ناجي جلول لـ”أفريقيا برس”: مشروع البناء القاعدي يهدد البلد بالفوضى

35
ناجي جلول لـ
ناجي جلول لـ"أفريقيا برس": مشروع البناء القاعدي يهدد البلد بالفوضى

أفريقيا برس – تونس. اعتبر ناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني ووزير التعليم السابق في تونس في حواره مع “أفريقيا برس” أن مشروع البناء القاعدي الذي يطمح إلى تركيزه الرئيس قيس سعيد ينسف مكاسب الدولة التونسية كما يهدد البلد بالفوضى، لافتا إلى ضرورة إصغاء الرئيس إلى جميع الأطراف والذهاب نحو حوار وطني وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية لإنقاذ البلد من أزمتها.

وبين جلول أن سبب مقاطعته للانتخابات البرلمانية الأخيرة أنها “تؤجج القبلية والجهويات”، حسب وصفه، وبينما أقر بأن الأحزاب فقدت تأثيرها في الشارع، فقد أثبتت نتائج الدور الأول من الانتخابات أن تنسيقيات قيس سعيد ضعيفة أيضا، وأن السلطة والمعارضة يتحملان مسؤولية الفشل.

آمنة جبران
دعوت الرئيس قيس سعيد مؤخرا إلى تحديد موعد للانتخابات الرئاسية، هل هذا كاف لاحتواء الأزمة السياسية في تونس؟

غير كاف لكن عادة حين تحدد موعدا انتخابيا من شأن ذلك أن يخفف من حالة الاحتقان، والناس ترى ماذا سيكون في آخر هذا النفق، وعوض صراع الشرعيات والاضطرابات تحت سقف بلد واحد يكون الحل في البداية بتحديد موعدا للانتخابات، والرئيس قيس سعيد شئنا أم أبينا هو رئيس منتخب لمدة معينة والمنطق يقول أنه يتوجب إكمال عهدته.

ودعوتُ إلى ذلك لأن ما يؤدي إلى الاحتراب هو صراع الشرعيات خاصة أن هناك من يدفع إلى ذلك من خلال الدعوات لانتخابات رئاسية مبكرة أو تعويض رئيس بقاض، عوض ذلك طلبت من الرئيس تحديد موعد واضح ومحدد للانتخابات الرئاسية بعد أن كثر اللغط حولها، كما دعوته إلى أن يشرح لنا موقفه الواضح والصريح من صندوق النقد الدولي: إن كان يقبل بالتفاوض معه أم لا، وفي حاله رفضه يقدم لنا رؤيته لحل مشكلة المالية العمومية، ثم دعوته إلى البقاء وتغيير الحكومة إلى حكومة طوارئ أو كفاءات اقتصادية، لأن الفشل هو فشل تسيير الشأن العام حيث وهو ما فشل فيه الرئيس سعيد، فل يبقى الرئيس لكن بدون المرسوم 117.

أعلنت مقاطعتكم للانتخابات التشريعية والبرلمان القادم، ماهي مآخذكم على الانتخابات ومسار 25 جويلية ككل ؟

في الحقيقة لدينا مآخذ على الدستور لأنه دستور الشخص الواحد، فالدساتير تكتبها الجماعات والشعوب عبر برلماناتهم لا يكتبه رئيس الجمهورية حتى لو كان نابغة النابغات، سيقال عنه هذا دستور قيس سعيد، وأول ما سيقوم به من سيخلفه هو إلغائه وستبقى كل أيامنا “ندستر” (نكتب في الدساتير) وهذا من غير المعقول. ثانيا هذا الدستور مناقض لروح الدولة الوطنية التي قامت سنة 1956 على نبذ الجهويات والقبلية والعروشية ونبذ الهويات المتعددة، حيث يعيدنا هذا البرلمان لمثل هذه الصراعات وسينسف بذلك أهم ما تحقق بالنسبة للدولة التونسية وهي الوحدة الوطنية والقومية.

ثم الانتخابات البرلمانية حسب معرفتنا يكون فيها البرلمان ممثلا لجميع الشعب وليس عبر المعتمديات في الجهات، لذلك قاطعنا الانتخابات لأننا اعتبرنا أن هذا البرلمان القادم هو بدون صلاحيات، كما نرى أن هذه الانتخابات تؤجج القبلية والعروشية والجهويات في البلد.

هل تعمق المقاطعة مسار الأزمة أكثر ما يضع البلاد في طريق مسدود في ظل غياب البديل؟

كان يقال في 13 جانفي 2011 أنه لا يوجد بديل لبن علي، وبرأيي الشعب التونسي ذكي وسيجد البديل، وعلى العكس المقاطعة لا تعمق الأزمة أعتقد أن المشاركة في الانتخابات هي التي تعمقها أكثر، فأزمة تونس أساسا هي أزمة اقتصادية واجتماعية، ونحن بحاجة لحوار وطني كالذي يدعوا إليه اتحاد الشغل لكن للأسف الرئيس لا يصغي إلى هذه الدعوات، وبودنا أن يصغي إليها أو نذهب نحو حوار وطني شامل وكبير نقدم فيه الحلول للخروج من هذه الأزمة، والحلول موجودة، وأنا شخصيا اقترحت حلولا: مثل إدماج الاقتصاد الموازي، توسيع القاعدة الجبائية تخفيض الضرائب وغير ذلك، لكن للأسف الرئيس لا يستمع إلينا.

كرئيس حزب الائتلاف الوطني دعيت الأحزاب التونسية للتوحد ضد تدمير الدولة وتقصد مشروع البناء القاعدي، هل تعتقد انه مازال للأحزاب وزن بالمشهد وصوت لدى الشارع، وهل سينجح هذا المشروع؟

لا توجد حياة سياسية دون أحزاب بدون بدائل ووسائط، نذكر كيف سقط بن علي وكيف أطرت النقابات والأحزاب الحراك الاجتماعي وأوصلت البلاد إلى بر الأمان، وعكس ذلك حين سقط القذافي وعمت الفوضى في ليبيا والصومال كذلك، يعني نحن في نهاية المطاف بحاجة للوسائط مثل النقابات والأحزاب لتأطير الحراك الاجتماعي، حيث يؤدي إضعاف الأحزاب إلى الفوضى والعنف، والاحتراب يكون حين ينفلت الحراك الاجتماعي ونحن نحذر الرئيس من ذلك، لذلك الأحزاب مازال لها دورها في تونس كما لها دور في جميع البلدان الديمقراطية، وفي اعتقادي إلغاء الأحزاب هو خرافة وكلام لا معنى له.

للأسف قمنا بترذيل العمل السياسي والأحزاب على مدى عشرة سنوات وهو ما أوصلنا إلى هذا الوضع، لكن الطبقة السياسية مازلت فتية، صحيح ارتكبت أخطاء، لكن لا يجب أن ننسى ما قدمته من ايجابيات فالديمقراطية ايجابية كبرى، الانتصار على الإرهاب، كما كانت لها إخفاقات.

بالنسبة لوزن الأحزاب في الشارع اليوم فهي لطالما كانت ذات حضور ضعيف، لم تكن لدينا أحزاب مهيكلة كانت أحزاب الشخص الواحد، لذلك يجب النظر في قانون وتركيبة الأحزاب اليوم، ونحن في طور بناء الديمقراطية وبالوسع إعادة بناء الأحزاب من جديد. صحيح أن الأحزاب ليس لها تأثير على الشارع، لكن الانتخابات الأخيرة أثبتت أنه لا أحد يؤثر عليه، وهو ما يعكس حالة العزوف الواسعة لأنه لا يوجد من يؤطر الشارع، وبالتالي فإن الأحزاب ضعيفة وتنسقيات قيس سعيد هي ضعيفة كذلك.

وبخصوص مشروع البناء القاعدي فهو مشروع غريب وقد طبق في بلد وحيد في الصومال وأدى إلى الخراب، وبرأيي هو مشروع لا معنى له ينسف مكاسب الدولة، وهو مشروع فاشل مثله مثل الشركات الأهلية.

ما تقييمكم لموقف اتحاد الشغل الذي هدد بالتصعيد في حال لم يتفاعل الرئيس مع دعوات الحوار الوطني؟

أنا دائما ضد التصعيد ومع الحوار ووجود الحلول السلمية، اليوم الأحزاب والسلطة تتصارع على قيادة زورق غارق لكن أنا ضد التصعيد وللأسف الرئيس لا يصغي إلى أحد، ويجب أن نجد حلول، ولن نجد ذلك إلا عبر الحوار فهو قدرنا على شاكلة الحوار الوطني عام 2013. نحن نسير اليوم في طريق خاطئ وبدل أن يصغي الرئيس إلى الناس وإلي جميع الأطراف، بقي في نفس الخطاب وهو خطاب التخوين وهو خطاب لا يجد نفعا، في المقابل نحن نثمن مبادرة اتحاد الشغل الساعي لايجاد حوار وطني.

لماذا برأيك مبادرات المعارضة مازالت مشتتة؟

إذا كانت السلطة فاشلة ففي تقديري فإن المعارضة أفشل منها حيث لم تستطيع أن تتصدى لكل مشاريع الرئيس وقد نجح في تمريرها، وبالنسبة للشارع ففد بات معلوما أن المعارضة والسلطة يتصارعان على المناصب لا على إصلاح الصحة أو التعليم الخ..الناس فهموا ذلك وهو ما جعلهم ينفرون من الطبقة السياسية بسبب هذا الصراع المرير على السلطة، كما أن المعارضة جربت في السابق، ولم تعد لها مصداقية كافية بالنسبة للرأي العام.

ماهي توقعاتكم لمستقبل الأزمة في تونس؟

الحقيقة الوضع فوضوي وكارثي وليس أمامنا سوى التعقل، الجميع مطالب بذلك سلطة ومعارضة، يكفينا من صراع الشرعيات فالرئيس منتخب بشكل شرعي وعلينا إغلاق هذا القوس عبر تحديد موعد رسمي للانتخابات الرئاسية، فالبلد بحاجة للتهدئة وصوت العقل، كما أن الرئيس سعيد مطالب بالكف عن خطاب التخوين والمؤامرة فهذا خطاب مله الناس وهو خطاب تفرقة، وعلينا الاحتكام إلى التعقل والجلوس على طاولة الحوار والذهاب إلى حلول، لكن إذا غاب صوت العقل للأسف سنذهب إلى ما لا يحمد عقباه، ولا أحد يريد الذهاب إلى الفوضى.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here