العياشي الزمال لـ“أفريقيا برس”: الدستور الجديد كتبه قيس سعيد لنفسه

14
العياشي الزمال، رئيس "حركة عازمون" ونائب سابق

أفريقيا برس – تونس. رغم تحقيق الرئيس التونسي قيس سعيد نجاحا في اختبار الاستفتاء بموافقة غالبية كبيرة من المشاركين فيه على مشروع الدستور الجديد الذي يمنحه صلاحيات واسعة قد تعرض الديمقراطية التونسية الفتية للخطر، إلا أن معارضيه يعتبرون أن تدني المشاركة يقوّض شرعية العملية كما يفتح الباب أمام مزيد من الصراعات والأزمات السياسية تصعب طريق الاستقرار بالبلد.

واعتبر العياشي الزمال رئيس “حركة عازمون”  والنائب السابق في حواره مع “أفريقيا برس” أن دستور تونس الجديد  كتبه الرئيس لنفسه منتقدا صلاحياته الواسعة وغير الرقابة على مهامه، مشيرا إلى أنه مازال بالإمكان الرهان على النخب السياسية والأحزاب التي برأييها قادرة على ترميم الهوة مع الشارع  من خلال كفاحها للحفاظ على المسار الديمقراطي بالبلاد وتقديمها برامج اجتماعية واقتصادية تستجيب لمتطلبات المواطن أولا.

آمنة جبران

 أعلنتم عن تأسيس “حركة عازمون” برئاستكم وبمشاركة عدد من الشخصيات السياسية ووجوه من نشطاء المجتمع المدني، ماهي أهداف هذه الحركة؟
بدأنا في التفكير في حركة عازمون منذ أكثر من سنة ونصف بعد أن وقفنا على تشخيص الوضع الحالي بتونس، ولماذا فشلنا سياسيا في العشر السنوات الأخيرة ووقفنا على نتيجة حتمية وهي فشل النخبة السياسية في تجاوز التجاذبات السياسية وتغيير حياة المواطن إلى الأفضل كتحسين الأجور، وتوصلنا إلى أنه هناك اهتمام بماهو سياسة وسياسوي وصراعات أيديولوجية أكثر منها اهتمام بالواقع المعيشي للمواطن.

وبعد تواصل من عدد من الشباب من لهم تجربة في الحياة السياسية أو المجتمع المدني أردنا أن نقوم بشي مختلف يعيد للسياسة معناها النبيل وهي تغيير واقع البلاد إلى الأفضل، أردنا تأسيس حركة سياسية متخففة من الأيديولوجيا ومتحررة من الماضي وتمنح فرصة للشباب لخلق جيل سياسي جديد لكن في إطار سياسة ترابط الأجيال وجميع هذه الكفاءات السياسية الموجودة معنا بالحركة لخدمة تونس.

بالنسبة لأهداف الحركة فإن شغلها الشاغل هو كل ماهو اقتصادي واجتماعي، ولدينا برنامج عملي للنهوض ببلدنا قابل للتحقيق ويمس جميع شرائح المجتمع وذلك في ظل ما يعانيه المواطن اليوم من غلاء الأسعار وأجور ضعيفة وتأكل للمقدرة الشرائية.

نعتقد كحركة عازمون أن أولى خطواتنا المعتمدة للخروج من الأزمة الاقتصادية هو تحسين الأجور وتحسين المقدرة الشرائية حتى يتسنى للمواطن العيش بكرامة، إضافة إلى خطط جديدة كالاعتماد على الطاقة البديلة حتى تكون لدينا طاقة منخفضة نستطيع من خلالها أن بها الاستثمارات الأجنبية، وبدل أن نستقطبها بالأجور المنخفضة نستقطبها بالطاقة النظيفة المنخفضة التكلفة، إضافة إلى الاستثمار في الطاقة الشمسية لمواجه العجز الطاقي الذي يقدر خمسون بالمئة وأحيانا أكثر، ومعالجة غلاء كلفة الطاقة واستقطاب مزيد المستثمرين لمعالجة مشاكل البطالة والفقر ..هذه نظرتنا في حركة عازمون  ولدينا أيضا برامج اجتماعية سننشرها تباعا.

كذلك في الجركة نحن مع السيادة الوطنية التي نضمنها برأينا بالأمن الغذائي، لدينا خطة في هذا الصدد بتأمين إنتاجنا المحلي من الحبوب وأيضا مادة السكر والأعلاف والزيوت النباتية والاهتمام بحاجياتنا من المياه ، لدينا برنامج عملي في هذا الصدد وغيرها من النقاط المهمة الأخرى، هذه عينة من أفكارنا في الحركة.

قلتم أن الحركة منفتحة على كل الأطياف السياسية، هل ممكن توضيح  خطها السياسي أكثر، هل تنحاز  للمعارضة أم داعمة لتمشي الرئاسة؟
للحركة مبادئها الخاصة وإستراتيجيتها هي تجميع لكل المنخرطين فيها، وليس لدينا مبدأ المعارضة أو غيرها، كان موقفنا واضح من الدستور، رغم إقرارنا أن 25 جويلية هي فرصة لتونس، ومواقفي التي سبقت تلك الفترة تؤيد أن العبث السياسي الموجود والاستهتار الموجود لا يمكن أن يستمر، جاء 25 جويلية وصرحنا أنه فرصة لتونس  لكن في حال لم تحد عم المسار الديمقراطي والدستوري حيث ستكون في حال الانحراف عنهما مهددة بعزلة الدولية وهو ما حدث فعلا بعد أن انفرد الرئيس قيس سعيد بالسلطة وبالمسار.

ورغم تحذيراتنا المستمرة لكن الأحداث كشفت صدق استشرافنا حيث تبين أن الدستور الجديد كتبه الرئيس لنفسه، دون مسار تشاركي وتشريك جدي للمنظمات الوطنية والفاعلين السياسيين في تونس، ومع ذلك لم نتخذ من هذا الدستور موقفا لأننا لسنا عدميين في الحركة، وقد انتظرنا خروج الدستور واستمعنا لأساتذة القانون الدستوري وتوصلنا إلى أنه يعاني من كثير من المشاكل التي تشكل خطر على الديمقراطية والاستقرار السياسي في تونس.

ماهو موقف الحركة من إجراءات 25 جويلية ومن الدستور الجديد والاستفتاء؟
صنعنا في حركة عازمون طريق جديد: نحن لسنا مع العودة مع قبل 25 جويلية وكذلك لم نوافق على الدستور الذي عرض  في الاستفتاء، ومع ذلك شاركنا في الاستفتاء وصوتنا ب “لا” لأننا لسنا موافقين على المسار الذي كتب به الدستور ولدينا كثير من الاحترازات على فصوله انطلاقا من التوطئة التي همشت دور المقاومين الذين قاموا الاستعمار بالغالي والنفيس لتحرير البلاد ولتجاوزه الفترة الممتدة منذ الاستقلال إلى 25 جويلية كأنه لم يكن لدينا بناة للدولة من بنوا المستشفيات والمدارس والطرقات وغيرها… هذا وقع تجاوزه كما وقع تغييب للدولة المدنية وتم منح الرئيس صلاحيات وضعته فوق كل المؤسسات والسلطات دون سلطة رقابية تراقب رئيس الجمهورية. هذا موقفنا من الدستور، صحيح نحن مع نظام رئاسي لكن لسنا مع نظام فيه رئيس الجمهورية يتمتع بمطلق السلطات.

هل يعد تشكيل حركة عازمون في هذا التوقيت تحديدا لمنافسة جبهة الخلاص الوطني المعارضة التي باتت تحظى بدعم شخصيات سياسية بارزة وأيضا بدعم طيف هام من الشارع؟
كل تونسي اليوم لديه الحق في المشاركة في الشأن السياسي والتعبير عن آرائه وأن ينتظم في أحزاب ومنظمات وجبهات وفقا لقناعاته.
نحن اليوم لدينا وجهة نظر خاصة بنا تختلف عن الجبهات الاخرى،  ونعتقد أنه لا يوجد كيان سياسي يعبر عن أفكارنا لذلك أسسنا حركة عازمون، والمواطن في الأخير هو من يحكم علينا وعلى هذه الخيارات السياسية المتعددة ومدى صدقها ومدى نجاحها على أرض الواقع.

تعددت المبادرات والجبهات لمواجهة مشروع الرئيس في ظل مخاوف المعارضة من الحكم الفردي، هل يعكس ذلك حالة من الارتباك السياسي خاصة أن المعارضة لم تعلن عن بدائلها لخطط الرئاسة؟
أعتقد أن الحراك السياسي اليوم الموجود في تونس رغم المشاكل هو معطى صحي، حيث لم يكن المواطن قبل عشر سنوات يعتني بالسياسة، وقد واكبنا المشاركة العامة في مناقشة الدستور في الفضاءات العامة والافتراضية وهي ظاهرة صحية حسب تقديري، صحيح نختلف لكن يجب أن تكون هناك ضمانات للتعبير عن الرأي الآخر وممارسة الحقوق والحريات، ونحن في حركة عازمون متمسكون بالمسار الديمقراطي وبالمكاسب التي حققها الشعب التونسي في هذا المجال، والواقع هو من سيكشف من مواقفه صائبة من عدمها.

تقترحون في الحركة برنامجا اجتماعيا واقتصاديا، هل بوسع الشارع الثقة مجددا في الأحزاب، آلا تعتقدون أن مهمة كسب التأييد باتت مهمة صعبة؟
أصعب مهمة برأيي هي عودة الثقة مع الشارع، اليوم هناك فقدان ثقة بين المواطن والسياسي وبين المواطن والإدارة وفي كل المجالات، وأمام هذا الواقع لدينا حلان: إما التسليم والتراجع أو الاستمرار لأن بلدنا لديها علينا حق ومنحتنا الكثير، هي مهمة صعبة صحيح لكن لدينا من العزيمة ما يجعلنا قادرون على مواجهة هذه التحديات ببرنامج عملي اقتصادي واجتماعي قابل للتطبيق وقادر على تغيير الواقع، ونقر أن استرجاع الثقة يتطلب الكثير من العمل والجهد ونحن قادمون على ذلك.

كيف تقيم المشهد الحقوقي منذ إجراءات 25 جويلية، وهل الديمقراطية التونسية فعلا مهددة كما تتوجس من ذلك المعارضة؟
بعد 25 جويلية لاحظنا بعض التجاوزات مثل المحاكمات العسكرية والتضييق على الصحفيين ومنع السفر بدون إذن قضائي، كانت هناك العديد من التضييقات هذا لا نستطيع إنكاره، لكن في المقابل نحن نريد أن نكون قوة ضغط ايجابية لتجاوز هذه المشاكل والأزمات، حيث يجب أن نحافظ على المسار الديمقراطي الذي يعد مكسبا والحقوق والحريات التي تعد مكسبا والتي لا يجب التنازل عنها.

شاركتم في مارس الماضي باجتماع للبرلمان، هل تعتبر البرلمان مازال قائما بعد قرار الرئيس بحله؟
قلت ووضحت مباشرة بعد حل البرلمان، بالنسبة لي البرلمان في عداد الماضي، واليوم علينا التوجه نحو المستقبل.

اتخذ النواب قرار إلغاء الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها قيس سعيد ، من هي الجهة التي كان يجب عليها تنفيذ قرار النواب، ولماذا لم تلزم به؟
هذا أصبح من الماضي بالنسبة كما كنت صرحت، ولم تعد هناك أي إمكانية للعودة إلى ما قبل 25 جويلية هذا  بات من الماضي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here