كيف تواجه تونس خطر الإفلاس؟

10
كيف تواجه تونس خطر الإفلاس؟
كيف تواجه تونس خطر الإفلاس؟

أفريقيا برس – تونس. تواجه تونس أزمة شاملة في المالية العامة يمكن أن تزعزع استقرار البلاد مع آثار غير مباشرة في منطقة وسط البحر الأبيض المتوسط. لكن مع تنامي الحديث عن إفلاس محتمل للدولة، ما الجهود التي تبذلها الحكومة لتلافي هذا التطور الخطير؟

لقد عرضت الدول الأوروبية مساعدة بنحو مليار يورو لمحاولة إقناع تونس بالموافقة على برنامج صندوق النقد الدولي.

لكن ما سبب وقوع تونس في هذا المأزق المالي، وما صعوبات الحصول على خطة إنقاذ أجنبية، وإلى أين يمكن أن تتجه الأمور؟ وهذه أسئلة حاولت “رويترز” الإجابة عنها من خلال جملة تساؤلات.

لماذا أصبحت المالية العامة التونسية في مأزق؟

لقد عانى اقتصاد البلاد من ضربات متكررة منذ ثورة 2011. فقد أضرّت هجمات قاتلة في عام 2015، بقطاع السياحة المهم، وسبّبت جائحة كورونا انكماش الاقتصاد بنسبة 8.8%. كذلك دمّر الجفاف الزراعة، وكل ذلك أدى إلى تفاقم العجز التجاري.

وعلى مدى عقد مضى، استمرت الائتلافات الحاكمة الهشة في التملص من القرارات الصعبة. إذ يقول محللون إنها فشلت في التعامل مع مصالح تجارية قوية عرقلت المنافسة. وقد حاول الحاكمون معالجة أزمة البطالة من خلال زيادة التوظيف في الشركات الحكومية التي أصبحت غير مربحة.

وفي عام 2021، قال صندوق النقد إن فاتورة أجور الدولة تبلغ حوالى 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من بين أعلى المعدلات في العالم، بينما يمثل الدعم 8% من الناتج، وتمثل ديون الشركات الحكومية الخاسرة 40% منه.

وبلغ عجز الموازنة العام الماضي 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت ديونها 77% منه، فيما من المتوقع أن تتخطى احتياجات الاقتراض الخارجي لهذا العام 5 مليارات دولار.

ما الخطر المالي الذي يتهدّد تونس الآن؟

هناك بالفعل علامات على إجهاد المالية التونسية، فقد اختفت السلع الأساسية المدعومة والأدوية من المتاجر تباعاً، ما يشير إلى مشكلات في تمويل الواردات. وفي العام الماضي، أُخِّرَت بعض رواتب موظفي الدولة.

أما المدة التي يمكن أن تصمد فيها تونس، فتبقى مسألة تخمين. فالبنوك التونسية تحمل معظم ديون الدولة، لكن ليس لديها مجال كبير لإقراض الحكومة المزيد من الأموال.

كذلك من شأن طباعة النقود لسداد مستحقات البنوك المحلية أو الوفاء بالتزامات أخرى، أن يقوّض العملة التونسية، بما يؤدي إلى تفاقم جميع المشكلات الأخرى.

وتخشى الأسواق الدولية أن تتخلف تونس عن سداد القروض السيادية، ولا سيما بعدما صنفت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” أدوات ديونها بأنها “غير مرغوب فيها”، مع سداد أقساط كبيرة في وقت لاحق من هذا العام.

في غضون ذلك، تضاءل احتياطي العملات الأجنبية بمقدار الربع، وأصبح يغطي 91 يوماً من الواردات مقارنة بـ123 يوماً قبل عام.

أما النقاط المضيئة الوحيدة، فهي تعافي القطاع السياحي مع قدوم فصل الصيف، ما أدى إلى زيادة العملة الصعبة، إضافة إلى عامل إيجابي آخر تمثل بانخفاض أسعار الطاقة العالمية مقارنة بالعام الماضي، بما يقلل من فاتورة الوقود المتوقعة.

ماذا يحدث في تونس مع خطة الإنقاذ المقترحة من صندوق النقد؟

تفاوضت الحكومة على اتفاق مبدئي لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكن محادثات وضع اللمسات الأخيرة عليه توقفت قبل أشهر.

فقد استند الاتفاق إلى التزامات بوضع الشؤون المالية على أساس أكثر استدامة، وطمأنة المانحين بإمكان سداد قروضهم، إلى جانب الإصلاحات التي تهدف إلى تنمية الاقتصاد، وفقاً لرؤية الصندوق.

ومن جهتها، اقترحت الحكومة توسيع القاعدة الضريبية، واستبدال الإعانات الباهظة للوقود والغذاء بمساعدة مستهدفة للفقراء، وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة الخاسرة.

ما الذي يعوق اتفاق تونس مع صندوق النقد؟

الرئيس قيس سعيّد، الذي حشد سلطة شبه غير مقيدة بعد إغلاق البرلمان قبل عامين، عارض مقترحات حكومته، واصفاً إياها بإملاءات من الصندوق، وذلك انطلاقاً من أن إلغاء الدعم لن يحظى بشعبية كبيرة. فقد قال سعيّد إنه يخشى تكرار أعمال الشغب القاتلة التي حصلت في الثمانينيات بسبب ارتفاع أسعار الخبز.

كذلك فإن “الاتحاد العام التونسي للشغل” القوي، الذي يقول إنه يضم مليون عضو ويمكنه إغلاق الاقتصاد من خلال الإضرابات، يرفض خفض الدعم أو خصخصة الشركات الحكومية.

ولا يمكن التوصل إلى اتفاق مع الصندوق من دون موافقة سعيّد الذي يريده المانحون أن يوافق على الشروط علناً.

من جهتهم، قال مسؤولون حكوميون إن تونس تحاول التفاوض على اتفاق منقح من دون خفض الدعم، لكن ذلك قد يستغرق وقتاً طويلاً، وقد تواجه صعوبة في إقناع المانحين بزيادة مبالغها.

من أين تستطيع تونس الحصول على الأموال؟

من جهتهم، يقول المانحون الغربيون والخليجيون حتى الآن، إن المساعدة الثنائية الكبيرة تعتمد على إتمام تونس لاتفاق صندوق النقد.

ومع ذلك، تخشى الدول الأوروبية، ولا سيما إيطاليا، من موجة الهجرة وغيرها من الآثار، مثل ما تعتبره التهديدات “المتشددة” الجديدة، إذا ما انهار الاقتصاد التونسي.

وعرض الاتحاد الأوروبي دعماً بنحو مليار يورو، لكن يبدو أن معظمه مرتبط باتفاق الصندوق أو إصلاحات اقتصادية أخرى غير محددة.

وقد يكون لدى الجارتين المصدّرتين للنفط، الجزائر وليبيا، القدرة والحافز على التدخل. لكن ليس من الواضح أبداً مقدار ما يمكن أن يقدمه أي منهما.

وهذا ما يترك تونس تعتمد على تبرعات مساعدات إنسانية أصغر بكثير للمساعدة في تغطية واردات معينة أو مشاريع تنموية أو غيرها من المشكلات الملحة بمبالغ أقل بكثير من متطلبات الموازنة الإجمالية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here