هل يجوز لقيس سعيد إسقاط قوائم انتخابية لقيامها بتجاوزات؟

17
هل يجوز لقيس سعيد إسقاط قوائم انتخابية لقيامها بتجاوزات؟

بقلم: خالصة حمروني

أفريقيا برس – تونس. انتقد رئيس الجمهورية قيس سعيد، خلال استقباله يوم الإثنين 29 نوفمبر 2021 بقصر قرطاج، العميد الصادق بلعيد، وأمين محفوظ، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة، بطء تعامل القضاء مع تقرير محكمة المحاسبات حول الانتخابات التشريعية والبلدية.

وقال سعيد ”هناك تباطؤ حتى تمر الآجال وتُلغى إمكانية إسقاط القائمات.. لا بد من تصوّر جديد.. أليس من العدل أن نرتب الآثار القانونية اللازمة ونختصر الآجال؟ ما قيمة نص قانوني وُضع من قبل عشرات النواب في حين أن تمويلهم تمويل أجنبي؟”. وتابع قائلا ”ثبتت الخروقات لمحكمة المحاسبات.. فماذا ينتظرون؟ أعتقد أنه لابد أن نتخذ إجراءات أخرى في إطار المراسيم”.

تصريح سعيد بإمكانية سن مراسيم رئاسية من شأنها أن تسقط قوائم انتخابية لقيامها بتجاوزات خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2019 وفقا لتقرير محكمة المحاسبات أثار حفيظة عدد من الناشطين السياسيين الذين عبروا في قراءات مختلفة عن موقفهم من هذا التصريح.

خطأ جسيم

مبروك كورشيد نائب في البرلمان التونسي
مبروك كورشيد نائب في البرلمان التونسي

الناشط السياسي والنائب البرلمان المجمد أعماله مبروك كورشيد اعتبر “أنّ بحث رئيس الجمهورية إمكانية التدخل بالمراسيم لحل هذا الإشكال يمثّل دعسا على القوانين و خطأ جسيما”.

وقال في هذا السياق: “قصد رئيس الجمهورية إصدار مراسيم للإلغاء المباشر لبعض القوائم ولعضوية بعض النواب فإن الأمر تعد على اختصاص القضاء وحقوق المتقاضين إذ لا يجوز الطعن فى المراسيم لا من حيث القانون ولا من حيث الإجراءات في ظل غياب محكمة دستورية”.

وفي تدوينة نشرها كورشيد للغرض قال فيها: ”بعد خطاب رئيس الجمهورية: هل يجوز إسقاط قوائم انتخابية بالمراسيم؟ هل دخلنا مرحلة الدعس والعفس على القوانين؟

وفي تحليله لتصريح سعيد يرى النائب المجمدة أعماله أن رئيس الجمهورية أثار عند لقائه أستاذين جامعيين مختصين في القانون الدستوري مسألة التمويل الأجنبي للمرشحين للبرلمان والتي أثبتت محكمة المحاسبات وجوده لصالح بعض القوائم والأحزاب الفائزة في انتخابات التشريعية 2019.

كورشيد يرى أن هذه المسألة تبقى من اختصاص القضاء حيث نص الفصل 80  من القانون الانتخابي أنه “إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشح أو القائمة قد تحصلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية فإنّها تحكم بإلزامها بدفع خطية مالية تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفاً لمقدار قيمة التمويل الأجنبي ويفقد أعضاء القائمة المتمتعة بالتمويل الأجنبي عضويتهم بمجلس نواب الشعب ويعاقب المترشح لرئاسة الجمهورية المتمتّع بالتمويل الأجنبي بالسجن لمدة خمس سنوات”.

وبحكم أن تونس تعيش فترة استثنائية يؤكد كورشيد أن الأمر بيد رئيس الجمهورية بمقتضي أحكام الأمر عدد 117 الذي بإمكانه تعديل أحكام القانون الانتخابي إما بالاقحام المباشر فيه او بنص مستقل يحدد من خلاله الاختصاص في الحكم بسقوط القائمة وطرق الطعن فيه وآجال دخوله حيز التنفيذ.

وفي هذا السياق يعتقد كورشيد أن رئيس الجمهورية يقصد تعديل القانون الانتخابي من خلال قوله بإمكانية  التدخل بالمراسيم أما كان تصريحه غير ذلك وقصد عزمه اصدار مراسيم بالإلغاء المباشر لبعض القوائم ولعضوية بعض النواب فإن الأمر تعد على اختصاص القضاء وحقوق المتقاضين إذ لا يجوز الطعن فى المراسيم لا من حيث القانون ولا من حيث الإجراءات في ظل غياب محكمة دستورية .

وقال بهذا الشأن: “إقحام المراسيم في إسقاط القوائم التشريعية بصفة مباشرة سيكون خطأ جسيما يضاف الى أخطاء أخرى كلها ستكون مادة للتأكيد على أخطاء الرئيس الكبرى الماسة من الحريات العامة والخاصة”.

مأزق سياسي

رضا بلحاج - ناشط سياسي
رضا بلحاج – ناشط سياسي

من جهته اعتبر الناشط السياسي رضا بلحاج أنّ قيس سعيّد وجد نفسه في مأزق بعد تيقّنه من أنّ حلّ البرلمان أصبح مسألة شبه مستحيلة. وقال: ”هذا واضح من التمشي الذي صرح بملامحه يوم الاثنين عند إستقباله الأستاذين بلعيد ومحفوظ ورغبته في إسقاط بعض القوائم  الانتخابية الفائزة في الإنتخابات التشريعية لسنة 2019”.وأضاف أنّ سعيّد كان يقصد من خلال حديثه إسقاط بعض قوائم حركة النهضة وبالذات قائمة رئيس المجلس  وبعض قوائم قلب تونس، وفق قوله.

ويرى بلحاج ان “إصدار مرسوم للتدخل في المسار القضائي سواء أمام محكمة المحاسبات أو القضاء العدلي هو تمشي مفضوح ومخالف للدستور باعتبار أن الرئيس سيكون بذلك قد شرع بنفسه لنفسه ويؤكد بذلك أن إستحواذه لجميع السلط هو بهدف تركيز حكم مطلق وفردي”.

أحمد صواب - القاضي إداري سابق
أحمد صواب – القاضي إداري سابق

أما القاضي الإداري السابق القاضي والمحامي حاليا والناشط بالمجتمع المدني أحمد صواب فإنه يرى ان تقرير محكمة المحاسبات يعد عملا تحضيريا وأبعد ما يكون عن الأحكام القضائية، بل هو أقرب إلى أعمال التفقد التي تجريها الإدارة والتي يمكن أن تؤسس للتبعات الجزائية ضد الأعوان المخالفين.

وحسب رأيه فإن تقرير محكمة المحاسبات المتعلق بمراقبة الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 لا يمكن اعتباره عملا قضائيا يترتب عنه ما يترتب عن الأحكام القضائية. وحذر صواب من خطورة إسقاط القائمات الانتخابية التشريعية 2019 بمراسيم رئاسية معتبرا أن ذلك سيجعل رئيس الجمهورية يحل محل السلطة القضائية. وقال صواب: “رئيس الدولة يعمل على أن يتجنب قدر الإمكان حل البرلمان حتى لا يتم اعتبار ما أتاه انقلابا تاما وصريحا وواضحا ولذلك فإنه يعمل على ايجاد آليات لشل البرلمان دون الوصول إلى حله”.

وأضاف: “كان يتعين على رئيس الدولة منذ مدة، المضي في حل البرلمان وتغيير القانون الانتخابي وقانون الأحزاب والجمعيات والدعوة الى انتخابات جديدة سابقة لأوانها، وعندها يكون قد تحمل مسؤوليته كاملة في اتمام “الانقلاب” وفق تعبيره.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here