الرجل بقسوة، على ترشحه متغاضين للاسف، عن مقامه، و الاصل في الاشياء عند العاقل، المقامات محفوظة.

دولة الرئيس محمد المنصف المرزوقي، كنت الاحسن، لكن هناك الحسن، و المؤشرات كانت تقول، ان الحظوظ اوفر للحسن، و ان هناك من مريدينكم من تعلم درس التصويت المفيد، من تجربة الانتخابات الرئاسية السابقة 2014، و كنتم تدركون ذلك جيدا، لكنكم اقررتم العزم على مواصلة السباق، فاتهموكم بالمشاركة لغاية المشاركة، ووصل الحد ببعضهم اتهامكم بغدر ثورة 17 ديسمبر. .

دولة الرئيس محمد المنصف المرزوقي، شكرا لكم، لانكم لم تنسحبوا على الرغم من كل ما سبق، اتعلمون لماذا؟.. لانكم بذلك، كرستم التداول على السلطة، وعلمتمونا درسا جديدا عن وعي منكم و دون وعي الآخرين، سيدرس لاجيالنا القادمة التي كنتم اول من تحمل همهم في هذا الوطن.

هذا الدرس يحكي، انه كان يا مكان، في غابر الزمان، رجل كان رئيس دولة سابق، عجز معاصرينه على فهم قيمته، و الاستهزاء منه، و وصل بهم الحد وصفه بالجنون من طرف بني جلدته، يترشح لدورة ثانية صحبة رئيس حكومة حالي و وزير دفاع حالي و رؤساء حكومات سابقين و وزراء سابقين، ليعيش معهم الشعب التونسي العظيم نشوة لم يستطعموها من قبل، عند ورود المعلومات الاولية عند غلق الصناديق، تفيد بان الفائزين للدور الثاني من خارج رموز السلطة الحالية و السابقة، مما جعل مريومة ابنة الوطن،

و التي نذرت صوتها لمن لا صوت لهم، و على قدر حزنها من عدم فوز ذلك الرجل، و على قدر فرحها بفوز درس ذاك الرجل، كانت اول تلميذة تدشن العهد الجديد للاجيال القادمة، لتخرج هناك، في بلد الارز، و تعبر بفرحة عارمة لم تعرفها من قبل مدونة “إذا شفتو وحدة في هذه الساعة من الليل تجري في شوارع بيروت و تصيح انا تونسية راهي .. انا”.

دولة الرئيس محمد المنصف المرزوقي، لكل ما سبق، فقد اجبتموني على سؤال كان يحيرني دائما ” شبيه كلمة الاجيال القادمة موجودة في أي ظهور اعلامي للدكتور كالملح الي ما يغيب على طعام ؟

” ، لاستخلص الدرس، و انكم اول من كسر قيود كرسي الرئاسة، ليتحرر، و ينطق ليلة 16 سبتمبر 2019، بعد صمته المريب طيلة عقود الاستبداد، انني لست ملكا لاحد، سوى لارادة الشعب التونسي العظيم.

شكرا دولة الرئيس الدكتور محمد المنصف المرزوقي، العاقل في زمن الجنون، انكم اول من علمتمونا ان الكرسي .. ينطق.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here