الحرب الحتمية بين الشاهد وحركة النهضة آتية

22

لست متحالفا مع حركة النهضة …رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي هو من اتى بها في إطار وثيقة قرطاج وحكومة الوحدة الوطنية “. هكذا أجاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد في حواره مع صحيفة لوفيغارو على هامش زيارته الرسمية الى فرنسا حول التحالف مع حركة النهضة .

إحابة متوقعة و مدروسة من رئيس الحكومة الذي يتزعم مشروعا سياسيا سيكون منافسا لحركة النهضة في للإنتخابات التشريعية و من خلفها الرئاسية نهاية هذه السنة و هي تتقاطع مع مجموعة من التصريحات و التطورات التي تعرفها الساحة السياسية التونسية و رمالها المتحركة و تغيرات موازين القوى السياسية مع إنهيار حركة نداء تونس و صعود بديل طبيعي لها ممثلا في حركة “تحيا تونس” التي عرفت النور قبل اسابيع قبيلة مع مؤشرات تؤكد قيادتها للمعسكر الليبرالي في هذه الفترة المفصلية ،وبالتالي فإن برنامجها سيقوم بشكل قطعي على مضاددة حركة النهضة الخصم التاريخي للتيار “الحداثي” القائم على الإرث البورقيبي ذلك الأصل التجاري الذي تنقّل في سنوات ما بعد الثورة بين اكثر من مشروع سياسي و مازالت المعركة محتدمة بين اكثر علامة حزبية للإستئثار به ،فالمعادلة السياسية تؤكد خروج حركة نداء تونس من هذه الدائرة بتواصل الإحتراب الداخلي و إستحالة الذهاب نحو مؤتمر ديمقراطي قبل الإنتخابات و كذلك حركة مشروع تونس التي انضوت بقوة الامر الواقع و الحسابات السياسية تحت جناح رئيس الحكومة و مشروعه السياسي حيث قبل الحزب المعروف بنزعة زعيمه الإستئصالية المشاركة في حكومة تجمعه بحركة النهضة مع تغير اللهجة السياسية الحادة لقيادات المشروع الى لهجة مهادنة تدعو الى التعايش مع الحركة الاسلامية بينما يخوض الحزب الحر الدستوري بقيادة عبير موسى حربا سيزيفية الهدف منها تمثيلية و لو بسيطة في برلمان مابعد 2019 بمغازلة القواعد التجمعية الكلاسيكية و الدغمائية غير المؤطرة من أصحاب النوستالجيا الجارفة للحقبة النوفمبرية ،كل هذا يؤكد أن الطريق معبدة لحزب رئيس الحكومة مع دعم من اجهزة الدولة و المنابر الإعلامية و مراكز إستطلاعات الرأي و النخبة التي تسعى دائما الى الاصطفاف وراء الفصيل الأقوى الذي يضمن لها مصالحها ويحد من إكتساح الإسلاميين.

بوادر بداية الصراع السياسي بين حركة النهضة و حركة تحيا تونس بدأت بالظهور عبر بعض المناوشات الكلامية بين قيادات الحزبين حيث قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني، المنتمية للمشروع السياسي الجديد المنسوب لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، هدى سليم إن حركة تحيا تونس ستُرجع حركة النهضة إلى حجمها الطبيعى وهو صغير جدا وفق تعبيرها. من جهته دعا رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني ، المنتمين لحركة « تحيا تونس » إلى تجنّب تصريحات في غير محلّها قبل تشكّل الحزب مشيرا إلى أن بعض قيادات « حركة تحيا تونس » يدّعي انه يريد تكوين حزب بهدف الحصول إلى 109 مقعد في البرلمان وللحكم بمفرده قائلا : » نحن قطعنا مع الحزب الواحد وانتهينا من عقلية « أحكم بمفردي ». وتابع الهاروني في نفس السياق: » من حق أي حزب أن يخوض الانتخابات وينافس حركة النهضة ولكن ليس هناك أي حزب بإمكانه الحصول على الأغلبية بمفرده ».

تصريحات و تصريحات مضادة تؤكد أن طبول الحرب بدأت تقرع بين الحزبين و كلما إقتربنا نحو الإنتخابات الا وزادت وتيرة الصراع حيث أثارت مراسلة البنك المركزي الى البنوك بالتثبت من الحسابات البنكية لحركة النهضة و عدد من قياداتها حفيظة مونبليزير التي تعرف ان هذا الاجراء يقف وراءه رئيس الحكومة وهو ما اعتبر توظيفا لأجهزة الدولة لغايات حزبية ،في سياق متصل تشير عديد للمعطيات بأن يوسف الشاهد قد افتعل إثارة ملف مدرسة الرقاب القرآنية لما يحمله من حساسية بإمكانها إعادة الاستقطاب الثنائي القائم على النمط المجتمعي بعد اسبوع واحد من الإعلان عن تأسيس حركة تحيا تونس .

حركة النهضة بدورها تعلم جيدا أن حربها مع الشاهد قادمة لا محالة و دعمها له لم يكن إعتباطيا حيث أنها وجدت نفسها بين مطرقة رئيس الجمهورية الذي يسعى الى التوريث و ضمان مكان لنجله تحت الشمس في الساحة السياسية و بين سندان رئيس الحكومة الذي أظهر في اكثر مناسبة توظيف أجهزة الدولة لتصفية حسابات سياسية مع خصومه غير أن المخاوف من تأجيل الانتخابات التي يسعى اليها نداء تونس مع عدم جاهزيته دفعت حزب مونبليزير الى دعم رئيس الحكومة مقابل التعهد بإجراء الإنتخابات في وقتها فالنهضة التي وصفها الإعلام الأجنبي بصانعة الملوك لتحكمها في خيوط اللعبة السياسية عبر كتلتها البرلماني المنضبطة و المتماسكة تعلم جيدا نظرية الجنرال اليوناني ثيوسيديس الذي اعتبر أن الحرب نتاج لخوف قوة كلاسيكية من صعود قوة منافسة جديدة وقد أصبح مصطلح “فخ ثيوسيديس ” الذي صاغه استاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد غراهام أليسون مصطلحا سياسيا رائجا و النهضة بإعتبارها القوة السياسية الأولى المهيكلة فإنها تخشى السقوط في فخ “ثيوسيديس” و أن كانت تسعى الى اقتسام السلطة مع حزب قوي بعد 2019 فإنها أيضا تخشى تغوله و هو ما يفسر تصريحات القيادي في حركة النهضة و الذي أكد مخاوفه من سلوكيات الشاهد و حزبه و إمكانية تزوير للإنتخابات وهو ما يتقاطع مع تصريح عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى النهضة الذي قال بأن تونس قد “قطعت مع الحزب الواحد و عقلية “احكم بمفردي ” وذلك في اطار تعليقه حول تصريحات قياديي حركة تحيا تونس الذين عبّروا عن اعتزامه الفوز ب109 مقعد و بالتالي الإنفراد بالسلطة.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here