الأمطار تحيي آمال التونسيين في موسم وفير للحبوب

6
الأمطار تحيي آمال التونسيين في موسم وفير للحبوب
الأمطار تحيي آمال التونسيين في موسم وفير للحبوب

إيمان الحامدي

أفريقيا برس – تونس. ساعدت الأمطار الحاسمة التي سجلتها تونس خلال الأسابيع الأخيرة، على تحفيز المزارعين للتوسع في بذر مساحات الحبوب، وإعادة إحياء خطة تحقيق الاكتفاء الذاتي التي أطلقتها السلطات قبل عامين.

وجاءت الأمطار بكميات وفيرة في أغلب محافظات البلاد، تزامناً مع موسم بذر الحبوب الذي انطلق في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بينما كان الخوف من تجدد الجفاف يسيطر على الكثيرين، لا سيما أن انحباس الأمطار تواصل حتى بداية ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

والحبوب في تونس من أكثر المحاصيل تأثراً بالعوامل المناخية، ذلك أن ما يزيد عن 90% من المساحات يصنف ضمن المناطق البعلية التي تعول على الأمطار، بينما لا تتعدى نسبة مساهمة المساحات المروية في الإنتاج 10% على أقصى تقدير.

وبسبب تراجع كميات المياه المخزنة في السدود إلى نحو 22% تطبّق تونس منذ مارس/ آذار من العام الماضي 2023 نظاماً لتقسيط المياه، كما منعت السلطات العديد من الأنشطة المستهلكة للمياه، بما في ذلك الزراعات التي تعتمد على السقي، ما أدى إلى نقص المعروض من العديد من الأصناف في الأسواق، وارتفاع الأسعار.

غير أن الأمطار التي تساقطت بكميات جيدة خلال الأسابيع الأربعة الماضية غيّرت اتجاه موسم الزراعات الكبرى، حيث تقدمت نسبة البذر وطنياً بنحو 90% في اتجاه زراعة 1.2 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) يحتل القمح الصلد النسبة الأكبر منها، يليه الشعير والقمح اللين.

وقال عضو منظمة المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري محمد رجايبية إن الأمطار بددت قلقاً كبيراً ساد في صفوف المزارعين خلال الأشهر الماضية، بسبب انحباس الأمطار لأشهر طويلة، ما أدى إلى تأخر موسم البذر بنحو أسبوعين.

وأكد رجايبية أن التساقطات المهمة المسجلة في كل محافظات البلاد حفّزت إحياء خطة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب التي تراهن البلاد على تحقيقها. وأضاف “يتقدم موسم البذر بنسبة مهمة فاقت الـ 90%”. ورجح أن تشمل الزراعات 1.2 مليون هكتار، رغم الصعوبات الكبيرة بشأن توفير نوعيات جيدة من البذور ومختلف مدخلات الإنتاج على غرار مادتي الأمونيا والفوسفات الزراعي.

واعتبر رجايبية أن التحولات المناخية، وانحباس الأمطار لمواسم متتالية، حوّلت إنتاج الحبوب إلى قطاع محفوف بالمخاطرة في تونس، وهو ما يتطلب توفير خطوط تمويل تتقاسم فيها الدولة الأعباء مع المزارعين في سنوات الجفاف، لافتاً إلى أن متوسط كلفة إنتاج هكتار واحد من الحبوب تصل إلى 1600 دينار (517.8 دولاراً).

وأكد أن الظرفين المحلي والعالمي يمليان المرور سريعاً نحو قرارات جريئة لضخ دماء جديدة في قطاع الحبوب الحيوي، لضمان الأمن الغذائي للتونسيين، إلى جانب استغلال تحسين نسبة تعبئة المياه في السدود والمنشآت المائية.

ووفق أحدث البيانات الرسمية ارتفع منسوب المياه في السدود إلى أكثر من 27% من طاقتها التخزينية، بعد أن نزل إلى مستوى 22% خلال سبتمبر/ أيلول الماضي.

وعاش مزارعو تونس موسماً قاسياً العام الماضي، بسبب خسارة أكثر من 80% من المحاصيل نتيجة الجفاف الذي ضرب البلاد، وخسارة ما يزيد عن 2.5 مليون طن من الحبوب، حيث لم تتجاوز المحاصيل المجمعة 500 ألف طن.

وكانت سنة الجفاف كافية لتبديد خطة حكومية بزيادة طاقة إنتاج القمح بنسبة 50%، جرى الإعلان عنها في يونيو/ حزيران 2022، عقب أزمة الصراع الروسي الأوكراني الذي قفز بسعر الحبوب إلى مستويات قياسية. وراهنت السلطات في تلك الفترة على توسع المساحات المخصصة لإنتاج القمح، وذلك بتخصيص 200 ألف هكتار إضافية بداية من موسم البذر 2022/2023.

ونتج عن نقص محاصيل الحبوب العام الحالي، تزايد الاعتماد على القمح المستورد من روسيا، حيث جرى استيراد 412 ألف طن منها خلال النصف الثاني من العام الماضي، وفقاً لأرقام نشرها مركز تحليل البيانات التابع لشركة “روزاغتوتانس” الروسية المختصة في الشحن الزراعي.

وارتفع حجم واردات تونس من القمح الروسي بنسبة 48% خلال الفترة المذكورة، كما تجاوزت الرقم القياسي السابق للواردات البالغ 365 ألف طن، والذي جرى تسجيله في موسم 2017/2018. وتعوّل تونس أساساً على القمح المُورَّد لتوفير الغذاء لمواطنيها الذين يصل استهلاكهم السنوي من الحبوب إلى ما بين 2.5 و3 ملايين طن، أو ما يعادل 136 كيلوغراماً من الدقيق والحبوب في العام الواحد لكل مستهلك.

وتمثل زراعة الحبوب أحد أعمدة القطاع الفلاحي في تونس بمساهمة تقدر بنحو 13% من القيمة الزراعية المضافة، كما تستأثر بـ 42% من مجموع المساحات المزروعة، وتوفر 9% من فرص العمل الفلاحية. وعلى مستوى الأُسر تشكّل الحبوب 13% من الإنفاق على الغذاء، و4% من مجمل نفقاتها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here