التوسع الضريبي يهدّد استثمارات الجزائر

8
التوسع الضريبي يهدّد استثمارات الجزائر
التوسع الضريبي يهدّد استثمارات الجزائر

أفريقيا برس – تونس. يشكو مستثمرون في الجزائر من الضغط الضريبي الذي تمارسه الحكومة منذ بداية أزمة “كورونا” لتعويض تهاوي عائدات الخزينة العمومية من أموال النفط في السنتين الماضيتين، في ظل سعيها المتواصل لتوسيع القاعدة الضريبية.

واستفادت خزينة الدولة من تحسن التحصيل الضريبي، حيث ارتفعت عائدات الجباية العادية (دون احتساب الجباية النفطية) العام الماضي 2021، لتصل إلى 4020 مليار دينار (الدولار = نحو 145 دينارا) ما يمثل زيادة بـ 13 بالمائة مقارنة بسنة 2020، في حين تتوقع الحكومة أن ترتفع عائدات الضرائب بنسبة 10 بالمائة هذه السنة، نتيجة رفع قيمة الضرائب الرئيسية كالضريبة على الأرباح والضرائب الجمركية في موازنة 2022.

ودفعت الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر بالحكومة في السنوات الأخيرة، إلى تصحيح الكثير من الاختلالات التي حرمت خزينة الدولة على مدى عقود من العائدات الضريبية.

وشكّل إدخال نظام التسجيل المعلوماتي لكل البيانات المتعلقة بالجبايات الضريبية نقطة تحول في أداء قطاع الضرائب، بالإضافة إلى الاستعانة بالقضاء لتحصيل الديون الضريبية المتراكمة والتي فاقت 13 ألف مليار دينار حسب الأرقام التي تحصّلت عليها “العربي الجديد” من مصالح الضرائب الجزائرية، والمحصاة إلى غاية نهاية 2021.

وتتحجج الحكومة بانخفاض موارد الدولة، مما يدفعها إلى رفع نسبة الضرائب التي وصلت إلى 60 بالمائة من مجموع مداخيل الميزانية هذا العام. إلا أن هذه السياسة الضريبية خلفت ضغطا ضريبيا إضافيا على المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين المنهكين من مخلفات جائحة “كورونا” وتهاوي عائدات النفط على الاقتصاد الجزائري المتعثر، والذين بدأت أصواتهم تعلو تذمرا وسخطا من ارتفاع فاتورة “الضرائب”، ما أثر سلبا على نشاطهم.

ويحذر خبراء من الضغط الضريبي المجحف على الاقتصاد ويطالبون بسن سياسة متوازنة تمكن من تعبئة موارد الدولة دون إعاقة التنمية الاقتصادية، من خلال تشجيع الاستثمار وتحقيق موارد داخلية وترشيد النفقات وضبط صرف الموازنات حتى لا تكون كسابقاتها في الحقب الماضية.

يقول رئيس الكونفيدرالية الجزائرية لأرباب العمل، أحمد نايت عبد العزيز، إن “الضغط الضريبي الممارس اليوم في الجزائر أصبح رهيباً ولا يشجع على الاستثمار، إذ قفز من 25 إلى 28 بالمائة من 2019 إلى 2022، وهو رقم أعلى من المسجل في تونس أو المغرب”.

وأضاف عبد العزيز لـ “العربي الجديد”: “دائما وفي سياق المقارنة تقدر الضريبة على الأرباح في الجزائر بنحو 30 بالمائة، في حين تبلغ في موريتانيا 25 بالمائة وفي المغرب 20 بالمائة، أما الضريبة على القيمة المضافة فارتفعت من 17 إلى 19 بالمائة والرسوم الجمركية ارتفعت إلى ما بين 25 و200 بالمائة على بعض الواردات من السلع الأولية أو الموجهة للبيع على الحالة”.

وتابع أن “هذا عائق بوجه إعادة بعث الاقتصاد الذي أنهكه الركود منذ مطلع 2020، وبات يرهق أيضا المستثمرين الذين أصبحوا يفضلون النشاط في الاستيراد عوض فتح ورشات ومصانع وفنادق وغيرها من الاستثمارات”.

ويرى عبد العزيز أن “هذا الضغط الضريبي أصبح لا يشجع على الاستثمار في الجزائر ودفع بالكثير من رجال الأعمال وأرباب العمل إلى التوجه نحو تونس أو المغرب لإقامة مشاريع استثمارية، بعدما زادت الضرائب من حدة الركود الاقتصادي”.

وختم رئيس الكونفيدرالية الجزائرية لأرباب العمل قائلا: “هناك قاعدة اقتصادية فرنسية تقول (كثير من الضرائب يقتل الضرائب)، أي أن فرض الكثير من الضرائب سيقلص من التحصيل بسبب عزوف المستثمرين عن العمل، ودفع المستحقات المسجلة عليهم”.

ويبقى الحل الأمثل في أعين المتابعين للنظام الضريبي في الجزائر هو سن سياسة مرنة تساير تطور المؤشرات الاقتصادية وتصاحب المستثمرين في الفترات الصعبة.

وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي المختص بالجباية، جعفر بودربة، إن “ارتفاع الضرائب لم ينعكس على حصيلة إيراداتها، وزاد من العزوف عن دفعها، فالكثير من المستثمرين أصبح يتهرب من دفعها لأنها تكلفه بين 30 و45 من أرباحه السنوية، أي أن المستثمر أصبح يرى نفسه يعمل 8 أشهر لصالحه و4 أشهر لخزينة الدولة”.

ويضيف بودربة لـ “العربي الجديد” أن “غياب العدالة الضريبية أصبح عاملا آخر يعيق المستثمرين حيث يضطر الكثير إلى دفع الضرائب في وقتها في حين يوجد رجال أعمال بلغت الديون الضريبية المتراكمة عليهم مليارات الدنانير، بل ويتحصّلون على قروض بنكية، مستغلين نفوذهم السياسي والاقتصادي”.

وأكد بودربة أن “توزيع الضرائب في الجزائر يبقى عائقا كبيرا أمام استفادة خزينة الدولة منها والتزام دافعي الضرائب بها، حيث إنه لا يتم دائما بصورة شفافة وعادلة، ويظل تساؤل المستثمرين عن أسباب الغش الحاصل في الإيرادات الجبائية”.

وينحصر الحل في نظر الخبير الجزائري في “إحداث توازن بين ما تريد الحكومة الوصول إليه من رفعٍ في التحصيل الضريبي وهو أمر مشروع بالنظر للظروف التي تعيشها الجزائر، وبين دعم الاستثمار من خلال تطبيق مبدأ “اخسر قليلا لتربح كثيرا”، حتى نخرج الاقتصاد من غرفة الإنعاش التي دخلها منذ سنوات”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here