هل يُفاقم تذبذب مواقف اتحاد الشغل من أزمة تونس السياسية

38
هل يفاقم تذبذب مواقف اتحاد الشغل من أزمة تونس السياسية
اتحاد الشغل: لن نكتفي بدور المتفرج

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. يلقي تواتر وتباين مواقف الاتحاد العام التونسي للشغل من الأزمة السياسية في تونس، بظلاله سلبا على مسار الأزمة بالبلد، ما من شأنه أن يزيد من حدتها بدل حلها، حسب استنتاجات المتابعين.

وبينما يؤكد اتحاد الشغل، المنظمة النقابية صاحبة النفوذ القوي في البلاد، دعمه لإجراءات 25 جويلية، إلا أنه يرفض في الوقت ذاته أي نهج فردي في إقرار مستقبل تونس السياسي، أو المضي في إصلاحات قاسية تستجيب لشروط المانحين الدوليين على صعيد اقتصادي.

ونقلت إذاعة محلية عن نورالدين الطبوبي أمين عام اتحاد الشغل الثلاثاء قوله ، إن حل الأزمة القائمة في البلاد “يكمن في حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة”، مضيفا “لا نفهم لماذا هذا التردد اليوم. إذا كان الرئيس لا يريد حلّ البرلمان لطمأنة الجهات الخارجية فهذا يجب أن ينتهي”.

وأضاف ”أقولها وأعيدها.. نحن مع مسار 25 جويلية ولا رجوع إلى الوراء.، لكن ليس بالتفرّد بالقرارات. البناء يكون تشاركيا مع المجتمع المدني وكل القوى الوطنية”.

ونقيضا لدعمه لمسار الرئيس سعيد السياسي، يرفض اتحاد الشغل إقدام حكومة نجلاء بودن على إصلاحات قاسية، في خطوة تعكس ارتباكه في التعاطي مع الأزمة، حيث يتوجس الاتحاد من خسارة منظوريه وقاعدته الشعبية الواسعة التي تراهن عليه كقوة قادرة على التصدي لسياسات خفض الإنفاق الحكومي وتبعاتها وما سينجر عنها من مزيد من تردي أوضاعهم المعيشية.

ولم يستبعد اتحاد الشغل الأربعاء، لجوئه لتنفيذ إضراب في القطاع العام رفضا لإصلاحات اقترحتها الحكومة لتأمين خطة إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي.

وأردف الطبوبي أمام العمال في مدينة بنزرت “في الاتحاد العام التونسي للشغل ندافع عن الفقراء والمهمشين .. لن نخون مبادئنا مهما كان الثمن”. ، حسب ما نقلته تقارير إعلامية.

دعم ولكن

التقاء المصالح

يكشف تلويح الاتحاد بإضراب عام أنه يمتلك وسيلة الضغط الأمثل لفرض شروط على سعيد وحكومته، وأن دعمه له لا يعني المقامرة بمنظوريه التي يزيد عددهم عن المليون عضو.

ولاحظ المتابعون ارتباكا في مواقف اتحاد الشغل من شأنها أن تعمق أزمة تونس السياسية، ففيما يريد مغازلة الشارع وطمأنته بخصوص رفضه للإصلاحات، لكنه بموازاة ذلك، يريد الاستفادة من مسار 25 جويلية والالتفاف حول السلطة، ليبقى القوة الفاعلة والنافذة في البلد.

منذر ثابت، محلل سياسي

ويشير المحلل السياسي منذر ثابت في حديثه لأفريقيا برس إلى أن“ الاتحاد في وضع المحرج باعتبار انه لطالما شكل في بعده السياسي قوة راعية للحوار وقوة داعمة لمسارات الإصلاح الكبرى على مدى تاريخه… فهو دائما قوة تحكيمية وتعديلية في أوضاع احتدام الصراع الطبقي“.

وتابع ثابت مستدركا“ لكن في نقطة ثانية الاتحاد مؤتمن على مصالح منخرطيه ومنظوريه وبناء على هذا، فإن الاتحاد له تموقع طبقي، فهو مطالب بالدفاع على مصالح الطبقة العاملة والطبقة الوسطى خاصة الموظفين“.

وبناء على هذه النتيجة يدعم الاتحاد الإصلاحات لكن ليست الإصلاحات، التي من شأنها أن تمس القاعدة الاجتماعية التي يقف عليها ويتكئ عليها، حسب تعبيره.

وسبق أن قدم صندوق النقد الدولي من تونس مقترحات لبرنامج إصلاحات يشمل التقليص من كتلة الأجور في الوظائف الحكومية ومراجعة سياسة دعم المواد الغذائية الأساسية ما يثير مخاوف لدى التونسيين، حيث سيدفعون بلا شك كلفة هذه الإصلاحات غاليا.

وبرأي ثابت فأن الاتحاد “لا يمكنه القبول بمسالة تجميد الأجور أو التفويت الآلي في المؤسسات العمومية، حيث لا يريد التسرع في الإصلاحات“.

وبالنسبة لدعمه لسعيد، يعتقد ثابت أن“ الميل الذي حصل في مرحلة من المراحل هو ميل لخيار آخر، حيث يؤمن الإتحاد بأن يكون بنية النظام السياسي بنية رئاسية. “

وفي تقديره، فإن “الإتحاد يحبذ هذا الاتجاه حيث يقيم سلبيا تجربة الترويكا الحاكمة السابقة ويقاسمه في ذلك نخبة واسعة. “

مع ذلك ، فإن دعم الإتحاد لسعيد دعم هش ومتذبذب، إضافة إلى اختلاف وجهات النظر بشأن الحوار الوطني المرتقب.

وفيما يطالب الاتحاد بحوار وطني مباشر تشارك فيه المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية، يتفادى سعيد ذلك منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في البلاد وتجميده البرلمان في جويلية الماضي.

وعلى رغم تأكيد سعيد أعقاب انتهاء آجال الاستشارة الوطنية الالكترونية مؤخرا، بأنه سيكون أمام الجميع في تونس فرصة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم بشأن النظام السياسي الجديد وإنه سيتم عقد حوار وطني قبل أن تبدأ لجنة صياغة التوجهات العامة في الإصلاحات الدستورية، إلا أن طريقة الحوار تشكل محور خلاف حقيقي مع الاتحاد، كما خصومه السياسيين.

ويعتقد ثابت أنه“ إذا ما اتجهت الأوضاع إلى مزيد التأزم سيدفع الاتحاد لحوار وطني… وعلى رغم من أنه يحبذ أن يكون مشرفا على الحوار، لكن الاتحاد لن يكون مرتهن لإرادة ومزاج سعيد. “

ويذهب متابعون بالاستنتاج إلى أن تذبذب مواقف الاتحاد بين المساندة والتصعيد قد يصعب فرص الانفراج السياسي.

نفوذ ومكاسب

الشارع ورقة ضغط بيد اتحاد الشغل

لطالما حمل منتقدوا الاتحاد احتمائه بالشارع واستخدامه ورقة الاحتجاجات، بهدف لي ذراع الحكومات المتعاقبة منذ اندلاع ثورة يناير لتحقيق مكاسب وزيادة النفوذ.

وكان اتحاد الشغل قد خاض معارك ضارية ضد الإصلاحات الاقتصادية وذلك في فترة تولي يوسف الشاهد رئاسة الحكومة 2019-2016 ، فيما اعتبر معارضوه أن ضغطه بوسيلة الاحتجاجات العمالية تزيد من متاعب البلاد الاقتصادية.

فتحي الزغل، محلل سياسي

ومن وجهة نظر المحلل السياسي فتحي الزغل ، فإن“ قيادة الاتحاد دائما ما تكون طرفا في المشكل وليست طرفا في إيجاد الحلول“.

وأضاف في تصريح لـ”أفريقيا برس” فلو لم تكن هي كذلك منذ 2011 لما وصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من حالة اليوم. معتبرا أن كل النتائج اليوم هي تراكمات لإجراءات الماضي“.

ولا يرى الزغل قيادة اتحاد الشغل مرتبكة في التعاطي مع مخرجات الرئيس سواء كانت تلك المخرجات حوارا أو أي شيء آخر، بل أن تلك القيادة نحت منحى مساندا لإجراءات الرئيس منذ إعلانها وهي تريد غنيمةَ أكثر ما يمكن من تلك المساندة، حسب تعبيره.

واستنتج بالقول“ طبيعي جدا أن يعمل الاتحاد على تحقيق مزيد من المكاسب عند كل حدث سياسي في البلاد. وما موقفه اليوم والذي يراه الكثيرون ارتباكا وأراه تموضعا متناغما مع ما ذكرته آنفا، إلا حلقة أخرى لتحقيق مكاسب له أراها كل البعد عن المكاسب الشغلية التي تهم منظريه ومصالحهم المهنية الصرفة. “

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here