تونس.. أي اصلاحات اقتصادية يمكن تطبيقها؟

18
تونس.. أي اصلاحات اقتصادية يمكن تطبيقها؟

خالصة حمروني

أفريقيا برس – تونس. “حان وقت الاصلاحات الاقتصادية العميقة” هذا ما صرح به مؤخرا وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد مؤكدا أنه سيتم أخذ القرارات بخصوص هذه الإصلاحات بطريقة تشاركية وتظامنيّة: طريقة تجمع مختلف الأطراف المعنيّة والتي لها صلة مباشرة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي على حد سواء.

ومن المتوقع أن تشمل سياسة هذه الإصلاحات – التي كشف عن بعض ملامحها والتي تنوي الحكومة المضي فيها – المنظومة الجباية وتغيير قانون الشغل وترشيد العمل الإداري وتحسينها ودفع الاستثمار الخاص الداخلي والخارجي الذي يمثل أحد عناصر الخطة التنمية التي ستعتمدها الحكومة.

وستشمل الإصلاحات الاقتصادية أيضا “مساندة قطاع التصدير والتقليص من الاستهلاك” حتى تتمكن الحكومة من جلب العملة الأجنبية وتقوية قيمة الدينار التونسي”.

وزير الاقتصاد والتخطيط شدد على ضرورة “إصلاح منظومة الاستثمار من خلال تغيير عديد القوانين المعقّدة والتي تتطلب تبسيطها، والمرور إلى اقتصاد المعرفة والمروة.

ويرى الوزير أن عزم الحكومة على المضي قدما في سلسلة الإصلاحات المذكورة يتأتي اساسا من الوضعية الاقتصادية الصعبة والتي تتبلور في نسبة نمو اقتصادي ضعيفة وموارد مالية شحيحة ونسبة بطالة مرتفعة.

لا مفر من الاصلاحات

 رضا الشكندالي - أستاذ في الاقتصاد
رضا الشكندالي – أستاذ في الاقتصاد

في قرائته لتصريحات وزير الاقتصاد والتخطيط أكد أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي انه فعلا الوقت حان لإصلاح الوضع وتدعيمه ببرنامج إنعاش اقتصادي واضح المعالم لكنه يرى الإصلاحات التي أعلن عنها الوزير غير كافية لأنها لن تستجيب لمتطلبات صندوق النقد الدولي الذي أصبحت تونس في حاجة إلى مساندته ومنحها التمويلات المالية.

وأوضح من جهته لموقع “أفريقيا برس” أنه بعد سداد الأفق وبعد استحالة توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل ميزانية 2022 عادت تونس محملة بوضع اقتصادي صعب تميز أساس بديون خارجية فاقت كل التوقعات للمشاورات مع صندوق النقد الدولي باعتباره “المنقذ الأخير” أو “الملاذ الأخير” لحكومة بودن التي وجدت نفسها عاجزة في أول امتحان لها.

واكد إن صندوق النقد الدولي وافق على تجديد التعامل مع تونس ووافق على منحها التمويلات اللازمة لكنه في المقابل لم يشترط فقط الموافقة على الإصلاحات الاقتصادية الموجعة بل المضي قدما في تنفيذها التي جاءت في 5 نقاط: مصارحة الشعب التونسي بخطورة الأوضاع الاقتصادية، مراجعة كتلة الأجور، التخفيض من قيمة الدعم على المحروقات وأخيرا إعداد مشروع إصلاح اقتصادي شامل.

وبحكم أن الخيارات قليلة أو تكاد تكون منعدمة يرى الشكندالي أنه لا حل الا اتباع هذه الإصلاحات باعتبارها الفرصة الأخيرة لإنقاذ الاقتصاد الوطني الصعب والذي زادته قرارات الرئيس الحادية الموقف منذ تاريخ 25 يوليو صعوبة إذ سارعت وكالات التصنيف الدولية إلى تخفيض التصنيف الإئتماني تونس وعجزت رئيسة الحكومة نجلاء بودن من توفير دعم مالي من الدول الصديقة والشقيقة التي زيارتهم.

ديناميكية اقتصادية

عز الدين سعيدان - خبير اقتصادي
عز الدين سعيدان – خبير اقتصادي

 من جهته صرح الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان لموقع “أفريقيا برس” أن تونس تحتاج في هذه الفترة تطبيق إصلاحات اقتصادية عميقة متعلقة أساسًا بإعادة النظر في آليات الدعم  للسلع والخدمات وإعادة هيكلة مؤسسات القطاع العام، إضافة إلى حلول أخرى أكثر استدامة كدعم القطاع الفلاحي واستهلاك المنتج المحلي الذي يوفر الموارد ويقلل الاستيراد الخارجي.

ويشاطر سعيدان وزير الاقتصاد والتخطيط إذ يرى بدوره ان تونس مدعوة إلى دعم مؤسسات القطاع العام الحيوية وتحسين مستوى أدائها الإداري والمالي والإنتاجي لإمداد السوق المحلي بالسلع والخدمات الأساسية، ودعم ميزانية الدولة بموارد إضافية من أجل تشجيع مؤسسات القطاع الخاص المتعثرة والمتأثر بجائحة كورونا.

في السياق ذاته، قال “ان تونس مطالبة بإحداث ديناميكية في مجال استقطاب الاستثمار بإقرار إصلاحات تشريعية تلغي القيود البيروقراطية من أجل تعزيز النمو الاقتصادي وامتصاص مستويات البطالة المرتفعة” لذلك عليها التخلي تدريجيًا عن رؤية الدولة الموفر الأساسي للوظائف التي أدت إلى تضخم كتلة أجور القطاع العمومي والتشجيع على الاستثمار الخاص.

وأما فيما يتعلق بالقروض الخارجية وصندوق النقد الدولي، أكد انه على تونس تطبيق الإصلاحات الاقتصادية في إطار ديمقراطي وشفاف وعبر آليات الحكومة الرشيدة للموارد وحسن التصرف.

رسائل طمأنة

 واتفقا كل من الشكندالي وسعيدان أن الحل يكمن بيد رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي بات يجمع بين يديه جميع السلطات ويسير شؤون الدولة بمراسيم.

ويتمثل الحل أساسًا ببعث رسائل طمأنة للداخل والخارج حول ضمان نجاح مسار الانتقال الديمقراطي ، بالإضافة إلى إرساء حوار وطني سياسي يُنهي حالة الاستثناء ويضع خارطة طريق واضحة المعالم لإنهاء الضبابية واستعادة ثقة الأطراف الخارجية في الاقتصاد التونسي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here