الشابي لـ“أفريقيا برس“: التمشي السياسي الخاطئ لقيس سعيد خطر على استقرار تونس

36
عصام الشابي لـ“أفريقيا برس “: التمشي السياسي “الخاطئ“ لقيس سعيد خطر على استقرار تونس
عصام الشابي لـ“أفريقيا برس “: التمشي السياسي “الخاطئ“ لقيس سعيد خطر على استقرار تونس

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. تحاول الأحزاب المعارضة لمسار 25 جويلية في تونس رص صفوفها وتجميع شتاتها في مواجهة ما تراه انقلابا على الشرعية وعلى الدستور ومناورة من الرئاسة لاحتكار السلطة وإزاحة خصومها من النخبة السياسية لفرض مشروعها السياسي وبناء جمهورية جديدة على المقاس.

وفي حواره مع “أفريقيا برس”، اعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أن التمشي الخاطئ للرئاسة يشكل خطرا حقيقيا على استقرار البلاد، داعيا إلى التفاف القوى السياسية من أجل صياغة بديل سياسي جديد قادر على انتشال البلاد من أزمتها وإعادتها إلى مسارها الديمقراطي.

ماهو موقفكم من جبهة الخلاص الوطني، هل سنشهد التحاقكم بهذه الجبهة المعارضة والانضمام إلى صفوفها كقوى وطنية في مواجهة تدابير 25 جويلية الاستثنائية؟
نحن نعتبر جبهة الخلاص الوطني خطوة في اتجاه تجميع هذه القوى السياسية لمهمة التصدي للانقلاب على الشرعية، ونحن على اتصال بها وعلى حوار معها. نرى أن مبدأ تجميع القوى الوطنية على اختلافها هي مسعى محمود، ونحن في مشاورات مع مكونات الجبهة وغيرها من القوى وخاصة الأحزاب الديمقراطية، لبحث الصيغ المثلى لتجميع القوى الوطنية وخلق موازين قوى تنتصر لإرجاع الدولة إلى المسار الدستوري والديمقراطي.

لماذا المعارضة التونسية مازلت مشتتة رغم أن مواقفها موحدة بعد 25 جويلية؟
المعارضة في خلافات عميقة قبل هذا التاريخ وعلى رغم رفضها لمسار الانقلاب على الدستور والشرعية لديها في ما بينها موروث من الخلافات ولا بد من إعادة بناء الثقة وبناء أرضية التي على أساسها ستلتقي، لكن هذا يتطلب وقت ليس القضية بالسهولة التي يتوقعها البعض، لكن أن يستمر تشتت المعارضة كامل هذه المدة بعد شهور من استيلاء الرئيس على كامل السلطات غير ملائم، حيث يستجوب ذلك خلق طريق لقوى قادرة على إنقاذ البلاد. بالتالي إذا كان المفهوم عند المعارضة في البداية هو ربط جسور الحوار والثقة فيما بينها ورسم أهداف مشتركة، فإن طول المدة تقتضي على المعارضة أن تحسم أمرها وأن تتجاوز تلك الخلافات.

هل بوسع الحوار الوطني الذي دعا له قيس سعيد النجاح في استرجاع الاستقرار السياسي في البلد؟
قيس سعيد لم يدعو إلى حوار وطني، كان دائما يرفض الحوار ويتنمر بالحوار وينعت الحوار السابق المبرم سنة 2013 بأنه لم يكن حوارا ولم يكن وطنيا، ومنذ أكثر من سنة ونصف والقوى السياسية تطالبه بالجلوس على طاولة واحدة لإنقاذ البلاد. لكن ما نراه هو أن قيس سعيد استغل أزمة عميقة مرت بها البلاد، ليس لبحث عن حلول بل لتجميع السلطات بين يديه وإلغاء دستور الجمهورية الثانية والذهاب نحو مشروعه الخاص، واليوم يدفع البلاد نحو ما يسميه جمهورية جديدة دون أدنى حوار أو تشارك مع الأطراف الحية في البلاد وبالتالي لا يمكن اليوم الحديث عن حوار، وإن اضطر أحيانا للحديث عن حوار وطني فهو للتخفيف عن الضغط الداخلي والخارجي، لأنه اتضح أنه في عزلة داخلية وخارجية.

لكن في واقع الأمر هو لم يحاور و لم يستقبل أي من القوى السياسية هو يرفض ذلك على خلاف قواعد اللعبة الديمقراطية، هو أيضا لا يتحاور مع المنظمات الوطنية بعد رفض طويل فاجئ الجميع بان الحوار انطلق لكن لم يكن أحدا حاضرا، والى الآن ما قام به خاصة أعقاب تعديل قانون هيئة الانتخابات فهو من أجل إخضاعها لإرادته ومشيئته للذهاب في استفتاء صوري من أجل تزكية اختياراته السياسية تماما مثل ما فعل ما الاستشارة الالكترونية. الحوار الوطني هو مطلبنا والمخرج الحقيقي للازمة لكن رئيس الجمهورية هو من يرفض الحوار وهو الذي يعزل نفسه والدولة عن باقي مكونات المجتمع التونسي.

هل تتوقع نجاح استفتاء 25 جويلية والتعديلات الدستورية المرتقبة؟
لا أتوقع له النجاح لأنه استفتاء لأجندة خاصة ، الاستفتاء لا بد أن يكون له بعد وطني وأن تكون كل القوى الوطنية مشاركة في توجهاته الرئيسية لكن هذا غير موجود اليوم. قيس سعيد كل همه اليوم تمرير مشروعه السياسي وبناءه القاعدي في جمهوريته الجديدة بينما البلاد غارقة في أزمات خانقة تهدد بالتفكك وبالانهيار الاقتصادي: التضخم غير مسبوق، عجز الميزان التجاري اختلال التوازنات المالية العمومية، غلاء الأسعار، تعطل مفاوضات صندوق النقد الدولي، عمل الحكومة دون ميزانية الخ.. هذه هي القضايا الحقيقية لكن قيس سعيد ليس لديه القدرة على الإجابة عنها ومواجهتها، ويواجه الرأي العام بقضايا هامشية يعمق بها الأزمة السياسية ويغض النظر عن متطلبات الوضع الاقتصادي الذي يتجه نحو الانفجار، واليوم بعد مرور 10 أشهر تقريبا من قيامه بتجميع كل السلطات بين يديه ، إلا أنه لم يقدر على مواجهة المشاكل المطروحة.

قيس سعيد يحظى بدعم شعبي في حين المعارضة والأحزاب تراجعت ثقة الشارع فيها، كيف يمكن صياغة بديل سياسي جديد؟
تمتع قيس سعيد بدعم شعبي غير صحيح، هو إظلال على الناس التي كانت تعتقد في لحظة 25 جويلية ، التي كانت تظن انه سيحقق لها آمالها لكن الخيبة كانت كبيرة. وبالرغم تحفظي على سبر الآراء لكن آخر سبر آراء كشف أن الرئيس خسر 20 نقطة في شهر واحد وبالتالي تراجع رهيب لشعبية سعيد، لأنه لم يحقق للتونسيين أي شيء وشعاراته استهلكت، وهي مجرد ذر رماد على العيون. نلاحظ أيضا أن آخر مسيرة مؤيدة له كانت ضعيفة جدا وخيبة أمل للداعمين لمسار 25 جويلية بينما مسيرة المعارضة حظيت بأضعاف مضاعفة من المشاركين، مقارنة بمسيرة المؤيدة للرئيس، وما نستنتجه أن المعارضة تتسع يوما بعد يوم، فيما قيس سعيد يفقد شعبيته ويزيد من عزلته الداخلية والخارجية. بالنسبة لي اليوم البديل اليوم هو العودة للمسار الديمقراطي والعودة للمؤسسات والتوافق الوطني من أجل وضع مخطط للخروج من الأزمة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تكون قادرة على مواجهة التحديات.

أعلنتم مؤخرا عن تأسيس الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات، ما هي أبرز أهدافها؟
كنت من الشخصيات السياسية والحقوقية التي ساهمت في تأسيس هذه الهيئة، وأشدد على أنها هيئة مستقلة عن الأحزاب ويشارك فيها شخصيات حقوقية وإعلامية ستتولى قيادتها. ويشكل المنطلق في تأسيس هذه الهيئة هو التراجع الخطير للحقوق والحريات في البلاد العامة والفردية على حد سواء، وقد شهدنا انتهاكات متعددة منذ إعلان التدابير الاستثنائية وتدهور كبير في هذا المجال، مثل منع التونسيين من السفر دون إذن قضائي، تتبع المدنيين أمام القضاء العسكري، تتبع النواب بتهم خطيرة تصل عقوبتها للإعدام، تتبع المحامين على خلفية قيامهم بواجبهم المهني والدفاع على موكليهم، تضييق على حرية التعبير كل هذا أمام تراجع دور الهيئات الموجودة سابقا. لاحظنا أيضا نوعا من الفراغ على مستوى الهيئات المحمول عليها الدفاع على الحريات فتنادت هذه الشخصيات السياسية والحقوقية والإعلامية بهدف رصد هذه الانتهاكات والدفاع عن قضايا القمع والخروقات التي ترتكبها سلطة 25 جويلية وذلك بمرافقة كل من وقع تتبعه قضائيا بسبب أفكاره وانتماءاته ودعمه قانونيا وتعبئه الرأي العام الداخلي والدولي من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات التي زادت وتيرتها، وبالتالي هذه الانتهاكات تأتي كاستجابة موضوعية بهدف تشكيل هيكل يدافع عن الحقوق والحريات في بلدنا.

هل وقع القضاء في تونس ضحية التسييس، هل بات وسيلة لتصفية الحسابات السياسية بين الرئيس وخصومه؟
واضح اليوم أن رئيس الجمهورية بعد حملة ممنهجة على القضاء والقضاة اتخذ قراره بحل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب وهو عنوان وضمان لاستقلال السلطة القضائية، كما لا يخفى اليوم ضغطه المباشر اليومي على القضاة تحت غطاء دعوتهم لتحمل مسؤوليتهم التاريخية، وهو ما لا يخفى عن أعين المتابعين والمراقبين، وقد أثر ذلك على حقوق المواطنين لأن القضاء المستقل ضامن للحقوق وفق الدستور المعلق. وبالتالي هناك محاولة من الرئاسة للسيطرة على القضاء وتوظيفه في الخصومات السياسية وهذا منافي للدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة، وأنا أحيي القضاة وأطالبهم بلعب دورهم كقضاة شرفاء لا سلطان عليهم غير القانون وضميرهم.

كنتم في السابق خصما لحركة النهضة الإسلامية، لكن تلتقون معها اليوم في ما تصفوه انقلابا على الديمقراطية، كيف تفسرون علاقتكم بالحركة؟
تفسر التحالفات حسب الأوضاع التي ما تمر بها البلاد والمواقف السياسية ومقتضيات العمل السياسي, وكل مرحلة ولها مقتضاياتها. كنا فعلا معارضين للنهضة حين استلمت الحكم بعد ثورة يناير ثم في مرحلة تحالفها مع نداء تونس التي اعتبرها حينها إدارة غير ناجحة وتفتقد لأي قدرة على تحسين أوضاع التونسيين، وكنا ننبه على كثرة الأخطاء التي ستؤدي إلى منزلقات خطيرة، لكن النهضة وحلفائها لم يصغوا إلى أصواتنا. أما اليوم فالوضع يختلف بعد استيلاء رئيس الجمهورية على جميع السلطات وإزاحة النهضة بطرق غير دستورية، حيث يحتكر اليوم سعيد الحكم ويمثل تمشيه السياسي خطرا على استقرار البلاد.

نحن نعارض هذا التمشي، وليس لأجل خصومه قديمة مع النهضة أن نقبل بالانتهاكات التي تحصل نكالة بها أو أن نقبل التخلي عن المسار الديمقراطي، لكن نحن في الحزب الجمهوري لدينا بوصلة واضحة: اختلافنا مع النهضة قائم لكن وموضوعيا نلتقي معها في معارضة الانقلاب. نحن كحزب ليس لدينا فوبيا النهضة، كنا في طليعة معارضتها في الحكم، لكن اليوم الوضع اختلف ويتطلب إنقاذ البلاد من الحكم الفردي والاستبدادي.

ماهي توقعاتكم للمشهد السياسي ومستقبل الأزمة، تونس إلى أين؟
الوضع ضبابي في تونس وهي تواجه تحديات كبرى وفي منزلق خطير، كل المؤشرات تؤكد أن البلاد تذهب إلى مزيد من تدهور الأوضاع، في الحقيقة أخشى على الدولة التونسية من التفكك وأخشى على مكاسب التونسيين من الذوبان وأن يصل الوضع الاقتصادي إلى حافة الإفلاس وان تعرف بلادنا اضطرابات اجتماعية وان استقرارها يصبح في الميزان في ظل تمشي خاطئ لرئيس الجمهورية. دورنا أن نمنع هذا الخطر أن نخلق من الضعف قوة وأن نوحد جهودنا، لان تونس أمانة وهي مستقبل أبناءنا وماضينا وحاضرنا، كل ذلك يدفعنا إلى أن لا نستسلم بل أن نعمل على مقاومة هذه الأوضاع. أنا على ثقة أن تونس ستعود، صحيح ستكون هناك فاتورة ستدفعها البلاد، لكن تونس ستعود إلى مسار ديمقراطي والى تصحيح أوضاعها الاقتصادية والى عودة الأمور إلى نصابها.

باعتباركم جزء من معارضة تعتبر نفسها أكثرية في مواجهة الرئيس قيس سعيد، أليس الأفضل المشاركة في الانتخابات لإسقاط الاستفتاء؟
نحن نرفض المشاركة في الاستفتاء وندعوا إلى مقاطعته وإسقاطه. نحن نعتبر أن هذا الاستفتاء صوري لتزكية توجهات رئيس الجمهورية لا تتوفر فيه شروط الاستفتاء والمناخ الديمقراطي والشفافية في العملية الانتخابية.

اليوم كل السلطات بيد قيس سعيد، أخضع كل المؤسسات وهياكل الدولة بما في ذلك هيئة الانتخابات إلى إرادته بما في ذلك هيئة الانتخابات وأصبحت رهن إشارته، وبالتالي هذا المسار منذ انطلاقة الاستشارة الالكترونية إلى الاستفتاء وصولا إلى الانتخابات المزعومة هي لإضفاء شرعية زائفة على مشروع استبدادي جديد يقوده الرئيس.

نحن ندعوا إلى مقاطعة هذا الاستفتاء والقيام بحملة وطنية لإسقاطه وعدم المشاركة فيه والعودة إلى المسار الديمقراطي التوافقي.

نلاحظ أن المعارضة اليوم تكتسب زخما شعبيا كبير وهناك تحولات حقيقية في اتجاهات الرأي العام، في حين شعارات سعيد سقطت في الماء، وأصيب التونسيون بخيبة من أداءه وتحول تأييدهم إلى قلق على مستقبل البلاد والى معارضة حقيقية.

أرى أن القبول بالمشاركة وقول “لا” في الاستفتاء هو خضوع لإرادة رئيس السلطة الحاكمة وسلطة الأمر الواقع أي قبول بالمسار الانقلابي على الدستور. قيس سعيد ليس له شرعية الدعوة الى الاستفتاء، ليس له شرعية كتابة دستور جديد، لدينا دستور كتبه التونسيون على مدى سنتين بعد انتخابات ديمقراطية وبمشاركة المجتمع المدني والخبراء، اليوم قيس سعيد يريد تعويضه بدستور يكتبه بنفسه في غرفة مغلقة في مداولات سرية حسب المرسوم 30 هذا ليس له شرعية.

بالنسبة لي القبول بالمشاركة ولو بقول “لا” وبالرفض هي تزكية لهذا المسار وإعطاءه شرعية، وبالتالي المسألة هي صراع حول التوجهات، إما أن ننقذ البلاد والدولة ونعود بها إلى سكة المسار الدستوري والديمقراطي أو أن نقبل أن ندخل تحت منطق الانقلاب ونصبح جزءا من العملية الانقلابية.. هذا آمر واضح بالنسبة لي.

غيابنا عن المشاركة لا يعني أننا سنفتح الطريق لسعيد، على العكس من ذلك نعتقد أن المشاركة ولو بالرفض  تعني القبول بمسار الانقلاب، نحن نعتبر كل ما قام به قيس سعيد باطل وهو خرق للدستور حيث لا يوجد دستور يكتب بمرسوم في العالم.

نحن لا نقر لقيس سعيد الشرعية والمشروعية في كتابة دستور بمقتضى مرسوم، والجيد أن المجتمع المدني وأحزاب المعارضة واتحاد الشغل أي كل القوى الحية رافضة لهذا المسار وتقف في وجه هذا الاستبداد الجديد الذي يحملنا إليه الرئيس قيس سعيد.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here