حكومة بودن..الإرث الثقيل

17
حكومة بودن..الإرث الثقيل

بقلم: خالصة حمروني

أفريقيا برس – تونس. استفاق التونسيون صباح يوم الأربعاء 29 أيلول سبتمبر الماضي على خبر مفاده؛ تعيين نجلاء بودن لتشكيل الحكومة وذلك عملا بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 من الشهر نفسه، الخاص بالتدابير الاستثنائية وبالتحديد الفصل 16 منه.

وبتلك المناسبة دعا رئيس الجمهورية قيس بودن إلى تشكيل فريق حكومي متجانس يعمل على مقاومة الفساد كهدف أساسي، ويعمل على الاستجابة لحقوق التونسيين والتونسيات من بينها حقوقهم في التعليم والصحة.

وبتاريخ 10 آب أكتوبر، أدت رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزراؤها المقترحين اليمين الدستورية أمام سعيّد وانطلق بذلك عمل حكومة – حكومة ضمت 24 عضوا من المستقلين بينهم 10 نساء وهي في حقيقة الأمر الحكومة عدد 13 منذ ثورة الياسمين – بين مرحب بهذا الفريق الحكومي والرافض لها.

ومنذ توليها مهامها عمد أعضاء هذه الحكومة إلى النزول إلى الميدان تاركين مكاتبهم لفهم تركة الحكومات السابقة والعمل على حسن التصرف فيها. والآن وبعد مرور أكثر من شهر ونيف على هذه المباشرة يتابع المهتمون بأوضاع تونس أداء الحكومة ويتناقشون مدى قدرتها على النجاح في حلحلة الأوضاع لا سيما الاقتصادية والاجتماعية منها.

الإرث الاجتماعي “ثقيل”

نورالدين الطبوبي – الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل

 في قراءته لأداء بودن يرى نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل “إن تفاقم التحركات الاحتجاجية وعودة الاضطرابات من شأنها أن تعطل مهام هذه الحكومة وهي التي لم تجد بعد الحلول الممكنة لفك عقدة الوضع الاجتماعي الصعب”.

الطبوبي حذر الحكومة من اندلاع ما أسماها بـ”ثورة البطون الخاوية” بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية في الفترة الأخيرة وطول انتظار الشعب التونسي لتحقيق أهداف ثورته وما حلم به بعدها وبعد الاجراءات الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية يوم 25 يوليو الماضي، غير أن شيئا لم يتحقق.

اتحاد الشغل-هذه المنظمة الوطنية والتي رحبت بتشكيل حكومة بودن- تؤكد الآن أن “الوضع لم يعد يحتمل ومن الضروري أن تتكاتف جهود جميع الأطراف لإيجاد مخرجات للأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد”.

تحذير نور الدين الطبوبي من ثورة “البطون الخاوية” ما هو إلا رسالة تحذير للحكومة والرئاسة على حد سواء من المخاطر التي يمكن أن يتسبب فيها تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي وجدت الحكومة عاجزة عن حلها، لأنها وجدت نفسها أمام إرث اجتماعي ثقيل. الأمر الذي ساهم بدور كبير في عودة موجة الاحتقان التي تشهدها البلاد وآخرها ما تسبب فيه رئيس الجمهورية قيس سعيد من خلال إعلان تراجعه عن تفعيل القانون عدد 38 الخاص بتشغيل حاملي الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم والذي تسبب في تحرك عشرات المعطلين المعنيين بهذا القانون  وخوضهم تحركات احتجاجية في عديد المحافظات، منها القصرين وقفصة والقيروان ونابل وسيدي بوزيد وجندوبة وسليانة، أقدموا من خلالها على اقتحام مقرات الولايات وأعلنوا الاعتصامات والإضراب عن الطعام داخلها.

خلاصة القول يرى اتحاد الشغل “أن أداء بودن بطيء في معالجة الأوضاع الاجتماعية رغم ما تبذله من جهود”. وهذا التباطؤ سيزيد من وتيرة التحركات الاحتجاجية التي بدأت تطفوا على السطح، منها تحركات شباب منطقة الكامور التابعة لمحافظة تطاوين (محافظة تقع جنوب البلاد التونسية) للمطالبة بالتشغيل كما تشهد منطقة عقارب الواقعة بمحافظة صفاقس (جنوب البلاد التونسية) احتجاجات بسبب إغراقها في النفايات.

ومن هذا المنطلق يحدد الاتحاد أولويات الحكومة اجتماعيا في حسن التعامل مع ملف العاطلين عن العمل لأن نسبة البطالة ارتفعت إلى مستوى مخيف وأيضا العمل على امتصاص الغضب الاجتماعي في المحافظات الجنوبية لأنها إن صعّدت في مواقفها ستعطل إنتاج القطاعات الحيوية مثل الفوسفات في قفصة والبترول في تطاوين.

إصلاحات اقتصادية

عز الدين سعيدان – خبير اقتصادي

من الجانب الاقتصادي، يرى الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن حكومة بودن تسجل بعض التقدم”، فقد تم إعداد قانون المالية التكميلي لسنة 2021، وهي الآن منكبة على إعداد قانون المالية لسنة 2022 كما تسعى هذه الأخيرة إلى التقدم في المشاورات مع صندوق النقد الدولي لتوفير التمويلات المالية للحد من عجز الميزانية”.

وأوضح سعيدان أن رئيسة الحكومة تعمل على استعادة الدبلوماسية الاقتصادية، إذ قامت بعديد الزيارات إلى بلدان شقيقة وصديقة نذكر منها : زيارتها الرسمية الأولى إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في الدورة الأولى لقمة الشرق الأوسط الأخضر وزيارتها الأخيرة إلى الجزائر بتكليف من رئيس الجمهورية قيس سعيد.

رئيسة الحكومة نجلاء بودن أيضا شاركت من قبل في منتدى باريس للسلام في دورته الرابعة وفي مؤتمر بشأن ليبيا الذي مثل فرصة لرئيسة الحكومة للقاء عدد من قادة الدول.

سعيدان أكد أن رحلة الإصلاحات الاقتصادية طويلة وضرورية لأن الحكومة الحالية وجدت نفسها أمام كم هائل من المشاكل الاقتصادية متروكة على الرفوف تنتظر الحل لاسيما إن عزمت التعامل الجاد مع صندوق النقد الدولي الذي بات حازما في موضوع الإصلاحات المطلوبة.

حكومة بودن أيضا تعمل جاهدة على مقاومة الاحتكار والحد من تفشي السوق الموازية عبر تنظيم حملات مراقبة دورية، غير أن هذا “غير كاف خاصة في الوضع الاقتصادي الراهن”.

بخصوص أولويات الوضع الراهن يؤكد الخبير الاقتصادي إن على الحكومة العمل على عودة العجلة الاقتصادية من جهة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي لتمويل ميزانية 2022 من جهة أخرى على اعتبارهما عاملين أساسيين لضمان إنعاش الاقتصاد والحفاظ على مقوماته.

ضرورة “المكافحة”

رابح الخرايفي – باحث في القانون الدستوري

من جهته يرى المحلل السياسي رابح الخرايفي أن حكومة بودن تسعى لإثبات عملها وفق برنامج عمل مشترك مع رئيس الجمهورية باعتباره يملك أغلب السلطات بين يديه وهو من يصدر في نهاية الأمر والقوانين والمراسيم المنظمة للوضع في الشأن السياسي في تونس.

وأكد أنها تسعى للتحرك ضمن المجال المحدد لها من مراقبة اقتصادية ومفاوضات اجتماعية والمسائل الأخرى والتي لها علاقة بالتلقيح والتزويد والنقل والتعليم. ويرى أن العمل المشترك والاتفاق بين قصري قرطاج والقصة قد يسهل عمل الحكومة مستقبلا، لأنه يحظى بموافقة رئيس الجمهورية.

وأوضح أن الحكومة مطالبة في الوقت الراهن بمكافحة الإرهاب الذي عاود الظهور أمس الجمعة في تونس العاصمة ومكافحة الفساد ومكافحة الاحتكار وهي كلها إرث ثقيل ورثته حكومة بودن عن الحكومات السابقة، وعليها النجاح في هذه الملفات لأنها الضامن الأساسي للبقاء والنجاح.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here