“طوفان الأقصى” يُبَعثر حسابات التطبيع في أفريقيا

5
"طوفان الأقصى" يُبَعثر حسابات التطبيع في أفريقيا

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – تونس. كَثُر الحديث طوال العقد الأخير عن التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء، في سياق الحملة التي قادها رئيس الوزراء الأسبق/الحالي لكسب خزان أصوات الـ 54 دولة أفريقية في الأمم المتحدة وسواها من المنظمات الدولية. لكن محطات عديدة —ليس آخرها هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ضد إسرائيلوالمجازر الإسرائيلية التي أعقبته — كشفت بأن نفوذ إسرائيل الحقيقي في القارة السمراء، لا يتناسب مع حجم التهويل الذي ظل يلاحقه. في هذا السياق، وفي وقت “طَبَّعت” غالبية دول القارة (46 دولة بحسب بعض المصادر) مع الكيان، تشير حصيلة الدول التي دعمته في “دفاعه عن نفسه” إلى أن قلة قليلة فقط من الدول الأفريقية هي التي أدانت “إرهاب” حماس، مع إعرابها عن تضامنها مع إسرائيل و”شعبها المسالم”.

هكذا تباينت ردود أفعال الدول الأفريقية وتأرجحت بشكل أساسي بين ثلاثة أنواع: أولها، الصمت ــ فالقارة السمراء هي القارة الوحيدة التي لم تعبر غالبية دولها علناً عن مواقف محددة من هذه القضيةــ وثانيا، الدعوة إلى وقف التصعيد، وهو ما يعتبر بمثابة إدانة خجولة لإسرائيل. ثم أخيرا، الإدانة الصريحة لحماس والتعاطف الحار مع إسرائيل.

لكن بعد الهجوم الجريء الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأطلقت عليه “طوفان الأقصى”، وما تلاه من رد عسكري دموي وهمجي إسرائيلي، أتت ردود فعل الغالبية العظمى من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى —في غالبيتها— متأخرة وخجولة. وهو ما يعكس تصرفا مبدئيا حذرا اتجاه الأحداث والقوى الفاعلة فيها.

(الجدول التالي يلخص خريطة المواقف الأفريقية من “طوفان الأقصى”):


التطبيع مع أفريقيا

تتعامل إسرائيل مع الكتلة الأفريقية في الأمم المتحدة ووكالاتها الدولية، باعتبارها خزان أصوات (54 دولة/صوتا) تأمل في أنها قد تصوت بما يمنع اتخاذ قرارات معادية لها. فمن بين 1400 تصويت دولي خاص بالصراع العربي الإسرائيلي منذ 1990، صوتت الدول الأفريقية لصالح إسرائيل في عدد قليل جدا منها، ولذلك تسعى تل أبيب إلى استمالة التصويت الأفريقي إلى جانبها. ويتمثل طموحها الأهم بأن تصوت الدول الأفريقية الـ54 لصالحها، وفي حده الأدنى أن تمتنع عن التصويت ضدها، بما من شأنه أن يحسن وضع إسرائيل دوليا. كما تسعى إسرائيل منذ 2002 إلى الحصول على صفة “دولة مراقب” في الاتحاد الأفريقي، والمشاركة في قممه الدورية. لكن أهم عقبة تعترض هذا المسعى هي معارضة جنوب أفريقيا والجزائر، التي تقف حائلا أمام أي انضمام إسرائيلي لمؤسسات الاتحاد.

وبالمقابل، تقوم تل أبيب بقديم مساعدات وصفقات في مجالات التكنولوجيا، والأمن الإلكتروني، والفضاء، والتطوير الزراعي، ومعالجة المياه. كما وقعت إسرائيل اتفاقيات لإقامة مشاريع الطاقة في القارة، في مقابل الحصول على المواد الطبيعية، وتمكين شركاتها من توسيع فرص الاستثمار الهائلة في القارة، وتصدير سلعها وأسلحتها. ويصل ميزان المبادلات الإسرائيلية الأفريقية إلى مليار دولار سنويا، ثلثا هذا المبلغ مع جنوب أفريقيا، لا سيما في قطاع المجوهرات.

وينفذ الجيش الإسرائيلي منذ عقد استراتيجيته التي أطلق عليها اسم “الدبلوماسية العسكرية”، والتي تشمل تدريبات مشتركة، وتعيين ملحقين وخبراء عسكريين بدول القارة. كما يشرف على تدريب عدد من جيوش القارة السمراء الراغبة في الحصول على خبراته القتالية. من أبرز الدول الأفريقية التي تستعين عسكريا بإسرائيل، نذكر: إثيوبيا، وكينيا، وأنغولا، وجنوب أفريقيا، وساحل العاج، وملاوي، وزامبيا، والتوغو، ونيجيريا، والكاميرون، والنيجر. وتستغل ذلك في الترويج لسلاحها وتكنولوجياتها الأمنية والعسكرية.

وفي سياق تحول إسرائيل إلى واحدة من الدول العشر الأوائل عالميا في بيع السلاح، زاد اعتماد عديد على السلاح الإسرائيلي، خصوصا من لدن الدول الأفريقية التي تشهد حروبا أهلية وعمليات قتل جماعي وجرائم بحق المدنيين؛ بحيث تصدر بين حين وآخر تسريبات إسرائيلية، حول تورط تل أبيب في صفقات بيع أسلحة وتدريب مقاتلين في دول القارة الأفريقية الغارقة في الحروب الأهلية، بزعم أن هذه الصفقات العسكرية تحقق لإسرائيل “مصالح أمنية” في أفريقيا.

وتأمل إسرائيل من تطبيعها الحاصل مع الدول الأفريقية أن تبعدها عن دائرة “الدول المعادية”، وتخفيف تعاطفها مع القضية الفلسطينية، وعدم الرغبة في الدخول بمعارك دبلوماسية وسياسية. وتعتمد إسرائيل في مسيرتها التطبيعية مع الدول الأفريقية، على من تعتبرهم “أصدقاءها” هناك، خصوصا: جنوب السودان، وإثيوبيا، وكينيا، ونيجيريا، والتوغو، ورواندا، الكاميرون، والكونغو الديمقراطية، ورواندا.

لكن مع كل ذلك، ينجح التطبيع مع القارة الأفريقية في تعزيز تضامن غالبية دولها مع إسرائيل، على نحو ما رأينا.

فتور صادم لإسرائيل

ينبغي التذكير، مرة أخرى، بأنه باستثناء موريتانيا، والجزائر، وتونس، وليبيا، وجزر القمر، والصومال، والنيجر، ومالي، فإن باقي الدول الأفريقية الـ 46 الأخرى طبعت علاقاتها بهذا القدر أو ذاك مع الكيان الإسرائيلي. لكن بالمقابل، يوجد في أفريقيا جنوب الصحراء أقل عدد من البلدان التي تفاعلت مع الحرب الطاحنة المشتعلة حاليا بين حماس وإسرائيل [أنظر الجدول]، مقارنة بقارات العالم الأخرى.

بلغة الأرقام، يبدو واضحا أن غالبية الدول الأفريقية التزمت الصمت الإيجابي، لأسباب سنقف عندها لاحقا. هكذا، ووفقا لحساباتنا، بلغت نسبة الدول التي لم تعبر عن موقف واضح مما يجري في وغزة الأراضي الفلسطينية المحتلة، نسبة 53,7 % من مجموع الدول الأفريقية (54 دولة). بينما لم تمثل الدول التي ساندت إسرائيل صراحة عن 20,37 %، والدول التي ساندت حماس 7,41 %. في حين مثلت الدول التي اكتفت بدعوة الجانبين إلى “التهدئة” 18,52 %.

للوهلة الأولى، قد تبدو الحصيلة مخيبة لآمال الجانب العربي، بقدر ما هي صادمة للإسرائيلي. لكن الأمور لا تقاس بهذا المنطق المتسرع. فخلو المواقف الأفريقية المعبر عنها من الدعم المناصر “تقليديا” لفلسطين، أو حتى لإسرائيل التي استثمرت كثيرا في مجهودات التطبيع مع القارة السمراء، تحتمل قراءة سياسية مختلفة تفسرها.

بيد أن ما يُدهش المراقب هو تخلف دول تُعتَبر في حكم الـ “حليفة” لتل أبيب عن إعلان التضامن معها في هذه المحطة التاريخية. فدولة مثل إثيوبيا —مثلا— التي تربطها بإسرائيل علاقات تاريخية وبشرية وعسكرية متنوعة، ويشكل يهود الفلاشا المهاجرين من أثيوبيا جزءا من التريبة السكانية لدولة العدوان، لم تسارع —كما كانت مُتوقعا— إلى إعلان تضامنها. وكذلك الاندهاش يثيره موقف غينيا الاستوائية، التي تقيم علاقات مهمة في القطاع الصحي مع الكيان، حيث تشتغل في مستشفياتها طواقم طبية إسرائيلية. وقس على ذلك كلا من نيجيريا، والنيجر، وأنغولا، وأفريقيا الوسطى، والتشاد، والكونغو، وغيرها من الدول التي تعتمد في تسليحها أو تدريب جيوشها أو دعم مجهودات التنمية في مجالات الزراعة ومعالجة المياه على المساعدة الإسرائيلية.

فكيف يمكن أن نفهم اتساع قاعدة الدول الصامتة، على الرغم من بلوغ التطبيع الإسرائيلي مستويات غير مسبوقة في أفريقيا؟

في المقام الأول، تنبغي الإشارة أن صمت غالبية الدول هو أقرب ما يكون إلى إدانة صامتة لتل أبيب. ففي صراع الفلسطينيين مع الغطرسة الإسرائيلية من الصعب على الدول الأفريقية التي عانت لقرون ويلات الاستعمار، أن تتضامن مع الجلاد على حساب الضحية. ثم في المقام الثاني، وجبت الإشارة إلى أن الدول الأفريقية التي عبرت عن مواقف غير مساندة لإسرائيل، التزمت بموقف الاتحاد الأفريقي الذي رفض نعت عمل حماس بأنه “إرهابي”، وفي المقابل دافع عن كون هجوم حماس له ما يبرره، وعن حل دائم للنزاع من خلال العودة إلى حل الدولتين. وبالتالي، فإن كثيرا من الدول التي آثرت الصمت قد فعلت ذلك حفاظا على مصالحها مع تل أبيب، حتى لا تعبر عن مواقف تغضبها.

جنوب أفريقيا.. حالة خاصة

تمثل دولة جنوب أفريقيا حالة خاصة بين الدول الـ 46 الأفريقية المطبعة مع إسرائيل. فمن جهة تمثل المبادلات الإسرائيلية الجنوب أفريقية ثلثي قيمة مبادلات القارة مع تل أبيب، لا سيما في قطاع المعادن النفيسة. ويجمع البلدين تعاون متطور في المجالات العسكرية والأمنية. ولكن من جهة أخرى، تُعتبر بريتوريا في حكم العدوة لإسرائيل، على الأقل على مستوى الخطاب. ففي أروقة الاتحاد الأفريقي، تنزل بكامل ثقلها ووزنها الاعتباري منذ 2002 لتعبئة الدول الأفريقية ضد حصول إسرائيل على صفة “دولة مراقب” في الاتحاد. ويعيق حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم الكثير من محاولات إسرائيل تطوير تعاون عميق معها.

لقد كشفت الأحداث الأخيرة وجود شرخ في المجتمع السياسي لجنوب أفريقيا. فبينما وصفت المتحدثة باسم الحزب الحاكم (حزب نيلسون مانديلا المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي لا يزال في السلطة منذ 1994) إسرائيل بأنها «دولة فصل عنصري صارخ»، عبر “مقاتلو الحرية الاقتصادية (EFF)”، وهو حزب يساري متطرف يدعو إلى الوحدة الأفريقية ويمثل ثالث قوة سياسية في البرلمان، صراحة عن مساندته لحركة حماس. في وقت أدانت أحزاب وحساسيات سياسية أخرى بشدة هجمات المقاومة الفلسطينية وتعاطفت مع إسرائيل.

بالنسبة لرئيس البلاد، التي دافعت عن القضية الفلسطينية منذ عقود، فإن «الحريق الجديد نشأ عن استمرار الاحتلال كان رد فعل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بأن «تصرفات مقاتلي حماس الفلسطينيين في إسرائيل ليست مفاجئة بسبب استمرار إسرائيل في احتلال الأرض الفلسطينية». وذهب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إلى التصريح بأنه: «لم يعد من الممكن الخلاف حول كون تاريخ الفصل العنصري في جنوب إفريقيا قد أصبح حقيقة فلسطين المحتلة».

غير القانوني للأراضي الفلسطينية، واستمرار توسيع المستوطنات، وتدنيس المسجد الأقصى والمقدسات المسيحية، واستمرار اضطهاد الشعب الفلسطيني»، كما صرح رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا. وبعد أيام قليلة من هجوم حماس، اتصل وزير خارجية جنوب أفريقيا هاتفيا برئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، ليعرض عليه مساعدات إنسانية، ما أغضب إسرائيل ودفع جنوب أفريقيا إلى الدعوة إلى «وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وفلسطين».

والواقع أن موقف جنوب إفريقيا الرسمي قد تطور بمرور الوقت من الدعوة إلى وقف التصعيد، في البداية، إلى الدعم التام للشعب الفلسطيني، ثم التعبير عن استعدادها للوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل، من خلال تبادل خبرتها. في غضون ذلك، كان رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا رئيس الدول الأفريقية الوحيد الذي أشهر تضامنه علانية مع فلسطين، فقد نشر في 14 أكتوبر 2023، مقطع فيديو على حساب الشخصي في منصة تويتر، ظهر فيه يرتدي كوفية بالأبيض والأسود، ويلوح بعلم فلسطين في يده. ويمضي الفيديو ليقول: «نحن ملتزمون بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني».

وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصدرت الرئاسة بلاغا اعتبرت فيه بأن «السلام لن يكون ممكنا حتى يصبح الفلسطينيون أحرارا». لكن البلاغ نفسه قال إن »الهجوم غير المبرر على المدنيين في إسرائيل، وحصار غزة، وقرار الطرد القسري لسكان يزيد عددهم على مليون نسمة من غزة، فضلا عن الاستخدام العشوائي للقوة، كلها أمور تضع الأساس لمزيد من المعاناة والوفيات الجماعية».

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ظل الطاقم الكبير للسفارة الإسرائيلية في عاصمة جنوب أفريقيا يعلق على التصريحات المتواترة للمسؤولين في البلاد، ويكرر أسفه لكون إسرائيل ترغب بشدة في تطوير العلاقات وتعميقها مع جنوب أفريقيا دون جدوى.

المغرب.. الشارع ضد التطبيع

بالمقابل، شكل المغرب مفاجأة كبرى في سياق ردود الفعل المتضامنة مع فلسطين. فالمغاربة مع الأردنيين تميزوا عن غيرهم من الدول العربية المطبعة، بتواتر احتجاجاتهم الضخمة المساندة لـ “طوفان الأقصى” والمنددة بالعدوان الهمجي للكيان الصهيوني. فمنذ توقيع المغرب الرسمي مع إسرائيل على اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات أواخر العام 2020، راج كلام كثير عن نهاية التزام غالبية الشعب المغربي باحتضان القضية الفلسطينية، وعن كون المناهضين للتطبيع هم مجرد أقلية. لكن اندلاع “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أشعل شرارة احتجاجات لا تتوقف عبر الجهات الأربع للبلاد وبالليل كما بالنهار. وعادت الشعارات نفسها المساندة دون شروط لفلسطين، التي ما زالت تختزنها ذاكرة شوارع المغرب منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، لترددها الحناجر في مسيرات تجمع كل أطياف المجتمع المغربي، من السلفيين والإسلاميين وحتى أقصى اليسار.. آلاف من النشطاء من مختلف فعاليات المجتمع المدني، يمثلون هيئات حقوقية وسياسية ونقابية، ومواطنون غاضبون من الجنسين ومن مختلف الطبقات والديانات والفئات العمرية ومن جميع جهات المملكة، لا يتوقفون عن المسير الاحتجاجي حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات، من قبيل: “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”، و”يا حكام الهزيمة أعطوا للشعب الكلمة”، و”لا..لا .. ثم لا.. للتطبيع والهرولة”، و”الشعب يريد إسقاط التطبيع”…

فبالنسبة إلى الجميع تعتبر القضية الفلسطينية “قضية وطنية”، تماما كما هي قضية الصحراء وأكثر.. باعتبار أن الأمر يتعلق بمقدسات إسلامية يغتصبها الصهاينة ويدنسونها دون اكثراث لأحد. لقد حرر “طوفان الأقصى” المغاربة من وهم “التطبيع” باعتباره أمرا واقعا أملته على بلادهم اعتبارات جيوسياسية قاهرة.

كثيرون داخل المغرب وخارجه فاجأتهم هذه الهبة الشعبية المغربية. وحدهم الإسرائيليون أنفسهم لم يتفاجؤوا. ففي لحظة اعتراف لها مؤخرا، كشفت الإعلامية المغربية شامة درشول التي عملت سابقا مستشارة لمدير مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب دايفيد غوفرين، بأن هذا الأخير سبق أن صرح لها بأنهم [في إسرائيل] يعلمون بأن المغاربة هم ثاني أشد شعب عربي عداء لإسرائيل وطبعا للتطبيع معها. ولذلك لا يتوقفون عن الخروج في مسيرات احتجاجية من أجل ممارسة أقصى قدر ممكن من الضغط على النظام في بلدهم، بغاية الدفع به إلى الطي النهائي لصفحة التطبيع مع العدو، على نحو ما سبق له أن فعل قبل عشرين عاما.

لكن على المستوى الرسمي، يبدو الأمر أصعب مما كان عليه قبل عشرين عاما. فخلال السنوات الثلاث الماضية من عمر التطبيع، أقام المغرب علاقات دبلوماسية وسياحية وعسكرية وأمنية وتجارية وغيرها مع إسرائيل، ضمن اتفاق متشعب رعته الولايات المتحدة الأمريكية. وفي ضوء ذلك، يجد المغرب وهو أحد أهم البلدان العربية المطبعة مع إسرائيل، نفسه في موقف حرج بسبب الحرب المروعة في فلسطين، حيث يصف الكثيرون موقف الرباط بأنه غير واضح.لكن، وبالتأكيد، فإن للمملكة مقاربة سياسية مختلفة للموضوع بخصوص ما يجري اليوم في فلسطين. فالمغرب هو الدولة العربية الوحيدة المطبعة التي ما زالت الممثلية الديبلوماسية للكيان فيها في مستوى “مكتب للاتصال”. ورغم أن المدعو دايفيد غوفرين الذي كان يرأس هذا المكتب يقدم نفسه على أنه “سفير لإسرائيل بالمغرب”، إلا أن الواقع يقول العكس. فقد سبق أن استقبل الملك المغربي أكثر من مرة في ثلاث سنوات سفراء أجانب، لم يكن بينهم “سفير” إسرائيل. كما أن الملك المغربي ومنذ سنوات لم يوافق على استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمغرب، رغم “اعتراف” إسرائيل بمغربية الصحراء. لكن في الوقت نفسه لم تتخل الرباط عن تشبثها بالدفاع عن حل الدولتين، وفي الوقت نفسه الذي أدانت الاعتداءات المتبادلة من الجانبين.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here