شريف الخرايفي لـ”أفريقيا برس”: اليسار التونسي يحتاج أن يقترب للناس أكثر

28
شريف الخرايفي لـ
شريف الخرايفي لـ"أفريقيا برس": اليسار التونسي يحتاج أن يقترب للناس أكثر

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر شريف الخرايفي القيادي في حزب العمال في تونس في حواره مع”أفريقيا برس” أن” اليسار التونسي بحاجة إلى الاقتراب أكثر للناس وفهم احتياجاته، وأيضا لنشر الوعي وأهدافه الفكرية القائمة على الدفاع عن الديمقراطية والكرامة الإنسانية”، مؤكدا أن”رغم الخلافات والانشقاقات التي دبت باليسار لن تثني حزب العمال عن مواصلة النضال للدفاع عن أفكاره ومبادئه”.

وأشار الخرايفي إلى أن” حزب العمال لا يقبل المشاركة بالانتخابات الرئاسية المرتقبة وسط تفشي مناخ القمع والانغلاق وتكميم الأفواه، وفي ظل تواصل الاعتقالات السياسية”، مستبعدا أن” تحدث هذه الانتخابات التغيير المنشود أو أن تأتي بالجديد للتونسيين”.

وشريف الخرايفي هو أحد الوجوه القيادية الشبابية في حزب العمال، وهو أمين عام اتحاد أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل في تونس.

“أفريقيا برس”: ماهو موقف حزب العمال من الانتخابات الرئاسية، وهل ستشاركون فيها من خلال مرشح من داخل الحزب أم سيكون مرشح المعارضة موحد هذه المرة أو ستتخذون قرار المقاطعة والانسحاب؟

كنا قد عبرنا عن موقفنا من الانتخابات الرئاسية منذ فترة حيث أن حزب العمال لا يرى أن الانتخابات المرتقبة مناسبة وجب تسجيل الحضور فيها فقط، نحن نعتبر أن الانتخابات فرصة لإجراء إصلاحات حقيقية انطلاقا من خلفيتنا ومرجعيتنا الفكرية والنظرية، ونحن نعتبر أيضا أن الثورة هي التي تغير الأوضاع بشكل جذري لفائدة الناس والمواطنين، وبطبيعة الحال إذا لم تتوفر هذه الآلية أي الثورة فإن الانتخابات بإمكانها أن تحسن الأوضاع إذا ما وصل إلى الحكم حزبا أو ائتلافا سياسيا له برنامج سياسي وخطة سياسية قادرة على معالجة الأوضاع وتحسينها نسبينا.

من هذا المنطلق نحن نعتبر أن الانتخابات القادمة ليست تلك الانتخابات التي ستأتي بالجديد، لأن الانتخابات لها شروط ولها مستلزماتها ومن أهم المستلزمات والشروط هو مناخ سياسي سليم متعافي يضمن التنافس النزيه وتكافؤ الفرص بين المرشحين وحسب ما يبدو فإن هذه الشروط منعدمة إلى حد الآن حيث أن عديد الناشطين السياسيين رهن الاعتقال وكثيرون من هم تحت طائلة الملاحقة والتهديد تحت مرسوم 54 وغيرها من المراسيم السالبة للحرية فقط لأن هناك إمكانية لأن يترشح بعض من هؤلاء المعتقلين للانتخابات، طبعا رئيس الدولة من مصلحته أو أنه متخوف أو انه يستبعد أي إمكانية أن يكون هناك فائز آخر في الانتخابات وقد عبر على ذلك منذ مدة في إحدى زيارته الميدانية.

من هذه الزاوية نرى أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في مناخ سياسي سمته القمع والانغلاق وتكميم الأفواه هذا من جهة، من جهة ثانية الهيئة الانتخابية تابعة كليا لرئيس الدولة، كما أن المؤسسات الإعلامية تابعة لساكن قرطاج وتبث في خطاب وحيد هو خطاب السلطة، ووسط إعلام غير محايد وقضاء غير مستقل ومناخ سياسي يتسم بالانغلاق والقمع، هذا كله لا يمثل بالنسبة لحزب العمال إطارا فعالا للمشاركة في الانتخابات، ربما لو تتغير في المدة القادمة هذه الأوضاع من خلال فرض مناخ سياسي جديد يكلل بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وبمزاج عام وطني يقبل بالمشاركة السياسية حينها يمكن لحزب العمال المشاركة في السباق الرئاسي لكن في الوقت الحالي لا يمكنه ذلك.

“أفريقيا برس”: هل ستنجح ضغوط المعارضة في تحقيق تقدم في ملف المعتقلين السياسيين، وهل يشكل ملف الحريات ورقة ضغط تستخدمها المعارضة ضد السلطة؟

في الواقع هذا الملف يعتبر بمثابة الفضيحة في منظومة 25 جويلية ولم يعد خافيا على أحد أنه هناك نوعا من التشفي والانتقام بين خصوم الأمس وهناك عجز عن التنافس والتعايش السياسي دون الالتجاء لهذا الأسلوب الذي تنتهجه كل الدكتاتوريات عبر التاريخ، السلطة التي ليس لها برنامج بإمكانه إقناع الشعب وإعطاءه مشروعية انتخابية في غياب ذلك أولا تستخدم مثل هذه الوسائل للمغالطة والديماغوجيا ومن جهة أخرى لفرض القمع.

الكل يعلم أن هناك جانب كبير كيدي في ملف الاعتقالات ولم توجه تهم حقيقة مسنودة بملفات تؤيد هذه الاتهامات خاصة أن التآمر يقتضي أكثر من طرف..ليس جديدا أن نقول أنه ملف فارغ.

بالنسبة إلى إطلاق سراح المعتقلين هو رهن أن تتحول هذه القضية إلى محور نضالي بين كل الأطياف السياسية بغض النظر عن الخلافات الفكرية والنظرية والسياسية بين المكونات لأنه لا يجب السكوت والصمت عن المظالم ومن يعتقد أنه اليوم بمنأى عن الاعتقال والاتهام فهذه الحياة تبين اليوم أن المنصورون اليوم هم المنهزمون في المستقبل والعكس الصحيح، إذن بالإمكان أن تتحول هذه القضية إلى قضية رأي عام ويجب على المعارضة والطيف المدني والحقوقي وعائلات المعتقلين أن يحولوا هذه المعركة إلى معركة فارقة ضد حكم قيس سعيد.

في اعتقادي ملف الحريات ليس ورقة ضغط بل هي أصل الوجود ولا يمكن الحديث عن تواجد دون حرية لا يمكن القبول بالتعايش أو بأي سلطة كانت إذا استهدفت حريتنا وأسباب وجودنا، وبالتالي نحن مثل غيرنا من المكونات لا يمكننا أن نعتبر أن الحرية مسألة ثانوية ولا يمكن أن نساوم في هذا الملف والتاريخ وتجربتنا تشهد على ذلك.

“أفريقيا برس”: لماذا فقد اليسار التونسي توهجه، ومالذي ينقصه حتى يستعيد حضوره أكثر في المشهد السياسي؟

بالحديث عن اليسار الذي لو نكثف تعريفه فهو النضال من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة والحق في العيش بكرامة وفي السيادة الوطنية وهي المفاهيم التي يستحقها كل إنسان والتي تحفظ كرامته بالأساس.

ربما اليسار تراجع نتيجة الحصار الذي لقيه منذ أن تأسست اللبنات الأولى للاشتراكية حيث أنه محل هجوم ومغالطة وتشويه وملاحقة لمناضليه وإطاراته في أنظمة ربما لها تاريخ كبير من الوعي السياسي والمكاسب السياسية والجمهورية، وقد كان هناك نوع من الحضور المحترم لليسار في مجتمعات تعيش منذ عقود في القمع وسلطة النظام الواحد لذلك كان محل تشويه ومغالطة لإظهاره أنه عدو للمجتمع وهو ما أثبته التجربة أنه غير صحيح بالمرة وقد مول الساحة السياسية على مدى تاريخه بالعقول في الجامعات وهم من صناع الرأي والإعلام والثقافة.

اليسار اليوم مثله مثل كل بقية المكونات السياسية ومثل الكائن البشري ينمو ويتطور ويتراجع وهو مرتبط بموازين قوى ومناخات وسياسات معينة حتى إن تراجع أداءه في الفترة الحالية فإن عديد المؤشرات والمطالب التي يدافع عنها مازلت موجودة وسيبقى يدافع عنها، فقط ما يلزمه أن يقترب أكثر من الناس وأن يفهم أكثر الناس ليس ليفهم حاجياتهم فقط ولكن لينشر ويزيح الغشاوة عن العقول عبر التثقيف السياسي والنظري وعبر الدعاية لمقترحاته وبرامجه وتصوراته وهي التي تجيب الآن في ظل تفشي العقلية الاستهلاكية وتفشي النظام النيوبيرالي المتوحش عما يستحقه ويحتاجه الناس في جميع واجهات الحياة.

“أفريقيا برس”: بعد أن عمق مسار 25 جويلية الانقسامات بين اليسار بين مؤيد للسلطة ومعارض لها، كيف يمكن تجاوزها اليوم وبناء يسار قوي؟

بالفعل مسار 25 جويلية نجح في شق الصفوف لأن هذا النظام الشعبوي من بين ما يعتمد عليه هو الخطاب الرنان المنمق الذي يتبنى قضايا الثورة والشعب والسيادة ومثل ما انطلت مثل هذه المقولات المغالطة على قسم كبير من الشعب التونسي فقد انطلت أيضا على بعض أجنحة ممن يعتبرون أنفسهم أنهم ينتمون إلى اليسار وغيرها من الأحزاب، وهي مسألة طبيعية أن تكون هناك خلافات وتباين للرؤى بين الأحزاب وكل يتبع وجهة نظره التي يراها صائبة من منظوره حيث أن هناك من اعتبر أن 25 جويلية لحظة فارقة يجب استثمارها ويصرون على ذلك رغم أن الواقع اثبت أنها مجرد غيمة لا أكثر وأقل، وهناك من تحمس في ذلك في البداية ثم مع مرور الوقت وانكشاف الوجه الحقيقي للشعبوية تراجع وأصبح من المعارضة، وطبعا هناك قسم آخر ومنهم حزب العمال الذي نبه منذ 24 جويلية بأن هذه الدعوة أي مسار 25 جويلية فيها أكثر من شبهة ولا علاقة لها بالمسار الثوري وتحمل أجندة سياسية لحاكم قرطاج.

وعن نفسه يسعى حزب العمال في كل الأوقات لإيجاد مشترك مع بقية المكونات لمواصلة النضال والآن نعتقد أن هناك عديد من القضايا في السياسة والاقتصاد والقضايا العربية التي بالإمكان أن يجد من خلالها اليسار تفاهامات فيما بينه لأجل النضال المشترك، وأعتقد أنه بالإمكان الاستفادة من عثرات الماضي سواء عبر النضال الفردي أو عبر تجربة الجبهة الشعبية التي خاضها، لدينا الآن مدونة من التقييمات التي بالإمكان الاستناد إليها من أجل بناء أعمال مشتركة ناجحة تطور الوعي وتغير موازين القوى لفائدة الحركة الديمقراطية والتقدمية ولفائدة الشعب.

“أفريقيا برس”: لماذا اختار حزب العمال الحفاظ على زعيمه التقليدي ولم يمنح الفرصة لضخ دماء جديدة وهو ما عرضه لانتقادات؟

بالنسبة لقضية خيارات حزب العمال الداخلية بشكل عام هو يناضل لآخر رمق في حياته من أجل الطبقة العاملة ومن أجل الشعب ومن أجل القضايا العادلة محليا وحتى أمميا، إذن هي مسالة حياة نناضل من أجلها لآخر رمق، وبالتالي نحن لا نتقاعد من السياسة، بقي أن مسألة اختيار حمه الهمامي كزعيم للحزب لسنا نحن من نعتبره زعيما هو بالفعل أحد الوجوه السياسية البارزة التي قدمت الكثير للبلاد وللحركة السياسية واختياره كأمين عام لم يفرض بقدر ما يمثله رأي أغلبية المؤتمرين، وفي الأحزاب نعلم أنه لا سلطة تعلو على سلطة المؤتمر والمؤتمر يسمى سيد نفسه وقراراته هي المرجع، وبالتالي المؤتمرون هم من اختاروا أن يواصل حمه الهمامي على رأس الأمانة العامة للحزب، وعلى العكس المغالطات هناك طاقات شبابية ونسائية في كل الحقول النقابية والحقوقية وفي الجامعات ربما بسبب التضييق الإعلامي عليها في السنوات الأخيرة لم يتمكن الحزب من إبراز طاقاته النضالية بشكل واضح لكنه يزخر بالطاقات المناضلة في كل الجهات وفي كل الواجهات والملفات.

“أفريقيا برس”: ما تقييمكم لأداء الدبلوماسية التونسية فيما يخص الملف الفلسطيني، ولماذا لم يقع تمرير قانون تجريم التطبيع في البرلمان حسب تقديرك؟

الدبلوماسية التونسية مثلها مثل كل الواجهات الأخرى.. لا يمكن أن نكون فاشلين في الاقتصاد والفلاحة وفي بقية المجالات وأن ننجح في الدبلوماسية، لذلك نعتبر أنه هناك “سيستام” أي منظومة فاشلة بكل واجهاتها، الدبلوماسية التي لا تجعل من تونس علامة فارقة في المنتظم الأممي، الدبلوماسية التي لا تعاضد أو لا تأتي بالاستثمارات من أجل حلحلة الأوضاع المالية ومن أجل تجاوز الأزمة السياسية وجلب الاستثمار والتي لا تفتح الباب أمام النقاشات من أجل استرداد الأموال المنهوبة.. هذه الدبلوماسية في أضعف الحالات هي وجه من وجوه الشعبوية والفشل وليس أدل على ذلك الموقف المخزي من قضية تمرير قانون تجريم التطبيع فهو إحدى الدعايات التي جلبت الفوز لقيس سعيد باعتبار أن القضية الفلسطينية لها حضور القوي لدى التونسيين، لكن في الوقت التي مارست فيه الصهيونية أبشع وأفضع الجرائم بحق الفلسطينيين أضعف الإيمان هو أن يتم تمرير قانون في المؤسسة التشريعية أي البرلمان، مع ذلك يتدخل قيس سعيد ويقول أن ذلك يهدد مصالح تونس في الخارج… أي مغالطة وعبث ومخاتلة أكثر من هذا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here