مجدي الكرباعي لـ”أفريقيا برس”: السلطة القائمة تصغي إلى نفسها فقط

20
مجدي الكرباعي لـ
مجدي الكرباعي لـ"أفريقيا برس": السلطة القائمة تصغي إلى نفسها فقط

أفريقيا برس – تونس. أشار مجدي الكرباعي الناشط السياسي والنائب السابق في البرلمان التونسي في حواره مع” أفريقيا برس” إلى أن السلطة القائمة تصغي إلى نفسها فقط ما يصعب التوصل الى حلول تشاركية للخروج من الأزمات التي تعصف بالبلاد، لافتا أن ملف الحريات أعاق التوصل إلى اتفاق مع أوروبا بشأن الهجرة في ظل أرق أوروبي بخصوص هذا الملف.

واعتبر الكرباعي أن تونس تعيش حالة من العبثية حيث يغيب عقل الدولة والسلطة التي ترفض كل حوار مع الأطراف الأخرى وتدين كل من يعارضها ويختلف معها في الرأي، ووصف إجراءات 25 جويلية بال “انقلاب” على الديمقراطية مع مرور سنتان على تطبيقها كما زادت من تعميق الأزمة أكثر، حسب تعبيره.

ومجدي الكرباعي هو ناشط سياسي وحقوقي ونائب سابق بالبرلمان التونسي عن دائرة إيطاليا، وقد كان قياديا بحزب التيار الديمقراطي لكنه استقال من الحزب في ديسمبر 2022.

حوار آمنة جبران

كيف يعيق ملف الحقوق والحريات في تونس الوصول إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي كما ذكرت مؤخرا؟

بالنسبة لملف الهجرة وخاصة الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتونس فقد لاحظنا مؤخرا نوعا من تعطل للمفاوضات أو بصراحة أكثر تعطل إمضاء هذا الاتفاق، وهذا لا يخفي أن المسألة الحقوقية هي مسألة أساسية لأن الاتحاد الأوروبي خاصة ايطاليا يريد أن تكون تونس دولة آمنة، وفي ظل نظام لا يحترم حقوق الإنسان ولا يحترم الحريات لا تعتبر تونس دولة آمنة، وبالتالي هذا يؤرق الاتحاد الأوروبي من ناحية ويجعل من تونس دولة ليست آمنة من ناحية أخرى، وهذا ما يعتبر عائقا أمام التوصل إلى اتفاق في هذا الملف، وأظن أن الرئيس قيس سعيد يعتبر هذه المسألة تدخلا في الشؤون الداخلية التونسية وبالتالي يراوغ ولا يريد الإمضاء، كما هناك استعمالا كذلك للمهاجرين خاصة الحادثة الأخيرة في مدينة صفاقس كوسيلة للابتزاز وتحسين شروط التفاوض للأسف هذا ما وصلنا إليه الآن.

لماذا تعتبر تجديد اتفاق الهجرة مع ايطاليا هو المنفذ لهذه الأزمة؟

هو لا يعتبر تجديد فالاتفاق موجود منذ سنة 1998 بين تونس وايطاليا وفي الواقع ليس اتفاقا بل هي مذكرة وبالتالي لا نتحدث على تجديد أو إنقاذ أو عدم إنقاذ فذلك موجود منذ سنوات وكل مرة يقع تنقيحه وإضافة بعض البنود والشروط وبعض الامتيازات وبعض التمويلات وبالتالي الاتفاق موجود منذ زمن طويل منذ أن كان بن علي في الحكم ثم بعد الثورة وتوالي الحكومات، وللأسف هو مبني على صيغة ومقاربة أمنية بحتة وهي كيف تمنع تونس الهجرة غير الشرعية فيما عليها أن تستقبل المهاجرين وأن تتعرف على المهاجرين التونسيين ممن وقع ترحيلهم في مرحلة ثانية إلى تونس.

أمام الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بتونس هل تتوقع أن تصمد السلطة في وجه ضغوط وشروط أوروبا في هذا الملف؟

صحيح تونس تعيش أزمة اقتصادية كبيرة وسياسية واجتماعية كذلك لكن لا نستطيع أن نتحدث عن مسألة صمود أو عدم صمود بل على عقلنة الدولة وعن العقل الذي يقود الدولة في هذه الأزمة، حيث تركت السلطة حالة الطوارئ الاقتصادية لتناقش في مسائل جانبية وهي مسألة الإملاءات والتدخل في الشأن الداخلي ومحاولة تغطية الأزمة الحقيقية وتشتيت الانتباه عنها بأزمات جانبية فيما بوسعها حلها بمسائل بسيطة جدا، اليوم يجب أن تعرف البلد كيف تدير مسألة الهجرة وبوسعنا أن نخرج منها وأن نتجاوزها لكن نحن نحولها إلى أزمة أعمق من خلال التفاوض وتقديم أوروبا لنا المساعدات المالية حتى تبتزنا لتتحول بذلك إلى عملية تفاوض غير نزيهة والى عملية ابتزاز نسبي بدرجة أولى. أما أن تصمد السلطة أو لا فإن ردنا هنا أننا نعيش اليوم في لاعقلانية وبالتالي لا أملك أي توقع بخصوص ردة فعل السلطة وكيف ستتصرف لأننا اليوم في حالة لا عقلانية وعبثية للدولة.

ماهو أعداد الأفارقة المتواجدين في تونس حسب تقديرك خاصة أن البعض يتحدث عن مليون شخص، وهل يمثلون تهديدا للتركيبة الديمغرافية للبلاد؟

الحديث عن وجود مليون مهاجر أفريقي بتونس هو من الأخبار الزائفة، لا يوجد ذلك لأنه إذا كان هناك مليون أفريقي سيلاحظ ذلك.. مليون أفريقي يعني أن أكثر من 12 بالمئة من الأفارقة موجودين في تونس وهذا صعب جدا. العدد حسب ما ذكرته مراكز الدراسات والخبراء تقريبا هو 22 ألف مهاجر بين نظامي وغير نظامي أي ما يمثل 0,2 بالمئة من معدل السكان في تونس، وبالتالي هو معدل ضئيل مقارنة بدول أخرى، مثلا ايطاليا التي تعتبر دولة يأتي إليها مئات الآلاف من المهاجرين لكن عدد المهاجرين فيها لم يتجاوز ال12 بالمئة من عدد سكان البلاد، أما من يروج عن مليون أفريقي فهي أرقام غير صحيحة وأرقام مشطة وتعد بروباغندا أكثر منها أرقام منطقية تحمل استراتيجيا أو تصورا.. هي أرقام وقع تضخيمها لخدمة بروباغندا ضد المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء.

هل تعتقد أن الرئاسة بحاجة إلى الإصغاء إلى الأحزاب والمنظمات الوطنية حول مقترحات لهذه الأزمة ولكل الأزمات، أم أنه لم يعد للأحزاب دور في ظل نظام حكم فردي؟

أنا لا أعتقد شيئا من هذه الرئاسة ولا من هذه السلطة وليس لي أمل فيها، ولا يمكن أن نقول أنه يجب أو لا يجب إصغاء السلطة إلى الأطراف الأخرى..السلطة القائمة اليوم تصغي إلى نفسها فقط وتعتقد أنها صحيحة والبقية مخطئون أو بالأحرى هي الصحيحة والبقية يتآمرون عليها وخونة بالتالي يغيب منطق الحوار ومنطق المبادرة ومنطق الاشتراك في الوطن، فالرئيس يعتبرك عدوا بمجرد الاختلاف معه في الرأي ومجرد أن تختلف معه في الرؤية والأيديولوجيا والتوجهات السياسية يعتبرك خائنا، فعن أي حوار نتحدث هنا وعن أي إصغاء.

برأيك هل ستنجح مبادرة الحوار الوطني في فرض نفسها كبديل سياسي أم ستقابلها الرئاسة بالرفض؟

مبدأ الحوار يقوم على مبدأ قبول الآخر لكن رئيس الجمهورية يرفض الآخر إذن عن أي حوار نتحدث؟ بالنسبة له هناك مبدأ يعمل عليه هو إلغاء الآخر.. الآخر لا يجب أن يكون لا يجب أن يشارك معه في الدولة ويعتبره خائنا كما يعتبر النخبة اليوم هو عدوه الأساسي وبالتالي هناك عقم ولا نعلم أين سنذهب.

لكن نتمنى في سنة 2024 إذا وقع إجراء انتخابات أن يكون هناك بديلا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يقنع الشعب التونسي لأجل التصويت له، وبرأيي هذا هو الحل يعني نحن ناس دعاة سلم وسلام دعاة أن الصندوق والديمقراطية هو الحل والخيار الوحيد للتغيير بالرغم ما قام به سعيد في 2021 ليس له أي مبدأ للديمقراطية حيث دجج البرلمان ثم بعد ذلك قام بتلفيق قضايا ضدهم ما يعرف بقضايا التآمر ضد الدولة وتدجيج القضاء واستغلاله لأجل ضرب معارضيه هذه لم تعد ديمقراطية، أنا أتمنى في سنة 2024 تنظيم انتخابات في كنف الديمقراطية وأتمنى أن يكون هناك بديل حقيقي، وإن وقعت الانتخابات وقام الشعب بإعادة انتخاب قيس سعيد بكل ديمقراطية وليس بهيئة الانتخابات الموجودة حاليا فيعتبر ذلك أن المشكلة ليست في النخبة بل في الشعب في حد ذاته.

كيف تقيم مسار 25 جويلية في إدارته لازمات البلاد، هل مازال يشكل فرصة للتونسيين لتحسين الأوضاع؟

لنتحدث بصراحة المسميات والأسماء لديها دور، أنتم تعتبرونه مسار أنا اعتبره انقلاب 25 جويلية وقد زاد هذا الانقلاب الأزمة تأزما وحاد بجميع ما كان يرنو إليه الشعب التونسي وعدنا إلى نقطة صفر والى الرقابة والى الديكتاتورية وإلى توظيف القضاء والى إلجام وإسكات المعارضين عبر القانون 54 الذي يعتبر قانون ناسف لحرية الرأي والتعبير، وبالتالي اليوم لا أعتبره مسارا بل هو انقلاب وكما ذكرت فقد زاد الوضع تأزما، وزاد كذلك تعميق الأزمة.

وحسب الأرقام وحسب ما تنشره المؤسسات المختصة في التقييم السيادي المالي فقد تراجعنا كثيرا وبالتالي نخن أمام أزمة وأمام خطر عدم قدرة الدولة على سداد ديونها وبالتالي الإفلاس بينما في الحكم لا يقدرون مدى هذه الأزمة.. للأسف هناك حكومة تسير في مسار والرئاسة تسير في مسار آخر، وقد قامت الحكومة بقانون المالية يخضع لاملاءات الصندوق النقد الدولي وقد أمضى عليه الرئيس ثم تراجع عن ذلك ليعلن رفضه له وهذا يعني عبثية وتضارب كبير في الآراء، كما أن نظرية المؤامرة التي تسكن في عقل قيس سعيد صدرها إلى الشعب التونسي وبالتالي الشعب لن يكون شعب مسالما بل أثبت اليوم ميوله للخطاب العنصري اليميني ونبذ الآخر وبالتالي هذه مشكلة كبيرة وعميقة جدا ومؤسف جدا ذلك في الواقع.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here