هل تشارك المعارضة التونسية في رئاسيات 2024؟

9
هل تشارك المعارضة التونسية في رئاسيات 2024؟
هل تشارك المعارضة التونسية في رئاسيات 2024؟

عادل الثابتي

أفريقيا برس – تونس. تنتهي في العام الجاري ولاية الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي فاز بفترة رئاسية مدتها 5 سنوات عبر الدور الثاني من الانتخابات في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2019 أمام مرشح حزب “قلب تونس” نبيل القروي.

وبموجب الدستور الجديد، الذي أُقر عبر استفتاء شعبي في 25 يوليو/ تموز 2022 ضمن مسار إجراءات استثنائية اتخذها سعيّد، يتعين على الرئيس إجراء انتخابات رئاسية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدة الرئاسية.

وتعاني تونس من استقطاب سياسي حاد، منذ أن بدأ سعيّد في 25 يوليو/ تموز 2021 تنفيذ إجراءات استثنائية تضمنت أيضا حل مجلسي القضاء والنواب وإصدار قوانين بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم الفرد”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيّد “تصحيحا لمسار الثورة”، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).

في هذا السياق، وفي ظل أزمات اقتصادية واجتماعية، تتصاعد حدة الجدل والاستقطاب والاتهام كلما اقترب موعد أول انتخابات رئاسية بعد إجراءات سعيّد الاستثنائية، لاسيما في ظل وجود إشكال دستوري، فهذه الانتخابات تمثل آخر إحالة إلى دستور 2014 الملغي (نهاية فترة ولاية سعيّد).

وردا على سؤال بشأن اعتزامه الترشح لولاية ثانية، أجاب سعيّد في أبريل/ نيسان الماضي، “لست مستعدا لأن أسلّم وطني لمن لا وطنية لهم.. هي قضية مشروع وليست أشخاص.. القضية هي كيف نؤسّس لمرحلة جديدة في التاريخ التونسي”.

حملة انتخابية متواصلة

في انتقاد مبطن، قال المحلل السياسي هشام الحاجي إن “الرئيس سعيّد في حملة انتخابية متواصلة منذ أن تولى الرئاسة (2019)”.

وأضاف أن “أي رئيس عندما يتولى عهدة (فترة رئاسية) يفكر في الإنجازات التي يجب القيام بها حتى يجد ما يعتمد عليه عند التقدم لعهدة ثانية”.

واعتبر أنه “منذ توليه الرئاسة، يحاول الرئيس تغيير معادلات قوانين اللعبة السياسية لفائدته، وخطابه وتحركاته تستهدف إرضاء الطبقات الشعبية وخلف (إيجاد) مساندين.. وهو يرفض بصفة كلية اقتسام السلطة مع الآخرين”.

الحاجي توقع أن “تشهد الفترة القادمة المزيد من بروز هذه الحملة، وحتى الإجراءات الاقتصادية وتصاعد نسق الشركات الأهلية (يؤسسها مواطنون ويراهن عليها سعيدّ لحل أزمة البطالة) كلها تدل على أن هذا يندرج في حملة انتخابية سابقة لأوانها”.

وقبل أيام، جرى تسريب قائمة أسماء قيل إنها ملاحقة بمتابعات قضائية، وتضم شخصيات سياسية وإعلامية معروفة تعتزم منافسة سعيّد في الانتخابات، في وقت ما زال فيه العديد من المعارضين موقوفين بالسجن بتهمة “التآمر على أمن الدولة”.

ويتهم معارضون سعيّد باستخدام القضاء لإزاحة المنافسين المحتملين له في الانتخابات وملاحقة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية، بينما يشدد هو على استقلال القضاء.

وبشأن هذه الاتهامات، قال الحاجي: “اليوم يصعب الفصل بين الإجراءات القضائية والمحاكمات والملفات التي تعرض على القضاء وبين استبعاد عدد من المنافسين بإثارة قضايا لا تمت بصلة للنشاط السياسي، ولكن تؤدي لإزاحة المنافسين”.

وبالنسبة لإمكانية أن تشارك المعارضة في الانتخابات الرئاسية بعد أن قاطعت كل محطات مسار 25 يوليو 2021، أجاب الحاجي بأن “هناك عاملان مهمان من شأنهما أن يدفعا المعارضة إلى عدم الترشح”.

وأوضح أن “الأول هو أنها لا تعترف بهذا المسار وتعتبره عملية انقلابية، فالمعارضة لا يمكن أن تفكر في أن تُكسِب مسار 25 جويلية شرعية بالدخول في الانتخابات”.

أما العامل الثاني، بحسب الحاجي، فهو أن “المعارضة، نتيجة تداخل عدة عوامل، في حالة ضعف ووهن، وكثير من قياداتها في السجون وعدد آخر من المعارضة خارج تونس، وقدرتها على التعبئة تراجعت، وهناك عجز عن خلق كتلة موحدة وفاعلة”.

وخلص إلى أن “المعارضة لن تكون قادرة على منافسة جدية مع الرئيس”.

مؤامرة ضد الرئيس

أما أمين عام حزب مسار 25 جويلية (مساند للرئيس) محمود بن مبروك فقال إن “تحركات الرئيس ليست جديدة، فمنذ 25 جويلية 2021 يتحرك لحل ملفات الفساد، وهذا مطلب شعبي”.

وأردف: “لسنا ضد الدعوة للانتخابات ولسنا من دعاة الرئاسة مدي الحياة.. ولو أُنجزت الانتخابات الرئاسية غدا، فنحن مع الرئيس”.

بن مبروك اعتبر أن “هناك مؤامرة ضد الرئيس، هناك أطراف مقاطعة للمسار وللانتخابات ولكن لهم نوايا الترشح للانتخابات الرئاسية والتوحّد في الدور الثاني ضد الرئيس، وهم مدعومين من جهات (لم يسمها) ولهم تمويلات مشبوهة”.

وأردف: “الرئيس سعيّد قطع مع دستور 2014 وأنجزنا استفتاء وشكلنا برلمانا بغرفته الأولى وفق الدستور (الجديد).. والآن نحن في مسار إنجاز الغرفة الثانية للبرلمان (المجلس الوطني للجهات والأقاليم)”.

ومعربا عن خشيته من أن “يُقطع مسار المحاسبة في منتصف الطريق”، أضاف بن مبروك: “قلنا لما لا تكون الانتخابات الرئاسية في 2027 (إجراء الانتخابات في 2024 مرتبط بدستور 2014 الملغي) حتى تتضح الأمور ويُنقى المسار السياسي أكثر وتتم المحاسبة”.

استحقاق ضمن 2014

وبخصوص احتمال المشاركة في الانتخابات الرئاسية، قال رئيس حزب العمل والإنجاز عضو جبهة الخلاص الوطني المعارضة عبد اللطيف المكي: “ندرس الموضوع (داخل الحزب) وأيضا ضمن جبهة الخلاص”.

وأضاف المكي: “هناك وعي بأهمية هذا الموعد السياسي، فهو آخر إحالة على دستور 2014.. انتخابات 2024 الرئاسية لا تنتمي إلى روزنامة سعيّد، بل إلى روزنامة الثورة”.

ومتطرقا إلى زيارات سعيّد لعدة مناطق داخلية مؤخرا، اعتبر المكي أنها “حملات رئاسية مبكرة، لكن أعتقد أن المواطن التونسي والرأي العام ذكي”.

وتابع أن المواطن “يستطيع التسلل بين كل برامج الدعاية التي تريد تضليله. والرأي العام لن يأخذ بالاعتبار زيارات سعيّد، ولكن سيرى إن كانت لها نتائج”.

وحول ما يردده أنصار سعّيد من أنه الأوفر حظا للفوز، قال المكي: “هذا ما تقوله الدعاية، لأن الوضع الحالي تستفيد منه عديدة القوى المعادية للثورة؛ فمن إنجازات سعيّد ضرب كل المكتسبات الديمقراطية”.

وأعرب عن اعتقاده بأنه في “انتخابات نزيهة وشفافة، يمكن وبسهولة معقولة أن يفوز شخص آخر ينافس سعيّد”.

وأردف: “جبهة الخلاص مثلما حدد رئيسها (أحمد نجيب الشابي) في كلمة خلال مظاهرة 14 جانفي (يناير الماضي) احتفالا بذكرى الثورة، أنها لن تشارك إلا إذا توفرت شروطا معينة تضمن أن صوت المواطن سيقع احترامه”.

وحول علاقة الملاحقات القضائية ضد المعارضة بالاستحقاق الرئاسي، قال المكي: “لا نستطيع أن ننفيها. الوقائع تدل على ذلك”.

وأردف أن “أبرز المتكلمين باسم المعارضة والكتّاب، مثل عبد الحميد لجلاصي وغازي الشواشي وعصام الشابي، في السجن في فترة تأكد الجميع فيها أن ما يجري هو انقلاب”.

المكي زاد بأن “الأستاذ الشابي اعتقل بعد أيام من تصريح شهير قال فيه إنه سيعمل على توحيد المعارضة لاستعادة الديمقراطية”.

وشملت التوقيفات سياسيين من توجهات مختلقة، بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي.

وجرى “اعتقال كل مَن يمكن أن يمثل صوتا حرا ومقنعا ضد الانقلاب، ومنهم أناس يتحدثون عن الترشح للانتخابات الرئاسية”، كما ختم المكي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here