طارق عمراني : لماذا التخويف من سيناريو ”سعيّد – النهضة”

46
يس سعيد راشد الغنوشي

بقلم : طارق عمراني

مباشرة بعد الإعلان عن النتائج الأولية للدور الأول من الرئاسية بترشح كل من أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد و رجل الإعلام نبيل القروي صاحب قناة نسمة التلفزية الموقوف بتهم فساد و تبييض الأموال ،إنطلقت المنابر الإعلامية بحملة ممنهجة تستهدف سعيّد فوقع الصدمة كان مدويا حيث استنفرت كل الأبواق لكيل الاتهامات لظاهرة “أستاذ القانون الدستوري” و محاولة مزجها بألوان نظرية المؤامرة التي راوحت بين التلميح الى دور استخباراتي مجهول و إسقاط “صعود ترامب” في الولايات المتحدة الأمريكية و التذكير بشبهة تدخل روسي في الانتخابات الأمريكية بإعتبارها دولة عظمى و مقارنتها بتونس ذلك البلد الصغير المخترق الذي اصبح حديقة خلفية و قاعة عمليات و حقل تجارب لبراءات الاختراع المخابراتية شرقا و غربا و هي نظرية مستهلكة لم تعد تنطلي على الرأي العام .

و من جهة أخرى و في زحام الصدمة ولدت نظرية جديدة و هي الجيش الالكتروني و قد تبنى هذه النظرية ”الباحث” المختص في الشأن الليبي رافع الطبيب الذي أكد ان “سعيد” لم يكن ظاهرة عفوية بل نتاجا لسنوات من الاختراق الالكتروني و حتى لا تعوزه الحجة فقد اضطر للاستشهاد بملف “ارشيماد” الذي طفا على السطح بداية الصائفة بتقارير عن تدخل شركة اسرائيلية لتوجيه المزاج الانتخابي التونسي عبر صفحات ممولة تعد بالألاف تدار من قاعة عمليات من تل أبيب و استغل الطبيب ضبابية الطرف التونسي المستفيد من خدمات “ارشيماد” لالصاقها بقيس سعيد دون أي دليل واضح فحضرت الدلائل و التخمينات بمخرجات نتائج الرئاسية الصادمة.

التهم لن تقف عند حد نظرية “التدخل المخابراتي و الجيش الالكتروني” حيث ذهب بلاتو الحوار التونسي الى ابعد من ذلك بإعتبار “سعيد” سلفيا متطرفا لديه ارتباطات بروابط حماية الثورة و حزب التحرير لتكون الخلاصة بأن “فرانكشتاين التونسي” هو صناعة نهضوية و استعارة مصطلح “العصفور النادر” فأخيرا تمكن جهابذة الاعلام من فك شفرة هذا المصطلح “الغنوشي” فالعصفور النادر لم يكن “يوسف الشاهد” و لا” عبد الفتاح مورو” بل قيس سعيد المحافظ الذي لم يقرأ له حساب و هذا ما يحسب لتكتيكات راشد الغنوشي الخرافية و التي بنيت عليها أساطير كأساطير العنقاء أو طائر الرخ و بومة المنيرفا.

بعد أسبوع من نتائج الدور الاول من الرئاسية استسلمت الأبواق الاعلامية لسياسة الأمر الواقع و هي قيس سعيد “رئيسا للجمهورية” بعد دراسات مستفيضة لمؤسسات سبر الأراء و التي اجمعت على فوز مريح لأستاذ القانون الدستوري، ليقع المرور الى الخطة الثانية و هي التخويف من كتلة برلمانية محافظة و رجعية تدعم ساكن قرطاج و مخططه “الفوضوي” الذي سيعصف بمنجزات الدولة المدنية حيث حذر لطفي لعماري في صرخة فزع موجهة لإتحاد الشغل و منظمة الاعراف من دخول الدواعش لقصر قرطاج و قبة باردو …

تدوينة الاعلامي برهان بسيس التي تقاطعت مع أخرى لزميله بوبكر بن عكاشة لم تشذ عن هذا التمشي حيث اشار بسيس ان اخر استطلاعات الرأي تؤكد ان حركة النهضة تتنافس على المرتبة الأولي في الانتخابات التشريعية مع حزب قلب تونس و الترويج لإنقاذ ما يمكن انقاذه عبر كلمة سر مفادها دعم كتلة “القروي” الذي خرج من سباق الرئاسية لتحقيق التوازن في البرلمان.

أمام هذا المشهد… حاولت حركة النهضة امتصاص الصدمة “الرئاسية” و محاولة تعديل الاوتار بدعم قيس سعيد اللا مشروط في الدور الثاني من الرئاسية و هي حركة ساعدت النهضة من العودة الى موقعها بجولات مكوكية للغنوشي من شمال بلادها الى جنوبها مع اقتناع لدى جزء مهم من الرأي العام بأن كتلة النهضة رغم كل الاحترازات هي الكتلة القادرة على دعم قيس سعيد في الرئاسية مع عودة مونبليزير الى الخطاب الثوري و هو ما أعادها الى التنافس على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية و منافسة مشروع قلب تونس …

رسالة القروي الذي نشرت امس الثلاثاء في ساعة متأخرة أكدت عودة الاستقطاب الثنائي بشكل جديد بين مشروع شعبوبي قريب من السيستام و مشروع ثوري محافظ بمهاجمة زعيم قلب تونس لرئيس الحركة النهضة و اتهامه صراحة بالوقوف وراء اعتقاله عبر ما أسماه “الجناح القضائي للجهاز السري” و رفض التحالف الحكومي و هو ما سيجعل المنافسة محصورة بين قلب تونس و حركة النهضة يوم الأحد استنادا لدراسات استطلاع الرأي و ستكون الأيام القليلة حاسمة لتغليب كفة على أخرى.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here