تونس : جدل حول التغيرات السياسية المرتقبة

20
وليد الحجّام مستشار رئيس الجمهورية قيس سعيّد

بقلم : خالصة حمروني

أفريقيا برستونس. صرح وليد الحجّام مستشار رئيس الجمهورية قيس سعيّد مؤخرا إن دستور 2014 وضع نظاما سياسيا أثبتت التجربة أنه لم يعد مجديا وليس فيه منافع لتونس بل ساهم في تفتيت السلطة وتشابكها “وأصبح من الصعب مواصلة العمل به”، لافتا إلى أنّ الاتجاه سيكون نحو تغيير النظام السياسي الراهن إلى نظام أكثر عدلا وتحديدا للمسؤوليات ويعطي فرصة للسلطات لممارسة مهامها.

وقال في هذا السياق “الاتجاه سيكون نحو نظام رئاسي لا رئاسوي ولن يكون هناك داع للخوف من عودة الاستبداد عبرهذا النظام لأن لا عودة إلى الوراء.. سيكون النظام متوازنا فيه السلطة والسلطة المضادة مع احترام شديد للحقوق والحريات”.

وأكّد الحجّام أنه سيكون لرئيس الدولة قيس سعيّد كلمة للشعب التونسي لتفسير كل التوجهات المقبلة وتوجيه رسائل طمأنة للداخل والخارج حول المستقبل السياسي والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية وكيفية إدارة الشأن العام “هذا ما وعد به سعيّد وسيوفي بوعده” وفق تعبيره.

مواقف بعض الأحزاب

تصريحات الحجام أثارت الكثير من الجدل وسط الساحة السياسية بين متخوف من هذه التغيرات ورافض لها. وفي هذا المقال سنحاول متابعة ردود فعل بعض الأحزاب سواء عبر ما نشروه في منصات التواصل الاجتماعي أو ما أدلوا به من تصريحات صحفية.

محمد عبو، وزير أسبق

أولى هذه المتابعات نخصصها لموقف الوزير الأسبق محمد عبو الذي نشر تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك تحدّث فيها عن الفصل 80 وأسباب اللجوء إليه، معتبرا أنّ الهدف الأساسي من تفعيله كان للقطع مع حكم العصابات، لا لتغيير الدستور الذي يمكن أن يتم تعديله لاحقا في حدود الفصول 3 و 143 و 144 من الدستور، في ظل برلمان  جديد، حسب نص التدوينة.

ويرى عبو أنّ ”مشكلة تونس هي منظومة فساد سياسي لم تقدر عليها الدولة، وأنّ مشكلتها قدرة أطراف هذه المنظومة على مغالطة الناخبين وإعلام مواز وخطاب ”يدغدغ”  الميل العام للتبسيط والتسطيح وشراء أصوات.

الحزب الدستوري الحرّ أكد من جهته انه وضع إمضاءات نواب كتلة الحزب على ذمة رئاسة الجمهورية لتسهيل أي آلية دستورية لحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة في الآجال القانونية. وعبّر الحزب في بيان أصدره للغرض عن رفضه تفكيك الدولة والزج بها نحو المجهول، داعيا رئيس الجمهورية إلى سحب البساط من تحت أقدام الغنوشي وتنظيمه وعدم إعطاء فرصة للإخوان للعب دور السلطة الشرعية المنقلب عليها، وفق نصّ البلاغ.

كما طلب من قيس سعيّد احترام سيادة الشعب التونسي والتوجه له مباشرة عبر القناة الوطنية الرسمية لاعلامه بقرارات الرئاسة، داعيا بعض أساتذة القانون الدستوري إلى تجنّب الفتاوي المدمرة للدولة.

من جهته استنكر التيار الديمقراطي تصريحات مستشار رئيس الجمهورية التي عبّر فيها عن نية الرئيس قيس سعيد تعليق العمل بالدستور. وطلب التيار من رئيس الجمهورية توضيح موقفه من هذه التصريحات وذكره بضرورة احترام الدستور والعمل ضمن فصوله التزاما بما تعهد به في كلمته للشعب في 25 جولية وباليمين الدستورية التي أداها.

كما استنكر ”الضبابية التي تعتمدها رئاسة الجمهورية عبر مقاطعة الإعلام التونسي والشركاء الوطنيين مما يمس بحق التونسيات والتونسيين في المعلومة وفي المشاركة في تقرير مصيرهم ويفتح الباب أمام القرارات الأحادية والتدخلات الأجنبية”.

واعتبر الحزب ”أن سبب الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا يعود أساسا إلى الدستور أو نظام الحكم بل إلى استشراء الفساد داخل الطبقة الحاكمة وفي مفاصل الدولة وسوء اختيار المسؤولين وانعدام الكفاءة وغياب البرامج”. كما عبّر عن رفضه أي محاولة فردية لتغيير العقد الاجتماعي واستغلال حالة الغضب المشروعة للتونسيات والتونسيين لفرض خيارات سياسية.

ودعا التيار ”رئيس الجمهورية إلى وضع حد لحالة تجميع السلطات في غياب أي سلطة رقابية أو تعديلية ولتعيين رئيس حكومة بتوجه اجتماعي واضح لا يخضع للاملاءات الخارجية ويعمل بكامل الصلاحيات الدستورية على حل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وإنقاذ المالية العمومية”.

كما دعا ”جميع القوى السياسية والمدنية والمنظمات الوطنية وسائر المواطنات والمواطنين إلى فرض خارطة طريق اجتماعية واقتصادية وسياسية تقطع مع الفساد واقتصاد الامتيازات والتصدي لأي محاولة للخروج عن الدستور لتحقيق أهداف سياسية لا تستجيب إلى استحقاقات المرحلة”.

مخاوف في غير محلها

الصغير الزكراوي، أستاذ القانون الدستوري

ولأن مخاوف الأحزاب مما سيقدم عليه سعيد ونخص بالذكر تغيير الدستور وإعلان نظام رئاسي باتت واضحة للعلن وقد سبق وعبر عنها  البعض، قال أستاذ القانون الدستوري  الصغير الزكراوي “أن التخوف من النظام الرئاسي في غير محله ولا يمكن الجزم بأنه يؤدي ضرورة إلى الاستبداد، مبينا أنه نظام سياسي متوازن تكون فيه سلطة معتبرة للبرلمان مع بقية السلط المضادة التي تراقب وتعدّل.

كما اعتبر أنّ “ما أعلنه المستشار برئاسة الجمهورية وليد الحجام بخصوص خارطة الطريق والتي تتضمن إمكانية تعليق العمل بالدستور وتكوين لجنة لإعداد دستور جديد واللجوء إلى الاستفتاء، كان متوقعا لأن الدستور الحالي مصدر كل الشرور خاصة في الجانب المتعلق بالنظام السياسي الحالي الذي يُعتبر سبب الأزمة في تونس”.

وشدد على أن “الاحتكام للفصل الثالث من الدستور الحالي الذي يعتبر أن الشعب هو صاحب السلطة والسيادة ويمارسها عن طريق الشعب عبر الاستفتاء يعتبر طريقة ديمقراطية لممارسة الحكم، وربما سيتم تكليف لجنة لإعداد دستور في غضون 4 أشهر ثم يُعرض على الاستفتاء”.

وقال “من المؤكد أن النظام السياسي سيصبح رئاسيا متوازنا وسلطة تنفيذية برأسين، ورئيس الجمهورية يتمتع بصلاحيات واسعة ووزير أول بصلاحيات محدودة وبرلمان بصلاحيات معتبرة وهامّة حتى يحدث توازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية”.

وأضاف “النظام الرئاسي خلافا لما يروَّج له لا يؤدي إلى الاستبداد فستكون فيه سُلط مضادة ومحكمة دستورية تمارس مهامها وأحزاب ممثلة في البرلمان ومجتمع مدني حيوي وإعلام حر ورأي عام يراقب ويتدخل متى لزم ذلك وأعتقد أن التخويف من النظام الرئاسي في غير محله ولا يمكن الجزم بأنه يؤدي ضرورة إلى الاستبداد”.

المبروك كرشيد، وزير أسبق ونائب في البرلمان

الوزير الأسبق والنائب في البرلمان المبروك كرشيد ساند الزكراوي في موقفه وعبر في هذا الصدد بما وصفه بـ ”تباكي البعض” على الدستور الحالي، قائلا إنّ ”هذا الدستور المفخخ، الذي جزّء السلطة وخلق الأزمات وجعل أقلية تتحكم في أغلبية ولم يقدم حلولا للتونسين يجب أن يرحل”. وشدّد  كرشيد على ”ضرورة الذهاب إلى دستور يحفظ للسلطة هيبتها ويلغي الهيئات الزائفة”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here