هل خسرت تونس الفرصة الأخيرة في استرجاع أموال عائلة بن علي المجمدة في الخارج

18
هل خسرت تونس الفرصة الأخيرة في استرجاع أموال عائلة بن علي المجمدة في الخارج
هل خسرت تونس الفرصة الأخيرة في استرجاع أموال عائلة بن علي المجمدة في الخارج

افريقيا برستونس. لم يبق سوى يومين على انتهاء الآجال القانونية المطروحة أمام تونس لاسترجاع أموال وممتلكات الرئيس السابق زين العابدين بن علي المجمدة في سويسرا، ونحو أسبوعين على الأخرى المجمدة في دول الاتحاد الأوروبي.

وحذرت منظمات وأحزاب سياسية تونسية من خسارة تونس فرصتها الأخيرة في الحصول على هذه الأموال قبل رفع التجميد عنها وإعادتها إلى عائلة بن علي وأصهاره نهائيا، في فرضية اعتبرها كثيرون “فضيحة دولة”.

ونبهت الحكومة السويسرية تونس إلى ضرورة التسريع في الإجراءات القضائية من أجل استعادة الأصول المجمدة قبل انتهاء الموعد القانوني الموافق لمنتصف ليلة الثلاثاء 19 كانون الثاني 2021.

وكان المجلس الاتحادي السويسري قد جمد في 19 كانون الثاني 2011، ما يقارب 200 مليون فرنك سويسري (ما يعادل 225 مليون دولار) من أموال عائلة بن علي المنهوبة، لم تستعد منها الدولة التونسية سوى 4.27 ملايين، وفقا لصحيفة “لوتان السويسرية.”

دعوة للتحرك العاجل

وقال عضو منظمة أنا يقظ (منظمة رقابية مستقلة) مهاب القروي في تصريح لـ “سبوتنيك” إن المنظمة وجهت دعوة عاجلة إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة للتسريع في اجراءات استرجاع أموال تونس المنهوبة من قبل بن علي وعائلته سواء الموجودة في سويسرا أو الاتحاد الأوروبي.

وشدد القروي على أن الأولوية تعود إلى سويسرا على اعتبار أن الآجال ستنتهي في غضون يومين من اليوم، قائلا “إذا عجزت تونس بعد عشر سنوات من الثورة عن استعادة أموال شعبها وعن تقديم ما يثبت أن عائلة بن علي اكتسبت هذه الأموال بطريقة غير مشروعة فإن ذلك يعتبر فضيحة دولة”.

وأوعز القروي تأخر مسار استعادة الأموال المنهوبة إلى غياب الإرادة السياسية من الحكومات المتعاقبة بعد الثورة وتواطئ بعضها مع النظام السابق، منتقدا غياب اتصالات حثيثة بين السلطات التونسية والسلطات السويسرية من أجل التمديد على الأقل في الآجال القانونية لرفع التجميد.

وأضاف “حتى اللجنة التي أحدثها رئيس الجمهورية في سبتمبر الماضي والمكلفة باسترجاع هذه الأموال، لا نعرف ماذا أنجزت وما هي الخطة التي تتبعها، ولم يبقَ لنا اليوم سوى انتظار معجزة لاسترجاع الأموال من سويسرا في ظرف يومين “.

ويعلق عضو منظمة أنا يقظ آمالا على رئاسة الجمهورية من أجل التحرك بثقلها الدبلوماسي ومطالبة الجانب السويسري بتمديد آجال رفع التجميد والأخذ بعين الاعتبار الوضع الوبائي الذي عطل مسار التقاضي.

مسؤولية الحكومة

من جانبه، نوّه رئيس حزب التكتل خليل الزاوية بأن فرصة تونس في استرجاع هذه الأموال لم تنتهِ بعد، داعيا الحكومة الحالية إلى التحرك وتقديم معطيات تفيد بضرورة التمديد في رفع التجميد.

وقال الزاوية لـ “سبوتنيك”، إنه من بين المعطيات الهامة التي قد تبرر قرار التمديد هو اثبات أن أفراد عائلة بن علي هم محل تتبع قضائي وأنهم رفضوا الامتثال للقضاء التونسي، وبالتالي اثبات وجود شبهات تهريب أموال وقع نهبها من ممتلكات الشعب التونسي.

واعتبر الزاوية أن هذه الخطوة هي مسؤولية الحكومة التي يجب عليها التحرك وتوجيه فريق من المحامين الأكفاء في ميدان التقاضي لجمع مؤيدات التمديد في آجال رفع التجميد عن أموال بن علي وعائلته. وأضاف “إذا ما توفرت الإرادة السياسية والعزيمة، فإنه لا يمكن لهذا الملف أن يغلق قبل أن تسترجع تونس جزء كبيرا من أموالها المنهوبة”.

ويرى الزاوية أن الحكومات المتعاقبة منذ 2011 إلى 2020 دون اعتبار الحكومة الجديدة التي ما تزال حديثة العهد بالسلطة، لم تتعامل مع ملف الأموال المنهوبة بالجدية الكافية، ولم تخصص الأموال الكافية لتكليف شركات دولية مختصة في البحث عن هذه الأموال وتجهيز ملف قضائي صلب يمكّن تونس من استعادتها، داعيا الحكومة الحالية إلى الاعتبار من سابقاتها.

لا وجود لأي تأخير

خلافا لذلك، يرى وزير أملاك الدولة السابق مبروك كرشيد في حديثه لـ “سبوتنيك”، أن تونس لم تتأخر في استرجاع الأموال المنهوبة من الرئيس السابق زين العابدين بن علي وأقاربه.

وأضاف “كل دول العالم التي لديها أموال مجمدة في الخارج لم تسترجع أموالها في عشر سنوات، وكل الآجال المرتبطة باسترجاع الأموال هي آجال طويلة وطويلة جدا، ومثال ذلك نيجيريا التي لم تسترجع الأموال التي حولها الرئيس الأسبق ساني أباشا من الخزينة العامة إلى حساباته الخاصة في سويسرا إلا بعد 30 سنة كاملة من تاريخ التحويل، فضلا عن الأموال العراقية والمصرية والليبية التي ما تزال مجمدة إلى اليوم”.

واستخلص كرشيد أن طول الآجال المتعلقة باسترجاع الأموال المنهوبة هي ظاهرة عامة وليست خاصة بتونس فقط. وشدد الوزير السابق أن المسار هو قضائي بالأساس وليس دبلوماسي أو سياسي، وفسر بطء استرجاع تونس لأموالها بأمرين؛ أولها غياب أحكام قضائية نهائية وباتة تسمح للبنوك الأجنبية التي بحوزتها الأموال بإرجاعها إلى البلد الأصلي.

وقال “الأحكام التي أصدرها القضاء التونسي ضد بن علي وزوجته وأصهاره صخر المطري وبالحسن الطرابلسي هي أحكام غيابية على اعتبار أنهم في حالة فرار، ويمكن الاعتراض عليها بمقتضى القانون في أجل قدره 20 عام من صدور الحكم، وبالتالي لا يمكن للبنوك السويسرية أو الأوروبية تنفيذها.

وتابع محدثنا “ثانيا، اكتشاف الأموال المنهوبة ليست عملية سهلة، نظرا لوجود جزء هام منها في دول تمثل جنات ضريبة، وهي الدول لا تعطي أموالا ولا معلومات”. وأكد كرشيد أن أيا من الدول العربية مثل المغرب أو دول الخليج العربي لم تتعاون مع تونس في ملف الأموال المنهوبة ولم تصرح بوجود أموال لديها رغم الشكوك الكبيرة.

وأشار إلى أن سقوط حقوق المطالبة بعد عشر سنوات هي معلومة غير ثابتة، قائلا إن الإجراء الذي اعتادت الدولة التونسية اتباعه منذ 2011 هو ارسال مذكرة للمطالبة بتمديد آجال رفع التجميد من الدول التي تحوز الأموال المنهوبة.

وقال كرشيد “إذا لم تقم وزارة أملاك الدولة بهذا الإجراء فإن ذلك يعتبر خطأ إجرائيا خطيرا يتحمل مسؤوليته الكاملة المباشر على الوزارة. ويذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قد دعا رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال لقائه به إلى ضرورة التحرك بأقصى سرعة حتى لا تنقضي الآجال لاسترجاع الأموال المنهوبة في الخارج. ورغم غياب احصاءات رسمية تحصر قيمة الأموال التي هربتها عائلة بن علي بعد الثورة، إلا أن منظمات تونسية قدرت هذه الأموال بنحو 23 مليار دولار.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here