سعيد ومعركة القضاة المعزولين

10
سعيد ومعركة القضاة المعزولين
سعيد ومعركة القضاة المعزولين

بسمة بركات

أفريقيا برس – تونس. أعلنت مجموعة من المحامين التونسيين، اليوم الخميس، عن تشكيل هيئة للدفاع عن القضاة المعفيين، تضم نحو 40 محاميا، وعمداء محامين سابقين، مؤكدين أن الهيئة ستعمل على الدفاع عن القضاة الذين عزلهم الرئيس التونسي قيس سعيّد.

وأصدر الرئيس التونسي أمرا رئاسيا بالجريدة الرسمية يقضي بإعفاء 57 قاضيا من مهامهم، في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وقبله أصدر مرسوماً يقضي بتعديل القانون المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء، بشكل يسمح له بإعفاء كل قاض تعلقت به “شبهة فساد”. وفي أغسطس/ آب الماضي، أوقفت المحكمة الإدارية هذا القرار، وقررت إعادة أغلب القضاة المعزولين إلى مهامهم، وهو ما لم ينفذ إلى اليوم.

وقال العميد الأسبق للمحامين، عبد الرزاق الكيلاني: “نعيش لحظات فارقة، لأن دولة القانون والمؤسسات بصدد الضياع بعد ضرب القضاء الذي بدأ بحملة ممنهجة”، مشيرا إلى أن “رئيس سلطة الانقلاب (قيس سعيّد) بدأ أولا بالتهجم على القضاة، وتلا ذلك حلّ المجلس الأعلى للقضاء”. وأضاف الكيلاني قائلا: “بعد أن تم وضع نظام ديمقراطي يقوم على الفصل بين السلطات، يكون فيه القضاء حامي الحقوق والحريات، تم ضرب كل ذلك في الصميم”، موضحاً أن “رئيس الدولة يرفض تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية التي قضت بإيقاف تنفيذ الإعفاء”. وأكد الكيلاني أنهم “سيدافعون محليا ودوليا عن القضاة المعفيين، وأيضا عن القضاة غير المعفيين المستهدفين، كرئيس جمعية القضاة أنس الحمادي”، مبينا أن “تحركاتهم تهدف إلى تنبيه الرأي العام بخطورة ما يحصل في تونس من إيقافات وإحالات ومتابعات طاولت الجميع”. وأضاف أنهم “يطلقون اليوم صيحة فزع تجاه ما يحصل في تونس بعد ثورة الحرية والكرامة”، مشيرا إلى أن “القرارات الظالمة التي أخذها رئيس الجمهورية تشكل فضيحة وتكشف عن محاولة وضع اليد على جميع السلطات”.

الدفاع عن استقلالية القضاء

من جانبه، قال المحامي كمال بن مسعود إن “قضية المحامين والقضاة اليوم واحدة، وهي الدفاع عن دولة القانون، وعلى مبادئ وأسس الديمقراطية”، موضحاً أن “هيئة الدفاع ليست هيئة سياسية، وتضم محامين متطوعين من كل الأطياف، وستدافع عن القضاة الذين طاولهم الإعفاء اللاشرعي”. وشدد بن مسعود على أنهم “لا يدافعون عن القضاء الفاسد والفاسدين، ومن له شبهة فالقضاء هو الذي يؤكد ذلك وليس رئيس الجمهورية”، مبينا أن “هيئة الدفاع ستواصل العمل لنصرة القضاة”. وأضاف أن “القضية اليوم عادلة، وتهم الدفاع عن استقلالية القضاء”، كاشفا عن أنهم سيعملون على تكوين فريق اتصال للتعريف بهذه القضية، يتولى الاتصال بالمجتمع المدني والمنظمات واتحاد الشغل، ولكون التحركات ستشمل المستويين الداخلي والخارجي.

العميد الأسبق للمحامين، البشير الصيد، أكد في تصريح له أن “قضية القضاة اليوم سياسية، ولكن سيتم الدفاع عنهم باسم القانون”، مشدداً على أن “إصلاح القضاء لا يكون بالطريقة التي أرادها الرئيس قيس سعيّد، ولا يمكن أن يصلح القضاء بحملة تشويهية، لأن مشكلة القضاء هي من السلطة التنفيذية نفسها، وإن كانت هناك اختلالات فأهم سبب هو السلطة السياسية”. وبين الصيد أن “هناك مشاكل كثيرة من تراكم القضايا وغياب مكاتب عمل وغياب التجهيزات في عمل القضاة، وهذا تتحمله السلطة”.

القضاة يتمسكون بالحصانة

أما الوزير السابق والمحامي العياشي الهمامي فقال، إن “أغلب القضاة يتمسكون بالحصانة التي لم يتم رفعها قبل التحقيق معهم”، مبينا أن “هذه المظلمة أثرت عليهم كمحامين أيضا”. وكشف عن أنه عند توجههم إلى المحكمة يلاحظون غياب القضاة، ووجود موظفين ينفذون التعليمات، مؤكدا أن هدفهم اليوم “التحسيس بهذه المظلمة وللتعبير عن التضامن المطلق مع القضاة المعزولين”. وبين القاضي المعزول، قيس السباعي، الذي خاض إضرابا عن الطعام سابقا، أن “قرار الإعفاء بني على لا شيء”، مؤكدا أنه رغم محاولتهم تنفيذ قرار المحكمة الإدارية إلا أنهم عجزوا عن ذلك. وقال السباعي إن التنكيل تواصل بحقهم، متهماً وزارة العدل بـ”افتعال وقائع وتكوين تهم خطيرة ضدنا، وصل بعضها إلى قطب مكافحة الإرهاب”. وأضاف القاضي المعزول، في تصريح له، أنه نسب إليه ملف حول منح جوازات سفر “بناء على تقارير أمنية مغلوطة”. وأوضح أنه أحيل بمفرده بتهمة تكوين وفاق (عصابة) إجرامي، وهو “ما لا يستقيم”، وفق تعبيره، مضيفا أنه “رفض إصدار بطاقات سجن ضد بعض الشخصيات في قضايا غلب عليها الطابع السياسي”. وقال كذلك إن “بعض القضاة المعفيين من خيرة القضاة، ولكن الظرف يقتضي قضاة تعليمات لصناعة الخوف داخل الجسم القضائي”.

بدوره، أكد وكيل الجمهورية السابق، منجي بولعراس، أنه أعفي دون توجيه أي تهمة له، مضيفا أنه آمن بتحديث القضاء وطالب بتحسين وضع القضاء، ولم يكن ينشط في الهياكل، بل دافع عن التكوين المستمر في القانون. وأشار بولعراس، في السياق ذاته، إلى أنه في 2018 عين عضوا في اللجنة الفنية لتحديث القضاء، وعين خبيرا في 2019 وعضوا في لجنة الاستراتيجيات لوزارة العدل، وكان نقطة الاتصال بين تونس وأوروبا في الجرائم السيبرانية. وختم بالقول إنه “إلى حد اليوم أتساءل عما حصل”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here