فتحي العيادي لـ”أفريقيا برس”: نحن جاهزون لإنجاح مؤتمر حركة النهضة المرتقب

24
فتحي العيادي لـ
فتحي العيادي لـ"أفريقيا برس": نحن جاهزون لإنجاح مؤتمر حركة النهضة المرتقب

أفريقيا برس – تونس. أكد القيادي البارز في حركة النهضة فتحي العيادي في حواره مع “أفريقيا برس” أن الحركة تعمل على إنجاح مؤتمرها المرتقب من خلال انجازها الورقات الأساسية المتعلقة بالمراجعات والتقييم حيث لن تقف الظروف والضغوط التي تواجهها من قبل السلطة عائقا أمام مساعيها للتجديد والتطوير.

ورأى العيادي أن” البرلمان الجديد فاقد للشرعية حيث لا يمثل انتظارات الشارع التونسي كما أنه على هوى ومقاس الرئيس قيس سعيد وسيكون مصيره الحل إذا خرج عن مزاجه، مشير إلى أن “عمل المعارضة تطور الأمر الذي دفع السلطة بالرد عليه من خلاله حملة الاعتقالات بهدف إفشال مسارها”، حسب وصفه.

حوار آمنة جبران

تتمسك جبهة الخلاص وعلى رأسها حركة النهضة برفضها للبرلمان الجديد، ماهي دوافع هذا الرفض وهل سيلعب البرلمان دورا في المشهد السياسي أم سيكون حضوره شكليا؟

هذا البرلمان يمثل جزءا من مشروع قيس سعيد المنقلب على مؤسسات البناء الديمقراطي الذي شهدته تونس بعد الثورة المباركة فهو بالتالي يعبر عن خيارات قيس سعيد ورؤيته للحكم في تونس ومؤسساته، هذا الحكم الذي ينطلق من قيس سعيد ويعود إليه وكل المؤسسات التي تشكلت إنما هي مؤسسات وظيفية، فالسلطة القضائية وظيفة والسلطة التشريعية وظيفة أيضا ولا صلاحيات لها حسب دستور سعيد وهوى سعيد.

إنه صناعة سعيد بدءا من التأسيس الدستوري والقانوني الذي أشرف عليه شخصيا وانتهاء بانتخابات تشريعية فاشلة رغم الدعاية التي وظفت فيها مؤسسات الدولة المال العام من أجل إقناع الناخب التونسي. لقد أظهر الشعب التونسي مرة أخرى ذكاء لم يسبقه إليه أحد من شعوب العالم إذ لم يعرف العالم مقاطعة انتخابية مثل التي عرفتها تونس.

فعلى أي أساس يمكن إذا أن نعترف بهذا البرلمان؟

هذا برلمان لا علاقة له بالشعب التونسي ولا علاقة له بنضاله الوطني ولا علاقة له بالثورة التونسية وأهدافها ولا بانتظارات الشعب التونسي في تنمية عادلة وتخفيف معاناته المعيشية.

تقديري أن هذا المجلس الفاقد للصلاحيات والذي يدور في فلك سعيد لن يكون له دور في المشهد السياسي التونسي بل سيكون نسخة أسوء من برلمان بن علي. ندرك جميعا أن هوية المجالس البرلمانية هي سياسة رؤى وخيارات كبرى للدولة تعبر عنها البرامج السياسية للأحزاب وليست مجرد شتات من النواب اجتمع تحت قبة برلمان فاقد لكل رؤية وتصور لإصلاح أوضاع البلاد فهل يستطيع هذا الشتات أن يقف في وجه رغبات سعيد الجامحة. إذا حاول هذا المجلس أن يخرج عن مزاج سعيد فسيكون مآله الحل.

تطالبون بالعودة إلى دستور 2014، ألا تعتقدون أن الصورة السلبية عن البرلمان القديم هي سبب الذهاب نحو برلمان جديد وبالتالي مطلبكم لن يلاقي صدى لدى غالبية الشارع؟

البرلمان الشرعي هو سلطة من جملة السلط التي نظمها دستور الثورة فإن كان في عمله بعض الخلل فلا يعني ذلك أن نتخلى عن دستور الثورة. السلبيات التي رافقت عمل البرلمان في التجربة البرلمانية الأولى والثانية تتصل أساسا بالقانون الانتخابي الذي بقي جامدا ولم يتطور ليواكب مرحلة الحكم وما تعنيه من ضرورة إفراز أغلبية قادرة على الحكم ولا علاقة لها بالدستور يضاف إلى ذلك الدور الوظيفي الذي قامت به أساسا عبير موسى لترذيل البرلمان وإخراجه في صورة مشوهة ليسهل الانقلاب عليه.

التمسك بدستور الثورة لا يعني بالضرورة عودة البرلمان الشرعي إنما تعني حماية المشترك الذي التقى عليه التونسيون والانطلاق منه لبناء الجديد تجاوزا لسلبيات الماضي وتطويرا لعناوين تعاقدنا واجتماعنا كتونسيين.

دستور الثورة هو نافذتنا على المستقبل الآمن والرحب إذا صدقت النيات وكل تصور آخر هو هدم لأساسيات بناء ضحت من أجله أجيال كثيرة قد لا نقدر على إقامة غيرها.

كيف ستكون خارطة التحالفات بالبرلمان الجديد حسب تقديرك، هل تعتقدون انه سيكون أكثر تماسكا من البرلمان السابق بسبب التقارب في الإيديولوجيات؟

الإيديولجيا الوحيدة التي تجمع هذا المجلس هي الانتهازية فلقد انتهز اليسار الوظيفي وحركة الشعب التي تدور في فلك سعيد فرصة مقاطعة الأحزاب الرئيسية في البلاد للانتخابات عساها تفوز بأكثر المقاعد فإذا بها تفشل وتخيب في تحقيق ذلك كما انتهزت أيضا عناصر التجمع القديم، تجمع بن علي، هذه الفرصة لصعودها للبرلمان ولعلها حققت بعض ما تريد.

لن يكون برلمان أصلا لأنه فاقد لكل سلطة ولكل صلاحية فما بالك أن يكون متماسكا اللهم إلا بمعنى تماسك برلمان بن علي سابقا.

لقد كشف اليوم الأول لتنصيب هذا البرلمان المشوه هشاشته وعجزه عن تجاوز تعليمات سعيد فانعقد في سرية عن شعبه الذي يدعي أنه يمثله ولا يزال يدير أعماله على طريقة سعيد بعيدا عن الصحافة ووسائل الإعلام وعن رقابة مؤسسات المجتمع المدني.

ذكرت في تصريح سابق أن النهضة كانت ولازلت مستعدة للتعاون مع مؤسسات الرئاسة، كيف يمكن إنجاح الحوار الوطني اليوم في ظل تمسك الرئيس قيس سعيد بمواقفه من الحوار؟

ذكرت ذلك سابقا بعد انتخابات 2019 عندما أدركنا في الحركة صعوبة التواصل بين مؤسسات الدولة وعدم رغبة الرئيس في التعاون مع الحكومة والبرلمان ورفضه لأكثر من مبادرة للحوار وأيضا صعوبة الأوضاع الصحية والاقتصادية التي تعيشها بلادنا.

كان التقدير لدينا أن بلادنا بحاجة إلى التعاون بين كل مؤسسات الدولة لأجل ذلك دعونا إلى الحوار وشجعنا كل مبادرة تدعو إلى ذلك غير أن الصمت والتجاهل الذي جوبهت به كل دعوات الحوار من الرئيس فوتت على تونس فرصة كبيرة لمعالجة مشاكلها خاصة في وضع صحي يتجه إلى الأزمة ووضع اقتصادي واجتماعي على حافة الإفلاس والفقر مما أوصل مؤسسات الدولة إلى حالة ارتباك وشلل لا تحسن التنسيق والتعاون والتخفيف من معاناة المواطن التونسي.

اتجه بعد ذلك سعيد إلى الانقلاب على البرلمان وعلى الدستور واتخذ قرارات عن طريق مراسيم رئاسية بحل كل المؤسسات الدستورية وتوغل أكثر في حكم فردي اتخذ من الشعبوية والفاشية أسلوبا في إدارة أوضاع البلاد. فتحول المشهد العام في البلاد إلى حرب مفتوحة ضد الصوت الحر الناقد لخيارات سعيد فاعتقلت أغلب قيادات المعارضة و استمر الضغط على القضاة واستهدافهم بكل الطرق والتحريض عليهم من أجل الانخراط في مسرحية المؤامرة على الدولة وتعريض حياة الرئيس للخطر وتوسعت دائرة التنكيل بالصوت المعارض لتشمل الصحفيين والمدونين والمحامين فرسان الحرية والنقابيين.

لقد أعلن سعيد مخالفته للأحزاب بصورتها التقليدية ويعتبر البديل في إقامة النظام القاعدي. فهل يمكن أن ينجح الحوار في ظل هذا النظام؟

لقد وضع سعيد قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل في حرج كبير عندما رفض مبادرتهم في المرة الأولى والثانية ولم يترك لهم المجال لان يشقوا طريقا إلى الحوار فسعيد لا يقبل أن يكون معه شريك في إدارة البلاد, لا الذين وقفوا إلى جانبه في انقلابه وزينوا له ما يفعل ولا الذين مدوا أيديهم إليه لإنقاذه من حالة العزلة الداخلية والخارجية.

الحوار الممكن والمطلوب اليوم هو حوار الأطراف الوطنية في البلاد لرسم خارطة إنقاذ لتونس من هذا العبث الذي تعيشه وإقناع الشعب التونسي بذلك.

لماذا فشلت النهضة في توحيد الأحزاب المعارضة لمسار 25 جويلية، هل بسبب أن الغالبية يحملها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالبلد؟

لقد واجهنا هذا الانقلاب بشجاعة الموقف الذي أعلناه منذ اللحظة الأولى وبمسؤولية كبيرة إذ أعلنا وفي أكثر من مناسبة أننا نتحمل مسؤوليتنا كغيرنا من الذين شاركونا هذه التجربة، كل حسب دوره ومساهمته طيلة هذه المرحلة، وأن واجبنا تجاه شعبنا أن نقدم بوضوح نقدنا الذاتي حتى نستطيع بناء مشترك جديد معه، إلا أن البعض أراد تحميلنا وحدنا مسؤولية ما حصل والبعض الآخر راهن ولا يزال على مسار 25 جويلية رغم الفشل والجرائم التي يرتكبها سعيد في حق الشعب التونسي ودولته.

لقد استطعنا أن نتجاوز حالة الشلل التي أصابت المشهد التونسي بسبب انقلاب 25 جويلية وأن نصمد في وجه حملات الشيطنة للحركة ولمرحلة ما بعد الثورة ووقفنا في وجه عمليات تبييض هذا الانقلاب الشعبوي الفاشي مع الوطنيين من نخب مثقفة وقيادات من المجتمع المدني وأحزاب سياسية لم تفقد بوصلة اتجاهها الديمقراطي.

لقد تطور العمل المشترك بين المعارضة التونسية وإدراك مرحلة من الوضوح والتوافق الأمر الذي دفع بسعيد لأن يقوم بحملته الواسعة ويستهدف قيادات المعارضة ويختلق مسرحية التآمر على أمن الدولة التي لا يصدقها أحد حتى يفشل هذا المسار.

هل تعتقد أن خلافات وانقسامات المعارضة وعجزها عن التوحد سبب تراجع التفاف الشارع حولها أم أن التضييق التي تواجهه من قبل السلطة سبب هذا التراجع؟

لقد ورثت تونس تاريخا من الإقصاء السياسي منذ عهد بورقيبة وبن علي وتعمق الانقسام الذي تأصل ضمن فكرة الإقصاء وعدم الاستعداد للعمل المشترك فابتليت تونس بأحزاب سياسية شعارها الإقصاء بخطاب متطرف يصادر كل إمكان للالتقاء والحوار ولو لا حالة التشتت لما استطاع سعيد ومن خلفه أن ينقلبوا على الديمقراطية في تونس وسيستمر سعيد ما استمرت خلافاتنا واستمرت بعض الأحزاب الوظيفية في أداء أدوارها المشبوهة.

لا شك أن المشهد السياسي العام في تونس وافتقاد أحزابه لبرامج تخفف من حدة المشكل التنموي في الجهات خاصة ونجاح إستراتيجية تفجير الخلافات وترذيل العمل السياسي أفقدت الشعب التونسي حماسه للثورة واستعداده للدفاع عن تجربته الحديثة والتفافه حول الأحزاب السياسية، كل ذلك لم يمنع الأحزاب السياسية الوطنية من أن تستعيد علاقتها مع الشعب التونسي وتثبت نفسها ضمن الخيار الوطني الديمقراطي البديل لإنقاذ تونس من حالة الفشل والشلل العام الذي أصبحت عليه الدولة التونسية والاقتصاد التونسي والإفلاس الذي يهدد المالية العمومية التونسية.

أمام هذا التطور في المشهد السياسي الوطني المعارض لسعيد عمد هذا الأخير لخيار القمع والاعتقالات وفبركة الملفات من قصر قرطاج مباشرة وباشراف من وزيرة العدل بإخراج سيء يستفز كل تونسي لأنه علامة على عدم احترامه واستبلاه له.

هل انعكست الضغوط التي تعيشها حركة النهضة سلبا على أجواء مؤتمرها المرتقب، وهل سيكون المؤتمر فرصة لمراجعة وتقييم سياساتكم؟

تجربة الحركة مع المؤتمرات تجربة ثرية وطويلة فلقد استطاعت أن تنجز مؤتمراتها بعقلانية كبيرة في ظروف مختلفة تحت قصف نظام بن علي وفي ظروف الهجرة، وبعد الثورة وما فتحته من آفاق كبيرة أمام الحزب للتطوير والتجديد.

نجد أنفسنا اليوم تحت ضغوط حكم شعبوي فاشي رافض للأحزاب السياسية، لكن هذا لن يمنعنا من أن نتسلح بإرادة الإنجاز وبالعقلانية التي عرفت بها الحركة في تعاملها مع قضايا البلاد.

لقد نجحت لجنة الإعداد المضموني للمؤتمر في انجاز الورقات الأساسية منها ما يتصل بالتقييم والمراجعة ومنها ما يتعلق بالمستقبل والخيارات الإستراتيجية للحركة فنحن جاهزون مضمونيا لإنجاز مؤتمرنا ولقد وجهت مؤسسة الشورى في دوراتها الأخيرة الحركة للبدء في نقاش هذه المضامين مع أبناء الحركة والاستعداد لعقد المؤتمر في موعده المتفق عليه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here