منجي الحرباوي لـ“أفريقيا برس“: الخوف من النهضة سبب الأزمة واغتيال الأحزاب نقطة سوداء في مسار 25 جويلية

36
منجي الحرباوي لـ“أفريقيا برس“: الخوف من النهضة سبب الأزمة واغتيال الأحزاب نقطة سوداء في مسار 25 جويلية
منجي الحرباوي، الناطق الرسمي لحركة نداء تونس والنائب السابق في البرلمان التونسي

أفريقيا برس – تونس. تحاول الأحزاب التونسية خاصة التي شاركت في الحكم قبل مرحلة ما قبل 25 جويلية وما قبل انتخابات 2019 مثل حركة نداء تونس وحركة النهضة الاستفادة من أخطاء الماضي بهدف التموقع من جديد وترميم الثقة مع الشارع، غير أن هذه الآمال تصطدم بسياسة الإقصاء التي ينتهجها الرئيس قيس سعيد الطامح لبناء “جمهوريته الجديدة”.

وفي حواره مع موقع “أفريقيا برس”، اعتبر منجي الحرباوي، الناطق الرسمي لحركة نداء تونس والنائب السابق، أن اغتيال الأحزاب بقتل الحياة السياسية، نقطة سوداء في مسار 25 جويلية ومزعج للديمقراطية التونسية، وفي المقابل أبدى تفاؤله بقدرة مشروع الرئيس على إنقاذ البلد من أزماتها، مبديا دعمه للدستور الجديد في حال استجابت نصوصه للمرحلة ومعارضته إن لم يكن في مستوى الرهانات والأولويات، ومنتقدا أداء المعارضة التي برأيه اكتفت بمعارضة شخص الرئيس دون تقديمها بدائل حقيقية.

آمنة جبران

كناطق رسمي باسم حزب نداء، أين الحزب الذي كان ذو ثقل بالمشهد التونسي من المبادرات البديلة لإنقاذ البلد من أزمته السياسية، إلى أين يميل الحزب إلى شق الموالاة للسلطة أو للمعارضة؟

نحن في شق تونس، لسنا من شق المعارضة ولا الموالاة، نحن في شق الواقعية والعقلانية والبراغماتية التي تتطلب اليوم رؤية جديدة لواقع جديد خاصة في مرحلة ما بعد كورونا، لأن أزمة الوباء عمقت الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية أكثر وكشفت العديد من الهزات التي كنا في غنى عنها.

إضافة إلى أن التجربة التي قمنا بها بين فترة 2014 و2019، التي وضعت الدستور على محك التجربة، كشفت أن الدستور والنظام السياسي المتبع غير ملائم للواقع التونسي خاصة في علاقته بالتمشي الديمقراطي، لذلك نرى أن اليوم أنه من الضروري تغيير هذا الدستور وتعديله بما يتماشى مع الواقع ومتطلبات المرحلة الجديدة التي تعيشها البلاد، وزيادة إلى المسألة الدستورية والسياسية هناك مسألة اقتصادية واجتماعية حارقة حيث من الضروري التفكير بكل واقعية لحل هذه الملفات التي تتطلب تضافر جميع الجهود وبمشاركة جل الأطراف دون إقصاء ودون تمييز للخروج من الأزمة، هذا هو موقفنا وهو موقف ثابت ولم يتغير منذ نشأة حركة نداء تونس سنة 2012.

هل قام حزب نداء تونس بمراجعة نقدية لأدائه طيلة فترة مشاركته في الحكم، وما هي الدروس المستفادة من هذه التجربة؟

نعم أكيد قمنا بعملية تقييم للتجربة التي خضناها في الحكم، وتجربة المعارضة كذلك لأننا قبل انتخابات عام 2014 كنا ضمن المعارضة، ووقفنا بعد التقييم على المسائل الإيجابية والسلبية.. لم نكن الأفضل كما لم نكن الأسوأ كذلك.

لا ننسى أننا وصلنا كحزب للحكم حين كانت البلاد على شفا الهاوية وكانت البلاد تخوض حربا ضروسا ضد التطرف والإرهاب، نعتقد أننا نجحنا في إدارة هذا الملف الخطير بفضل دعم الشعب وبفضل وجود حركة ديمقراطية مدنية نادت بمدنية الدولة وجسدت ذلك عبر جملة من القوانين والتشريعات وكذلك في البرلمان عبر قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال وقانون المجلس الأعلى للقضاء وغيرها من القوانين التي خضنا فيها معارك مع حركة النهضة، نعتقد أننا نجحنا في المحافظة على مدنية وديمقراطية الدولة، كذلك من خلال قيادة الرئيس الراحل الباجي القائد السبسي الذي يحظي بثقة ودعم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ومصداقية لدى الرأي العام الدولي، وهو ما ساهم في نجاحنا في معركتنا خاصة ضد الإرهاب وهي من الاستثناءات الموجودة في الإقليم وفي دول العالم النامي الطامحة للديمقراطية، حيث أن دولة كتونس لديها معارك شتى ولديها المعركة الأخطر وهي الإرهاب وقد انتصرنا فيها وأعدنا الأمن والاستقرار للبلد.

لكن طبعا في مسيرة الحزب رصدنا سلبيات أيضا، متطلبات الشعب التونسي سنة 2014 كانت الأمن وإعادة الاستقرار ومدنية الدولة كانت العناوين الأهم والمطالب ذات الأولوية، وبالتالي كان التركيز على محاربة الإرهاب ومكافحة الفساد وهي ما نجحنا فيها لكننا نقر أن هذا النجاح كان بكلفة اقتصادية واجتماعية؛ مثلا تضاعفت ميزانية وزارة الدفاع عشرات المرات ووزارة الداخلية أيضا باعتبار أنه كان من الضروري توفير اللوجستيك اللازم في هذه الحرب وهو ما جعلنا نؤجل المسألة الاجتماعية والاقتصادية إلى مرحلة لاحقة، لكن للأسف تعرضت حركة نداء تونس إلى خيانات على مستوى داخلي واختراقات على مستوى خارجي من طرف المنظومات المتطرفة وانحرفنا من المعركة الأساسية الوطنية ضد التطرف والإرهاب وضد التطرف والتهميش إلى معركة أخرى وهي معركة الحكم مع يوسف الشاهد وحركة النهضة.

هذه المعركة قادتنا إلى الهزيمة، حيث لم يكن لدينا حزب بمعنى سياسي وتنظيمي للحزب، لم نقم ببناء حزب منظم بالطريقة الحزبية، وكان تركيز الحزب أكثر على المسالة الوطنية أكثر من الوضع الداخلي للحزب، وبالتالي انهار الحزب لعديد الأسباب خاصة منها الطموحات العالية لعديد الشخصيات والقيادات غير المنسجمة معه، حيث كان الحزب خليطا من الاديولوجيات وهو ما أثر عليه سلبا وذلك في ظل غياب رؤية موحدة لإدارة الوضع الداخلي للحزب.

المعركة بين الرئيس قيس سعيد والأحزاب تبدو إلى حد الآن في صالح الرئيس، هل ستخسر البلد في حال غابت التعددية الحزبية واتجهت نحو الحكم الفردي كما تتخوف من ذلك المعارضة؟

هذه المخاوف مشروعة، لا أحد سيكون سعيداً بالحكم الفردي ولا أحد سيطمئن بأن يكون فرد واحد فقط هو من تكون بيده جميع السلطات، حيث سينحرف بالبلد نحو الديكتاتورية، وبالتالي مخاوف المعارضة مشروعة ومن حقها أن تقول لا، لكن واقعيا البلاد لا أظن أنها ستعود إلى ديكتاتورية ما قبل ثورة 2011، أي السلطة الفردية والرئاسوية، لننتظر مخرجات الدستور الجديد قريبا وبعد الاطلاع عليه سنحكم عليه وعلى المشهد، ونأمل أن يكون في مستوى اللحظة وطموحات الشعب التونسي وفي مستوى الواقع المعيشي، لكن الخوف كل الخوف وما نتوجس منه كحزب يراقب من بعيد، انه ربما بانتهاج قيس سعيد تمشي الإقصاء والمنطق الاقصائي باغتيال الأحزاب وقتل الحياة السياسية من خلال قتل الأحزاب هو ما سيزعج الديمقراطية والمسار عامة، ونرى أنها نقطة سوداء في مسار ما بعد 25 جويلية، حيث أن الدعوة إلى قتل الأحزاب وتجريم الأحزاب وتخوين الأحزاب والخطاب المتشنج ضدها وضد السياسيين هو ما يثير القلق فعلا.

هل ستشارك في استفتاء 25 جويلية، وهل سينجح الرئيس الذي يواجه معارضة شرسة في بناء جمهوريته الجديدة؟

المشاركة من عدمها في الاستفتاء مرتبطة بمضامين الدستور، سننتظر النص الدستوري المرتقب، إذا كان في مستوى المرحلة ويخدم مصلحة البلاد والشعب طبعا سنؤيده، لكن إذا كان ضد المسار وستكون فيه مسائل مسترابة لا تخدم المرحلة طبعا سنكون ضده بصوت عال.

ونأمل أن ينجح رئيس الجمهورية المنتخب بنسبة مهمة وفي مرحلة ضوضاء وضجيج وبرلمان الفوضى، في مسعاه لأن في نجاحه نجاح لبلدنا، ونتوقع من خلال المحيطين به، حيث لدينا ثقة في شخصيات مثل أمين محفوظ، صادق بلعيد، أن يوجهوا بوصلته نحو المسألة الوطنية الحقيقية والمسألة الديمقراطية الحقيقية.

ما رأيك في مبادرات المعارضة مثل جبهة الخلاص الوطني؟ هل هي قادرة على تحدي مشروع الرئيس؟

المعارضة لا يجب أن تكون لمجرد المعارضة فقط، وبدون بدائل ستكون مجرد فوضى سياسية لا أكثر ولا أقل، فمثلا جبهة الخلاص الوطني تعارض سعيد لشخصه ليس لمشروعه، ربما لقصور في النظرة أو بسبب غموض في توجه قيس سعيد وتسويق خاطئ له، وهو ما يجعل المعارضة غير حقيقية ولا ترتقي إلى معارضة سياسية حقيقية لنظام ومشروع سياسي حقيقي، وبرأيي المعارضة المبنية على ضدية وشخص الرئيس وجمعت المتناقضات مثل حمه الهمامي وراشد العنوشي ونجيب الشابي، لا اعتقد أنها معارضة بقدر ما هي فزاعة ضد قيس سعيد.

هل تؤيد إجراء اتحاد الشغل إضرابا عاما كنوع من الضغط على الرئاسة ومحاولة للي ذراعها وقبولها بشروطه الحوار الوطني؟

يجب أن نفصل بين اتحاد الشغل كمنظمة عريقة لها تاريخها ولها قوة الفعل سواء كان سياسيا أو اجتماعيا وما بين أن تكون في إطار الإخراج الذي يحاول البعض إخراجه بتجريمه بعد هذا الإضراب.

أن نقول أنه من حق الاتحاد القيام بإضراب باعتبار أن دوره الأساسي الدفاع عن منظوريه وحقوق العمال والوضع الاجتماعي للموظف التونسي، فهو وضع مزري وصعب من خلال ارتفاع حالة الغلاء ونسبة التضخم، هذا يستدعي الاتحاد التحرك والذهاب إلى ما ذهب إليه، هذا عمل طبيعي ومشروع، كما أن يكون الاتحاد في صلب المسألة السياسية والاجتماعية هو مشروع كذلك.

بالنسبة لشروط الاتحاد بخصوص الحوار الوطني، هو مرهون بدعم المنظمات الأخرى وبالمسار الذي اتخذه قيس سعيد وهو مسار الاستفتاء والدستور الجديد، إذا كان الدستور الجديد في مستوى لحظة 25 جويلية وهي لحظة تاريخية ووطنية بامتياز فإننا نتوقع أن يكون الاتحاد أول مؤيديه باعتباره قلعة نضالية يشغلها مصلحة البلد، وإذا كان ضد مصلحة البلد سيكون الاتحاد ملزما بموقف وطني، وبالتالي نترقب النص الدستوري الذي سيصدر.

حسب تقديرك كيف سيتعامل الرئيس مع ضغوط المعارضة واتحاد الشغل وهل ستلقي هذه المواجهة بظلالها سلبا على الاستفتاء المرتقب؟

اعتقد أن قيس سعيد ماض في مساره-وتوجهه والبرنامج الذي أعده وهو برنامج الاستفتاء والدستور الجديد، دون أن يلتفت يمينا أو يسارا، كما أنه لا يكترث للأصوات المعارضة، رغم الانتقادات لقراراته، بالتالي يبدو غير منزعجا من المعارضة ولا حتى من موقف الاتحاد، ما يشغله فقط تحقيق البرنامج الذي وضعه.

النخبة السياسة تحمّل حركة النهضة مسؤولية عشرة سنوات من المشاركة في الحكم، هل ترى من المنطقي أن تكون النهضة مسؤولة عن خمس سنوات كان لنداء تونس فيها رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان؟

من المؤكد أن حركة النهضة مسؤولة عن فشل المسار بأسره، لأنها هي من وضعت دستور 2014 وهي من وضعت الألغام داخل هذا الدستور وجملته ببعض الفصول الحقوقية ووضعت ألغاما في المسألة السياسية باعتبار هي من كانت قائد المرحلة خلال تلك الفترة، فترة التأسيس لدستور 2014، هي تتحمل الجانب الأكبر باعتبار أنها اختارت نظاما هجينا لا يتماشى مع مرحلة الانتقال الديمقراطي وهذا ما أفشل تلك المرحلة.

ثانيا، حركة النهضة تتحمل المسؤولية داخل الحكم باعتبارها هي من قادت الحكم من 2012 إلى 2014 وبعد تلك الفترة إلى انتخابات 2019، أي منذ تولي يوسف الشاهد رئاسة الحكومة، حيث كان رهينة للنهضة وهو ما تحدثنا عنه بصوت عال حينها، هذا التموقع خلف النهضة هو من أفشل المرحلة، وكذلك من يحمل المسؤولية لحركة النهضة ويبرئ حركة نداء تونس المسؤولية من كل النتائج باعتبار أن نداء تونس هو من طالب بتغيير الحكومة وبرنامج الحكومة والتخلي على الحكم لفائدة حكومة وحدة وطنية حينها.

ألا ترى الخوف من النهضة ومن نجاح مشروعها السياسي هو الذي أوصل البلد إلى هذه الوضعية وليس بالأساس فشل الخطط والمشاريع التنموية التي رسمت للتنفيذ؟

هذا وذاك، الخوف من الإسلام السياسي وتغوله داخل الدولة هذا موجود، وقد خططوا لذلك ونجحوا في الوصول إلى مفاصل متقدمة من الدولة بالسيطرة على الإدارة ودواليب الحكم عبر التعيينات، هو خوف مشروع وموجود وحقيقي.

بالنسبة للفشل في المسار التنموي، فالسبب وراء ذلك أنه لم يكن ذو أولوية لأن الأولوية كانت لأشياء أخرى، حيث كانت في البداية لإعادة الأمن ثم تغيرت الأولويات منذ دخول يوسف الشاهد للحكومة وأصبحت الأولوية للمحافظة على ما أسمته النهضة في تلك الفترة على “الاستقرار الحكومي”، أصبح البحث عن الاستقرار والرفاه السياسي هو أولى من المسألة التنموية ومن وثيقة قرطاج 2 التي كانت تحمل رؤية اقتصادية وتنموية للخروج كما أسماه الراحل السبسي من عنق الزجاجة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here