عمر بن علي: سنقاطع الانتخابات المحلية لاعتراضنا على فكرة الأقاليم

143

أفريقيا برس – تونس. أشار عمر بن علي القيادي بحزب العمل والإنجاز في حواره مع “أفريقيا برس” أن حزبه قرر مقاطعة الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في كانون الأول القادم وذلك لكونه قرارا فرديا من قبل الرئاسة التي لا تصغي لبقية الأطراف السياسية في المشهد، كما أن الحزب يعارض التوزيع الجديد للأقاليم في إطار الاستعداد للاستحقاق المحلي حيث يراها دون جدوى في ظل عدم توضيح أدوارها وأهدافها ومدى قدرتها على توزيع عادل للتنمية.

وبرأي بن علي فإن المعارضة والسلطة كلاهما فشلا في استقطاب الشارع ولم ينجحا في تقديم حلول ناجعة لمعالجة الأزمات حيث تعاني البلاد بما وصفه من “توازن الضعف” ما يؤدي إلى مزيد من الانسداد السياسي، داعيا جميع الأحزاب والأجسام السياسية إلى البحث عن حلول خارج إطار الحوار الذي يصر الرئيس قيس سعيد على رفضه.

عمر بن علي هو عضو المكتب السياسي بحزب العمل والإنجاز المعارض الذي وقع تأسيسه في جوان – حزيران سنة 2022.

حوار آمنة جبران

حزب عمل وانجاز أعلن عدم مشاركته في الانتخابات المحلية ماهي مآخذكم على هذه الانتخابات، ولماذا تكتفون بقبول حوار يناقش الوضع الاقتصادي فقط؟

في اعتقادي الانتخابات المحلية لا تكون مبنية على القرارات الفردية هذا من جهة، من جهة أخرى حين نتساءل عن ماهية الانتخابات المحلية وعلى ماذا بنيت الأقاليم سنجد إشكاليات حقيقية، وبالانطلاق حتى من أسماء الأقاليم نجد أن رئيس الجمهورية عجز على إعطاء أسماء لها ومنح لها أرقام فقط، ثم ماهي أدوار هذه الأقاليم هل هي تنموية واجتماعية؟ حتى في مستوى التركيبة البشرية نلاحظ أن أرقام الأقاليم تتكون من أربع ملايين وآخر يتكون من مليون ساكن تقريبا وهو ما يجعلنا نتساءل على أي أساس وقع توزيع هذه الأقاليم؟ كما لا نعلم أي أدوار لهذه الأقاليم وصلاحياتها وعلاقتها بالمجالس المحلية ولا بالولاة وأساسا هي أجسام منتخبة والأجسام المنتخبة تعني السلطات ونحن نعلم أننا تجاوزنا عصر السلطة إلى عصر الوظيفة، كما أن طريقة إفرازها باستثناء الانتخابات الأولية التي تعد انتخابات مباشرة على مستوى العمادات بعدها سندخل مجال القرعة والمقرات والخلافات بشأنها.. كل هذه الوضعية عجيبة جدا برأيي.

وفي تقديري فإن الدعوة إلى تركيز أقاليم يجب التفكير فيها بجدية وأساسا الفكرة العامة لدى للشعب التونسي هي أن دور الأقاليم بالأساس من أجل التنمية، ونحن نعلم أن الأموال المرصودة للتنمية تحتكرها السلطة المركزية وهي موزعة بين البلديات والمجالس الجهوية، ومن خلال متابعتنا للخبراء فإن ميزانية التنمية ضئيلة، لذلك نطالب بأن تمر كل المشاريع والمقترحات إلى حوار ونقاش بين الخبراء والسياسيين ومكونات المجتمع يمكن حينها أن نعمل على تحقيق التنمية.

وللإشارة لست ضد الفكرة بالمطلق لكن ماهي مآلاتها وأهدافها في الوقت الذي تواجه فيه إشكالات حقيقية، وماهي علاقتها بالدواوين الموجودة في الجنوب والشمال الغربي وهدفها تنموي أيضا.. وأمام سياسة العبث التي نعيشها نجد أنفسنا عاجزين على تفسير مثل هذه القضايا. لذلك قرار مقاطعتنا للانتخابات مرده أنه لا نرى داعيا لوجود أجسام أخرى، لدينا في تونس تركيبة إدارية جيدة مع وجود البلديات والمعتمديات وهو ما لا يحفزنا على المشاركة بقطع النظر على الحديث على شفافية الانتخابات وهي قضايا قد تكون مؤجلة إلى بلورة موقف ايجابي من الأقاليم، يعني قبل المرور للعملية الانتخابية نحن لدينا اعتراض على فكرة الإقليم ذاته، كما أنه مقترح فرداني ولا يوجد إلى الآن تفسير لأدواره السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

هل بوسع الانتخابات المحلية ومجالس القرب التي يراهن عليها سعيد لتقديم منوال تنمية جديد أن تكون ناجعة بين الجهات أم يصعب ذلك؟

مسألة القرب ايجابية من حيث التسمية لكن كيف سيكون هذا القرب، وحسابيا حين تكون الميزانية المرصودة للتنمية لا تتجاوز 21 ألف دينار للعمادة عن أي قرب إذن نتحدث؟

وعند الغوص في هذه الأقاليم وفي مستوى العلاقة بين الولايات المشتركة في نفس الأقاليم نتساءل عن المشترك فيما بينهم: مثلا ولايتي سليانة وسوسة أي مشترك يجمع بينهم؟ وليس بالضرورة كل منطقة منفتحة على البحر يعني متقدمة اقتصاديا وولاية المهدية مثال على ذلك حيث أن مؤشر التنمية فيها ضعيف جدا، وهو ما يجعلنا نعتبر أن هذا الخيار غير سليم لأجل النهوض بالتنمية والتقدم بالبلاد، نحن لم ننجح إلى حد الآن في إيجاد فكرة مشتركة جامعة بين الخبراء والطيف السياسي ذات مردودية مقبولة.

جبهة الخلاص المعارضة جددت الدعوات لإطلاق سراح موقوفين سياسيين، هل برأيك إطلاق سراح قيادات مؤخرا من حزبكم وحزب النهضة هو بداية انفراج في هذا الملف؟

لا أظن ذلك، لأن قضية الأستاذ محمد بن سالم التي سميت بقضية تجاوز الحدود وهو في الواقع نية تجاوز الحدود وهي ليست قضية سياسية ولم نسمع بهذه التهمة في السابق وللتوضيح فقد وقع إطلاق سراحه لانتهاء مدة الإيقاف قانونيا.

ومع العلم نحن ندعم تكوين مبادرة لإيجاد انفراج في الأوضاع العامة وتعمل على تنقية الأجواء السياسية في البلاد وعدم استهداف السياسيين لآرائهم أو مواقفهم، نرى اليوم جوهر بن مبارك مثلا قد دخل في إضراب جوع للمطالبة بإطلاق سراحه، ومن غير المنطقي أن العناصر التي وقع اتهامها بما يسمى قضية التآمر على أمن الدولة لا يقع مساءلتها طيلة 6 أشهر حيث مدد لهم القضاء ولم يتخذ القرار إلى الآن حولهم أي توضيح حول هذه القضية، ومطلوب من السلطة الحاكمة توضيح الصورة الحقيقة لما يخص قضية التآمر، هذا الموضوع نريد إغلاقه لأنه موضوع سياسي بامتياز ولا توجد اتهامات لهذه اللحظة فعليا، لذلك لا نرى أن إطلاق محمد بن سالم وعلي اللافي وأحمد العماري يأتي في إطار الانفراج السياسي بل هو في إطار انتهاء مدة الإيقاف ونتمنى في الجلسة القادمة أن يقع تبرئتهم وإطلاق سراحهم بصفة نهائية.

ماهو برأيك سبب فشل المعارضة التونسية في استقطاب الشارع، هل أثر الانقسام عليها سلبا رغم توحدها في الموقف من مسار 25 جويلية؟

الإشكال في المعارضة فعلا، فالأحزاب كانت في البدايات منقسمة بين مؤيد ومعارض لمسار 25 جويلية ومع مرور الزمن تحولت أغلب الأحزاب التونسية إلى المعارضة، لكن المعارضة لم تنجح في توحيد جهودها، في البداية استبشرنا بوحدة الفكرة وانتظرنا أن تتوحد الهياكل والمواقف وأن يكون للمعارضة موقفا مشتركا ووجهة مشتركة كما هو الحال بجبهة الخلاص الوطني أو تكوين جبهة أخرى أكثر توسعا، لكن مازلت المعارضة تحافظ على طريقتها القديمة في العمل يعني اعتماد تكتلات وخيارات إيديولوجية ورؤى جهوية في بعض الحالات.

لذلك نعتبر أن المعارضة التونسية فشلت في إيجاد هيكل مشترك يجمعها لإغلاق هذا القوس الحاصل في البلد، وهي مدعوة أكثر من أي وقت مضى للتوحد ورغم محاولات التوحد في السابق والدعوة إلى حوار وطني، وفي ظل رفض رئيس الدولة لهذا الخيار فإن الوضع مازال يراوح مكانه في البلاد، بالنسبة للمعارضة لم تنجح في إيجاد حلول مشتركة لتوعية الشارع، وفي المقابل كل التململ الموجود بالشارع والوضع العام الاقتصادي إلا أن السلطة لم تقدر على تحريك الشارع كما المعارضة أيضا ونحن هنا في توازن الضعف..هذا إشكال حقيقي تعاني منه البلاد حاليا ونأمل من قوى المعارضة أن تنجح في جزء من أعمالها في هذا الأمر، كما يمكن أن يكون جزء من هذا الفشل سببه قبوع قيادات بارزة من الأحزاب الكبيرة في السجون من لها القدرة والكفاءة على تجميع الطيف السياسي، ونتمنى أن ملف الاتهامات السياسية والسجن بسبب قضايا الرأي أن ينتهي وأن تتفطن المعارضة في المستقبل لهذا الأمروتكون للأحزاب الشجاعة لمراجعة بعض مواقفها وقراراتها من أجل توحيد الجهود وإنقاذ البلاد.

ما رأيكم في تشكيك بعض المتابعين والمحللين باستقلالية حزبكم وقطعه مع مرجعية حركة النهضة وأنه ذراع سياسية جديدة للحركة التي فقدت شعبيتها في الآونة الأخيرة؟

هذا الموضوع يخضع للتقييمات الذاتية أكثر منه للاعتبارات الحقيقية والواقعية، أولا حزبنا جزء منه منتمي لحركة النهضة ثم غادرها وجزء منه كان منتميا لأجسام سياسية أخرى ومن المستقلين لذلك كان في أول ورقاته مخاطبة الناس دون العودة إلى الإرث السياسي السابق لكل شخص وقد أطلق على الحزب على نفسه اسم حزب وطني محافظ اجتماعي ديمقراطي وكل أدبياتنا ومرجعياتنا تظهر التباين الواسع بيننا وبين النهضة التي كانت بعض من قيادتنا منتمية إليها وأيضا خطابنا دليل على ذلك، صحيح موضوع الاتهام هذا قد يتواصل معنا لكن الزمن سيبين صحة ما يتهمه البعض لنا أو لا خاصة ونحن على أبواب مؤتمرنا الأول الذي سيعقد في ديسمبر القادم لتجديد هياكلنا ونشر لوائحنا وسيتضح للناس طبيعة الحزب وماهيته ومرجعيته في مستوى إدارة الفعل السياسي في البلاد.

لماذا لم تلاقي مبادرتكم السياسية التجاوب والتفاعل المطلوب، هل تعتقد أن ذلك نتيجة لتهميش الأحزاب التي لم يعد لها وزن سياسي كالسابق أم نتيجة تعدد المبادرات التي أعلنت عنها أحزاب أخرى من مرجعيات مختلفة؟

في فترة من الفترات وصفت المشهد السياسي بأنه يعيش تخمة من المبادرات ومع ذلك المبادرات اشتركت في مقترحاتها مع كثير من الأحزاب، لكن كما تحدثت سابقا موضوع الثقة بين الأحزاب السياسية مازال لم يتقدم، لذلك طالبنا بتجسير العلاقة بين الأحزاب وهي المهمة الكبرى التي نسعى إليها بربط علاقتنا بالأحزاب الموجودة بالبلاد والتقريب فيما بينها وهي من أهم الخطوات بالنسبة لنا.

وحدة الفكرة موجودة لكن وحدة العمل غائبة، صحيح أنه وقع ترذيل الأحزاب وتهميشها لكن لا مفر لنا من الأحزاب لأنها الوسيلة الوحيدة القادرة على التقدم بالمسار الديمقراطي بالبلاد، لا توجد دولة ديمقراطية في العالم دون أحزاب، وقد حاولت بعض المنظمات المساندة للمسار مثل اتحاد الشغل إيجاد حل لوضع البلد في ظل توقف للوضع الاقتصادي في البلد والوضع الحقوقي المتراجع، لكن مع ذلك نجد أنفسنا معارضة وسلطة عاجزين عن إيجاد حلول مشتركة لتجاوز الانسداد السياسي وهو البوابة لحل كل المشكلات، الوضع الحالي ليس للتنافس بل لتجاوز الإشكالات حتى نجد مساحة مشتركة لأجل العمل السياسي، للأسف اليوم كل مساحات العمل السياسي وقع إلغائها، ومن موقعي بحزب العمل والإنجاز أدعو الأطراف السياسية والأحزاب لنبذ الخلافات والجلوس على طاولة الحوار لإيجاد حلول متعددة في ظل الانهيار العام التي تشهده البلاد.

هل هناك فرص للحوار والتهدئة بين الرئاسة والأحزاب المعارضة لإنقاذ البلاد من أزمتها؟

لو قلت لك من الممكن ذلك سأكون من الناس التي تساهم في العبث..كل المحاولات لتنظيم حوار والتي طرحت أمام رئيس الدولة من قبل حتى 25 جويلية وتواصلت بعده رفضها الرئيس، وهو ما يؤكد أن هذا الموضوع مغلق من قبل رئاسة الدولة وهو يرفض الحوار الذي دعت إليه الأحزاب المؤيدة له كما المعارضة، وعلى سبيل المثال حين نرى أن الأحزاب المؤيدة تتوجس من فكرة الأقاليم والمجالس المحلية هنا نقول كيف بوسع عقلنة هذا العبث الموجود بالبلاد يعني رغم هذا الوضع الصعب ورغم ذلك يرفض الرئيس الحوار، لذلك لدي قناعة بأنه غير قابل للحوار سواء مع الأجسام الوسيطة أو الأحزاب إلا أنه في المقابل يريد أن ينخرط الجميع في خياراته الفردية وأن يقبل بها وسنتحول بذلك من وطن المواطنين إلى الرعايا.

لا أرى في المستقبل في ظل الفلسفة التي يحكم بها الرئيس أنه سيقبل على الحوار، لذلك على المعارضة أن تبحث على حلول خارج إطار الحوار وفي إطار المسائل السياسية المعقولة والتي بإمكانها إخراج البلاد من أزماتها..

لماذا فشلت العشرية الاولى للثورة في ثلاثة مواضيع أساسية : تحسين الوضع المعيشي للناس مكافحة الفساد وخاصة الفساد الاقتصادي غياب أي مشروع تنموي حيث لم تشهد تونس طيلة عشرة سنوات افتتاح مشروع اقتصادي؟

لقد كان مضمون الثورة اجتماعيا قيميا، يطالب بالعدالة الاجتماعية والقيم السياسية الضامنة لها، وكان المطلوب تحقيق المعادلة بين التنمية والديمقراطية، لكنها فشلت. ومرد الفشل هو الانقسام الذي شهدته الطبقة السياسية التونسية، ولأسباب متعددة، بعضها إيديولوجي وبعضها شخصي ذاتي وبعضها انتخابي – آثرت التناحر والتعطيل بدل التعاون والتشارك في خدمة البلاد، ففوتت على تونس فرص الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والحضاري بل تفاقمت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وفتح الباب للسياسيوية المطلقة واعتقد البعض أن التشريعات و القوانين إضافة إلى الهيئات الرقابية و التعديلية كفيلة بمقاومة الفساد دون التفكير بأنها منظومة وجب فهمها و تفكيكها و أن التنمية مرتبطة بالخيارات الاقتصادية والمناخات الجاذبة و المشجعة و بتحديد الأولويات ضمن الإمكانيات المتاحة وفي الختام لابد أن نؤكد أن الفشل الحاصل خلال العشرية و لا يزال بل تفاقم تتحمل الحكومات المتعاقبة المسؤولية الأساسية فيه دون أن نغفل المطلبية المشطة بدعم و تغول من المنظمات الوطنية و انزياح بعض الأطراف السياسية من المعارضة إلى العدمية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here